تولى أنورا كومارا ديساناياكا، أول رئيس يساري في تاريخ سريلانكا، مهامه أول أمس الاثنين متعهدا “بذل قصارى جهده” للنهوض بالبلاد، بعد عامين من أزمة مالية غير مسبوقة أثرت على جزء كبير من السكان وفرضت عليهم سياسة تقشف حاد.
وأدى ديساناياكا اليمين في العاصمة كولومبو أمام رئيس المحكمة العليا جايانثا جاياسوريا خلال مراسم نقلتها التلفزيونات.
وقال الرئيس الجديد (55 عاما) في كلمة مقتضبة “أنا أعرف تماما أهمية التفويض الذي حصلت عليه”.
وأضاف “أنا لست مشعوذا، ولست ساحرا. سأطلب مشورة الآخرين وسأبذل قصارى جهدي (…) مسؤوليتي هي المشاركة في الجهد الجماعي للخروج من هذه الأزمة”.
وتجمع عشرات من أنصار الرئيس الجديد أثناء تأديته اليمين أمام مبنى الرئاسة ملوحين بصوره وبأعلام سريلانكا.
وبحسب النتائج التي نشرتها اللجنة الانتخابية يوم الأحد الماضي، حصل حزب “جبهة تحرير الشعب” على 42,3 % من الأصوات فيما حل الرئيس المنتهية ولايته رانيل ويكريميسينغه (75 عاما) في المركز الثالث بحصوله على 17,27 في المئة منها.
وترك أنورا كومارا ديساناياكا زعيم حزب “جبهة تحرير الشعب” الذي كان وراء تمردين دمويين في السبعينات والثمانينات، الكفاح المسلح وحول اهتمامه إلى اقتصاد السوق، وحصل على دعم شعبي واسع إذ دان خلال حملته الزعماء “الفاسدين” المسؤولين في نظره عن الفوضى التي حدثت عام 2022.
وقبل إعلان فوزه، أعلن ديساناياكا أنه لن “يمزق” خطة الإنقاذ الموقعة مع صندوق النقد الدولي عام 2023 بعد مفاوضات طويلة والبالغة قيمتها 2,9 مليار دولار.
وقال بيمال راتناياكي عضو المكتب السياسي في حزب “جبهة تحرير الشعب” اليساري “إنه نص ملزم لكنه يحتوي على بند لإعادة التفاوض”.
ووعد ديساناياكا بخفض الضرائب والرسوم على المنتجات الغذائية والأدوية لتأثيرها على السكان.
وقالت فروة عامر، من مركز “إيجا سوسايتي” إنه “بالنسبة إلى ديساناياكا الذي وعد بعصر جديد وبضمان الاستقرار وتشجيع التغيير، ستكون التوقعات عالية”.
في العام 2022، شهدت سريلانكا أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها، وأدت إلى احتجاجات في الشوارع أطاحت الرئيس آنذاك غوتابايا راجاباكسا الذي حاصر متظاهرون غاضبون قصره واقتحموه شاكين من التضخم ونقص الإمدادات. واضطر الرئيس السابق إلى الفرار من البلاد.
وخلفه ويكريميسينغه الذي قاد سياسة تقشف قاسية وزاد الضرائب وخفض بشكل جذري الإنفاق العام.
وتمكن ويكريميسينغه خلال العامين اللذين أمضاهما في منصبه من إعادة الهدوء إلى الشارع.
لكن خطة الإنقاذ تركت ملايين السريلانكيين يكافحون من أجل العيش. وأكد البنك الدولي أن بداية التعافي في سريلانكا أدت إلى زيادة نسبة الفقر الذي بات يطاول حاليا أكثر من ربع السكان البالغ عددهم 22 مليونا.
وقال الرئيس المنتهية ولايته مساء الأحد الماضي إن “التاريخ سيحكم على جهودي ويمكنني القول بثقة إنني بذلت ما في وسعي لإعادة الاستقرار إلى البلاد”.
وأمام الدبلوماسيين الذين تمت دعوتهم لحضور مراسم تنصيبه، أكد ديساناياكا للذين يقولون إنه يفضل الصين على الهند، أنه سيتعاون مع الجميع من أجل تنمية سريلانكا.
وقال “نحن عازمون على العمل لصالح بلادنا مع الدول الأخرى، بغض النظر عن الخلافات بين القوى” الكبرى.
وفي بكين، شدد الرئيس شي جينبينغ على “الأهمية الكبرى” التي يوليها “لتطوير العلاقات” مع سريلانكا، وفق تصريحات نقلها التلفزيون الرسمي الصيني عقب تنصيب الرئيس السريلانكي. والصين هي إحدى الدول الدائنة الرئيسية لسريلانكا.
وقبل أن يؤدي الرئيس الجديد اليمين الدستورية، قدم رئيس الوزراء دينيش غوناواردينا استقالته، ما يفتح الطريق أمام تعيين حكومة جديدة.
ومن المقرر إجراء انتخابات تشريعية العام المقبل. ويشغل حزب “جبهة تحرير الشعب” 3 مقاعد فقط من أصل 225 مقعدا.
أ. ف .ب