في افتتاح السنة القضائية الجديدة.. الداكي والنباوي يدعوان إلى رفع الأداء لإذكاء منسوب الثقة لدى المواطن

أبرز الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، محمد عبد النباوي، أول أمس الاثنين بالرباط، أن عدد القضايا الرائجة بمحاكم الموضوع سجلت زيادرة قدرها 10,48 بالمائة خلال سنة 2022، مقارنة مع السنة الفارطة.
وقال عبد النباوي، في كلمة بمناسبة افتتاح السنة القضائية الجديدة 2023، إن مجموع القضايا التي راجت أمام محاكم الموضوع خلال سنة 2022 قد ناهز 5.094.712 قضية، وهو ما يفيد أن نسبة الارتفاع عن السنة الأسبق قد بلغت 483.476 قضية، أي بنسبة 10,48 بالمائة.
وتابع أن قضاة المملكة واصلوا خلال السنة المنصرمة وفاءهم بالتزاماتهم الدستورية، وبذلوا جهودا جبارة للبت في قضايا المواطنين وغيرهم من المتقاضين، بمزيد من الحرص، حيث تمكن قضاة محاكم الموضوع من البت في 4.356.970 قضية، أي بزيادة تقدر بـ 498.924 حكما عن الأحكام الصادرة سنة 2021، وهو ما يمثل نسبة ارتفاع في الأحكام قدرها 13 بالمائة، لافتا إلى أن نس بة الأحكام الصادرة من مجموع القضايا المسجلة بلغت خلال السنة 99,54 بالمائة.
وسجل أنه إذا كانت المحاكم قد بتت في هذا العدد الهام من القضايا خلال السنة، فإن ازدياد المسجل بها من 3.857.389 قضية سنة 2021 إلى 4.377.033 بنسبة 13,47 بالمائة في سنة 2022، قد أدى إلى ارتفاع المخلف بحوالي 20.063 قضية عن سنة 2021، أي بزيادة بلغت نسبتها 2,8 بالمائة.
وأضاف أنه إذا كان مطلب الزيادة في عدد القضاة مطلب آني وأكيد، ولاسيما حصة كل قاض من القضاة المكلفين بإصدار الأحكام والتي ناهزت 1700 قضية لكل قاض، أي بمعدل حوالي 7 أحكام في كل يوم عمل (250 يوم)، فإن ظروفا أخرى تجعل هذا المطلب أكثر إلحاحا ، وفي مقدمتها اعتزام افتتاح 14 محكمة جديدة، بعضها أصبح جاهزا، بالإضافة إلى الحاجة إلى تفعيل حوالي 23 مركزا للقاضي المقيم، من بينها 15 مركزا قضائيا ت تم إحداثها مؤخرا، فضلا عن ضرورة تعويض القضاة الذين يحذفون من الأسلاك بسبب انتهاء مدة خدمتهم أو لأسباب أخرى (أكثر من 100 قاض كل سنة)، وتدارك الخصاص الذي تعاني منه المحاكم حاليا، ومواكبة ارتفاع عدد القضايا الرائجة بالمحاكم، الذي يوازي زيادة حوالي 10 بالمائة كل سنة.
وفي سياق متصل، أبرز أن اكتظاظ المحاكم بالقضايا لا يقتصر على محاكم الموضوع، ذلك أن محكمة النقض تعاني كذلك، منه بشدة، وأن وضعيتها أصبحت خانقة، ولا تساير المصالح التي يستهدفها قضاء النقض، المتمثلة في توحيد الاجتهاد وتأطير العمل القضائي بالمحاكم بما يحقق الأمن القضائي.
وهكذا، فقد سجلت محكمة النقض خلال سنة 2022 ، بحسب المسؤول القضائي، 52.676 قضية جديدة، بزيادة ناهزت 7,68 بالمائة عن سنة 2021 (48.919 قضية)، أي بزيادة 3.757 قضية، لافتا إلى أنه بإضافة القضايا المخلفة عن السنوات السابقة والتي بلغ عددها 45.644 قضية، فإن عدد القضايا الرائجة بمحكمة النقض خلال السنة المنصرمة ناهز 98.320 قضية، أي بارتفاع نسبته 8,25 بالمائة عن سنة 2021 (7497 ملفا )، وهو ما يرفع نصيب كل قاض من قضاة المحكمة لأكثر من 550 ملف، أي أكثر من ضعف العدد الأقصى للأحكام التي استطاع قضاة النقض الحكم فيها، والذي ناهز معدل 230 قرارا لكل مستشار.
واعتبر أنه رغم الجهود العظيمة التي بذلها قضاة النقض، والتي أدت إلى إصدار ما مجموعه 48.423 قرارا ، بزيادة 6,88 بالمائة عن سنة 2021 ، وهو ما يمثل حوالي 92 بالمائة من المسجل، غير أنه لا يمثل سوى أقل من 50 بالمائة من مجموع القضايا الرائجة بالمحكمة، مضيفا أن جهود قضاة محكمة النقض قد بلغت مداها خلال هذه السنة، حيث كان معدل الإنتاج السنوي لكل مستشار في حدود 230 قرارا ، أي بمعدل 5 قرارات أسبوعيا لكل مستشار. وبعد أن استعرض، بهذه المناسبة، قرارات مرجعية، تعتبر من قبيل الاجتهاد القضائي، والتي أصدرتها المحكمة خلال السنة، أبرز عبد النباوي أن السنة الماضية تميزت بإعلان المجلس الأعلى للسلطة القضائية عن استراتيجيته المرحلية، التي استهدفت سبعة توجهات رئيسية، تهم
تعزيز القدرات المؤسسية للمجلس لتمكينه من تنفيذ استراتيجيته والنهوض بمهامه الدستورية، وتعزيز استقلال السلطة القضائية، ومساهمة المجلس في الارتقاء بفعالية منظومة العدالة، وتقوية التواصل، وتخليق القضاء وتعزيز منسوب الثقة فيه، وتحسين التعاون والشراكات.
ومن جهته، أكد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، على أن العزم قائم على مواصلة دعم وتكريس استقلال السلطة القضائية بتعاون وتكامل مع الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وبإشراك فعلي للمسؤولين القضائيين بمحاكم المملكة، وكل من قد يكون له دور في ذلك من منتسبي العدالة.
وقال الداكي، في كلمة خلال الجلسة الرسمية لافتتاح السنة القضائية الجديدة 2023، أنه على مستوى تدبير عمل النيابات العامة، سيتم مواصلة اتخاذ المزيد من الإجراءات من أجل مواكبة وتقييم تنزيل المسؤولين القضائيين بالنيابات العامة لبرامج عملهم السنوية وفق مقاربة قائمة على اعتماد مؤشرات قابلة للقياس لتحقيق نجاعة الأداء، والرفع من النجاعة القضائية في تدبير الأبحاث القضائية عبر تكريس احترام الآجال الافتراضية لتدبير الشكايات والمحاضر، والعمل على تصفية المتخلف الذي تتجاوز مدة إنجازه الآجال المفترضة، ودعم قدرات قضاة النيابات العامة في مجال تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة، سواء على مستوى تدبير الأبحاث القضائية أو على مستوى ممارسة الدعوى العمومية ومواكبة سيرها وإجراءاتها.
وتابع أنه سيتم أيضا مواصلة العمل في مجال تخليق الحياة العامة، وتجويد أداء قضاة النيابة العامة خاصة على مستوى دراسة المحاضر وضبط التكييف القانوني للمتابعات، وكذا تحرير الملتمسات والمستنتجات وعرائض الطعن، ومواكبة عمل الشرطة القضائية وتطوير وتعزيز آليات التفاعل معها بخصوص الأبحاث القضائية وإيجاد الحلول المناسبة لكل ما يعترضها من صعوبات في أداء مهامها، ومد جسور التواصل والتنسيق مع المسؤولين القضائيين والنقباء ومنتسبي المهن القانونية من أجل تجاوز الصعوبات التي تعترض السير العادي للعدالة وإيجاد الحلول الآنية لها، وتعزيز الشراكات والتعاون لضمان الحماية القانونية والقضائية للفئات الهشة؛ ومواصلة وتقوية سياسة الانفتاح التي تنهجها النيابة العامة مع الرأي العام وفعاليات المجتمع المدني، وتعزيز الولوج إلى العدالة.
وانخراطا في الجهود التي تبذلها المملكة لتكون في مستوى الرهانات والتحديات التي يتطلبها تنزيل النموذج التنموي الجديد، أكد السيد الداكي على أن تكون النيابات العامة دعامة أساسية لحماية النظام العام الاقتصادي وتحقيق الأمن القضائي للفاعلين الاقتصاديين والمساهمة في تحسين مناخ الأعمال، بما يتماشى مع التوجيهات الملكية السامية في هذا الخصوص بشأن خلق الوسائل الكفيلة بتشجيع الاستثمار وترسيخ أسس الإنعاش الاقتصادي ومواكبة الفاعلين في المجال.
كما شدد على عزم كافة مكونات النيابة العامة على أن لا تدخر جهدا من أجل تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة عبر التصدي لكل ما يشكل انتهاكا ماسا بأي حق من الحقوق بكل حزم وصرامة وتفعيل احترام الأجل المعقول في تدبير الإجراءات، مع ترشيد استعمال الآليات القانونية الماسة أو المقيدة للحرية.
وفي سياق متصل، أكد السيد الداكي على ” أننا نطمح إلى مضاعفة الجهود المبذولة من قبل مختلف الفاعلين في قطاع العدالة من أجل الرفع من أدائها وإذكاء منسوب الثقة لدى المواطن تحقيقا لشعار (القضاء في خدمة المواطن) وربط المسؤولية بالمحاسبة “، لافتا إلى أنه إذا كانت منظومة العدالة اليوم تعرف على غرار باقي مرافق الدولة عودة طبيعية للحياة بعد تراجع جائحة كوفيد 19، فإن هذا الأمر قد انعكس بشكل إيجابي على مؤشرات تقييم الأداء لعمل قضاة النيابة العامة لدى محكمة النقض ومحاكم الموضوع.
وفي هذا الإطار، يقول رئيس النيابة العامة، فقد سجلت محكمة النقض خلال سنة 2022 ما مجموعه 52676 قضية، مقابل 48919 قضية سنة 2021، أي بزيادة تقدر بـ 7.13 بالمائة، مضيفا أن عدد القضايا المحكومة خلال سنة 2022 بلغت ما مجموعه 48423 قضية، وهو رقم لم يسبق لمحكمة النقض أن سجلته من قبل، مما يعكس المجهود الاستثنائي الذي بذله قضاتها خلال سنة 2022.
وسجل أنه رغم تحقيق معدلات عالية من القضايا المحكومة، فقد بلغ عدد المحكوم منها في الشكل سواء بعدم قبول الطعن أو سقوط الحق فيه 12485 قرارا ، أي بنسبة 26 بالمائة، وهي تقارب النسبة المسجلة خلال سنة 2021 والتي بلغت 24 بالمائة من مجموع القضايا المعروضة على أنظار محكمة النقض، فيما صدر 23116 قرارا برفض طلب النقض وهو ما يشكل نسبة 47 بالمائة من مجموع القضايا التي تم الفصل في موضوعها مقابل 11254 قضية صدرت فيها قرارات بالنقض، وهذا ما يفسر أن نسبة جدية الطعون بالنقض لا تتجاوز 23 بالمائة.
واعتبر أن هذه الحصيلة تدعو إلى التفكير في إيجاد صيغ مبتكرة لتعزيز قدرات الجهات المكلفة بتحرير مقالات ومذكرات الطعن بما يتناسب وطبيعة عمل محكمة النقض ويمكن من دعم الجهود المبذولة لتحقيق النجاعة المطلوبة عبر تجاوز ما يشوب عرائض النقض من اخلالات متكررة يتم تسجيلها كل سنة.
كما تطرق الداكي للجهود المبذولة من قبل قضاة محاكم الموضوع، خلال السنة الماضية، الرامية إلى الرفع من منسوب النجاعة القضائية وتحسين مؤشرات الأداء، وهو ما تعكسه الأرقام المسجلة في هذا الصدد.
وجرى في ختام جلسة افتتاح السنة القضائية الجديدة، التي حضرها إلى جانب عبد النباوي، على الخصوص الأمين العام للحكومة، ورئيسا مجلسي البرلمان، بالإضافة إلى عدد من الشخصيات، تسليم أوسمة ملكية أنعم بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس على مجموعة من القضاة، من بينهم الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي.

Related posts

Top