اختتمت، يوم الجمعة بفاس، أشغال الندوة الدولية الثالثة حول الماء والمناخ التي نظمت تحت شعار “تدبير الأحواض: مفتاح التكيف وتحقيق أهداف التنمية المستدامة”، باعتماد “إعلان فاس”.
وتشكل هذه الوثيقة، المنبثقة عن أعمال وتوصيات هذا المؤتمر الدولي، التزاما مشتركا يجب رفعه إلى المجتمع الدولي خلال مؤتمر الأطراف 28 بدبي في نونبر 2023 والمنتدى العالمي للمياه بإندونيسيا في ماي 2024.
ودعا إعلان فاس، بالخصوص، إلى تعزيز وتقاسم الممارسات الفضلى في التدبير المندمج للموارد المائية، وبشكل خاص على مستوى الأحواض والجماعات الترابية، وتعزيز وتضمين الابتكار والتكنولوجيات الحديثة لصالح تحسين معرفة واستعمال الموارد المائية وضمان وضبط تعرفة تعبئتها.
كما أوصى بتسريع المجهودات من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة لضمان الأمن المائي، وتعزيز التواصل والتحسيس حول إشكالية الماء، وتحسين التنسيق بين القطاعات لتحقيق التقائية حقيقية للسياسات القطاعية.
وجدد إعلان فاس التأكيد على التمسك بخطة عمل دكار لأحواض المياه والبحيرات والموارد المائية الجوفية، والالتزام بالتعاون العابر للحدود فيما يتعلق بالمياه والاستعداد للتحضير الفعال لمحور الاحواض المائية للمساهمة في العملية السياسية للمنتدى المقبل العالمي للمياه.
في كلمة بالمناسبة، أشاد وزير التجهيز والماء نزار بركة بـ”الانخراط المتميز لجميع المشاركين خلال يومين من الأعمال المكثفة في مختلف الجلسات”، وكذا بجودة النقاشات التي ميزت أعمال اللجنة الوزارية حول التزامات إدارة موارد المياه على مستوى الأحواض، لتسريع التكيف مع تغير المناخ وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأكد بركة أن أشغال هذا اللقاء أظهرت على أنه في ظل السياق الحالي والمتسم بتأثير تغييرات المناخ، “هناك إجماع دولي حول ضرورة إعداد تخطيط استشرافي ديناميكي لتلبية جميع الحاجيات من الماء، ولكل استعمالاته حسب الأولويات”.
وأضاف أن التجارب المختلفة التي تمت مناقشتها تستحق التثمين والتعزيز، وتدعم منهجية الحوض كمساحة جغرافية لتطبيق التدبير المندمج للموارد المائية.
ولم يفت بركة التأكيد على ضرورة مضاعفة الجهود في ما يتعلق بالتحسيس في الاقتصاد في الماء واعتبارها أحد محاور التكيف مع التغيرات المناخية.
وكان نزار بركة، قد أكد في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للندوة، أن المملكة اتخذت بشكل استباقي إجراءات آنية لمواجهة الخصاص المائي، من خلال مشاريع مهيكلة في إطار تشاركي.
وأبرز بركة، أنه “بهدف التكيف مع تأثير تغير المناخ على الموارد المائية، اتخذت المملكة بشكل استباقي إجراءات آنية لمواجهة الخصاص المائي، من خلال برمجة وتفعيل مشاريع مهيكلة في إطار تشاركي بين كل القطاعات والمؤسسات المعنية بالماء وكذلك القطاع الخاص لما له من تجربة في إنجاز المشاريع الكبرى”.
وسجل الوزير أن المغرب يواجه على غرار أغلب دول العالم، لاسيما المتوسطية، إكراهات تتعلق بندرة الموارد المائية وعدم انتظام توزيعها في الزمان والمكان، مشيرا إلى أنه يتوقع أن يتفاقم هذا الوضع في المستقبل نتيجة ارتفاع درجة الحرارة وانخفاض كميات الموارد المائية.
وأبرز المسؤول الحكومي أن المملكة تعمل أيضا على تنفيذ اتفاقية باريس للمناخ والقيام بما يلزم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في مجال الماء، مشيرا إلى أن هذه الالتزامات تنعكس في الجهود الكبيرة التي بذلت ولاسيما دمج تغير المناخ في سياسات تنمية القطاعات الرئيسية للاقتصاد الوطني.
وذكر أنه تفعيلا للتوجيهات السامية لجلالة الملك محمد السادس، “نعمل على تحيين السياسة المائية للتكيف مع تغير المناخ بالعمل على تسريع وتيرة إنجاز المشاريع مع تطبيق التقائية برامج القطاعات المتدخلة في مجال الماء من خلال نهج نفس مسار تعبئة الموارد المائية الاعتيادية مع نقطة تحول حاسمة لتنزيل مشاريع تعبئة المياه غير الاعتيادية”.
وأشار إلى أن الحكومة تعمل أيضا على إنجاز برنامج مهم لمشاريع تحلية مياه البحر لكل المدن الساحلية لضمان الماء الصالح للشرب والماء الصناعي ولتخفيف الضغط على الموارد المائية الاعتيادية بالبلاد، مما سيمكن من تخصيص هذه المياه للمناطق الداخلية لضمان الماء الشروب للساكنة ولسد حاجيات مياه السقي للدوائر المجهزة الكبرى منها والمتوسطة والصغرى.
وبعدما أبرز الجهود الرامية إلى تعزيز إدماج مقاربة النوع في السياسة المائية، أشار الوزير إلى أن التدبير المندمج للموارد المائية في المغرب الذي تمت مأسسته بتفعيل القانون 95-10 للماء يعتبر أداة فعالة لإرساء برامج ومشاريع التكيف مع تغير المناخ على صعيد الأحواض المائية وعلى الصعيد الوطني.
وأشار، في هذا السياق، إلى إحداث عشر وكالات أحواض مائية على صعيد التراب الوطني وتعزيز مهامها في القانون 15-36 المتعلق بالماء الذي عزز الإطار المؤسساتي بإحداث لجن الأحواض المائية وأعطى دفعة قوية للمخططات المديرية للتهيئة المندمجة للموارد المائية بالأحواض.، التي أنجزت بطريقة تشاركية مع جميع المتدخلين في قطاع الماء بما فيهم جمعيات المجتمع المدني.
وأوضح أن الهدف يتمثل في دراسة كل ما يتعلق بالموارد المائية السطحية والجوفية وإعادة استعمال المياه العادمة المعالجة وتحلية مياه البحر مع كل سبل التدبير المندمج لهذه المياه والاقتصاد في الماء وكذا الجوانب المالية والتشريعية اللازمة للتنزيل الأفضل لهذه المخططات في أفق ال30 سنة القادمة.
وأشار بركة إلى أن قانون الماء حث أيضا على إعداد المخطط الوطني للماء حسب نفس المنهجية التشاركية لسنة 2050
وسجل الوزير أن هذا المؤتمر الدولي، الذي يتمحور حول الدور الفعال للماء في كل المجالات وأهمية تدبيره آنيا ومستقبلا، يندرج ضمن ترجمة التوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وتابع بركة أن هذا المؤتمر يعتبر بمثابة مؤتمر قبلي لمؤتمر الأطراف، وسيتعين رفع توصياته في ما يتعلق بحلول تكيف مجال المياه مع تغير المناخ، وذلك إلى أعلى مستوى لمؤتمر الأطراف القادم في نسخته الثامنة والعشرين، إضافة إلى كونه حدثا تحضيريا لمنتدى المياه العالمي القادم المقرر عقده في بالي بإندونيسيا في مايو 2024.
وشدد الوزير على أنه منذ استضافة مؤتمر كوب 22 بمراكش سنة 2016، الذي يعتبر مؤتمر الحلول المناخية والمائية بعد مؤتمر باريس، دعا المغرب المنتظم الدولي إلى وضع الماء في قلب المفاوضات المناخية، وكثف مشاركته في مؤتمرات الأطراف المناخية لتسليط الضوء على تحديات المياه وزيادة الوعي إلى الحاجة الملحة للتكيف مع تغير المناخ وتبعاته على الموارد المائية.
كما استعرض جهود المغرب في مواكبة تفعيل الصندوق الأزرق للجنة نهر الكونغو الذي تم إحداثه بمناسبة انعقاد القمة الافريقية خلال مؤتمر الأطراف 22، والذي يهدف إلى تحديد أسس الإدارة المستدامة لنهر الكونغو وروافده، إضافة إلى جهود المملكة في تفعيل لجنة المناخ لمنطقة الساحل، التي عقدت مؤتمرها الأول بنيامي سنة 2019 بمشاركة المغرب، مؤكدا دعم المغرب لأي مبادرة تهدف إلى التكيف والتزامه بالمساهمة فيها. كما اعتبر التدبير المندمج للمياه الطريقة المعتمدة بالنسبة للعديد من البلدان على المستوى العالمي
وبعدما أكد على “الدور المتزايد” لمنظمات الأحواض لتحقيق مبتغى الأهداف المتوخاة من هذا التدبير، دعا الوزير إلى تسريع إجراءات التكيف مع تغير المناخ من خلال وضع آليات وإجراءات وخريطة طريق واضحة المعالم للنهوض بمجال الماء للساكنة.
وانتهز الوزير هذه المناسبة لإعطاء الانطلاقة الرسمية للدورة الثامنة لجائزة الحسن الثاني العالمية الكبرى للماء، التي أحدثت في مارس 2000، بمبادرة مشتركة من المملكة المغربية والمجلس العالمي للماء، تكريما للمغفور له جلالة الملك الحسن الثاني على رؤيته المستنيرة واستراتيجيته الحكيمة في الإدارة المتكاملة والمستدامة لموارد المياه، والتي تعتبر من أهم وأرقى جائزة دولية في مجال الماء.
وشارك في الندوة الدولية الثالثة حول الماء والمناخ، التي نظمت تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، أزيد من 500 مشارك من مختلف أنحاء العالم.
وشكل هذا اللقاء الدولي الذي تناول موضوع “تدبير الأحواض: مفتاح التكيف وتحقيق أهداف التنمية المستدامة”، ويأتي في سياق مؤتمر الأمم المتحدة للمياه المنعقد بنيويورك في مارس 2023، ومؤتمر كوب 28 الذي سينعقد بالإمارات العربية المتحدة، مناسبة للتأكيد على أهمية التدبير المندمج الجيد للموارد المائية في سياق يتميز بوجود تحديات عديدة.
وتمثل الهدف في تسليط الضوء على أهمية التدبير المندمج للموارد المائية على مستوى الأحواض، من أجل تطوير سياسات للتكيف ومقاومة تأثيرات التغيرات المناخية، والإسهام في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
يذكر أن الندوة الدولية الثالثة حول الماء والمناخ نظمت بالتعاون بين وزارة التجهيز والماء والشبكة الدولية لمنظمات الأحواض والمجلس العالمي للمياه.
**********************
نقاش حول الالتزامات في مجال تدبير الموارد المائية والتكيف مع التغيرات المناخية
نظم الخميس بفاس، في إطار الندوة الدولية الثالثة حول الماء والمناخ، نقاش حول الالتزامات في مجال تدبير الموارد المائية والتكيف مع التغيرات المناخية وبلوغ أهداف التنمية المستدامة.
وتوخى هذا اللقاء، الذي عرف مشاركة مسؤولين حكوميين وخبراء ومهنيين، تحت شعار “أي التزامات حول تدبير الموارد المائية على مستوى الأحواض لتسريع التكيف مع التغيرات المناخية وبلوغ أهداف التنمية المستدامة”، تسليط الضوء على المبادرات والسياسات في مجال الحفاظ على الموارد المائية في سياق يتميز بالتغيرات المناخية.
في كلمة بالمناسبة، أشاد الأمين العام للشبكة الدولية لمنظمات الأحواض إريك تارديو، بوجاهة السياسة التي ينهجها المغرب لتسهيل الولوج إلى الموارد المائية، مبرزا الدلالات الكبيرة لمضامين الخطاب الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس في أكتوبر 2022 إلى أعضاء البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة.
وبعدما أشار إلى أن المملكة جعلت مسألة المياه “أولوية سياسية مؤكدة على أعلى مستوى”، أشاد السيد تارديو بتنظيم الندوة الدولية الثالثة حول الماء والمناخ بفاس.
من جهته، توقف وزير المياه والغابات الإيفواري، لوران تشاغبا، عند الانتظارات الحالية المرتبطة بالتغير المناخي وبلوغ أهداف التنمية المستدامة، لاسيما بكوت ديفوار، مؤكدا على ضرورة الحفاظ على الموارد المائية واستغلالها دون المساس بحاجيات الأجيال المقبلة.
وأضاف أنه من أجل تدبير أفضل للمياه بكوت ديفوار، تمت بلورة استراتيجية وطنية في أفق سنة 2040، مستعرضا أوجه وتداعيات التغير المناخي على الأحواض بالبلاد.
من جانبه، أكد وزير الماء والتطهير بالنيجر أدامو ماهامان، أن دورات هطول الأمطار تشهد حاليا اختلالات جراء تأثيرات التغيرات المناخية، مما يجعل 80 في المائة من أصل 26 مليون نسمة من ساكنة النيجر التي تزرع المحاصيل المطرية تعاني من انعدام الأمن الغذائي، وهو ما يستدعي اللجوء للمياه الجوفية بالقطاع الفلاحي.
وأعرب عن أسفه لصعوبة الولوج إلى الماء الصالح للشرب والبنيات التحتية للتطهير، وبلوغ أهداف التنمية المستدامة، نظرا لسوء توزيع الموارد المائية من المياه الجوفية.