الإرهاب والجريمة المنظمة يستنفران البرلمانين المغربي والإسباني

البلدان مدعوان إلى تعزيز التعاون في مختلف المجالات بوعي استراتيجي راسخ
دعا البرلمان المغربي والكورتيس الاسباني “مجلسا النواب والشيوخ”، في ختام الدورة الثالثة للمنتدى البرلماني المغربي الاسباني التي انعقدت الأربعاء بالرباط، إلى مواصلة تعزيز سبل التعاون بين البلدين في مختلف المجالات “بوعي استراتيجي راسخ”.
وأكدت المؤسستان التشريعيتان في البيان الختامي الذي توج أشغال هذه الدورة، دعوتهما إلى “مواصلة العمل على تعزيز وتنويع وتوسيع سبل التعاون السياسي والدبلوماسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني والثقافي والتربوي بين البلدين، وذلك بوعي استراتيجي راسخ لا مجال فيه لأي ظروف طارئة أو حسابات تكتيكية”.
كما أكد البيان الحرص الأكيد للمؤسستين، في المغرب وإسبانيا، على مواصلة الجهود ومضاعفتها بما تقتضيه المرحلة الراهنة من متطلبات الحرص والحذر والتنسيق والتعاون القوي على مستوى التعاون الأمني، خصوصا “في ظل ما تشهده المنطقة المتوسطية وبلدان الساحل والصحراء من تسارع في وتيرة الظواهر الأمنية المقلقة والأحداث والمستجدات المتصاعدة الخطيرة من إرهاب وتطرف وجريمة منظمة وتهريب البشر وتهريب ورواج الأسلحة والمخدرات”.
وعبرت المؤسستان التشريعيتان في هذا الإطار عن “تنديدهما الشديد بالإرهاب في كل تجلياته، واستعدادهما المتواصل للانخراط في كل المبادرات الهادفة إلى محاربة الإرهاب والتطرف بمختلف أشكاله”.
كما أبرزا “العلاقات الأخوية العالية” التي تربط بين صاحب الجلالة الملك محمد السادس وصاحب الجلالة الملك فيليب السادس، باعتبارها “منبعا لحسن الجوار وضمانا للتعاون المثمر والتفاهم المستمر والتشاور الدائم كلما تعلق الأمر بالحفاظ على مصالح البلدين”، مسجلين “رصدهما الإيجابي لمسار البناء الديموقراطي وتعزيز الإصلاحات التي تنحو منحى التحديث والدمقرطة والانفتاح في المغرب”.
وأعرب البرلمان المغربي والكورتيس الإسباني أيضا عن تثمينهما وارتياحهما لسيرورة العلاقات الاقتصادية والتجارية بين المغرب واسبانيا، ونموها المضطرد، وتحسن معاملاتها وأرقامها، وحيوية وتنوع نشاطها، مؤكدين في الوقت ذاته على “القيمة النوعية للتعاون الثقافي والتربوي الاسباني المغربي القائم على سنن حضارية حية وتوازن خلاق”.
كما عبرا في هذا البيان عن اعتزازهما الراسخ بالتراكم الحضاري والاجتماعي للجالية الاسبانية في المغرب والجالية المغربية في إسبانيا، في صور من الهجرة المنظمة المنتجة للقيم والتعبيرات الثقافية الثرية، و”التي تنم عن كرم الضيافة والاستضافة والصداقة في بناء جديد لذاكرتنا المشتركة، والتبادل الرمزي لشعبينا، وإثراء المعنى الإنساني للإقامة على الأرض واقتسام الأفق الحر للحياة”.
ودعا البيان أيضا إلى المزيد من التفاعل بين مكونات المجتمع المدني في البلدين، والحوار بين الفاعلين في حقول السياسة والاقتصاد والثقافة والآداب والفنون والرياضة والمجتمع، والحرص على تبادل الخبرات والكفايات في جميع الميادين.
وبعدما أبرزا أن “المصير المغربي الاسباني واحد، صنعته الجغرافيا، وصاغت ملامحه تجربتنا التاريخية، وتتحكم فيه انتماءاتنا إلى الفضاء المتوسطي، وإلى روح العصر والقيم والدفاع عن المبادئ الكونية والانسانية وفي السلم والاستقرار والأمن والرفاه المشترك”، أكد البرلمان المغرب والكورتيس الإسباني ضرورة استثمار العمق التاريخي للبلدين، والعلاقات المتينة القائمة بينهما، وكذا بين الشعبين المغربي والاسباني لاستشراف آفاق المستقبل وتحصين المكتسبات والتعاون المثمر لمجابهة التحديات المشتركة.
كما سجلا إدراكهما المتواصل لمكانة البلدين في الفضاء الأورومتوسطي، ولما يقتسمانه من قيم إنسانية حيوية وتصور مفتوح للموقع الجيو-استراتيجي الذي يتماسان فيه، ويتبادلان المصالح المادية والرمزية وكل عوامل الجذب والرواج والعبور والدينامية، والاستثمار والتآزر والتشاور في جميع القضايا المشتركة خدمة لصالح البلدين.
وبخصوص انعقاد المنتدى البرلماني المغربي الإسباني، أكدت المؤسستان التشريعيتان أن هذا الموعد أصبح يكتسي أهمية خاصة باعتباره “ملتقى نموذجيا لعلاقة برلمانية ثنائية تهتدي بمرجعية حضارية تاريخية عميقة، وتمثل مختلف أوجه الجوار الجغرافي والتاريخي والجيو-استراتيجي وتؤسس للمستقبل”.
وأعربت المؤسستان عن “الارتياح المشترك للمناخ الأخوي المثمر” الذي ميز أشغال هذا اللقاء وتطابق وجهات نظرهما حول مجال التعاون الاقتصادي والأمني ومتطلباته في ظل التحديات المشتركة، والاهتمام المواكب لظاهرة الهجرة والتنقلات المختلفة بين البلدين.
وأكد الطرفان في هذا الصدد على أن “ما ساد حوارنا في هذا المنتدى، منذ دورته الأولى وحتى الآن، من تفاهم وصراحة لا يمكنه إلا أن يعزز إرادتنا في تنسيق الجهود والمواقف بين البرلمانين الاسباني والمغربي في مختلف المنتديات الجهوية والدولية، وذلك خدمة لقضايانا المشتركة وإسهاما منا في استتباب السلم والأمن والاستقرار في العالم”.
يشار إلى أن أشغال الدورة الثالثة للمنتدى البرلماني المغربي – الإسباني توزعت على أربع جلسات ناقش خلالها البرلمانيون المغاربة والإسبان مجموعة من المواضيع تتعلق بالأساس بالسياسة والأمن، والتعاون الاقتصادي، والتنقل والهجرة، والحوار الثقافي بين المغرب وإسبانيا.
وتعكس الدورة الثالثة لهذا المنتدى الإرادة المشتركة للبرلمانين المغربي والإسباني في تعزيز الحوار والتشاور حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، خاصة في ظل مناخ صعب مطبوع بتنامي الإرهاب والتهريب والتطرف.

Top