مخيمات اللاجئين جمدتها الثلوج في انتظار دفء القلوب الرحيمة

لا يمكن لأي فرد أو منظمة أو جمعية اختصار معاناة اللاجئين السوريين، في دول اللجوء، المستمرة منذ أكثر من 4 أعوام، ضمن عنوان واحد، فلكل عائلة تركت منزلها، بل لكل فرد هجر بلده بسبب الحرب المستعرة فيه، حكاية مختلفة، وقصة معاناة، وألم وحسرة لا تتشابه فيما بينها. في مخيمات اللجوء، تحت أسقف الغرف والخيم، قصص مأساوية لا يعرف طعمها الحقيقي إلا أصحابها، الذين يتمنون لو لم يكونوا من أصحابها يوماً.
ولم يكد النازحون السوريون يفرغون من إصلاح خيمهم المترهلة، التي غرق بعضها، وسقط جراء الأمطار الغزيرة والرياح القوية، حتى داهتمهم الثلوج الكثيفة، كي تفاقم معاناتهم مع البرد القارس.
في مخيم “قرية البقاع” في بلدة “بر إلياس” في البقاع، شرقي لبنان، يواجه النازحون البرد القارس، والثلوج التي تحيط السهول والجبال بكثافة غير معهودة على المنطقة منذ حوالي 11 عاماً.
وعلى الرغم من أن المخيم مجهز بـ»كرافانات» (بيوت مجهزة)، وحمامات، ومطابخ، ومغاسل، ويكاد زائره يقول للوهـلة الأولـى إنه “مخيـم 5 نجـوم” مقارنة مع بقية مخــيمات اللاجئين، إلا أن ما تحت أسقف هذه «الكرافانات» من قصص مأساوية، لا يمكن إحصاؤه وجمعه.
مخيم “قرية البقاع” تابع لاتحاد الجمعيات الإغاثية في لبنان، التي تقدم له ولكل مخيماتها المنتشرة في مختلف الأراضي اللبنانية، كل المساعدات والمعونات الضرورية للحياة، يضم حاليا 235 بيتاً جاهزاً، مع وجود خطة لزيادة عددها 400 بيت، إضافة إلى وجود مطبخ ومغسل لكل 4 بيوت.
هذا التنظيم في المخيم، مقدر من قبل النازحين القاطنين فيه، إلا أنه ومهما جرى من تطوير، لن يتمكن من محو الكثير من الآلام والمآسي الخاصة الموجودة عند كل عائلة، فقدت معيلها، أو أصيب أحد أفرادها أو عدد منهم بأمراض مزمنة تحتاج لتكاليف باهظة لعلاجها.
سهام حمادة التي لم تتمكن على مدى الأيام الماضية من المبيت في غرفتها الصغيرة، بسبب تسرب مياه الأمطار إليها، قالت إن “الوضع سيء جداً، لا تدفئة ولا مازوت في هذا البرد القارس والثلوج التي تحيط بنا من كل مكان”.
ولفتت إلى أنها اضطرت إلى المبيت عند جيرانها بسبب تسرب مياه الأمطار إلى غرفتها، التي تفتقد لكثير من مقومات الحياة الكريمة، فالأرض دون سجاد يقيها الصقيع، والسقف مثقوب من كل مكان، والأغراض مركونة فوق بعضها البعض في إحدى الزوايا، تنتظر الترتيب عندما تصبح الغرفة صالحة للعيش الكريم.
وتستمر المعاناة، مع الحاجة زينب الفاضل، التي تجاوزت الستين من عمرها، والتي تلازم في فراشها منذ فترة طويلة بسبب المرض، فهي تعيش في غرفة صغيرة مع ابنتها الوحيدة، بعد أن توفي زوجها واُعتقل اِبْنَاهَا.
لا يفصل غرفة الفاضل عن غرفة حمادة، إلا حائط صغير، جمعهما على المعاناة والألم والمأساة، على أمل أن يفصل يوما ما بينهما وبين هذا الواقع المرير في ظل أوضاع اللجوء الصعبة.
وفي “مخيم عائدون” للنازحين في سوريا، لا تختلف الأوضاع كثيرا عن باقي المخيمات فهو أيضا يعاني من نقص في مواد التدفئة، في ظل البرد الشديد وتساقط الثلوج الناجمة عن العاصفة الثلـجية التي تضــرب المنطقة.
ويقع المخيم في ريف إدلب الشمالي، وتقطنه 4 آلاف عائلة، كانت تسكن في ريف حماه الشمالي، وهرب أفرادها من قراهم وبلداتهم، التي تشهد قصفا متواصلاً منذ أكثر من عامين.
وقد أضاف البرد معاناة أخرى إلى قائمة معاناتهم الكثيرة. فالخيم المنصوبة دون عوازل، لا تحمي قاطنيها من المطر والثلج، إلى جانب النقص في مستلزمات التدفئة وأدواتها.
وقد اكتست أرض المخيم بالبياض بعد يومين من انهمار كثيف للثلوج، ولم يجد الأطفال حلا هناك سوى جمع أغصان الأشجار وإشعالها ليحظوا ببعض الدفء.
وأوضح مدير المخيم صهيب ذكور، أن عدداً كبيراً من الخيم هوت نتيجة العاصفة التي ضربت المنطقة، وأصبح سكانها بلا مأوى، مشيراً إلى أن إدارة المخيم تعمل على إصلاحها و إعادة النازحين إليها.
وناشد ذكور الهيئات الإغاثية إرسال خيم قادرة على الصمود أمام الأمطار والثلوج، وكذلك تزويدهم بمواد التدفئة والمدافئ للحيلولة دون إشعال أدوات بدائية كالبابور، الذي يبعث دخاناً كثيفاً داخل المخيم، ويتسبب في أمراض تنفسية للجالسين حوله وخاصة الأطفال.
يذكر أن العاصفة الثلجية التي ضربت منطقة الشرق الأوسط منذ الأسبوع الماضي، تسببت في عدد من الوفيات بين اللاجئين السوريين في مخيمات اللجوء في كل من لبنان والأردن.

Top