كاظم الموسوي
خبر تناقلته وكالات الأخبار ونشر عبر الفضاء الإلكتروني. زها حديد توفيت في مستشفى في مدينة ميامي في أمريكا وهي تعالج من التهابات رئوية.. نوبة قلبية مفاجئة نقلت زها من عالمنا الذي تركت فيه ما يبقيها حية فيه طالما بقيت شواهدها شاخصة لمن يرى أو يسمع. إنجازات معمارية مشهود لها فيها. رحلت بعيدة عن مكتبها في لندن وعن مسقط رأسها في بغداد، (31/10/1950).
قال مكتبها في بيان “بحزن كبير تؤكد شركة زها حديد للهندسة المعمارية أن زها توفيت بشكل مفاجئ في ميامي هذا الصباح (31/3/2016). كانت تعاني من التهاب الشعب الهوائية أصيبت به مطلع الأسبوع وتعرضت لأزمة قلبية أثناء علاجها في المستشفى”. وأضاف البيان أن “زها حديد كانت تعتبر إلى حد كبير أهم مهندسة معمارية في العالم اليوم”.
وتابع مكتبها “عبر العمل مع شريكها باتريك شوماخر، كانت تهتم بالعلاقات بين الهندسة المعمارية والمناظر الطبيعية والجيولوجيا، وأدخلتها في ممارسة مهنتها مع تكنولوجيا خلاقة وترجمت في غالب الأحيان عبر أشكال هندسية غير متوقعة ودينامية”.
نعتها أوساط رسمية ومهنية وخسرها مكتبها وأخواها وعائلتها وبلدها الأصلي الذي تمنت أن تشارك في إعادة إعماره من تدمير الحروب وتخريب الاحتلال الأمريكي البريطاني، والبلد الذي عاشت فيه وحملت جنسيته، والعالم كله ولاسيما الدول التي صممت فيها ما تميزت به ومن وما ارتبطت معه بمشاريع جديدة لم تستطع أن تنجزها وستظل تحمل اسمها المختار لها رغم الرحيل عنها قبل التنفيذ والإنجاز.
استلمت جوائز وميداليات ذهبية، تقديرا واحتراما لإبداعها وإنتاجها وخطوط معمارها واجتهاد فنها. جوائز لأول امرأة في تاريخ الإبداع المعماري وجوائز لامرأة أثبتت بجرأة وجدارة استحقاقها وحقها وإصرارها على ما اقتنعت به ورسمته مخيلتها ووضعته في تاريخ المعمار والعمران.
صرحت لدى تسلمها جائزة بريتزكر للهندسة المعمارية في 2004 “أعتقد أن تعقيدات وديناميات الحياة العصرية لا يمكن عكسها في الأشكال الكلاسيكية القديمة”. وقالت إن “الشعور الأولي بالتجريدية والغرابة لا يمكن تجنبه وهو ليس مؤشرا إلى إرادة شخصية”.
حزنت لفقدها والدها محمد حديد (1999 – 1907)، الوزير اليساري بعد ثورة يوليوز 1958، قبل أن يرى ما وصلت إليه في مجال اختصاصها وإبداعها، وها هي ترحل مبكرة، مسجلة إنذارا متقدما لموت مفاجئ وسريع وغير متوقع. ناقوس يعلن الفجيعة ويخاطب غيرها استعدادا لرحيل غير مأمون وتحضيرا ليوم عاجل.. عاجل، مهما أجل أو تأجل.
بعد ولادتها في بغداد أكملت مرحلتها الأولى من الدراسة فيها، وانتقلت إلى بيروت لدراسة الرياضيات في الجامعة الأميركية، ومن ثم التحقت بالجمعية المعمارية في لندن ونالت منها إجازتها عام 1977. وأصبحت لاحقا مدرسة فيها ومحاضرة في جامعات عديدة. وأسست شركتها الخاصة Zaha Hadid Architects عام 1979، وكانت أول امرأة تنال سنة 2004 جائزة “بريتزكر” التي تعد بمثابة “نوبل” الهندسة المعمارية. وفي العام 2015، أصبحت أول امرأة أيضا تنال الميدالية الذهبية الملكية للهندسة المعمارية، بعد جان نوفيل وفرانك غيري وأوسكار نييماير.
نالت في العام 2010 جائزة “ستيرلينغ” البريطانية وهي إحدى أهم الجوائز العالمية في مجال الهندسة، كما منحت وسام الشرف الفرنسي في الفنون والآداب برتبة كوموندور وسمتها اليونيسكو “فنانة للسلام”. وفي العام نفسه، اختارتها مجلة “تايم” من بين الشخصيات المائة الأكثر نفوذا في العالم. كما منحتها الملكة إليزابيث الثانية لقب ليدي في 2012 وحصلت على الميدالية الذهبية الملكية البريطانية لأعمالها في شهر فبراير الماضي.
هذه الجوائز والألقاب الشرفية اعتراف بما قدمت وشهادة لما أبدعت. لولا عطاؤها لما عرفت المهندسة المعمارية التي كتب اسمها عنوانا للإبداع والاختصاص والابتكار.
عراقية المنطلق بريطانية المكسب عالمية الشهرة… أكاديمية المظهر… معمارية المبنى.
مبدعة بامتياز
عندما حصلت على ميداليتها الذهبية في فبراير الماضي قالت زها إنها فخورة لكونها أول امرأة تحصل على هذه الميدالية رفيعة المستوى بصفتها. وقالت: “لقد أصبحنا اليوم نرى معماريات من النساء رائدات أكثر من أي وقت مضى”. وأضافت: “هذا لا يعني أن الأمر سهل، بعض الأحيان التحديات تكون هائلة، ولقد حدثت تغيرات مهولة في الأعوام الماضية، ولكننا سوف نستمر في مجاراة ذلك”.
رحلت زها حديد، وبقيت آثارها شهادة خلود لها وسجل إقرار لمواهبها وتذكيرا باسمها وإبداعها وبلدانها التي فقدت فيها ما لا تعوضه الكلمات.