لكل مجتهد نصيب.. عنوان استحقاق كبير لنجم صبور، مثابر ومجتهد، لا يكل ولا يمل، لم يشتك ولم يحتج، ولم يحدث ضجيجا، بل فضل انتظار دوره دون، أدنى كلل أو ملل…
سنوات من الانتظار والصبر، لينال أخيرا جائزة غالية، اعترف الجميع أنه يستحقها إلى أبعد الحدود، دون منافس أو خصم، ودون اعتراض من الخصوم قبل الأصدقاء…
قصة كريم بنزيمة مع الكرة الذهبية، حكاية تستحق أن تروى للأجيال القادمة، كمثال يحتذى ونموذج ناجح، بل يعتبر درسا بليغا، فالوصول إلى القمة ليس بالأمر السهل، لكن أيضا ليس بالمستحيل، شريطة التحلي بالصبر والمثابرة ونكران الذات، والاحترافية في العمل، والروح الرياضية العالية…
طيلة سنوات طويلة، لم يتضايق كريم من البقاء في ظل نجوم كبار، مروا بالقلعة البيضاء، وفي المقدمة الكبير كريستيانو رونالدو، بل بالعكس قبل التضحية في سبيل استمرار تألق البرتغالي، المهم بالنسبة له هو المجموعة وليس الشخص، قام بأدوار تكتيكية لا تخدم صورته، لأن الأهم في الأخير، انتصار الفريق ككل.
وعندما احتاج النادي لدوره الريادي، وجد نفسه جاهزا لتقديم الأفضل، وتعويض الفراغ الذي تركه المغادرون، تحول في زمن قياسي إلى النجم الأول، والهداف الذي لا غنى عنه على أكثر من صعيد…
وحتى عندما غاب عن مونديال روسيا، وحرم من الانضمام لأبطال العالم لأسباب لا علاقة بالمجال الرياضي، لم يتذمر من الإقصاء الذي طاله من طرف المدرب ديديه ديشان، لم يغب عن الأنظار، ولم يدخل مرحلة اكتئاب قاتل، بالعكس ظل واثق الخطى، متفائلا بغد أفضل، ومؤمنا بحكمة تقول لكل مجتهد نصيب، حتى ولو جاء الاعتراف متأخرا.
وفي سياق جوائز هذه السنة، هناك جائزة استثنائية لا تقل وزنا وقيمة عن الكرة الذهبية، نالها النجم السنغالي ساديو ماني، جائزة “سقراط” الخاصة بالأعمال الخيرية والمجتمعية، استحقاق من ذهب بكل بمعاني الإنسانية والنبل والتضامن، وتكريس للدور الذي تلعبه الرياضية في خدمة القضايا الإنسانية…
هي رسالة قيمة لابد وأن تؤخذ أيضا كمثال، لأن الرياضة بدون تفكير في خدمة المجتمع، وبدون الشعور بآلام المحتاجين والفقراء، وتقاسم عائدات النجاح، لا تستحق أن تمارس من الأصل.
تتويج بنزيمة وماني يحمل الكثير من الدلالات والدروس البليغة والقيم النبيلة، فالرياضي قبل كل شيء، إنسان لابد من يكون مثالا يحتذى للأجيال الحالية والقادمة…
>محمد الروحلي