وصلت الحملة الانتخابية إلى نهايتها، ويتوجه الناخبات والناخبون غدا الأربعاء ثامن شتنبر إلى صناديق الاقتراع لممارسة حقهم في اختيار ممثليهم وتجسيد الإرادة الشعبية.
استحقاقات هذا العام تجري في ظرفية صحية ووبائية صعبة، وهو ما يجعل حجم المشاركة والإقبال على التصويت رهانها المركزي، كما أنها تقام بموجب قوانين انتخابية معدلة، وخصوصا ما يتصل بالقاسم الانتخابي الجديد، وستتميز كذلك بتنظيم انتخابات محلية وجهوية وبرلمانية في يوم واحد، وهو يوم الأربعاء وليس الجمعة كما جرت العادة دائما…
الحملة الانتخابية عرفت تقاطبات حزبية حادة، وجرى رصد مخالفات في عدد من المناطق، أهمها إغراق أغلب الدوائر بالأموال، واقتراف الضغط على مرشحين، علاوة على تنامي اللجوء إلى حملات رقمية واستعمال وسائل التواصل الحديثة والمنصات الإلكترونية…
كل هذه التبدلات لاشك سيأتي أوان تقييمها بهدوء، ولكن الأنظار تتطلع إلى الأثر الذي يمكن أن ينجم عنها على مستوى النتائج، وما ستفرزه صناديق الاقتراع مساء غد الأربعاء.
غدا الأربعاء، ستكون المسؤولية ملقاة على المواطنات والمواطنين، الناخبات والناخبين، وهم من عليهم التوجه بكثافة إلى مراكز التصويت، والقيام بالاختيار، ورفض الابتزاز والضغط وشراء الذمم.
من المؤكد أن التيارات السياسية التي تنتصر لمقاطعة الانتخابات من منطلقات محاربة الفساد والمطالبة بتوسيع الديمقراطية والحقوق، تستحق الاحترام، ولكن الظرفية الوطنية وطبيعة الصراع وموازين القوى في بلادنا اليوم، تجعل كل امتناع أو عزوف عن التصويت بمثابة خدمة للوبيات الفساد، وضربة لقوى الإصلاح والتقدم.
الممتنعون عن التصويت والمقاطعون للانتخابات يساهمون في إضعاف مواقع القوى الوطنية والتقدمية الجادة، أما قوى الفساد فهي تضمن مقاعدها بالأموال الباهضة التي توزعها، وبمختلف الضغوط التي تقترفها، كما أن القوى الظلامية تضمن مقاعدها، هي الأخرى، عبر التجييش العقدي والركوب على الدين والمظلومية ومعاقل العمل الإحساني وسواه، وكل هذا يجب أن يدركه شبابنا، وأيضا النخب المتنورة من شعبنا، حيث أن لامبالاتهم تتسبب فقط في تقوية لوبيات الريع والفساد، وتكرس واقع التراجع والتخلف في مختلف مؤسساتنا الوطنية.
في كل المواثيق والمنظومات الكونية لحقوق الإنسان، يعتبر التصويت والترشيح حقا ثابتا، والدليل على المشاركة الشعبية في القرار السياسي، وفِي المغرب لم يتحقق هذا المكسب صدفة أو منة، وإنما بعد نضال طويل ساهمت فيه أجيال، وفِي غياب ذلك، كان الأمر سيكون عنوانا لوضع ديكتاتوري لا شك سيستنكره الجميع.
ولهذا، يجب علينا كلنا اليوم أن نمسك بهذا الحق ونستثمره ونمارسه، ونفرض، بواسطته، اختياراتنا المستقلة، وأن نجعله طريقنا نحو إحداث التغيير، ومحاربة الفساد والمفسدين.
بالإضافة إلى رهان المشاركة الشعبية المكثفة في التصويت يوم غد الأربعاء، واحترام التدابير الصحية والوقائية المعمول بها، وجعل بلادنا تنظم هذه الاستحقاقات في شروط سليمة، وتربح التحدي الديمقراطي، فإن انتخابات 2021 تمثل فرصة لصياغة مقومات مغرب المستقبل، ويجب أن تتيح لبلادنا تشكيل مؤسسات تمثيلية وتشريعية وتنفيذية ذات مصداقية وفاعلية، ومن شأنها كسب الرهانات الوطنية والتنموية والديمقراطية والإستراتيجية المطروحة اليوم…
المسؤولية، انطلاقا مما سبق، كبيرة، ويجب علينا كلنا التعبئة للقيام بها، وبداية ذلك، ستكون يوم غد داخل معازل التصويت، أي أن يحرص كل ناخب أو ناخبة على الإدلاء بصوته، كما لو أنه يقدم شهادة، ويقوم بالاختيار المناسب لمصلحة بلادنا وشعبنا.
<محتات الرقاص
