قال عبد المالك بوغابة، رئيس المنتدى المتوسطي للسياحة بجهة طنجة تطوان الحسيمة، إن القطاع السياحي منذ يونيو الماضي بدأ يتعافى شيئا فشيئا، واستقبلت المملكة خلال شهرين حوالي مليوني سائح، لكن إغلاق الحدود أعاد الأوضاع إلى نقطة الصفر.
وأضاف الكاتب والمهتم بالشأن السياحي، في حوار مع جريدة بيان اليوم، أن القطاع السياحي، الذي يعد قطاعا حيويا للاقتصاد المغربي ويوفر مناصب شغل كثيرة، تأثر نشاطه بشدة جراء الأزمة الصحية ولا يزال إلى حدود الساعة بسبب الإجراءات المتخذة لمواجهة متحور أوميكرون.
واعتبر المتحدث نفسه، أنه من الصعب جدا إنقاذ أو إخراج السياحة المغربية من الأزمة في الوقت الراهن، مشيرا إلى أن هناك أرقام مخيفة ومساع لإنقاذ القطاع من الإفلاس، فعلى المغرب أن يلجأ إلى “حل عالمي” لإنقاذ السياحة.
وأكد بوغابة أن أن السياحة الداخلية ستكون بمثابة المنعش الوحيد للقطاع خاصة في ظل التوقف العالمي للسياحة الدولية، وهذا هو الخيار المتاح أمام جميع الدول.
وهذا نص الحوار:
< بعد قرابة سنتين من انتشار جائحة كورونا وما واكبها من إجراءات الإغلاق، كيف كان تأثير انتشار هذا الوباء على السياحة المغربية ؟! وبكم تقدرون حجم الخسائر ؟!
>لابد من الإشارة في البداية إلى المتغيرات التي مر بها العالم، منذ ظهور فيروس كورونا “كوفيد 19” وانتشاره بين جميع الدول، والذي ستكون تداعياته الاقتصادية والاجتماعية كبيرة ومؤثرة على المستويين العالمي والوطني، حيث ما فرضه تفشي الوباء من اتخاذ حزمة من الإجراءات والتدابير الاحترازية تمثلت في “العزل والحجر الصحي، التباعد الاجتماعي، المنع من السفر، الإغلاق التام لجميع مؤسسات الدولة: “المدارس والجامعات والشركات والمصانع وأماكن الترفيه وشركات السياحة” انعكس سلبا على اقتصادات جميع دول العالم، وأدخل النظام العالمي في حالة من الركود، نتج عنها تأثير على المنظومة الاقتصادية والاجتماعية، طالت المغرب، كما طالت جميع دول العالم.
من المؤكد أن أي أزمة يمر بها العالم مجتمعا تترك آثارها على الجميع رغم تفاوت هذه الآثار بين دولة وأخرى، تبعا لأوضاعها الاقتصادية والسياسية.
وفي هذا السياق فالمغرب بدوره كان متضررا بهذه الجائحة، وتكبد هذا القطاع ما يزيد عن مليار دولار من الخسائر مع تراجع دخل القطاع بأكثر من 33 في المئة خلال النصف الأول من العام 2020 بسبب الإجراءات التي فرضها تفشي فيروس كورونا ووباء كوفيد-19 الناجم عنه.
إن أضرار الوجهات والمرافق السياحية في المغرب أمر لا غبار عليه، لكن المراقبين يتوقعون أن يكون الأثر أشد على هذا القطاع، وعلى مئات الآلاف من العاملين فيه، إذا استمرت جائحة أوميكرون المستجد في إسقاط مزيد من الضحايا.
< على مستوى جهة طنجة تطوان، كيف كان هذا التأثير وحجم الخسائر ؟
>على مستوى جهة طنجة تطوان الحسيمة، كان التأثير وحجم الخسائر على غرار غيرها من جهات المملكة، لم تسلم جهة طنجة- تطوان- َالحسيمة من التداعيات التي خلفتها الأزمة الاقتصادية الناجمة عن جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد -19).
وفي الواقع، أضر التراجع الكبير لحركة النقل الجوي بالنظر للإجراءات المتخذة في إطار حالة الطوارئ الصحية، بشدة بالنشاط السياحي على مستوى الجهة، وما نتج عن ذلك من خسائر مالية ضخمة وكبيرة…
< خلال هذه الفترة تم اتخاذ عدد من الإجراءات لدعم الشركات والمقاولات وحمايتها من السقوط في براتين الإفلاس والتخلي عن الأجراء، إلى أي حد كانت هذه الإجراءات المتخذة على مستوى القطاع السياحي كافية ؟ وهل حققت الأهداف المتوخاة منها ؟
> منذ يونيو الماضي بدأ التعافي شيئا فشيئا، واستقبلت المملكة خلال شهرين حوالي مليوني سائح، لكن أعاد إغلاق الحدود الأوضاع إلى نقطة الصفر، حيث أن القطاع السياحي، الذي يعد قطاعا حيويا للاقتصاد المغربي ويوفر مناصب شغل كثيرة، تأثر نشاطه بشدة جراء الأزمة الصحية ولا يزال إلى حدود الساعة بسبب الإجراءات المتخذة لمواجهة متحور أوميكرون.
وفي هذا الإطار جائت المبادرة الحكومية القاضي بإطلاق مخططا استعجاليا لدعم القطاع السياحي بقيمة 2 مليار درهم. من خلال سلسلة من الإجراءات هدفها: ضمان استدامة المقاولات، والحفاظ على مناصب الشغل، ثم الاسترجاع التدريجي لعافية القطاع، من خلال خمسة تدابير.
فهذه المبادرة جاءت بعد سلسلة من الوقفات الاحتجاجية من مهنيي القطاع في مجموعة من المدن المغربية، إلا أن هذا الدعم لا يشمل جميع القطاعات السياحية من قبيل وكالات الأسفار السياحية وغيرها من القطاعات ذات الارتباط بالقطاع السياحي على سبيل المثال قطاع الصناعة التقليدية… وكذا أعداد من العمال المتضررين، لا يستفيدون من هذا الدعم.
< في رأيكم، ما هي سبل إنقاذ السياحة المغربية وإخراجها من الأزمة ؟
> من الصعب جدا إنقاذ أو إخراج السياحة المغربية من الأزمة في الوقت الراهن، هناك أرقام مخيفة ومساع لإنقاذ القطاع من الإفلاس، فعلى المغرب أن يلجأ إلى “حل عالمي” لإنقاذ السياحة.
تعول الحكومة المغربية على السياحة الداخلية بشكل كبير لإنقاذ القطاع الذي يعيش وسط أزمة خانقة بسبب تداعيات هذه الجائحة.
وفي هذا الصدد، أرى أن السياحة الداخلية ستكون بمثابة المنعش الوحيد للقطاع خاصة في ظل التوقف العالمي للسياحة الدولية، وهذا هو الخيار المتاح أمام جميع الدول.
إن السياحة الداخلية لن تعوض الخسائر التي مني بها القطاع خلال هذه الفترة، كما أنها لن تعوض السياحة الدولية، باعتبار أن نسبة السياح الداخليين في المغرب لا تتجاوز ثلث ليالي المبيت في الفنادق المصنفة.
إلا أنه، في المقابل، يمكن للسياحة الداخلية إنعاش الاقتصاد جزئيا وعلى المدى القريب، خاصة في ظل إغلاق مجموعة من الوجهات الدولية المفضلة للمغاربة حدودها بسبب هذا التفشي.
إن قرار فتح الحدود الجوية يوم 7 فبراير 2022، ليس هو الحل لإنعاش القطاع السياحي المغربي بعد إغلاق للحدود الجوية دام شهرين، قد كان من الممكن أن يكون هذا الإجراء في صالح السياحة الداخلية في المغرب لكن لم يتم هذا مع الأسف الشديد رغم خطة الحكومية الرامية لمواكبة إعادة الانطلاقة للنشاط السياحي في المملكة بالموازاة مع الرفع التدريجي لإجراءات الحجر الصحي في البلاد.
بالإضافة إلى أن الوزارة المعنية التي قد شرعت في حملتها التواصلية والترويجية للسياحة الداخلية، بإطلاق حملة إشهارية اختارت لها شعار “على ما نتلاقاو”، ومعناها “إلى حين لقاء آخر”. وذلك كمرحلة أولى من المخطط الترويجي. من خلال هذه الحملة كانت تريد الوزارة تسليط الضوء على المنتج السياحي الداخلي في المغرب، بالإضافة إلى المهن السياحية المرتبطة به، كمرحلة أولى، لكن فشلت التجربة لأسباب متعددة…
< أضحى العديد من المغاربة يفضلون قضاء عطلهم خارج أرض الوطن، رغم المؤهلات السياحية الكبيرة التي تميز بلادنا، في رأيكم ماهي أسباب تفضيل مغاربة للقيام بالسياحة خارج أرض الوطن ؟
> بكل صراحة وبكل موضوعية، هناك عدة أسباب تجعل العديد من المغاربة يفضلون وجهات سياحية أخرى خارج الوطن، ومن بينها الأسباب التالية: ارتفاع في أسعار المبيت خاصة الفنادق والمنتجعات السياحية المصنفة وغير المصنفة على طول السنة وحتى في أزمة كورونا، وضعف مستوى الجودة والخدمات.
إضافة إلى غياب رؤية واضحة تروم تجويد العرض الداخلي وجعله متاح في وجه المغاربة ويراعي قدرتهم الشرائية، وفي هذا الصدد أشير إلى إسبانيا كنموذج استقبلت وحدها حوالي مليون سائح مغربي في العام الماضي، ناهيك عن باقي الدول كتركيا…
< كيف يمكن تشجيع السياحة الداخلية، ودفع المواطنين للقيام بالسياحة داخل أرض الوطن ؟
> من أجل إنجاح السياحة الداخلية بعد طول مدة الحجر الصحي التي ناهزت تقريبا ثلاثة أشهر، والتي زادت من رغبة المغاربة في السفر، سواء بغرض صلة الرحم، أو من أجل الاستجمام والترفيه. حيث سيختارون وجهات سياحية داخلية. وهذه فرصة حقيقية يجب استثمارها من خلال تقديم عروض مغرية، سواء على مستوى الجودة والتنوع، أو على مستوى الأسعار.
الشيء الذي قد يعمل على الرفع من نسبة السياح الداخليين في هذه المرحلة من خلال: توفير النقل السياحي والجوي الداخلي من وإلى عبر الخطوط الملكية المغربية، كما هو الحال في دول العالم، وبإتاحة الفرصة أمام الناس لشراء تذاكر للوجهات السياحية أو قسائم تسوق للمطاعم والوجهات الترفيهية بأسعار مخفضة ومشجعة مع التسويق وتشجيع المنتوج السياحي الداخلي وأيضا السياحة القروية في إطار العدالة الترابية بين الجهات.
كما يجب على الوزارة بشراكة مع مختلف الفاعلين والمتدخلين في القطاع،وضع عروض مشجعة، مع بحث سبل طرح أسعار تفضيلية تتناسب ودخل مختلف الشرائح الاجتماعية، نظرا لميزانيات الأسر المغربية، خاصة المنتمية للطبقة المتوسطة التي تأثرت كثيرا بسبب الجائحة.
وتبعا لذلك، إن هذه الحركة من شأنها إنعاش حركة السياحة الداخلية ما يعني بشكل مباشر تعويض ولو جزء من الخسائر الكبيرة التي مني بها القطاع ولو بشكل جزئي، من أجل الحفاظ على المؤسسات الفندقية والأنشطة المرتبطة بها.
حاوره: عبد الصمد ادنيدن