أجرت الحوار : فنن العفاني
قالت رشيدة الطاهري، إن تاريخ 8 مارس من كل سنة، يعد مناسبة لتقييم المسار على طريق إعمال الحقوق الإنسانية للنساء والمساواة بين الجنسين والصعوبات والعراقيل والتحديات التي ينبغي مواجهتها .
وأضافت، في حوار مع بيان اليوم، أن المغربيات كغيرهن من نساء العالم، تقمن بهذه الوقفة لتقييم مدى تفعيل المغرب لالتزاماته سواء من خلال الاتفاقيات التي صادق عليها، خاصة التي تهم حقوق النساء، أو من خلال القوانين الوطنية وفي طليعتها الدستور الذي يتمحور بالأساس في ديباجته حول مبدأ المساواة ومناهضة كافة أشكال التمييز على أساس الجنس، وبذلك فإن مناهضة التمييز هي من المبادئ المؤسسة للدستور، خاصة وأنه نص في الفصل 19 وفصول أخرى على تمتع النساء بالمساواة في الحقوق في كل المجالات.
< تزامنا مع احتفاء المغرب باليوم العالمي للمرأة، ما هي في نظركم أهم القضايا المطروحة على مسار النهوض بحقوق النساء في المغرب؟
<< اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف تاريخ 8 مارس من كل سنة، يعد مناسبة لتقييم المسار على طريق إعمال الحقوق الإنسانية للنساء والمساواة بين الجنسين والصعوبات والعراقيل والتحديات التي ينبغي مواجهتها .
فالمغربيات كغيرهن من نساء العالم أيضا تقوم بهذه الوقفة لتقييم مدى تفعيل المغرب لالتزاماته سواء من خلال الاتفاقيات التي صادق عليها، خاصة التي تهم حقوق النساء، أو من خلال القوانين الوطنية وفي طليعتها الدستور الذي يتمحور بالأساس في ديباجته حول مبدأ المساواة ومناهضة كافة أشكال التمييز على أساس الجنس، وبذلك فإن مناهضة التمييز هي من المبادئ المؤسسة للدستور، خاصة وأنه نص في الفصل 19 وفصول أخرى على تمتع النساء بالمساواة في الحقوق في كل المجالات.
وبالنسبة للقضايا المطروحة اليوم، يجب التأكيد في البداية أنه لا يمكن أن ننطلق من الصفر، فهناك تراكمات، المغرب حقق مكتسبات على عدة مستويات، التشريعي، السياسي، وأيضا على مستوى اتخاذ إجراءات التمييز الإيجابي، لكن اليوم نحن في ظل دستور 2011 الذي ينص بشكل جلي على المناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز،ويمكن القول أن الرهانات موجودة على عدة مستويات .
فعلى المستوى التشريعي، إذا كان الدستور ينص على المساواة والمناصفة وإجراءات التمييز الإيجابي ولكن الواقع لازال لا يرقى إلى هذا النص ولا إلى تطلعات النساء، وعلى مستوى السياسات العمومية لازال يسجل خصاص في ولوج الطفلات للمدرسة، كما تسجل تفاوتات في الولوج لمجال الشغل حيث لا تتعدى نسبة النساء 23 إلى 25 في المائة.
كما أنه في مجال الصحة رغم كل المجهودات، لازالت وفيات الأمهات مرتفعة أثناء الوضع، فضلا عن قضايا جوهرية والتي كان حولها نقاش، مثلا ما يتعلق بالإيقاف الإرادي للإجهاض، حيث أن اللجنة التي عينها جلالة الملك واشتغلت على الموضوع، لم تضع بعد نصا تشريعيا يقنن هذا المجال.
وفي الجانب المرتبط بالمشاركة السياسية، فإن النساء لم يتمكن من تحقيق تقدم ملموس خلال الاستحقاقات الجماعية والجهوية التي أجريت مؤخرا، حيث يسجل أن الإجراءات التي تم وضعها لتمكين النساء على هذا المستوى تم التحايل أو الالتفاف عليها، وكان من نتائج ذلك عدم انتخاب أي امرأة رئيسة للجهة، أو رئيسة لمجلس على مستوى المدن الكبرى، فاليوم لا توجد أي امرأة عمدة في حين كانت في السابق امرأة عمدة.
وفي مجال التعيينات في المناصب العليا، نلاحظ أيضا أن نسبة التعيينات في صفوف النساء لا تتعدى 11 في المائة من مجمل التعيينات، فضلا عن أنه في مجال الحقوق الاجتماعية بصفة عامة، نجد أن استفادة النساء من التغطية الاجتماعية نسبة ضعيفة.
ويمكن القول أن أكبر التحديات المطروحة ترتبط بإحداث هيئة المناصفة والمساواة كما حددها النص الدستوري، فضلا عن إخراج القانون المناهض للعنف ضد النساء، وهما قانونين من وجهة نظري أساسيين ويتطلبان عملا خاصا، خاصة وأنه بالنسبة لظاهرة العنف بدأنا نلاحظ ظهور أشكال أخرى منه تسلط على النساء، كما حدث في إنزكان وغيره من المناطق.
< ارتباطا بما قدمتموه، يمكن القول أن مشروع القانون المتعلق بهيئة المناصفة والمساواة، الذي يوجد حاليا في المراحل النهائية للمصادقة، يعد أحد أهم المشاريع التي تنتظرها الحركة النسائية سواء داخل هيئات المجتمع المدني أو الأحزاب السياسية، فما هي ملاحظاتكم بشأن هذا المشروع ؟
<< هذا المشروع بالفعل كان حوله نقاش، فقد عينت لجنة علمية اشتغلت على الموضوع وتلقت مذكرات بشأنه من كافة الفاعلات والفاعلين المؤسساتيين كالمجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي أعد مذكرة مهمة بخصوص الهيئة منذ 2012، فضلا عن هيئات سياسية ومنظمات المجتمع المدني، وحزب التقدم والاشتراكية قدم بدوره مذكرة تضمنت تصوره بشأن الهيئة، وذلك في إطار مساهمته في النقاش المجتمعي بهذا الخصوص.
ويجب التذكير أن هذه الهيئة تأتي في إطار تفعيل مضامين الدستور الذي رتبها كهيئة لحقوق الإنسان خاصة بمجال مناهضة التمييز بين الجنسين، وهي بذلك وفق مقتضيات المثن الدستوري تعد أحد المؤسسات الأربعة المختصة بمجال حقوق الإنسان، وذلك إلى جانب المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومؤسسة الوسيط، ومجلس الجالية، والتي يجب أن تنضبط لمعايير باريس التي تحدد دور هذه الهيئات المختصة بمجال حقوق الإنسان.
وما يسجل على مشروع هذا القانون من ملاحظات، يمكن تلخيصها في خمس جوانب أساسية، فالمشروع لم يتضمن أي تعريف للتمييز وهو ما يخالف المادة الأولى من الاتفاقية الدولية لمناهضة كل أشكال التمييز التي صادق عليها المغرب ولم يبد أي تحفظ بشأنها، كما أنه حصر أو ركز مهمتها في النهوض واختزال ذلك في القيام بالدراسات والتحسيس، في حين أن الهيئة حسب الدستور مطالبة بالاضطلاع بمهمتي الحماية والنهوض، مهمة الحماية لأن هناك تمييز وخروقات من خلال القيام بالرصد والتتبع وبلورة تشريعات، ثم مهمة النهوض بما يعني اتخاذ كل الإجراءات والتدابير التي يجب أن تتضمنها القوانين والسياسات العمومية والتي تضمن الوصول إلى مناهضة التمييز ونشر ثقافة المساواة .
كما تسجل ملاحظة تخص تركيبة الهيئة، ففي المذكرة التي تقدم بها الحزب اقترحنا أن يتم الابتعاد عن الأخذ بالتمثيلية كمبدأ للاختيار للعضوية، حتى لا تخضع المبادرات التي تطرح على الهيئة في المستقبل للمزايدات، وبناء على ذلك طالبنا أن لا تكون هيئة تمثيلية تضم النقابي والحزبي وغيره من الانتماءات، بل يجب اعتماد الخبرة والكفاءة في مجال محاربة التمييز ضد النساء كأساس للتعيين في الهيئة.
فالمشروع مثلا يقترح تعيين مجلس النواب ومجلس المستشارين لممثليهم، ونحن نعرف أن التعيين في المؤسستين تتحكم فيه الانتماءات السياسية، وفي حال تم اعتماد ذلك سيكون التعيين حسب الترتيب المحصل عليه في الانتخابات بالنسبة للأحزاب السياسية، فضلا عما قد يثيره الموضوع من حساسية داخل الفرق النيابية نفسها، هذا وفي حال تعيين الشخص، ربما قد لا تكون له أي علاقة بمجال المساواة ومناهضة التمييز.
لذا يجب التأكيد على أن تكون التركيبة تتألف من أشخاص من ذوي الخبرة والكفاءة، فالهيئة لها تخصص معين ونريدها أن تكون ناجعة، وليس مجرد هيئة تحدث بقانون لكن محتواه فارغ ولا يمت بصلة لما جاء به الدستور في هذا الباب، حيث حسب مشروع القانون المطروح تم جعل الهيئة من خلال المهمة المنوطة بها ،كهيئة استشارية فقط، ولا ترقى بتاتا إلى المستوى المطلوب وإلى المكانة التي أفردها الدستور لهذه الهيئة، حيث تم اختزال عملها في القيام بالدراسات والندوات، كأنها جمعية في حين الجمعيات نفسها تقوم بعمل يفوق هذا الأمر.
ومن الملاحظات التي توجه لمشروع هذا القانون تلك التي تخص تغييبه لجانب الامتداد الجغرافي، فإذا كان المغرب قد اختار مسار الجهوية واللامركزية فإنه من غير المقبول أن يتم خلق هذه الهيئة وجعلها مركزية، وتقديم تبرير على ذلك بالقول أن مسألة التمييز تتعلق بالعقليات والأمر يتطلب الاشتغال عليها حتى تستوعب ثقافة المساواة.
في حين أعتقد جازمة أن الهيئة التي نريد أن تكون قوية، يجب أن يمتد دورها على الأقل على مستوى 12 جهة في إطار التقسيم الترابي الجديد، وحينما نطالب بذلك فالأمر لا يتعلق بتمثيلية بالمعنى المادي للكلمة، بل المعنوي بالأساس، حيث يمكن إيجاد صيغة بشكل تضم اللجان الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، تمثيلية للهيئة داخلها، يمكن أن يلجأ لها المواطنات والمواطنون، ويكون في علم المنتخبين بالجهة أن هناك هيئة تتبع ما يتعلق بموضوع التمييز والاختلالات المرتبطة به.
< يعد مشروع القانون المتعلق بمناهضة العنف ضد المرأة من بين المشاريع التي تأخر خروجها لحيز الوجود، فما هي الدوافع والعراقيل التي حالت دون صدوره ؟
<< ليس هناك مشروع بل كانت فقط مسودة تم تداولها وعرضت على مجلس الحكومة، واطلعنا عليها لكن وجدنا أنه غاب عنها التصور المتكامل والدقيق لتجريم العنف ضد النساء وزجر مرتكبيه والوقاية منه وحماية ضحاياه والتكفل بهن، علما أن القانون لم تتم صياغة ديباجة تؤطر فلسفته ومرجعيته.
فضلا عن أن المسودة أظهرت وكأن الأمر يتعلق بتعديل طفيف أجري على القانون الجنائي، وليس قانون خاص يجب أن يستمد روحه ومضمونه من مقاربة جديدة ألا وهي مقاربة النوع ،ومختلف مستجدات الوثيقة الدستورية والمواثيق الدولية.
فبقدر ما استبشرنا خيرا حينما أحيل المشروع على مجلس الحكومة، وقلنا أخيرا سيتم تدارك الأمر على مستوى المنظومة التشريعية التي تتضمن الكثير من الفراغات وتبتعد بشكل كبير عن مقاربة النوع، لكن حين تم الاطلاع عليه داخل الحزب عبرنا عن عدم رضانا عليه.
و”هذه الأيام الوزيرة تتحدث عن أن المشروع موجود ولكن لم نر شيئا، فالرسالة الملكية التي وجهها الملك محمد السادس للمنتدى الدولي لحقوق الإنسان بمراكش وكذا الخطاب الملكي خلال الدورة البرلمانية الحالية تم فيهما التأكيد على هذا القانون”.
“نعرف أن هناك من يقول أنه لا حاجة لوضع قانون خاص بالعنف ورأي آخر يقول بضرورة وضعه، ونحن كنساء خاصة على مستوى مكونات الحركة النسائية، لا يمكن أن ننتظر إلى ما لانهاية، فعدد من التجارب الدولية التي سبقتنا في المجال وضعت قانونا خاصا بالعنف يتضمن المقتضيات التي تحارب العنف ويحيل على المسطرة الجنائية وهما متكاملان، كما يتضمن إجراءات لمناهضة العنف على مستوى التعليم، في الشغل، وفي كامل المستويات.
< ما رأيكم في الدعوة التي أطلقتها الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب من أجل نقاش مجتمعي لإصلاح منظومة المواريث؟
<< ليس هناك موضوع طابو لا يقبل النقاش، فحينما تظهر الحاجة للنقاش يجب القيام بذلك، فالسياسة العمومية أي كان مستواها يجب أن تجيب عن الحاجات التي يعبر عنها الموطنون أفرادا وجماعات، بحيث أن دورها يتمحور في استيعاب التحولات والعمل على إيجاد حلول للأسئلة والإشكالات المجتمعية .
فمثلا موضوع مدونة الأسرة والإجهاض كانا في عداد المقدس، لكن معطيات الواقع فرضت فتح النقاش بشأنهما، وكذا الأمر حاليا بالنسبة لمنظومة المواريث باتت تتطلب فتح نقاش عمومي، بالنظر للتحولات المجتمعية المعيارية التي بات المغرب طرفا فيها، والأدوار الاقتصادية التي تلعبها النساء اللواتي تتحمل الكثير منهن الأعباء المالية للأسرة، والاجتهاد إيجاد مخارج حلول للإشكالات التي تعيشها المواطنات والمواطنون .
وما هو جيد في هذه الدعوة أنها جاءت بناء دراسة علمية قامت بها الجمعية بخصوص الحقوق الاقتصادية والاجتماعية أظهرت بشكل جلي الاختلالات والتمييز الذي يطال النساء نتيجة منظومة المواريث التي يمكن أن تخضع للاجتهاد، فهي لا تعد من التوابث، والتوابث في اعتقادي حددها الدستور.
ففي ظل التطور والتحول الحاصل لم يعد من المقبول أن يستمر الظلم في حق الزوجة وطفلاتها التي توفي زوجها وأصبحت أرملة، ويرمى بها للشارع بدعوى توزيع الإرث، في حين أنها ساهمت طيلة حياتها إلى جانب الزوج في شراء البيت الذي أواهما والذي لم يكن يملكان غيره.
هذا علما أن عددا من المواطنين الذين لهم فقط بنات، لم يعد يقبلون أن تتحول ممتلكاتهم إلى أفراد آخرين بعيدين من العائلة، ويعمدون إلى الوصية أو البيع درءا لهذا الطارئ غير المرغوب فيه.
هذا علما أن من يتضرر أكثر من منظومة التوريث في صيغتها الحالية هي الفئات الفقيرة التي لا تملك إلا بيتا تقطنه وفي حال وفاة الزوج وتركه لأطفال بنات، يتهافت بعض الأقارب ويطالبون بحقهم في الميراث، حيث يضعون البيت في المزاد العلني لبيعه، في حين الأسرة المكلومة لا تملك المبلغ لتعويض الطرف الآخر فيكون مصير أفرادها التشرد.
***فاطمة السباعي: ثمة معركة موازية تهم التعليم والإعلام والشارع والأسرة
* تزامنا مع احتفاء المغرب باليوم العالمي للمرأة، ما هي في نظركم أهم القضايا المطروحة على مسار النهوض بحقوق النساء في المغرب؟
> في نظري أهم القضايا المطروحة على مسار النهوض بحقوق النساء في المغرب هي التنزيل الديمقراطي لدستور 2011، إذ أن هدا الأخير يعتبر خطوة جبارة في طريق إنهاء النزاع في موضوع المساواة بين الجنسين، فالفصل 19 ينص صراحة على المساواة بين الرجل والمرأة في كل الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، غير أن هذه المساواة تقتضي تعديلات وتدقيقات جديدة في الترسانة القانونية، وأذكر على سبيل المثال لا الحصر القانون الجنائي ومدونة الأسرة حتى يستجيبا لتطور الوثيقة الدستورية.
ويجب التأكيد أنه بجانب المعركة القانونية ثمة معركة موازية في عمق المجتمع، ميدانها التعليم والإعلام والشارع والأسرة من أجل تغيير العقليات والنهوض بثقافة المساواة بين الجنسين.
* في إطار متابعتكم لهذا المسار ولأوضاع النساء، بالتأكيد تسجلون وجود عدد من مشاريع القوانين المطروحة للنقاش، ومن بينها مشروع القانون المتعلق بهيئة المناصفة والمساواة، الذي من المرجح أن تتم المصادقة النهائية عليه قريبا، ما هي ملاحظاتكم بشأن هذا المشروع من حيث المسار الذي اتبع في بلورته ومن حيث المضامين التي حملها؟
> إن إعداد مشروع قانون يتعلق بهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز يأتي في إطار التفعيل الديمقراطي لمقتضيات دستور 2011 الذي خصص مواد هامة منه لموضوع المساواة والمناصفة و الذي نص على إحداث آلية قانونية ومؤسساتية للقيام بالمهام والأدوار الدستورية في هذا المجال.
وهو تتويج لمسار نضالي طويل وشاق ومؤلم في بعض الأحيان، كما أنه تتويج أيضا للحراك المجتمعي الذي عرفه المغرب خلال العقود و السنوات الأخيرة،والذي عبرت من خلاله القوى المنظمات وجمعيات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية الناشطة في هذا المجال على وعي كبير وحس نضالي عالي واستحضرت من خلاله لمصلحة جميع مكونات المجتمع المغربي وعلى رأسهم النساء اللواتي قدمن تضحيات هامة وجسيمة لبناء وطن و مواطن مؤمن بمبادئ وقيم حقوق الإنسان و متجند لتفعيل هذه المبادئ و القواعد في نصوص معيارية.
لكن يجب الإشارة أن مشروع هذا القانون لم يستحضر جميع المقتضيات الدستورية الواردة في دستور 2011، المتعلقة بمبادئ المساواة والمناصفة، وكذا الاتفاقيات الدولية ذات الصلة لاسيما اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز والتي صادق عليها المغرب.
وهكذا فإن مشروع القانون هذا تعتريه بعض نقط الضعف والتي يمكن الإشارة إلى بعضها وتخص ثلاث مستويات، الأول يخص مستوى تحديد مفهوم التمييز ضد المرأة، والثاني يتعلق بمستوى مهام وصلاحيات الهيئة، والثالث يتمحور بمستوى التوطين الترابي للهيئة.
وتأسيسا على ما سبق، نرى أن هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز يجب أن تخضع لمبادئ باريس من حيث التركيبة، والتنوع والاستقلالية والمهام والصلاحيات، كما يجب أن تتوفر على الاستقلالية المالية والإدارية وذلك من أجل مطابقتها من جهة للفصول 6 و19 و164 من الدستور ومن جهة ثانية للاتفاقية الدولية ذات الصلة والتي صادق عليها المغرب.
* ما هي في نظركم الأسباب التي أخرت خروج مشروع القانون المتعلق بمناهضة العنف لحيز الوجود ؟
> التأخير راجع في اعتقادي إلى أن الحكومة تسعى إلى الحصول على أكبر مستوى من التوافق من أجل اعتماد منظومة قانونية، تتميز بالانسجام الضروري ما بين مقتضيات الدستور والالتزامات الدولية للمغرب ومساهمات المجتمع المدني، وذلك بما من شأنه أن يوفر الأمن القانوني للنساء ضحايا العنف.
* أطلقت مؤخرا الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب دعوة من أجل نقاش مجتمعي حول إصلاح منظومة المواريث، ما رأيكم في ذلك؟
>لا نختلف مع هذه الدعوة بل نؤيدها، وتجدر الإشارة هنا أنه انطلاقا من إيمانه بأن قضية المساواة قضية مبدأ يكرسها الدستور، فقد أصدر منتدى المناصفة المساواة بلاغا يؤيد فيه التقرير الموضوعاتي حول “وضعية المساواة والمناصفة بالمغرب” الصادر عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان والذي تطرق من ضمن ما تطرق إليه الى المساواة بين الجنسين في الإرث، كما أكد المنتدى عبر ذات البلاغ إلى ضرورة “السعي إلى فتح آفاق التطور والتقدم على درب تحقيق المساواة الكاملة والمناصفة”، داعيا جميع الأطراف إلى تحكيم العقل وتغليب المصلحة الوطنية العليا وفتح الباب أمام الاجتهاد الخلاق المتوافق في شأنه بما يمكن من تعزيز المساواة الكاملة والمطلقة بين الجنسين.
* كيف تقيمون في منتدى المناصفة والمساواة تعامل الحكومة مع قضايا النساء؟
> تعامل الحكومة مع قضايا النساء يظل نسبيا لا بأس به، وذلك إذا استحضرنا مجموعة من المبادرات التي قامت بها، وعلى سبيل المثال يمكن الإشارة في هذا الصدد إلى القانون الانتخابي للجماعات والجهات الذي رفع من نسبة تمثيلية النساء إلى 27%، وكذا إحداث كل من المرصد الوطني لمكافحة العنف ضد النساء، ومرصد تحسين صورة المرأة في الإعلام.
كما تم العمل على تفعيل الدورية الوزارية التي تحث على تمتيع النساء السلاليات من الاستفادة من التعويضات العينية والمادية الناجمة عن المعاملات العقارية التي تعرفها الأراضي الجماعية (التفويتات أو الكراء) وذلك إسوة بذوي الحقوق الرجال، فضلا عن تمتيع النساء السلاليات، من نصيبهن في مخلف موروثهن من الأراضي الجماعية .