يعد الإنترنت الكمي بتحقيق تواصل آمن جدا وسريع جدا. ولكن، هل يمكن تطبيقه على نطاق عالمي، وهل سيؤدي كما يؤكد الخبراء إلى إنهاء الجرائم الإلكترونية؟
بالتأكيد، طبقا لتجربة جديدة تم إجراؤها بين أقمار صناعية في مداراتها وقاعدة أرضية.
أن نتمكن من جعل البيانات تعبر 20 ألف كيلومتر من الهواء والفضاء دون أي ضياع؛ ليس عملا سهلا، ولكن الدلائل تشير إلى أن هذه الشبكة العالمية قابلة للتطبيق. حيث تمكن فريق علماء من تبادل الفوتونات بين نظام الملاحة الفضائي العالمي الروسي في الفضاء، والمركز الفضائي الجيوديسي التابع لوكالة الفضاء الإيطالية على الأرض.
اختراق شبه مستحيل
الإنجاز قد يشكل خطوة مهمة في تطوير نسخة إنترنت أكثر قوة وأمنا في العقود القليلة القادمة. وما يميز الإنترنت الكمي مقارنة بالإنترنت العادي الموجود حاليا هو الأمن. إذ يسبب التداخل مع البيانات المُرسَلة عبر الإنترنت الكمي أو اعتراضها انقطاع الاتصال ما يجعل اختراقه شبه مستحيل.
ولإدراك أهمية الجانب الأمني، يجب أن نطلع على بعض أرقام الخسائر التي تسببت بها الجرائم الإلكترونية.
الانتهاكات والسرقات الإلكترونية حاليا تؤثر على مئات الملايين أو حتى المليارات من الناس وباتت شائعة جدا. ومن الجدير ذكره أن نحو 3.5 مليار شخص تعرضوا لسرقة بياناتهم الشخصية، في أكبر اختراقين من بين أكبر 15 انتهاكا خلال العقدين الماضيين.
واكتسبت انتهاكات البيانات اهتماما واسعا حين أصبحت الشركات، من جميع الأحجام، تعتمد بشكل متزايد على البيانات الرقمية والحوسبة السحابية.وفي عام 2020، قُدر
إنتاج البيانات بأكثر من 44 ضعفا عما كان عليه في عام 2009؛ ويقدر الخبراء زيادة قدرها 4300 في المئة في توليد البيانات السنوية.
والاختراقات والهجمات السيبيرية لا تهدف فقط إلى الحصول على الأموال، فهي أحيانا استخباراتية وطبية وسياسية أيضا.
وفي أواخر عام 2020، قالت شركة الأدوية الأميركية “فايزر” وشريكتها الألمانية “بيونتيك”، إن وثائق مرتبطة بتطويرهما للقاح ضد مرض كوفيد – 19 تم اختراقها بشكل غير مشروع، في هجوم إلكتروني استهدف وكالة الأدوية الأوروبية.
ووفقا لتقرير جديد صادر عن شركة “كوليشن” للتأمين والأمن السيبراني، جدير بالذكر أن عدد مرات انتهاك البيانات أو الهجمات الإلكترونية ازداد عالميا منذ ظهور جائحة كورونا.
وفي الوقت الحالي، إذا أرسلت رسالة عبر الإنترنت من نقطة في نيويورك مثلا إلى نقطة في كاليفورنيا، فإن هذه الرسالة تنتقل في خط مستقيم تقريبا من ساحل إلى آخر.
وعلى طول الطريق، تتدهور الإشارة التي تنقل الرسالة؛ تقرأ محطات التقوية الإشارات وتضخم وتصحح الأخطاء، لكن هذه العملية تسمح للمتسللين باختراق واعتراض الرسالة. وبالنسبة للرسالة الكمومية فهي لن تواجه هذه المشكلة.
غرابة ميكانيكا الكم
ويقول راي نويل الباحث في مختبر لوس ألاموس الوطني “بدلا من تشفير رسالة باستخدام التعقيد الرياضي، فإننا نعتمد على القواعد الخاصة بفيزياء الكم”.
وباستخدام المعلومات الكمية، فإنه لا يمكنك نسخها أو قطعها إلى نصفين، ولا يمكنك حتى النظر إليها دون أن تتغير.
في الواقع، مجرد محاولة اعتراض الرسالة يؤدي إلى تدميرها تلقائيا.
وبمجرد أن يتحقق ذلك على نطاق واسع، فإن الإنترنت الكمي سيكون سريعا بشكل مدهش للغاية. وهذا من شأنه أن يجعل التنقل والملاحة باستخدام نظام تحديد المواقع أكثر دقة مما هو عليه اليوم.
لكن قبل حدوث أي من ذلك، يجب على الباحثين معرفة كيفية بناء الإنترنت الكمومي، وبالنظر إلى غرابة ميكانيكا الكم، فلن يكون ذلك سهلا.
ومثلما هو الحال مع التقنيات الكثيرة والجديدة في مجال التقنية الكمية، سيستغرق الأمر بعض الوقت لإخراج الإنترنت الكمومي من المختبرات إلى أنظمة العالم الواقعي، ولكن تلك الخطوة تعد خطوة مهمة للأمام.
الطريق ليس سهلا كما يؤكد نويل “من أجل تشغيل الإنترنت الكمومي، سنحتاج إلى جميع أنواع الأجهزة التي لم يتم تطويرها بعد”.