احتفل المغاربة، أمس الخميس، برأس السنة الأمازيغية كمناسبة أنبتتها التربة المغربية منذ آلاف السنين، وترتبط بطرق راقية لتعامل الأمازيغ مع الزمن ومع التاريخ.
ويرجع تاريخ الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، إلى العصور القديمة، وهو متجذر في الحكايات والأساطير الشعبية بشمال إفريقيا.
فهذه الاحتفالية الشعبية تجسد ارتباط الأمازيغ بشمال إفريقيا بالأرض، من خلال اعتماد بعض الطقوس التقليدية الموغلة في القدم والمرتبطة أساسا بالزراعة والطبخ، والتي تبرز التأقلم مع قسوة الطبيعة والاحتفاء بقدرة الإنسان على البقاء والازدهار رغم كل المصاعب التي يواجهها.
وككل سنة، وبعد مسار طويل من الترافع والنضال من أجل القضية الأمازيغية، توج بترسيمها لغة رسمية إلى جانب العربية، وإخراج قوانينها التنظيمية لإدراجها في الحياة العامة، تتعالى الأصوات التي تطالب بإعلان رأس السنة الأمازيغية يوم عطلة رسمية، على غرار رأس السنتين الهجرية والميلادية اللتين تعتبران عطلتين مدفوعتي الأجر.
وتؤكد العديد من فعاليات سياسية وأمازيغية أن مطلب ترسيم رأس السنة الأمازيغية، ليس مطلبا اعتباطيا، بل هو أساسي في ظل استمرار تجاهل الدولة لهذا الحدث التاريخي الكبير، مشددين على أن المغرب يعرف ثورة ثقافية، ناتجة عن تنامي الوعي الأمازيغي، سياسيا وهوياتيا، بفضل جهود الحركة الأمازيغية التي اشتغلت على عدة مستويات، وبأشكال مختلفة للترافع والنضال والنقاش الفكري، مما أفرز تراكما نضاليا أيقظ المجتمع المغربي للمصالحة مع تاريخه وحضارته.
في هذا السياق، وعشية الاحتفال بـ”ايض ناير” وجهت النائبة البرلمانية خديجة أروهال، عن فريق حزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، سؤالا كتابيا، إلى رئيس الحكومة حول مطالب رئيسية للنهوض بالأمازيغية والإقرار بأهميتها.
مطالب “شاعرة الأمازيغ” لا تزيغ قيد أنملة عن مطالب حزب التقدم والاشتراكية الذي ظل على الدوام مدافعا عن الأمازيغية، داعيا إلى التعاطي الإيجابي مع مطالب فعالياتها من منطلقات وطنية، بعيدا عن أي توظيف سياسي أو ايديولوجي غريب عن الهوية المغربية، واضعا نصب عينيه حماية الموروث الثقافي الأمازيغي، والنهوض به، وتثمين كل ما يتصل به من ثقافة وتقاليد ضاربة جذورها في عمق التاريخ. إن حزب التقدم والاشتراكية طالب وما زال يطالب مؤسسات الدولة بأخذ التدابير اللازمة لهذا الاعتراف الذي يندرج كذلك في إطار تحقيق الغاية الدستورية من ترسيم الأمازيغية وتفعيل المقتضيات القانونية والدستورية الرامية إلى ذلك.
إن الاعتراف الرسمي برأس السنة الأمازيغية سيكون، دون أدنى شك، خطوة رمزية قوية ستعطي مؤشرا على أن هذه الحكومة مستعدة لتجاوز الطابوهات السياسية في التعامل مع ملف الأمازيغية بالمغرب، وتؤسس لمرحلة جديدة تنصف فيها الأمازيغية بشكل كامل.
وفي انتظار ذلك، نقول لكل المغاربة..”أسكاس أمباركي” .
مصطفى السالكي
*********
خديجة أروهال: القضية الأمازيغية ليست مشروع أغلبية ولا مشروع معارضة بل هو مشروع وطني مجتمعي
في حوار قصير أجرته “بيان اليوم” مع النائبة البرلمانية عن حزب التقدم والاشتراكية خديجة أروهال، تؤكد هذه الأخيرة أن هناك غيابا تاما لأي إرادة حكومية حالية في المضي قدما بالقضية الأمازيغية وفي تحصين المكتسبات السابقة وتحقيق أخرى جديدة.
وأضافت أروهال، التي تنشط أيضا كفاعلة جمعوية ومهتمة بالقضية الأمازيغية أن الحكومة مطالبة بالوضوح في هذا الشأن وأن تتخذ خطوات حقيقية وإجراءات عملية بدل الاكتفاء بالكلام فقط، مشيرة إلى أن الاحتفال بالسنة الأمازيغية كما يجب، ليس شعارا أو كلاما تطلقه الحكومة على عواهنه، وإنما يحتاج إلى فعل حقيقي يتمثل أساسا في إقرار رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا ويوم عطلة رسمي مؤدى عنه.. فيما يلي نص الحوار:
< يحتفل المغاربة بالسنة الأمازيغية الجديدة، كبرلمانية وناشطة جمعوية أمازيغية، كيف ترين الاحتفاء بهذه الذكرى في بلادنا؟
> المغاربة يحتفلون بسنة أمازيغية جديدة منذ سنين، خصوصا مع ظهور الحركة الأمازيغية، وإن كان هذا الاحتفاء محتشما في البداية، لكنه أصبح اليوم “معلنا” ويحتفي به الجميع، وهناك تصالح مع الهوية والثقافة الأمازيغية وعراقتها وتاريخها، لدرجة أنه اليوم كنت بصدد التسوق من أجل الاحتفاء، وجدت أن المحلات التجارية والأسواق مكتظة بالمواطنات والمواطنين الذين يقبلون بكثافة على اقتناء ملابس الاحتفال وخصوصا “القفطان” الأمازيغي. إذا أشعر أنه أصبح لدينا وعي هوياتي، والشعب المغربي من طنجة لكويرة، أصبح ينتظر هذه المناسبة ويحتفي بها في جل المدن، لولا الإجراءات الاحترازية التي فرضت هذه السنة، والسنة التي قبلها، التقليل من المظاهر الاحتفالية والتقيد بالإجراءات الاحترازية بالنظر لتفشي فيروس كورونا، أيضا هذه الاحتفالات يمكن أن نلمسها لدى المغارة المقيمين في الخارج وبدول أمريكا، يعني أن هذا الأمر أصبح عادة واحتفاء وتصالح مع التاريخ المغربي العريق الذي يحق لنا جميعا أن نفتخر به. وبالتالي يمكن القول إن ذلك الحاجز الذي كان يفرق بين المكونات الأمازيغية وغير الناطقين بها لم يعد موجودا، وأصبحنا نلمس تماهيا وانصهارا واندماج حقيقي جميل بين مختلف المكونات وبين عموم الشعب المغربي الذي يحتفل قاطبة بهذه الذكرى التاريخية العريقة بطقوسها في الأكل والملبس والاحتفاء، وبدأ الجميع من مختلف الروافد يبدع في الاحتفاء والاحتفال وينهل من عمق الهوية الأمازيغية المغربية العريقة.
كناشطة جمعوية وبرلمانية، أرى اليوم أن هذا الاحتفال والزخم الشعبي والتصالح مع التاريخي المغربي العريق الذي تعد الأمازيغية جزءا مهما منه، تنقصه إجراءات رسمية حقيقية، والتي بالطبع تتحمل الحكومة مسؤوليتها، لاسيما وأن دسترة الأمازيغية بدأت من خطاب أجدير عام 2001، والذي أكد فيه صاحب الجلالة على أهمية الأمازيغية واعترف رسميا بالحرف الأمازيغية والهوية الأمازيغية كمكون أساسي ورافد أساسي من روافد هذا الوطن العزيز، ثم بعد ذلك دستور 2011، والحراك الاجتماعي والديمقراطي الذي جاء مع 20 فبراير، بحيث ظننا أن هناك مكتسبات حقيقية وتصالح حقيقي مع الحركات الاحتجاجية، التي كانت الحركة الأمازيغية عضو ومكون كبير بها، بحيث تم دسترة الأمازيغية وتم الاتفاق على أنها لغة رسمية وعلى ضرورة تنزيل قانون تنظيمي لها، ولو على مراحل، إلا أننا وجدنا مجموعة من الإشكالات الحقيقية التي تظهر بوضوح في الإرادة السياسية المنعدمة اليوم عند الحكومة، والتي نمارس دورنا معها كمعارضة،
< ألم يحن الوقت بنظركم لإقرار “إض يناير” كعيد وطني مؤدى عنه؟ وما هي أبرز الخطوات النضالية والترافعية التي يمكن التعويل عليها لإقراره؟
> أظن أنه آن الأوان من أجل أن نقول إن هناك خطوات نضالية وترافعية حقيقية يجب أن تتم، ونحن في حاجة إلى لوبي حقيقي للضغط في هذا الاتجاه، لأن الحقيقة للأسف هي أن القضية الأمازيغية أصبحت قضية مزايدات سياسية كثيرة، وهو ما لامسته شخصيا في الحملات الانتخابية، بحيث استغلها مجموعة من الفاعلين من أجل أن تكون مجرد ورقة فقط لربح أصوات انتخابية، وهناك أحزاب جمعت مجموعة من المكونات ورفعت شعارات ووضعت أرضيات للنقاش، وأطلقت وعود كبيرة، لكن مع الأسف بعد وصول هذه الأحزاب ونيلها الأصوات أدارت وجهها لهذه الوعود، بدليل أن الحكومة لم تصدر حتى تهنئة بهذه المناسبة، والتصريح الحكومي الذي لم يهتم بالقضية، باستثناء تصريح سابق للناطق الرسمي باسم الحكومة الذين قال إن الحكومة ستحتفي كما يجب بالسنة الأمازيغية، والحقيقة أننا دائما نحتفل كما يجب كمواطنات ومواطنين، والمغاربة يحتفلون، وما ينبغي القيام به كما يجب هو ترسيم هذا الاحتفال، وتخليد هذا اليوم الذي يحيي تاريخ عريق ويوحد المغاربة في الاحتفاء، وإقراره كعطلة رسمية، خصوصا وكما قلت أنه يشكل يوم احتفاء بالتاريخ، بالاحتفاء بيوم يرتبط بالخير وبداية سنة فلاحية، واحتفال بالأرض وبالانتصار والقوة، واحتفاء بالارتباط بهذه الأرض وبالانتماء لهذا الوطن.
< كيف تقيمين مسلسل تنزيل المقتضيات المتعلقة بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في الحياة العامة؟
>أعتقد أن مسلسل تنزيل الطابع الرسمي للأمازيغية في الحياة العامة يجب أن يكون مسلسلا حقيقيا، لأن المشروع الحكومي المعلن عنه فارغ جدا جاء فيه مبلغ مليار درهم الذي نحن اليوم نتساءل من أين سيتم توفير هذه الميزانية وهذا المبلغ؟، ومن أي سيتم تمويله؟، وفي ماذا سيصرف؟، وما هي الإستراتيجية؟، وما هي أوجه الحياة العامة التي يتم العمل عليها لتنزيل هذا الطابع؟، يعني لا شيء يوجد بوضوح، والشيء الوحيد الذي رأيناه هو على مستوى الإدارات العامة التي تحتاج فعلا إلى مترجمين وإلى استخدام اللغة الأمازيغية، لكن تبقى الحياة العامة أساسية في الإسراع في تنزيل وتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية.
نريد الالتفاتة للمكون الأمازيغي للإنسان الأمازيغي، الذي هو فاعل اقتصادي، فاعل اجتماعي، فاعل ثقافي… هؤلاء الناس جميعا الذين يجب أن يشعروا بالانتماء في وطنهم، وأن لهم حقوق مثل باقي المكونات وأن يتم الاستثمار فيها، والعيش فيها بحقوق كاملة، وأن لا يتم تقزيم الأمازيغية خصوصا من قبل المؤسسات العمومية، ثم الصندوق والمبلغ الذي تم رصده بشكل استثنائي في أفق 2025، يطرح أكثر من تساؤل حول هذه الصيغة، لاسيما وأنها ستصبح قضية تبرز في فترة الانتخابات إلى أخرى فقط، لتكون مجرد ورقة ضغط لربح الأصوات بدون تحقيق مكتسبات حقيقية.
< استشرافا للمستقبل، ما رؤيتك للاحتفاء بهذه الذكرى؟ وما مستقبل القضية الأمازيغية في ظل هذا البطء في تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية؟
> مشروع الأمازيغية ليس مشروع أغلبية ولا مشروع معارضة بل هو مشروع وطني مجتمعي ويتعلق بمكون أساسي وعريق ببلادنا ولا يجب أن يخضع للمزايدات أو الاستغلال السياسي، فالاحتفاء بهذه الذكرى هو احتفال لنا جميعا.
في هذا الصدد، نطالب بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية كما يجب وأن لا يتم الاستمرار في تقزيم القضية واستغلالها بأسلوب ضيق، نريد أن نستمر في مراكمة المكتسبات، والحقيقة أن هناك مجموعة من المكتسبات التي تحققت خلال الولايات السابقة، وإن كانت معظمها صغيرة، إلا أنه على الأقل كانت هناك مكتسبات، عكس اليوم الذي نلمس فيه غيابا تاما لأي رؤية في بداية الولاية الحالية وغياب للخطوات والمبادرات وحتى للنوايا بالخطوات الذي يراد أخذها حيال هذه القضية، بدليل أننا في فريق حزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب تقدمنا بتعديلات ونقاط نظام ومجموعة من الملاحظات داخل المجلس وننبه فيها أن هناك مكون وشعب أمازيغي نسبة كبيرة فيه تتابع أشغال البرلمان مباشرة ولا يفهون ما يجري بحكم اللغة، كيف يمكن أن يشعر هؤلاء الناس بحس المواطنة وهم يتعرضون للإقصاء من فهم ما يجري في سياسة البلاد، خصوصا وأنهم جزء كبير مهم من الكتلة الناخبة بدليل نسب التصويت في الريف وبسوس وغيرها، ولا يمكن لهؤلاء المواطنات والمواطنين أن يدلوا بأصواتهم لاختيار من يمثلهم بمجلس النواب، ليجدوا أنفسهم غير قادرين على متابعة هذه التدخلات وما يجري بالمجلس، وهذا أمر غير مقبول، نريد وطن يجمعنا جميعا ويد واحد يولد العنصرية ورود فعل راديكالية نحن في غنى عنها.
أعتقد أنه آن الأوان أن تكون للحكومة إرادة وجرأة حقيقية لتخرج هذا المشروع المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في الحياة العامة وترسيم رأس السنة كعيد وطني وعطلة رسمية مؤدي عنها كجميع الأعياد التي نحتفي بها كمغاربة، ونحن في فريق حزب التقدم والاشتراكية سنواصل هذا المطلب باعتبارنا من الأحزاب والفرق الأولى، منذ عهد سي علي يعتة، التي آمنت بالقضية الأمازيغية ومطالب المكون الأمازيغي، فضلا عن كون التقدم والاشتراكية من الأحزاب الوطنية السباقة إلى المطالبة بإقرار هذا اليوم كيوم عطلة رسمي مؤدى عنه.
حاورها: محمد توفيق أمزيان
**********
بازغ لحسن*: على الإعلام التعريف بيوم 13 يناير كرأس للسنة الأمازيغية وتسليط الضوء على الطقوس والاحتفالات المرتبطة بها
اعتبر الأستاذ بازغ لحسن، الناشط الأمازيغي والمتخصص في تدريس اللغة الأمازيغية، أن الاحتفال برأس السنة الامازيغية، هو إعلان عن الهوية وعن الارتباط بالأرض وبالجذور، لأن هذا الاحتفال أصبح يعني الكثير بالنسبة للمغاربة وحتى للدول المجاورة، وهذا معناه أن هناك قواسم مشتركة بين بلدان شمال إفريقيا تتجلى في الرموز الثقافية والحضارية عريقة، وتمتلك جذورا ضاربة في أعماق التاريخ.
وأضاف الأستاذ بازغ، في اتصال هاتفي أجرته معه بيان اليوم، أن الاعتراف الرسمي بالسنة الأمازيغية في العمق اعتراف بالبعد الأمازيغي لتامازغا كبعد أصلي وأصيل وتأكيد على أن الأمازيغية تمتد جذورها في أعماق تاريخ شمال إفريقيا بحيث يمتد تاريخها بحسب التقويم الأمازيغي إلى 2972 سنة ولا يرتبط فقط باثنى عشر قرنا أو أربعة عشر قرنا أو غيرها من التقويمات المغلوطة والمفبركة، كما هو سائد في الخطابات الرسمية والمقررات الدراسية لدول المنطقة.
وعبر عن أمله في أن يساهم الإعلام بشكل كبير في التعريف بهذه المناسبة والطقوس والاحتفالات المرتبطة بها في اتجاه تكريس قيم التعدد الثقافي من جهة، وتوجيهه نحو تصالح تاريخي مع المكون الأصلي والأصيل.
وأوضح أيضا، أن 13 يناير ينبغي أن يكون يوما وطنيا يربط الإنسان الأمازيغي بخيرات أرضه وعمقه الثقافي الحضاري وتصالحه مع ماضيه، وذلك لكون الأمازيغية في الهوية والثقافة المغاربية، ولن يكون ذلك إلا بإعداد برامج ثقافية علمية من طرف الأنتروبولوجيين وعلماء الاجتماع تتحدث بشكل علمي عن هذه المناسبة وتحلل أبعاد الطقوس المرتبطة بها وإمكانية استثمارها في التنمية المستديمة لمناطق وجهات المنطقة من خلال الحفاظ على المؤهلات والطقوس الثقافية لتامازغا العميقة.
وختم تصريحه بالقول، إن 13 يناير يوم احتفالي عند الأمازيغ وهو رسالة لمن يهمهم الأمر، والفرحة الكبرى والمهم في هذا الاحتفال الذي بدأ يعطي ثماره في أذهان الناس وفي وعيهم وهذا أمر مهم وأساسي، هو أنه يساهم في خلق تحول بالمغرب من الأحادية والإقصاء إلى تأكيد التنوع وتدبيره بعقلانية وهذا هو الاتجاه الصحيح نحو الديمقراطية.
*ناشط أمازيغي وأستاذ متخصص في تدريس اللغة الامازيغية
**********
عبدالله حتوس*: “إيض يناير” موضوع نقاش مجتمعي يتجدد كل سنة من خلال ترافع الفعاليات الأمازيغية لجعله يوم عطلة
قال الأستاذ عبدالله حتوس رئيس تكتل “تمغربيت” للالتقائيات المواطنة، إن احتفال المغاربة يوم 13 يناير المقبل، برأس السنة الأمازيغية 2972، أو ما يسمى عند أمازيغ المغرب بـ”إيض يناير”، مازال موضوع نقاش مجتمعي، يتجدد كل سنة، من خلال ترافع الفعاليات الامازيغية، التي تدعو كل سنة، عبر مراسلات موجهة للحكومة، إلى جعل هذا اليوم عطلة رسمية مدفوعة الأجر، خاصة وأن المغرب قطع أشواطا مهمة في ملف ترسيم اللغة الأمازيغية منذ سنة2011 .
وأضاف الأستاذ حتوس، في اتصال هاتفي أجرته معه بيان اليوم، أن عودة مطلب ترسيم رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا إلى واجهة الأحداث، يمكن تناوله من زاويتي نظر، زاوية النظر الأولى تحيل إلى السياق العام الوطني الحالي، الذي يجب التذكير به، كي نضع الأمور في نصابها، أما زاوية النظر الثانية فلها ارتباط بالنقاش الدائر حول الموضوع، والذي يستوجب إبداء بعض الملاحظات.
وأوضح في هذا الصدد، أن السياق العام يتمثل في حدثين مهمين، سيكون لهما الأثر الكبير ليس فقط على مطلب ترسيم رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا، بل على ملف التنزيل المنصف، لمقتضيات القانون التنظيمي رقم 16 – 26، المتعلق بمراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها في مجال التعليم ومجالات الحياة العامة ذات الأولوية.
الحدث الأول في نظره، يتعلق باختيار جلالة الملك محمد السادس، لذكرى ثورة الملك والشعب، في السنة التي ودعناها، للتأكيد على عراقة تاريخ الدولة المغربية، وعلى التاريخ الأمازيغي الطويل للمغرب، والذي يأتي في سياق ثورة ملكية حددت معالمها في خطاب العرش سنة 2001، وفي خطاب أجدير يوم 17 أكتوبر من نفس السنة، تلك الثورة التي بدونها ما كان لمسلسل إنصاف الأمازيغية أن يجد طريقه للخروج إلى الوجود، وما كان ممكنا للاستثنائية الوطنية المغربية “تَمْغْرَبيتْ” أن تجدد دماءها، لتكون في مستوى التحديات الإقليمية والقارية والعالمية.
أما الحدث الثاني، يضيف المتحدث، فيرتبط بالتزامات الحكومة الجديدة بشأن الأمازيغية، والذي يعتبره تجديدا في تدبير الملف الأمازيغي، وقفزة نوعية في مسار السياسة الوطنية الجديدة حيال الأمازيغية، منذ الإعلان عنها سنة 2001. التزام قوامه؛ أولا، ربط الالتزامات بالإعتمادات المرصودة لها، ثانيا، قيادة فعالة، لها إمكانيات تتبع التنفيذ وطنيا وجهويا، ثالثا وأخيرا، حكامة في مستوى التحدي.
واعتبر الأستاذ حتوس، أن المسؤولية في تأخير ترسيم رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا، وتسمية هذا اليوم عطلة رسمية، يتحملها الحزب، الذي كان على رأس الحكومة مند سنة 2011 إلى سنة 2021، مشيرا إلى ضياع 10 سنوات من زمن التنزيل المنصف للأمازيغية بسبب المواقف الإيديولوجية للإخوان من الأمازيغية.
وأوضح المتحدث، أن حزب العدالة والتنمية، لم يعرقل فقط ترسيم الأمازيغية، بل عمدت الكثير من قياداته إلى التشكيك في جدوى الاحتفال بالسنة الأمازيغية؛ حيث وقف التيار القوي داخل حزب المصباح، ضد تيفيناغ في البرلمان، وعطل القانون التنظيمي رقم 16 – 26 لمدة ثماني سنوات، أما المجموعة التي تساند المطالب الأمازيغية داخل حزب العدالة والتنمية، فقد التزمت بشعار الحزب المتمثل في أن الرأي حر، والقرار ملزم في إطار الانضباط المؤسساتي.
*رئيس تكتل “تمغربيت” للالتقائيات المواطنة
**********
الحسين أيت باحسين* :الاحتفال برأس السنة الأمازيغية احتفال وطني وشعبي يشترك فيه الناطقون وغير الناطقين بالأمازيغية
قال الحسين أيت باحسين، الباحث في الثقافة الأمازيغية، إن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية قد أصبح، منذ عقود، احتفالا وطنيا وشعبيا يشترك فيه الناطقون وغير الناطقين بالأمازيغية؛ على غرار مختلف مناطق شمال إفريقيا حيث تتواجد الثقافة الأمازيغية، وفي عدة بلدان العالم حيث تتواجد الدياسبورا الأمازيغية؛ خاصة بعد ترسيم الأمازيغية لغة وثقافة وهوية في دستور 2011 وبعد المصادقة على القوانين التنظيمية ذات الصلة ونشرها في الجريدة الرسمية.
وأضاف الباحث الأمازيغي، أن الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة، المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس، صرح خلال ندوة صحفية ليوم الخميس 30 دجنبر 2021 عقب انعقاد المجلس الحكومي، جوابا على سؤال حول موضوع إقرار ترسيم الاحتفال بالسنة الأمازيغية، قائلا: “سنحتفل جميعا بهذا اليوم”، ويقصد “الاحتفال برأس السنة الأمازيغية”؛ وما زلنا ننتظر هذا الاحتفال.
وأكد المتحدث أيضا، أن جوهر مطلب الهيئات والمنظمات والجمعيات هو مأسسة هذا الاحتفال والانتقال به من طابعه الوطني الشعبي إلى الطابع الرسمي، وذلك بتعديل المرسوم المحدد للائحة أيام الأعياد المسموح فيها بالعطلة في الإدارات والمؤسسات العمومية والمصالح ذات الامتياز استجابة للمقتضيات الدستورية التي يستلزمها دستور المملكة المغربية الجاري به العمل من أجل تكريس دولة المؤسسات؛ علما أن الأعياد الوطنية والدينية والدولية تعتبر عطلا رسمية في مختلف أنحاء المغرب، حيث تتوقف فيها الإدارات والمؤسسات المغربية عن العمل، وقد حددت وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة “قطاع إصلاح الإدارة” لائحة الأعياد الوطنية والدينية والدولية بالمغرب بالنسبة للسنة الجارية 2022، ولم يدمج فيها الاحتفال برأس السنة الأمازيغية الحالية “2972”.
وأوضح في نفس السياق، أن ترسيم الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، كاحتفال بيئي بامتياز؛ إضافة إلى أعيادنا الدينية والوطنية والدولية؛ وعلى غرار الشعوب المتقدمة والمتحضرة؛ سيتيح لنا الالتحاق بنادي الثقافات والشعوب والبلدان التي تجمع بين أعيادها الدينية والوطنية والدولية والبيئية؛ كما ستجعل المواطنة والمواطن المغربي(ة) أكثر تشبتا بأرضه(ها) وأكثر وعيا بأوراش المغرب البيئية المستقبلية الاستراتيجية؛
وختم تصريحه بالقول، إن إقرار ترسيم هذا الاحتفال سيساهم وييسر العمل من أجل إدراج الاحتفال برأس السنة الأمازيغية؛ وما يشمله من عادات وتقاليد وطقوس وقيم نبيلة؛ كتراث وموروث ثقافي عالمي لامادي لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، وأن كل المغاربة تقريبا، سواء من الناطقين بالأمازيغية أو غير الناطقين بها، يحتفلون برأس السنة الأمازيغية ليلة 13 يناير، مع تنوع في عادات وتقاليد وطقوس الاحتفال، ويتم إعداد أطباق بالمناسبة مما تجود به الطبيعة ومما يتوفر لدى ساكنة كل منطقة من تلك المناطق.
*باحث في الثقافة الأمازيغية
إنجاز: حسن عربي
تصوير: رضوان موسى