روما 1960 .. فضية تاريخية في الماراطون في أول مشاركة
الحلقة الأولى
لا شك أن دورة الألعاب الأولمبية الصيفية تظل أهم حدث رياضي على مستوى العالم ما دامت مسرحا للتنافس على المعدن الأولمبي من ذهب وفضة وبرونز بين أبطال وبطلات في رياضات عريقة ومتنوعة جماعية وفردية. تظاهرة كونية تطورت مع مرور السنوات منذ أول دورة أولمبية بأثينا سنة 1896، انتهاء بأولمبياد طوكيو 2020 التي كانت مقررة الصيف الماضي لكنها تأجلت إلى العام الجاري بسبب جائحة كورونا. وبالنسبة للرياضة المغربية، فقد تأخر ظهورها في هذا المحفل الكوني إلى سنة 1960 عندما شاركت أولمبياد روما في 10 أنواع رياضية، إلا أنها كانت مشاركة مميزة بظفر العداء عبد السلام الراضي بفضية سباق الماراطون. في المجمل شارك المغرب بالأولمبياد في 14 دورة منذ 1960 ولم يغب سوى عن نسخة 1980 بموسكو احتجاجا على غزو الاتحاد السوفياتي لأفغانستان، وحصد ما مجموعه 22 ميدالية (6 ذهبيات و5 فضيات و11 برونزية). ومع تبقي قرابة 100 يوم على انطلاقة الأولمبياد الياباني، ارتأت بيان اليوم أن تنبش في تاريخ المشاركة المغربية بالألعاب الأولمبية، وأن تعرض معطيات وأرقاما حول الحضور المغربي في 14 دورة أولمبية بما عرفتها من نجاح وتوهج وإخفاق وانكسار.
لم يتسن للرياضة المغربية أن تشارك بأي دورة من الألعاب الأولمبية الصيفية التي أقيمت ما بين سنتي 1896 و1956، إلا بعد فترة الاستقلال، حيث تم تأسيس اللجنة الأولمبية الوطنية سنة 1959، هذا المستجد أهل الأبطال المغاربة للظهور رسميا بأولمبياد 1960 التي استضافتها العاصمة الإيطالية روما في الفترة بين 25 غشت و11 شتنبر.
شارك المغرب بدورة روما بوفد كبير نسبيا يضم 47 رياضيا في 45 مسابقة ضمن 10 رياضات هي ألعاب القوى والملاكمة وسباق الدراجات والمسايفة والجمباز والخماسي الحديث والأشرعة والرماية ورفع الأثقال والمصارعة، إلا أن النتائج كانت جد متواضعة بحكم قلة خبرة الرياضيين المغاربة في تظاهرة بهذا الحجم، لكن العداء عبد السلام الراضي أبى إلا أن يترك هذه الألعاب راسخة في تاريخ الرياضة المغربية عندما توج بالميدالية الفضية في سباق الماراطون.
وكان الراضي الذي أصبح أول رياضي عربي يحرز ميدالية أولمبية، مرشحا قويا لانتزاع المركز الأول، وهو الذي تمكن من حصد ذهبية بطولة العالم في العدو الريفي بدورة غلاسكو الاسكتلندية في نفس السنة، لكن سوء الحظ حرم الراضي من المعدن النفيس، ليكتفي بالمركز الثاني بعدما قطع مسافة السباق في زمن قدره ساعتان و15 دقيقة و41 ثانية و6/100، علما أنه شارك أيضا في سباق 10 آلاف متر وحل في المركز الـ14 بتوقيت 29 دقيقة و32 ثانية.
الراضي الذي حل خلف العداء الإثيوبي أبيبي بيكيلا، يعترف أنه كان أبرز المرشحين لنيل الميدالية الذهبية، ويقول في حوار أجرته معه مجلة «ليكيب ماغازين» الفرنسية سنة 1972 «كنت المرشح للفوز بالسباق ولم يكن أحد يعرف عن العداء الأثيوبي أبيبي بيكيلا شيئاً. لقد تعرّفت عليه صبيحة يوم السباق. إذ ذهبت لإجراء الفحص الطبي ووجدت شخصاً أسود اللون ممدداً على سرير الطبيب».
وينتقل الراضي إلى الحديث عن تفاصيل الماراطون، بقوله «بدأ السباق وكنا نحن الاثنين في المقدمة وعلى مسافة كبيرة من الجميع. وبدأت المنافسة بين بيكيلا وبيني، وعندما وصلنا إلى الكيلومتر الـ40 كنت في المقدمة ثم وجدت فجأة حبلا ممدوداً، وظننت أن السباق قد انتهى وفزت به».
ويكمل الراضي حديثه عن تلك الحادثة الطريفة التي تسببت في ضياع الميدالية الذهبية «لكن بيكيلا ظل يعدو ولم يقف بعد أن توقفت عن الجري لأنه كان يعلم أن خط النهاية ما يزال على بعد بضعة مئات من الأمتار. وفجأة سمعت أحد المتفرجين ينادي بالفرنسية: استمر في الجري يا راضي .. واستمريت، لكن بيكيلا كان أسرع مني إلى خط النهاية، وفاز بالسباق بفارق بسيط عني».
<إعداد: صلاح الدين برباش