تفاعلا مع مستجدات قضية المواطن المغربي عمر نشيط، العامل بالديار الفرنسية، ومع المعطيات التي يفيدنا بها أبناؤه باستمرار، توصلنا مؤخرا بمحضر لمفوض قضائي قام، بناء على طلب الضحية، بتفريغ تسجيل صوتي، تضمن حوارا بين أبناء الضحية عمر نشيط وبين شخص يدعى “س.أ”.
في هذا الحوار الذي سجل بتاريخ 13 يونيو 2024، والذي توصلت الجريدة بنسخة منه من أبناء الضحية، صرح “س.أ” بأنه يعرف المتهمة الرئيسية في هذه القضية، المسماة “س.م” التي سبق لها أن طلبت منه الاستشارة بخصوص كيفية كتابة مبالغ محددة في الشيك، ومراجعة ما تكتبه حتى لا تقع في الخطأ، مضيفا أنها سبق لها أن أطلعته على شيك بمبلغ أربعين مليون سنتيم، وحين ساوره الشك حول المبلغ، سألها ما إذا كانت فعلا ترغب في مبلغ كبير كهذا، فسارعت إلى طلب مساعدته لكون المبلغ المطلوب سحبه محددا في أربعة ملايين سنتيم، مؤكدا أنه قام بإعادة كتابة المبلغ من جديد.
المسمى “س أ”، حسب تصريح أحد أبناء الضحية لجريدة بيان اليوم، معروف باحترافه للنصب والاحتيال إذ سبق له أن أوقع العديد من معارف الضحية عمر نشيط في شراكه، وهذا ما دفعنا، يقول مصدرنا، “للشك في العلاقة التي تجمعه بالمتهمة الرئيسية “س.م”، فتقدمنا بشكاية ضده لدى السلطات المعنية، ليتم استدعاؤه من طرف الشرطة، إلا أنه رفض الامتثال، ولم يكترث للاستدعاء، بل بلغت به الجرأة أن سافر خارج المغرب لمدة زمنية معينة”، مضيفا أنه يشكل زاوية هامة في ملف النصب على والده.
وأكد ابن الضحية، في تصريحه للجريدة، أن مجرى أحداث قضية والدهم غريب جدا، ففي الوقت الذي يتعرضون فيه للابتزاز من طرف مجموعة من الأشخاص من أجل التخلي عن القضية، يواجهون بتثاقل الإجراءات القانونية التي تضرب عرض الحائط قرار الوكيل العام بالمحكمة القاضي باعتقال المتهمة “س م” وإصدار مذكرة في حقها وإقفال الحدود في وجهها.
وأضاف ابن الضحية أنه توجه مرارا إلى ولاية الأمن لاطلاع الشرطة على مكان تواجد المتهمة التي تتنقل جيئة وذهابا من منزلها إلى أماكن محددة، داعمين أقوالهم بمجموعة من الصور والفيديوهات التي تؤكد كلامهم وتوثق أن المتهمة تدخل بيتها وتغادره بكل سلاسة.
هذا الوضع يدفع أبناء عمر نشيط إلى التساؤل حول من له السلطة والمصلحة في تأخير تنفيذ أمر القبض عليها ومن هو المسؤول الرئيسي عن تباطؤ الإجراءات والتلكؤ في القبض على المتهمة، والتي كونت عصابة ساعدتها في النصب واختلاس أموال والدهم المسن، وسهلت عليها التنقل في المدينة علانية، بالرغم من أن جميع الوثائق تثبت تورط المتهمة “س.م” والبنك الشعبي وأشخاص آخرين في قضية اختلاس ما يناهز 137 مليون سنتيم، خاصة في ظل تناسل الأدلة التي تورط هذه الجهات.
ففي إطار الجديد دائما، وضع ابن ضحية بين يدي جريدة بيان اليوم مكالمة مسجلة أجراها مع زوج أخت المتهمة الرئيسية “س.م” المسمى “م.ح” الذي يشتغل أستاذا بإحدى المؤسسات التعليمية، حيث دار بينهما، في هذه المكالمة، حديث حول قضية الاختلاس التي قامت بها “س.م” بمساعدة أطراف أخرى.
في هذه المكالمة المسجلة، يقول ابن الضحية للجريدة، إن “م ح” أكد له أنه كان يساعد المتهمة الرئيسية “س.م” لأنها أخت زوجته ولأنها أرملة، وأم لولدين، ويرافقها للمحاكم بالرغم من أنه غير متفق أخلاقيا مع الفعل الذي قامت به تجاه الضحية عمر نشيط الذي كان يعاملها معاملة طيبة وكأنها إحدى بناته، مضيفا أن “م ح” قال له في المكالمة المسجلة “عندما انتابني شعور الشك في الموضوع حاولت الابتعاد لأنني لم أعد أثق في كلامها، فمن الممكن أن تكون متورطة، وأنا أستاذ أحاول الحفاظ على سمعتي.”.
قريب المتهمة الرئيسية الأستاذ “م.ح” هذا، له ابن يبلغ من العمر حوالي 18 عاما، عاطل عن العمل، بدون دخل ولا رخصة سياقة. بيد أنه بات يمتلك سيارة يناهز ثمنها 38 مليون سنتيم، كانت ملكا لخالته المتهمة الرئيسية “س.م” والتي اشترتها في الفترة نفسها التي اختلست فيها أموال “عمر نشيط”.
هذا التزامن الغريب بين عملية البيع والشراء وتفجر فضيحة البنك الشعبي، دفع بيان اليوم إلى الاتصال بالأستاذ “م.ح” زوج أخت المتهمة الرئيسية في القضية “س.م”، من أجل الحصول على معلومات حول علاقة ابنه العاطل بسيارة خالته، ومن أجل الوقوف على المصدر المالي الذي مكنه من إجراء عملية الشراء، فأجابنا أن ابنه اشترى السيارة من خالته المتهمة “س.م” بمبلغ 20 مليون سنتيم، أدى جزء من المبلغ نقدا والجزء الآخر تنازل فيه لخالته عن قطعة أرضية.
وعن سؤال الجريدة حول ما يثبت هذا التنازل الذي قام به ابنه لخالته عن القطعة الأرضية، رد بالقول: “هناك قطعة أرضية يمتلكها جد ابني، ولزوجتي نصيب فيها تنازلت عنه لولدي الذي تنازل عنه هو بدوره لخالته”.
وعن رغبة الجريدة في الاطلاع على ما يثبت عملية توثيق التنازل بين زوجته وولده، قال الأستاذ “م ح” “إن عملية التنازل تمت شفهيا دون توثيق”، فبادرناه بتوضيح استحالة تنازل الابن لخالته عن حق والدته من القطعة الأرضية شفهيا مرة أخرى، دون توثيق، فما كان منه، درءا للإحراج، إلا أن اعتذر عن مواصلة الحديث بذريعة انشغاله ببعض الأمور وبكون حالته الصحية ليست على ما يرام ولا تسمح له بالدخول في تفاصيل أكثر.
المكالمة الواردة بيننا وبين الأستاذ “م ح”، المسجلة بشكل واضح، تفجر سيلا من الأسئلة التي لا زلنا لم نتوصل بإجابة عنها، وتوضح وجود أطراف جديدة متورطة في قضية عمر نشيط، خططت في إطار عصابة منظمة يتعين معها على رجال الأمن فتح تحقيق مدقق من أجل ربط الأحداث ببعضها والوصول للمتهمة الرئيسية، وفك لغز هذه القضية التي لا تبدو معقدة بالنسبة لأمن مغربي متمكن ومحترف استطاع سابقا فك ألغاز قضايا أصعب بكثير من هذه القضية البسيطة مقارنة مع القضايا المشابهة أو الأكثر تعقيدا التي يتم فكها من طرف الأمن الوطني.
< هاجر العزوزي