في خضم انشغال جل الأوساط الرياضية بملف ترشيح المغرب لاحتضان التظاهرات الدولية الكبرى، وفي مقدمتها “كان” 2025 ومونديال 2030، والمسابقات الخاصة بكرة القدم النسوية، عقدت جامعة الملاكمة السبت الماضي، جمعها العام، وأهم ما أسفر عنه إعادة انتخاب عبد الجواد بلحاج، رئيسا بـ “الإجماع”، لولاية لم نعد نعرف حقيقة عددها، ولا السنوات المتفرعة عنها…
فكما هو معلن، فالولاية الجديدة مدتها أربع سنوات، أي أن صاحبنا سيمكث بالمنصب إلى حدود 2028, وهو الجاثم على الرئاسة منذ سنة 2002.
مرة أخرى لا يمكن الحديث عن الطريقة التي مر بها الجمع وأشغاله ولا أية مناقشات تستحق الذكر، فالأمور أصبحت شكلية، ووفق “ديمقراطية مخدومة” من أجل استمرار هذا الرئيس بالمنصب، ضدا على القانون، وضدا في أسلوب التداول، أو مبدأ التغيير المطلوب.
بعد 22 سنة كاملة، ما يزال هذا الرئيس يتمسك بمنصب الرئاسة، وبطريقة فولاذية، ويظهر إصرارا غريبا على البقاء لأربع سنوات أخرى، وربما قد تكون هناك ولايات أخرى تقوده إلى حدود 2032 أو أكثر، المهم هو البقاء بالمنصب لـ “خدمة” رياضة الفن النبيل، والتي سجلت تراجعا كبيرا، وما الفضائح التي عرفتها المشاركة بدورتي طوكيو وباريس الأولمبيتين، إلا دليل على الوضعية المهزوزة التي تعرفها هذه الجامعة.
كان ينتظر من بلحاج التنازل طواعية عن منصب الرئاسة، وفتح المجال أمام التغيير، خاصة وأن ظروفه الصحية -حسب ما يصلنا من أخبار- لم تعد تسمح له بالاستمرار بمنصب المسؤولية، إذ فضل طيلة السنوات الأخيرة، الاعتكاف بمنزله ومتابعة ما يحدث، إلى درجة أن الكثيرين اعتقدوا أن هذا الرئيس سيفضل أخيرا التخلي، لما فيه مصلحة هذه الرياضة، إلا أن العكس هو الذي حصل تماما.
ومن يعرف الأمور على حقيقتها، وكيف تدار عن طريق “ريمونت كونترول”، كان على يقين على أن بلحاج لن يغادر عن طواعية، وكل ما كان يروج خلال السنوات الماضية، من احتمال المغادرة، كان مجرد مناورة فقط من أجل البقاء، مع إتقانه الكبير لأسلوب “فرق تسد” بين الأعضاء، وهذا ما حصل تماما، خاصة في وجود أعضاء همهم الوحيد الاستفادة من الفتات، والسعي للمنفعة الشخصية.
السؤال المطروح وبإلحاح هو كالتالي: لماذا يصر بلحاج على التمسك بمنصب الرئاسة؟ مع ما يحيط بمنصب هذه المسؤولية من ممارسات غير واضحة تماما، في وقت يتحدث فيه البعض عن وجود حساب بنكي ثان، لا أحد يعرف الطريقة التي يدبر بها، ومن يتصرف في أمواله.
فالجمود الذي عرفه الجهاز الجامعي، والفضائح التي عرفتها رياضة الملاكمة، والخلافات الطاحنة بين أعضاء المكتب، والضعف الذي تعرفه الفرق، والعصب على حد سواء، معطيات كافية لحتمية إحداث تغيير يضخ دماء جديدة، وينهي مع العقلية والطريقة المتجاوزة التي تحكمت في تسيير هذه الجامعة منذ أكثر من عقدين من الزمن .
فكيف والحالة هذه، يطرح التساؤل أو أسباب تراجع الملاكمة، أو غيرها من الأنواع الرياضية، في ظل وجود مسؤولين بعقلية الاستحواذ والبقاء بمنصب المسؤولية إلى الأبد وبأية طريقة، حتى لو كان على حساب القوانين أو المصلحة العامة؟
ففي الوقت الذي نجد هناك إرادة حقيقية للتغيير، وفتح المجال للكفاءات والطاقات الجديدة على مستوى الوطني، من حكومة ومؤسسات تنفيذية وتشريعية وطنيا وجهويا، نفاجأ حقيقة بوجود أشخاص بعقلية الاستحواذ والتمسك حتى النخاع بالمناصب، وهذا لا يخدم حقيقة مبدأ التغيير المطلوب..
فما رأي المسؤول الحكومي عن القطاع الرياضي؟ فملف الرؤساء الخالدين من بين أبرز الملفات المفروض أن ينكب عليها…
محمد الروحلي