اتفق ثلاثة زعماء ليبيين أول أمس الأحد على ضرورة تشكيل حكومة موحدة جديدة تشرف على الانتخابات التشريعية والرئاسية التي طال انتظارها، وهو ما من شأنه أن يفاقم من عزلة رئيس الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة ويؤشر على قرب إزاحته من منصبه الذي طالما تمسك به.
وتعثرت العملية السياسية، الرامية لحل الصراع الممتد لما يزيد على 10 سنوات في ليبيا، منذ انهيار الانتخابات التي كان إجراؤها مقررا في ديسمبر 2021 وسط خلافات حول أهلية المرشحين الرئيسيين.
وانطلقت في القاهرة الأحد أعمال الجلسة الحوارية بين رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، بدعوة من الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبوالغيط، بهدف تيسير الحوار الليبي – الليبي، وتقريب وجهات النظر بين الأطراف الليبية.
وأعلنت جامعة الدول العربية، الأحد، في بيان مخرجات الاجتماع الثلاثي، حيث أقر الحاضرون بضرورة تشكيل لجنة فنية بمرجعية الاتفاق السياسي وملاحقه خلال فترة زمنية محددة للنظر في التعديلات المناسبة لتوسيع قاعدة التوافق والقبول بالعمل المنجز من لجنة “6+6” وحسم الأمور العالقة حيال النقاط الخلافية حسب التشريعات النافذة.
وحسب نص البيان، فقد جرى الاتفاق على توحيد المناصب السيادية بما يضمن تفعيل دورها المناط بها على مستوى الدولة الليبية، ودعوة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا والمجتمع الدولي لدعم هذا التوافق في سبيل إنجاحه.
كما اتفق المجتمعون على عقد جولة ثانية بشكل عاجل لإتمام هذا الاتفاق ودخوله حيز التنفيذ.
وقال أبوالغيط، إن نتائج اجتماع القاهرة الثلاثي إيجابية وفاقت توقعاته، واصفاً في مؤتمر صحافي مشترك مع المنفي وعقيلة صالح وتكالة، نتائج الاجتماع بأنها إنجاز واضح، فقد عبَّر عن أمله أن يجري البناء على ما تحقق في النقاط السبع الصادرة عن الاجتماع، وأن تنطلق ليبيا إلى دورها مجدداً.
وبدوره، أكد عقيلة صالح على أن الانتخابات هي الوسيلة لبناء دولة مستقرة، بحيث يتم انتخاب الرئيس ومجلس نواب جديد، بمشاركة الأطراف الليبية كافة، وهو ما يدعمه الليبيون والمجتمع الدولي.
واعتبر أن القوانين الخاصة بتنظيم الانتخابات البرلمانية والرئاسية سمحت للجميع بالمشاركة بلا تهميش أو إقصاء لأي شخصية، موضحاً أنه حال توافرت شروط الترشح على أي مواطن ليبي يمكنه التقدم بأوراق ترشحه.
وأكد تكالة وجود حاجة لعقد لقاءات متعددة للوصول للنتائج المطلوبة، مشيراً لوجود حاجة للحوار، خاصة تحت مظلة الجامعة العربية.
وقال المنفي في حديثه لوسائل الإعلام بعد الاجتماع “الإجراءات التي تم الاتفاق عليها اليوم، في اعتقادنا أنها بداية مهمة جدا. والنتائج ترتقي إلى طموح الليبيين لإجراء انتخابات”.
ورحبت السعودية، الاثنين، بنتائج الاجتماع الليبي الذي استضافته الجامعة العربية لـ”دعم التسوية السياسية الرامية إلى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في ليبيا”.
وجددت الخارجية السعودية في بيان، التأكيد على “دعم المملكة لكافة الجهود العربية والدولية الهادفة إلى تحقيق الأمن والاستقرار لليبيا وشعبها الشقيق”.
وأعربت عن “وقوف وتضامن المملكة مع كل ما يضمن التقدم والازدهار لليبيا وشعبها الشقيق ويحقق مصالحه الوطنية”.
واعتبرت وزارة الخارجية المصرية مخرجات الاجتماع الثلاثي الليبي في الجامعة العربية، خطوة مهمة على مسار تحقيق التطلعات المشروعة للشعب الليبي الشقيق في الانطلاق نحو المستقبل، وبما يحفظ لليبيا سيادتها ووحدتها وأمنها واستقرارها.
وفي غضون ذلك، أكد عبدالله باتيلي، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، الأحد، لوفد مشترك من أعضاء مجلسي النواب والدولة ضرورة “التوصل إلى اتفاق أوسع لتشكيل حكومة موحدة من شأنها أن تسير بليبيا إلى الأمام على درب إجراء انتخابات وطنية شفافة وشاملة في أقرب وقت ممكن”.
وقال باتيلي في بيان، إن وفد مجلسي النواب والدولة “يمثل مجموعة أكبر من أعضاء المجلسين كان باتيلي قد اجتمع بهم في تونس نهاية فبراير الماضي”، وذلك دون أن توضح عددهم أو تحدد هويتهم.
وتناول اللقاء الذي عقد في العاصمة طرابلس “التوافق الذي جرى التوصل إليه في اجتماع تونس وتفاصيل الخطوات التالية التي ينوي أعضاء المجلسين القيام بها”، وفق البيان.
وخلص اجتماع 120 عضوا من مجلسي النواب والدولة في تونس نهاية فبراير الماضي، إلى الحض على “تشكيل حكومة وطنية جديدة تعمل على إنجاز الاستحقاق الانتخابي كما نصت المادتين (86 و90) من القوانين الانتخابية”، وفق بيان صادر عن مجلس النواب.
وشدد الاجتماع على ضرورة “اختيار رئيس الحكومة الجديدة من خلال آلية شفافة ونزيهة تؤسس على خارطة الطريق المقدمة من قبل لجنة (6+6) بالتوافق بين المجلسين ورعاية البعثة الأممية”.
وأكد الأعضاء في الوقت نفسه ضرورة “وضع ضوابط وتشريعات ملزمة للحكومة القادمة بما يضمن محاربة المركزية ودعم الوحدات المحلية ووصول المخصصات مباشرة للبلديات والمحافظات”.
وجدد الاجتماع “الالتزام بالقوانين الانتخابية رقم 27 و28 لسنة 2023 المنجزة عبر لجنة (6+6) والصادرة عن مجلس النواب”، وحث “المفوضية الوطنية العليا للانتخابات للشروع في تنفيذ القوانين الانتخابية”، مطالبا المفوضية “بالإعلان عن موعد إجراء الانتخابات”.
وتأتي هذه الخطوة من الجامعة العربية في وقت تواجه فيه جهود الأمم المتحدة تعثرا في إنجاح مبادرتها التي أعلنها مبعوثها إلى ليبيا عبدالله باتيلي، منذ نوفمبر الماضي، وتستهدف جمع القادة الأساسيين، وهم صالح وتكالة والمنفي، بالإضافة إلى رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة وقائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر، حول طاولة حوار خماسية.
ويعد عقيلة صالح من أشد الرافضين للاجتماع بهذه الصيغة مشترطا إما استبعاد الدبيبة أو مشاركة رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب أسامة حماد، وهو الاجتماع الذي عولت عليه البعثة الأممية ليقود إلى حل يؤدي إلى الانتخابات.
ويقول الدبيبة إنه لن يتنازل عن السلطة لحكومة جديدة دون إجراء انتخابات وطنية.
وطلب محافظ البنك المركزي الصادق الكبير من البرلمان الأسبوع الماضي الموافقة على حكومة موحدة جديدة وميزانية وطنية موحدة.
وتركز الدبلوماسية الدولية لتسوية الصراع في ليبيا على الضغط من أجل إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية لتحل محل المؤسسات السياسية المؤقتة، ومنها مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة وحكومة الوحدة الوطنية.
وفي حين دعا جميع اللاعبين السياسيين الرئيسيين في البلاد إلى إجراء انتخابات، يشكك الكثير من الليبيين في أن هؤلاء الساسة يسعون حقا إلى إجراء انتخابات ربما تفضي إلى إبعادهم عن السلطة.
ولم تشهد ليبيا سلاما يذكر منذ الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلسي عام 2011، وانقسمت في 2014 بين فصائل في شرق البلاد وغربها مع وجود إدارتين متنافستين في كل منهما.
اتفاق ليبي في القاهرة على تشكيل حكومة موحدة جديدة
الوسوم