مرشح المعارضة الفنزويلية لانتخابات الرئاسة يصل إلى إسبانيا بعد منحه اللجوء

وصل مرشح المعارضة الفنزويلية للانتخابات الرئاسية إدموندو غونزاليس أوروتيا أول أمس الأحد إلى إسبانيا التي وافقت على منحه اللجوء السياسي، بعد شهر أمضاه متخفيا في بلده الغارق في أزمة سياسية عميقة.
وقال غونزاليس أوروتيا في رسالة صوتية بثت لدى وصوله إلى مدريد “أنا مقتنع بأننا سنواصل في مستقبل قريب النضال من أجل الحرية واستعادة الديموقراطية في فنزويلا”.
في رسالته القصيرة التي تبلغ مدتها 40 ثانية، تحدث هذا السفير السابق البالغ 75 عاما عن “حلقات من الضغط والإكراه والتهديدات بعدم السماح لي بالرحيل”، من دون إعطاء تفاصيل.
وأعلنت وزارة الخارجية الإسبانية في بيان أن غونزاليس أوروتيا وصل برفقة زوجته مرسيدس، في طائرة لسلاح الجو الإسباني حطت في قاعدة توريخون دي اردوث الجوية قرب مدريد.
وكانت السلطات الفنزويلية أكدت أنها أصدرت إذنا للمعارض بالمغادرة “لمصلحة السلام” في البلاد.
وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أول أمس الأحد دعمه غونزاليس أوروتيا.
وقال بلينكن في بيان إن “الولايات المتحدة تدين بشدة قرار (الرئيس الفنزويلي نيكولاس) مادورو استخدام القمع والترهيب للتشبث بالسلطة بالقوة الغاشمة بدلا من الاعتراف بالهزيمة في صناديق الاقتراع”. وأضاف “على مدى الأسابيع الستة الماضية، اعتقل مادورو ظلما ما يقرب من ألفي فنزويلي واستخدم الرقابة والترهيب للتشبث بالسلطة”.
وفنزويلا غارقة في أزمة سياسية جديدة منذ انتخابات 28 يوليو التي أعلن رسميا فوز مادورو فيها بولاية ثانية من ست سنوات.
وتطعن المعارضة بهذه النتيجة، وتؤكد أن  مرشحها غونزاليس أوروتيا حصد العدد الأكبر من أصوات الناخبين. ورفض أطراف إقليميون ودوليون الاعتراف بالنتائج الرسمية للانتخابات.
وقالت زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو عبر منصة إكس أول أمس الأحد إن غونزاليس أوروتيا غادر “للحفاظ على حريته وحياته”.
وأضافت “كانت حياته في خطر، وتزايد التهديدات والاستدعاءات ومذكرات التوقيف بحقه يظهر أن النظام ليس لديه رادع أو حد  في هوسه بإسكاته ومحاولة كسره”، مشددة على أنه “سيقاتل من الخارج” من الآن فصاعدا.
وأكدت مدريد أنها وافقت على منح المعارض الفنزويلي اللجوء السياسي.
وأعلن وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس عبر منصات التواصل أنه “بطلب منه، إدموندو غونزاليس في طريقه جوا إلى إسبانيا في طائرة لسلاح الجو الإسباني. تتعهد الحكومة الإسبانية احترام الحقوق السياسية والسلامة الجسدية لجميع الفنزويليين”.
لاحقا، قال ألباريس للتلفزيون الحكومي إن غونزاليس أوروتيا “طلب الاستفادة من حق اللجوء… من الطبيعي أن تمنحه الحكومة ذلك”.
وأضاف أن  إسبانيا تكر ر”ضرورة تقديم المحاضر” الصادرة عن مراكز الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية كي تتمكن من “التحقق منها”.
وشد د الوزير الإسباني على أن  بلاده “لن تعترف بأي انتصار مفترض” لمادورو إذا لم يتم استيفاء هذه الشروط.
كان رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز أكد يوم السبت الماضي خلال اجتماع لقيادة الحزب الاشتراكي الذي يتزعمه أن  إسبانيا “لا تنوي التخلي عن” غونزاليس أوروتيا الذي وصفه بـ”البطل”.
في كراكاس، وصف المدعي العام الفنزويلي طارق وليم صعب لجوء غونزاليس أوروتيا إلى إسبانيا بأنه نهاية “موسم عمل فكاهي”.
وقال “كان هذا الفصل الأخير من هذه المسرحية السيئة التي سببت الألم والدم والعرق والدموع لمشاهدين أبرياء”.
وكانت المعارضة والسلطات الرسمية في فنزويلا أعلنت ليل السبت الأحد مغادرة غونزاليس أوروتيا البلاد.
وكتبت نائبة الرئيس الفنزويلي دلسي رودريغز على شبكات التواصل الاجتماعي “اليوم، 7 سبتمبر،غادر إدموندو غونزاليس أوروتيا البلاد. بعد لجوئه الطوعي إلى السفارة الإسبانية في كراكاس قبل بضعة أيام، طلب من الحكومة الإسبانية اللجوء السياسي… وقد منحته فنزويلا التصريح اللازم، وذلك من أجل مصلحة السلام والهدوء السياسي في البلاد”.
وقال محامي مرشح المعارضة خوسيه فيسينتي هارو لوكالة فرانس برس “أؤكد أنه غادر إلى إسبانيا”.
وتجاهل غونزاليس أوروتيا ثلاثة استدعاءات للمثول أمام النيابة العامة، بحجة أن مثوله كان يمكن أن يكلفه حريته.
كان الدبلوماسي السابق البالغ 75 عاما حل  في اللحظة الأخيرة مكان ماريا كورينا ماتشادو مرشحا للانتخابات الرئاسية، بعد صدور حكم قضائي في حقها يمنعها من الترشح.
وصدرت في حق المعارض الذي عاش متخفيا لأكثر من شهر، مذكرة توقيف في الثالث من سبتمبر بسبب عدم تلبيته ثلاثة استدعاءات من النيابة العامة بشأن تحقيق حول الموقع الالكتروني للمعارضة الذي أعلن فوزه. ولم يظهر إلى العلن منذ 30 يوليو.
ويشمل التحقيق خصوصا اتهامات بـ”عصيان القوانين” و”التآمر” وغيرها. وتعتبر المعارضة وكثير من المراقبين أن  القضاء في أمرة السلطة السياسية في فنزويلا.
ونال نيكولاس مادورو الذي صادقت المحكمة العليا على فوزه في 22 أغسطس، 52% من الأصوات بحسب المجلس الوطني الانتخابي الذي لم ينشر محاضر مراكز الاقتراع بدعوى تعرضه لقرصنة الكترونية.
لكن  المعارضة والكثير من المراقبين يشككون في صحة حدوث هجوم إلكتروني ويعتبرون الأمر مناورة من السلطة لتجنب نشر التعداد الصحيح للأصوات. وتفيد المعارضة التي نشرت المحاضر التي وفرها المدققون بأن غونزاليس أوروتيا حصل على أكثر من 60% من الأصوات.
ولم تعترف الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي ودول عدة في أميركا اللاتينية بإعادة انتخاب مادورو. وسبق لجزء كبير من المجتمع الدولي أن رفض الاعتراف بفوزه بولاية ثانية عام 2018 خلال اقتراع قاطعته المعارضة.
وبعد الإعلان عن إعادة انتخابه في 28 يوليو، نزلت تظاهرات إلى الشوارع. وشهدت تلك التظاهرات مقتل 27 شخصا وإصابة 192 فيما أوقف نحو 2400 شخص، حسب مصدر رسمي.
وطلب الاتحاد الأوروبي من السلطات في فنزويلا إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين في البلاد.
وقال مسؤول السياسة الخارجية في التكتل جوزيب بوريل إن “الاتحاد الأوروبي يشدد على أن تضع السلطات الفنزويلية حدا للقمع والاعتقالات التعسفية، ولمضايقات أفراد المعارضة والمجتمع المدني، وعلى أن تطلق سراح جميع السجناء السياسيين”.
وتابع “اليوم هو يوم حزين للديموقراطية جمعاء في فنزويلا”، مضيفا “في ظل الديموقراطية، لا ينبغي لأي زعيم سياسي أن يضطر لطلب اللجوء إلى بلد آخر”.
وحجبت مغادرة غونزاليس أوروتيا المواجهة القائمة يوم السبت الماضي بين كراكاس وبرازيليا بشأن مقر إقامة سفير الأرجنتين الذي لجأ ستة مسؤولين من المعارضة إليه منذ مارس.
وسحبت كراكاس “بشكل فوري” الإذن الممنوح للبرازيل لتمثيل المصالح الأرجنتينية في البلاد ولا سيما إدارة مقر إقامة السفير.
وتؤكد السلطات الفنزويلية أنها تملك “أدلة” على “استخدام مقر البعثة للتخطيط لأعمال إرهابية” ومحاولات لاغتيال مادورو من جانب ستة معارضين.
وسارعت وزارة الخارجية البرازيلية إلى تذكير كراكاس بـ”حرمة مقارالبعثة الدبلوماسية الأرجنتينية”.
وقطعت فنزويلا في 29 يوليو علاقاتها الدبلوماسية مع سبع دول أميركية لاتينية بينها الأرجنتين التي لا تعترف بإعادة انتخاب مادورو.

أ. ف. ب

Top