بعد الهدوء الذي عاد إلى مدينة «الفنيدق» الحدودية عقب الاحتجاجات التي كانت تعرفها المدينة بشكل أسبوعي خلال فبراير الماضي، ما يزال الجميع يراقب بحذر تنزيل السلطات المحلية لوعودها من أجل إعادة البريق الاقتصادي والاجتماعي الذي كان في السابق قبل إغلاق المعبر الحدودي «باب سبتة».
إغلاق المعبر الحدودي
بعد سنوات من الجدل الذي صاحب الأوضاع المزرية التي تعيشها ممتهنات التهريب المعيشي أمام معبر سبتة، ووفاة بعضهن نتيجة التدافع والازدحام والمعاملة السيئة للسلطات بالمعبر، سيشهد هذا الأخير مدا وجزرا سنة 2019، حيث أغلق بشكل مؤقت في فترات متعددة من السنة، قبل أن تقرر السلطات المغربية الوقف النهائي للتهريب المعيشي عبر معبر باب سبتة في بداية شتنبر من عام 2019، قبل أن تبلغ مصالح الجمارك المغربية السلطات الإسبانية بالقرار النهائي المتعلق بالإغلاق التام في 13 مارس 2020 مزامنة مع بداية انتشار وباء كورونا.
السلطات المغربية والإسبانية التي كانت ترد أسباب الإغلاق المؤقت إلى القيام بإصلاحات لتجنب الحوادث الأليمة التي تتسبب في مقتل ممتهني وممتهنات التهريب المعيشي، حيث بلغ عدد القتلى في غضون 3 سنوات فقط، أزيد من 12 شخصا منهم 3 رجال و9 نساء، أو ترد إغلاق الحدود إلى أسباب أمنية أو غيرها، لم توضح هذه المرة أسباب الإغلاق، الذي يبقى قرارا سياديا من جهة المغرب، قبل أن تقرر إسبانيا بدورها مؤخرا الإغلاق حيث مددت الأسبوع الماضي قرار الإغلاق لشهر إضافي ليشمل أبريل الجاري.
ويرى البعض أن قرار إغلاق المغرب مرتبط بحجم الخسائر الاقتصادية التي يتكبدها جراء التهريب المعيشي فيما يذهب البعض إلى كون إغلاق الحدود يأتي في سياق التوتر الذي يطبع العلاقات المغربية – الإسبانية خلال السنوات الأخيرة، بيد أن السلطات تظل صامتة بخصوص الأسباب الرئيسية للإغلاق.
خراب «الأرزاق» وقطع الصلة
وبين البحث عن أسباب إغلاق المعبر، كان القرار قد جاء بـ «الخراب» على العديد من الأسر التي فقدت شغلها وقوتها اليومي وأضحت تتوسل من أجل لقمة العيش، فالمعبر كان يشغل آلاف النساء والرجل، وآلاف آخرين تربطهم بمدينة سبتة عقود عمل قانونية، كانوا يعبرون بشكل يومي لأداء عملهم والعودة في المساء.
وإلى جانب فقدان الشغل، أدى إغلاق المعبر بشكل كلي إلى قطع الصلة بين مجموعة من العائلات التي كانت تتبادل الزيارة بين الضفتين، ومنعت لقاءات عائلية وأسرية كانت بالأمس القريب تتم بسهولة عبر معبر «باب سبتة».
مبادرات شبابية
بالمقابل، عدد من شباب المنطقة المنتمين لهيئات سياسية عدة وجمعيات وغير منتمين أيضا، عملوا على التنسيق قبل أزيد من سنة للتباحث مع المسؤولين ومع مختلف الهيئات حول سبل النهوض بأوضاع المنطقة وإيجاد بدائل اقتصادية كفيلة بضمان العيش الكريم خلفا لما كان يوفره المعبر.
ومن ضمن المبادرات، تنظيم عدد من اللقاءات مع المسؤولين والبرلمانيين، والتي لعب فيها الفرع المحلي لحزب التقدم والاشتراكية بالفنيدق دورا مهما، حيث كان وفد شبابي يمثل الفرع الإقليمي قد عقد لقاء نهاية 2019 مع المجموعة النيابية لحزب التقدم والاشتراكية بالبرلمان بحيث قدم حينها صورة عامة عن الأوضاع التي آلت إليها المدينة بعد إغلاق المعبر الحدودي بشكل نهائي في وجه العبور.
وشخص الفرع الإقليمي لحزب «الكتاب» الأوضاع المزرية التي أضحت تعيشها ساكنة المنطقة، حيث رسم المتدخلون صورة قاتمة عن الممارسات التي يتم نهجها على المعبر الحدودي التي تحط من كرامة الإنسان.
المتدخلون من شباب الفرع الإقليمي لحزب التقدم والاشتراكية أكدوا حينها على أن هذا التهريب المعيشي وإن كان غير قانوني إلا أنه أصبح عرفا وأصبح يشكل مدخولا ماديا أساسيا لأبناء المنطقة والأسر بسبب غياب بدائل اقتصادية حقيقية قادرة على النهوض بالأوضاع الاجتماعية للساكنة.
هذه المشاكل التي تبلورت إلى أسئلة شفهية وكتابية إلى المسؤولين من وزير الداخلية إلى وزير الاقتصاد والمالية لم تساهم في حلحلة النقاش، حيث كانت الحكومة دائما ما تعد بإيجاد حلول للساكنة، لكن في حدود الوعد دون التنفيذ.
كورونا توقف مسار النقاش
هذه الدينامية التي أطلقها عدد من شباب المنطقة وكذا الهيئات السياسية، في مقدمتها حزب التقدم والاشتراكية، ستتوقف في مارس 2020 مع تفشي فيروس كورونا وفرض الحجر الصحي على كامل التراب الوطني، حيث التزم الجميع بالتدابير الاحترازية التي أقرتها السلطات وبقيت جميع الأنشطة عالقة.
وقبل أن تتخذ المملكة بعد أشهر قرارا بالعودة التدريجية إلى الحياة اليومية، وفي الوقت الذي اتضح لساكنة الفنيدق أن أزمتهم مستمرة مع استمرار إغلاق المعبر، لم تجد عشرات الأسر بالمنطقة من حلول سوى البحث عن بدائل. لكن مع صعوبة الأوضاع التي زادت تأزما مع تفشي الوباء سيخرج الآلاف في مساء إحدى أيام الجمعة للمطالبة بإيجاد حلول آنية لوضعيتهم الاجتماعية.
بداية الاحتجاجات
في الجمعة الأولى من شهر فبراير الماضي، سيخرج المئات من المواطنين بمدينة الفنيدق رافعين شعارات تندد بالأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها المنطقة، جراء استمرار إغلاق المعبر الحدودي وعدم إيجاد بدائل اقتصادية للسكان.
كما رفع المحتجون شعارات تدعو لإنقاذ المدينة من أزمتها الاقتصادية، لتقابلها السلطات بالقوة وتمنع احتجاجات الساكنة، حيث تم اعتقال 4 أشخاص كانوا ضمن المحتجين.
ومع تجدد الاحتجاجات لأزيد من 3 أسابيع، طرحت السلطات المحلية للمدينة مجموعة من المقترحات، حيث تم تنظيم جولات من الحوار بين المسؤولين وممثلين عن الساكنة، تكللت بتبديد الأزمة، عبر إطلاق سراح الأربعة المعتقلين وإعطاء مهملة للسلطات لتنزيل بدائل اقتصادية بالمنطقة.
وعود ببدائل اقتصادية
كبديل عن إغلاق المعبر، خاضت السلطات جولات من الحوار مع ممثلي الساكنة من شباب ومنتخبين، حيث اقترحت السلطات تعويض النساء اللواتي فقدن لقمة عيشهن بالمعبر وداخل مدينة سبتة المحتلة وكذا خلال جائحة كورونا، من خلال إبرام عقود العمل لفائدتهن، وقعها كل من عمالة المضيق الفنيدق والوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات (الأنابيك)، كما وعدت السلطات بتنزيل برنامج تبلغ كلفته المالية 400 مليون درهم، والذي يروم تسريع بناء وتهيئة منطقة الأنشطة الاقتصادية الفنيدق.
كما تعهدت السلطات بحث المستثمرين في مجال السياحة على إنعاش التشغيل بالتعجيل في أجرأة برنامج دعم التشغيل بالمنطقة، وذلك من أجل مواجهة البطالة المتفشية وسط المدينة وإدماج الشباب في الشغل.
وإلى جانب مبادرات كثيرة أعلنت عنها السلطات، قال مصدر من ممثلي الساكنة في الحوار إن الجميع ملتزم بمخرجات الحوار، على أن يتم انتظار ما ستسفر عنه مبادرات الجهات المسؤولة ومدى التزامها بتنفيذ وعودها.
وأضاف أن هناك هدوء حذرا يسود في المدينة، بحيث يلتزم الجميع بعدم التصعيد، مقابل انتظار تنزيل وعود السلطات ومبادراتها الكفيلة بإخراج المدينة من أزمتها وعزلتها الاقتصادية، مشيرا إلى أن عشرات الأسر بالمدينة تعلق آمالها على ما تم تسطيره من برامج ومبادرات لدعم الاقتصاد بالمدينة وتوفير مناصب الشغل.
***
عثمان خطار: احتجاجات الساكنة جاءت “عفوية” بعد تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتفاعلنا مع “وعود” السلطات إيجابا
في حوار أجرته “بيان اليوم” مع الشاب عثمان خطار عضو مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة وعضو مجلس جماعة مدينة الفنيدق، المدينة التي شهدت مؤخرا احتجاجات واسعة للمطالبة بإيجاد بدائل اقتصادية للمدينة عقب الإغلاق النهائي للمعبر الحدودي “باب سبتة” في وجه تهريب السلع شتنبر 2019.
ويقدم عثمان خطار عضو اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية في هذا الحوار أبرز الأسباب التي دفعت للاحتجاج والأدوار التي لعبها مجموعة من الفاعلين بالمدينة من أجل الحفاظ على سلمية الاحتجاجات والحفاظ على هدفها الرامي إلى توفير العيش الكريم لساكنة الفنيدق.
كما يبرز خطار أهم المطالب التي ترفعها الساكنة، وكذا الانتظارات المستقبلية ووعود السلطة، وكيف تلقاها السكان، فضلا عن كشفه عن جزء من أجواء وكواليس الحوار الذي دار بين ممثلي الساكنة وسلطات المضيق – الفنيدق..
فيما يلي نص الحوار:
< أغلقت الحدود بين الفنيدق ومدينة سبتة قبل أزيد من سنة.. كيف أثرت هذه الخطوة على الوضعية الاقتصادية للمدينة؟
> فعلا كان لقرار الإغلاق المفاجئ للمعبر الحدودي باب سبتة آثار اقتصادية واجتماعية ونفسية خطيرة على ساكنة الفنيدق خاصة والمنطقة عامة وهذا راجع بالأساس إلى الروابط الاقتصادية والعائلية والدينية التاريخية القوية التي تجمع المنطقتين، حيث إن أكبر نسبة ساكنة سبتة هي من أصول مغربية وأغلبيتها منحدرة من منطقة تغرامت مما يجعل بيننا عدة علاقات عائلية وأسرية وتجعل منها علاقات متشابكة. وكذلك هناك ارتباط ديني رسمي بين مسلمي مدينة سبتة ومجلس الأوقاف والشؤون الإسلامية بعمالة إقليم المضيق الفنيدق حيث إن هذا الأخير هو من يقوم بالإشراف والتتبع و بتعيين الأئمة والفقهاء بجميع مساجد سبتة، أما فيما يتعلق بالرابط الاقتصادي فيبقى التهريب المعيشي في حلته التقليدية والطبيعية بتبادل البضائع والخدمات بين الضفتين الحدودية هو المورد الأساسي للدخل اليومي ورزق معظم الساكنة بالمدينة وذلك منذ عقود من الزمن، وكان لمنعه وتوقف الأنشطة المرتبطة به في غياب أي بدائل اقتصادية حقيقية قادرة على خلق فرص الشغل والعمل بمدينة الفنيدق، الشأن الكبير على الأزمة الحالية.
هذا الإغلاق كما قلت، كان له وقع كبير على أوضاع المدينة، بحيث أدى إلى مجموعة من الآثار من أبرزها حرمان آلاف المواطنين من عملهم المتمثل في التهريب المعيشي، بالإضافة إلى توقيف عدد كبير من العمال الذين لهم ارتباط بعقود قانونية وغير قانونية بالعمل داخل مدينة سبتة، الشيء الذي أرخى بظلاله على المنظومة الاقتصادية بالمدينة وأدى إلى إفلاس مجموعة من المتاجر والمحلات الحرفية والمهنية وإغلاقها خاصة على مستوى الأسواق العمومية والخصوصية والمقاهي والمطاعم التابعة للنفوذ الترابي للمدينة والتي تعتبر الشريان الاقتصادي بالمنطقة.
< كنتم قد شكلتم لجنة من شباب المنطقة والمنتخبين للمطالبة بإعادة فتح المعبر الحدودي أو البحث عن بدائل تنموية أخرى.. ما هي أبرز الخطوات التي اشتغلتم عليها وكيف تعاملت معكم السلطات والجهات المسؤولة حينها؟
> فعلا قبل إقرار هذا القرار المتمثل في إغلاق معبر باب سبتة بسنة تقريبا ومع بداية بروز تداعياته قمنا كحزب سياسي داخل المدينة بإعداد ملف حول الموضوع وقد رصدنا فيه مجموعة النقاط المرتبطة بهذا القرار سواء من حيث آثاره أو انعكاساته على الساكنة، وكذا طرح مجموعة من الحلول الكفيلة بالتخفيف من وطأته على الوضع الاقتصادي والاجتماعي، حيث قمنا كمكتب محلي بعقد لقاء مع رئيسة المجموعة النيابية لحزبنا حزب التقدم والاشتراكية على مستوى البرلمان من أجل الترافع حول هذا الملف. مما دفع بالسادة برلمانيي الحزب إلى توجيه مجموعة من الأسئلة الكتابية والشفوية إلى رئاسة الحكومة وكذا وزارة الداخلية، بالإضافة إلى ذلك قام رفاقنا الممثلين داخل المجالس المنتخبة محليا وجهويا إلى عقد مجموعة من اللقاءات مع السلطات المحلية بغية الترافع والدفاع عن المطالب المشروعة للساكنة، وفي مقابل ذلك أصدر الفرع المحلي مجموعة من البيانات التي دعا من خلالها الجهات المسؤولة وجميع المتدخلين في هذا الملف إلى التسريع بإيجاد حلول للوضعية الخانقة التي تعيشها المدينة.
< كيف انبثقت الاحتجاجات العفوية التي عرفتها المدينة الأشهر الماضية؟ وكيف ساهمتم كشباب ومنتخبين في تأطير هذه الحركة الاحتجاجية؟
> كما تابع الجميع عبر وسائل التواصل الاجتماعي الحركات الاحتجاجية العفوية التي عرفتها الفنيدق والتي دامت لبضع أسابيع في أشكالها السلمية والمطالبة بتوفير حلول للوضعية الخانقة التي تعيشها المدينة جراء هذا الإغلاق، لم تكن هذه الحركات الاحتجاجية وليدة الصدفة بل جاءت بعد سلسلة من النداءات التي تم إطلاقها من طرف مجموعة من الفعاليات السياسية والجمعوية بالمدينة وكذا بعض النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مما فتح باب الحوار والتفاعل الايجابي مع السلطات الإقليمية والمحلية لإيجاد الحلول الآنية والمناسبة خصوصا ونحن مقبلين على شهر رمضان المبارك.
بالإضافة إلى كون ظروف الوباء والإجراءات الاحترازية والوقائية لم تكن تسمح سابقا بالتنسيق، كما لم تكن توجد أي إمكانيات لإيجاد الحلول ما عدا بعض المساعدات الإحسانية التي كانت تقوم بها السلطات المحلية (القفة) من حين لآخر. لكن مع تدهور الوضع الآن ونفاذ الصبر دفع الساكنة للنزول إلى الشارع من أجل التعبير عن رفضها للوضع الراهن ومطالبتها بتحسين أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والنفسية التي تعيشها، وكما تتبع الجميع عرفت هذه الوقفات الاحتجاجية المشاركة المكثفة من طرف الساكنة بجميع أطيافها خصوصا العنصر النسوي الذي عرف حضورا قويا أثناء هذه الوقفات، حيث قمنا بدورنا في تأطير هذه الوقفات عبر دعوة الساكنة إلى التحلي بروح المسؤولية من أجل الحفاظ على المرفق العمومي، والتعبير السلمي عن المطالب المشروعة دون إحداث أي إخلال بالأمن العام المحلي.
< ما هي أبرز المطالب التي رفعتموها خلال هذه الاحتجاجات وكيف كان تصوركم للحفاظ على سلمية الاحتجاجات وتحقيق المطالب العادلة لساكنة المنطقة؟
> هي نفس المطالب التي رفعناها سابقا والتي رفعتها الساكنة قبل وأثناء الاحتجاجات التي عرفتها المدينة وتتمثل أساسا في: فتح المعبر الحدودي باب سبتة في وجه الساكنة وذلك بالنظر إلى طبيعة العلاقة الاجتماعية التي تجمع بين ساكنة المدينتين، التسريع بالتنزيل الفوري لكل المشاريع ذات البعد الاقتصادي بالمدينة (منطقة التنشيط التجاري)، دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة التي من شأنها إنعاش الوضع الاقتصادي، الدعم المباشر للأسر المتضررة والتي في وضعية الهشاشة، فتح الآفاق للتجار المحليين لمباشرة عملهم عبر الميناء المتوسطي وتوفير بعض المساعدات اللوجستية والجمركية لهم.
إلى جانب ذلك هناك مشكل أساسي يجب حله، وهو ما يتعلق بفئة العاملين بشكل قانوني بمدينة سبتة والذين يبلغ عددهم حوالي 500 شخص من الفنيدق والمضيق وتطوان، هاته الفئة بعد الإغلاق العام في مارس 2020 تضررت بشكل كبير، وأصبحت تعاني، بعد فقدان الشعرات منهم شغلهم، ومنهم من اشتغل لسنوات طويلة، والبعض اقترب من سن التقاعد، هؤلاء الأشخاص فقدوا اليوم شغلهم بالرغم من توفرهم على الأوراق القانونية ورخص العبور والعمل، كما أنهم تضرروا لأن مصالحهم متوقفة، بما في ذلك استفادتهم من التغطية الصحية بمدينة سبتة، وهذا حيف كبير يجب رفعه عن هذه الفئة.
في نفس الإطار، هناك أيضا فئة المتقاعدين والذين كانوا يشتغلون في الماضي بسبتة ومقيمين هنا في الفنيدق أو تطوان أو المضيق، وكانوا يعبرون بشكل دوري من اجل استخلاص راتبهم التقاعدي والاستفادة من الخدمات الطبية والأدوية المجانية في إطار التغطية الصحية التي يستفيدون منها، لكن مع الأسف بدورهم أصبحوا يعانون ولا يستطيعون استخلاص رواتبهم العالقة بمدينة سبتة، كما أن منهم من يعاني من أمراض مزمنة ولم يعد باستطاعته متابعة علاجه والاستفادة من التغطية الصحية ومجانية الدواء بعد الإغلاق التام للمعبر، لذا نرى أنه من الواجب إيجاد حل لهذه الفئات التي نعتبرها الأكثر تضررا.
< بعد الاحتجاجات خضتم جولات حوار مع المسؤولين.. كيف مرت أجواء وكواليس هذا الحوار؟ وكيف كان تفاعل السلطات مع الملف المطلبي؟
> طبعا بعد خروج الساكنة من أجل الاحتجاج على الوضع الذي وصلت إليه بالمدينة عملت السلطات على التواصل مع العديد من الفعاليات السياسية والجمعوية بالمنطقة والاستماع إلى مقترحاتها في ما يخص إخراج المدينة من هذا الوضع المتأزم، وبالفعل كنا طرفا أساسيا ضمن هذه اللقاءات، حيث عقدنا عدة لقاءات منها مع السيد باشا المدينة، وكذا السيد والي جهة طنجة تطوان الحسيمة بحضور السيد عامل عمالة المضيق الفنيدق وبعض المديريات المعنية، والتي عبرنا من خلالها على موقفنا من هذا الوضع الذي وصلت إليه المدينة، وكذا اقتراح مجموعة من الحلول الكفيلة بالتخفيف من حدة المستوى المعيشي الصعب الذي تعرفه مدينة الفنيدق.
وقد سجلنا بارتياح التفاعل الإيجابي والسريع للسلطات وعلى رأسهم السيد الوالي مع هذه المطالب المشروعة للساكنة، وذلك من خلال بلورتها مجموعة من المبادرات التي أطلقتها بخصوص التخفيف من حدة الآثار الاقتصادية والاجتماعية التي رافقت قرار إغلاق المعبر الحدودي، وفي نفس الوقت عبرنا عن تخوفاتنا من مجموعة من الاختلالات التي رافقت تنزيل هذه المبادرات والدعوة إلى العمل على تجويدها.
< كشاب وفاعل داخل المنطقة وتنتمي لهيئة سياسية تقدمية.. ما تصورك لمستقبل المنطقة؟ وما رؤيتك للمرحلة المقبلة؟، وهل ترى أن وعود السلطة كفيلة بإخراج المدينة من أزمتها الاقتصادية والاجتماعية؟
> كشباب داخل المدينة وانطلاقا من مرجعيتنا السياسية التقدمية نرى أن الوضع بالمدينة في ظل إغلاق معبر باب سبتة، وفي غياب أية بدائل اقتصادية قادرة على التنفيس عن الوضع الاقتصادي يمكن أن يفرز مجموعة من الظواهر الاجتماعية المرتبطة أساسا بانتشار رقعة البطالة المحلية في صفوف الشباب خصوصا، الشيء الذي ينذر بظهور الجريمة ولجوء الشباب إلى تعاطي المخدرات بالإضافة إلى بروز ظاهرة الهجرة السرية بين فئات الشباب وكذا انتشارا ظاهرة الانتحار.
لكن هذا لن يمنعنا كشباب يؤمن بالعمل من داخل المؤسسات إلى التحلي بروح التفاؤل والتوجه إلى المستقبل وذلك بدعوتنا إلى إفراز جيل جديد من الإصلاحات الاقتصادية بالمدينة من خلال إدماج هذه الشريحة ضمن النسيج الاقتصادي المحلي وذلك عبر خلق مجموعة من فرص الشغل المتمثلة في مناطق صناعية كفيلة بامتصاص البطالة، وكذا العمل على استفادة شباب المدينة من المشاريع الاقتصادية بمنطقة ميناء طنجة المتوسطي، وعبر دعم المقاولات الشبابية الصغرى منها والمتوسطة.
أما بخصوص الوعود التي تقدمها السلطات المحلية بخصوص إخراج المدينة من أزمتها الاقتصادية والاجتماعية، فلا يمكننا إلا أن نتفاعل معها ايجابيا في انتظار ما ستسفر عنه عملية تنزيل هذه المبادرات على أرض الواقع.
> محمد توفيق أمزيان