بوركينا فاسو ومالي والنيجر تنسحب من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا

قررت بوركينا فاسو ومالي والنيجر الانسحاب من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس)، المنظمة الإقليمية التي تضم 15 عضوا، كما أعلنت الدول الثلاث في بيان مشترك الأحد.

وجاء في البيان الذي تلي عبر وسائل الإعلام الرسمية أن قادة دول الساحل الثلاث “مع تحملهم كافة مسؤولياتهم أمام التاريخ واستجابة لتوقعات وتطلعات شعوبهم، يقررون بسيادة كاملة الانسحاب الفوري لبوركينا فاسو ومالي والنيجر من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا”.

من جهتها، أكدت إكواس في بيان أن الدول الثلاث “أعضاء مهمون في المجموعة” التي “تبقى ملتزمة التوصل إلى حل تفاوضي للمأزق السياسي” الناتج من إعلان انسحابها. وأضافت أنها لا تزال تنتظر “إبلاغا رسميا ومباشرا” بهذا القرار.

من الممكن أن يؤدي القرار إلى تداعيات كبيرة تشمل مثلا حركة البضائع والأفراد في البلدان الثلاثة التي تفتقر إلى منفذ بحري. كما أن له آثارا على الإعفاءات من التأشيرات والإعفاءات الضريبية، مع تأثيرات غير مباشرة على الأسعار.

ويثير تنفيذ الانسحاب في ذاته تساؤلات، إذ تنص معاهدة إكواس على أنه يتعين على أي دولة ترغب في الانسحاب أن تخطر المجموعة بذلك خطيا خلال عام واحد، ويتعين عليها الامتثال لالتزاماتها خلال هذه الفترة، كما تترك الباب مفتوحا للرجوع عن طلب الانسحاب في غضون 12 شهرا.

تجمع المئات في نيامي لدعم الانسحاب، رافعين لافتات مناهضة لإكواس، فضلا عن أعلام الدول الثلاث وروسيا، الحليف الجديد لهم بعد طرد فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة.

وقال المتظاهر الشاب حسان جادو “نحن هنا لنظهر فرحتنا بعد إعلان خروج الدول الثلاث من إكواس، ونحتفل بشجاعة قادتنا الثلاثة الذين أظهروا ما هم قادرون عليه في مواجهة إكواس”.

وتواجه الدول الثلاث انعداما للأمن وعنفا ترتكبه جماعات جهادية وأوضاعا اجتماعية متردية. وتوترت علاقاتها مع إكواس منذ استولى الجيش السلطة في مالي عام 2020، وفي بوركينا فاسو عام 2022، وفي النيجر عام 2023.

وتحاول إكواس وقف موجة الانقلابات والضغط من أجل عودة المدنيين إلى السلطة في أسرع وقت، وفرضت عقوبات شديدة على مالي والنيجر، وذهبت إلى حد التهديد باستخدام القوة مع الانقلابيين النيجريين، وعلقت مشاركة الدول الثلاث في مؤسساتها.

وجاء في البيان المشترك أن إكواس “تحت تأثير قوى أجنبية، تخون مبادئها التأسيسية وباتت تشكل تهديدا لدولها الأعضاء وشعوبها”.

والانسحاب من إكواس هو أحدث خطوة في القطيعة مع الحلفاء التقليديين للدول الثلاث.

طردت الدول الثلاث سابقا سفراء فرنسا وقواتها العسكرية وتقاربت سياسيا وعسكريا مع روسيا، كما شكلت تحالفا ثلاثيا تحت شعار تكريس السيادة والوحدة الإفريقية.

ولفتت السلطات العسكرية الحاكمة في البيان المشترك إلى أن بلدانها شاركت في تأسيس المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا عام 1975.

وقالت في النص إنه “بعد 49 عاما من الوجود، تلاحظ شعوب بوركينا ومالي والنيجر الباسلة بأسف شديد ومرارة وخيبة أمل كبيرة أن منظمتها ابتعدت عن مثل آبائها المؤسسين والوحدة الإفريقية”.

واتهمت إكواس بعدم مساعدتها في مواجهة الجهاديين الذين صعدوا هجماتهم منذ عام 2012 في مالي، ثم في أراضي جارتيها، ما أسفر عن مقتل آلاف العسكريين والمدنيين، وتسبب في نزوح ملايين السكان.
واعتبرت أن العقوبات المفروضة تمثل “موقفا غير عقلاني وغير مقبول” في وقت “قررت هذه الدول أن تأخذ مصيرها بأيديها”، في إشارة إلى الانقلابات التي أطاحت الأنظمة المدنية.

لم يكن للعقوبات التي اتخذتها إكواس تأثير يذكر حتى الآن في عودة المدنيين إلى قيادة الدول الثلاث.

في مالي، التزم العسكريون الذين يتولون السلطة منذ نحو أربع سنوات بقيادة الكولونيل أسيمي غويتا تنظيم انتخابات في شباط/فبراير 2024، لكنهم عادوا وأجلوا موعدها إلى تاريخ غير محدد.

وفي بوركينا فاسو، أكد الكابتن إبراهيم تراوري بعد توليه السلطة في 30 أيلول/سبتمبر 2022 أنه سيفي بالالتزامات التي قطعها سلفه الكولونيل بول هنري داميبا أمام إكواس بإجراء انتخابات في صيف 2024.

لكن نظامه يؤكد مذاك أن القتال ضد الجماعات الجهادية هو الأولوية.

ولم يتم فرض أي عقوبات على بوركينا فاسو، باستثناء تعليق مشاركتها في هيئات إكواس.

أما في النيجر، فقد أدى الحصار التجاري إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتسبب بنقص في منتجات أساسية من بينها الأدوية.

بعد أيام قليلة من الانقلاب، أعلن الجنرال عبد الرحمن تياني أن الفترة الانتقالية لن تتجاوز ثلاث سنوات، ومن المقرر تحديد المدة الدقيقة للانتقال خلال “حوار وطني” لم يبدأ بعد.

أ.ف.ب

Top