قال مدير المديرية المركزية للتحكيم يحيى حدقة، إن لجنة التأديب والروح الرياضية استأنست برأي المديرية فقط قبل إعلان قرارها بإلغاء بطاقتين حمراوتين وأخرى صفراء منحها الحكم توفيق كورار للاعبين من فريق مولودية وجدة.
وأضاف حدقة في حوار أجرته مع «بيان اليوم»، قائلا إنها ليست أول مرة يتم فيها مراجعة قرارات الحكام، مبرزا أن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تتخذ جميع الإجراءات لحماية الحكام، بينما تعمل المديرية على تعزيز التواصل لمحاربة حملات التأثير عليهم.
وأكد حدقة أن المديرية التي تعتمد على مجموعة من المقاييس في تعينات الحكام كالجاهزية والخبرة والرصيد التحكيمي، لا تعترف إلا بالاحتجاجات الرسمية المرسلة من الأندية، داعيا في الآن ذاته، إلى رفع وتشبيب التحكيم المغربي من أجل مستقبل أفضل للقطاع.
< ما هو رأيك في قرارات لجنة التأديب والروح الرياضية في إلغاء بعض قرارات حكم مباراة فريقي الوداد البيضاوي ومولودية وجدة؟
> لتوضيح الأمر. فالمديرية المركزية للتحكيم ولجنة التأديب والروح الرياضية ولجنة الاستئناف، هي هيئات مختلفة. صحيح أنها تابعة للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم وفق قوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، لكن كل هيئة تشتغل على حدة ودون تدخل أي طرف من الأطراف الأخرى. نحن لا نتدخل في قرار اتخذته لجنة أخرى تابعة للجامعة. يمكننا التدخل في بعض الأمور عند طلب ذلك للاستئناس عبر شرح معطيات واردة في تقارير لحالات مسجلة بالفيديو قبل رفعها إلى اللجنة.
< إذن فقد تمت الاستشارة مع المديرية المركزية للتحكيم قبل الإعلان عن إلغاء القرار؟
> تمت استشارتنا في عدة قرارات تحكيمية، ومن جانبنا قدمنا وجهتنا نظرنا من الناحية الفنية، ولا شيء آخر. لم نتدخل أبدا في قرارات اللجنة. يتم الاستماع إلى رأينا من أجل التوضيح فقط. بعدها ننسحب لتشتغل تلك اللجنة في حرية تامة وحيادية. كما يحدث معنا عندما نعين الحكام أو نتخذ القرارات، فلا يتدخل في أي أحد عملنا.
< ألا تعتقد أن إلغاء بعض القرارات التحكيمية قد يؤثر مستقبلا على أداء الحكام؟
> ليست الجامعة الحالية أول من قامت بذلك. منذ سنة 2013 ويتم إلغاء قرارات الحكام. آنذاك كان علي الفاسي الفهري رئيسا للجامعة وقبل ذلك كانت القرارات تراجع. هنا قرارات تدخلت فيها اللجنة وفق قانون معين من أجل مراجعة قرارات بعض الحكام. والجامعة بطبيعتها تهتم بكل مراسلة رسمية من طرف الأندية.
مثلا في السنة الماضية، وتحديدا بعد مباراة الفتح الرباطي والمغرب الفاسي، تمت مراجعة قرار طرد حارس مرمى الفتح (علاء المسكيني). ولجنة التأديب رأت أن حالة الطرد أنها لم تكن مقبولة وسمحت له بلعب اللقاء الموالي الذي فاز فيه الفتح على الوداد البيضاوي (3-1). وبمقدور الفريق في حال إذا لم يتقبل قرار الحكم أو اللجنة، أن يستأنفه لدى لجنة الاستئناف. وأريد أن أؤكد على أن ردود الفعل المماثلة باتت جزء من اللعبة.
ولا بد أيضا من الإشارة إلى أن لجنة التأديب والروح الرياضية ترتكز في قراراتها على تقارير الحكام وتقارير مراقبي المباريات وليس تقارير مراقبي الحكام التي يرجع إليها في حال لم تفد التقارير الأولى اللجنة في شيء ويتم طلبها منا بطريقة رسمية للتأكد من صحة بعض الأمور. وهذه ليست أول حالة تسجل هذا الموسم، فمنذ انطلاق البطولة وهناك تراجع عن مجموعة من القرارات، وعموما تظل شخصية الحكام حيادية.
< كمدير لمديرية التحكيم، كيف تتجندون لحماية الحكام داخل الملاعب؟
> الجامعة تحمي الحكام وتتخذ جميع الإجراءات اللازمة والضرورية والقانونية لحماية كل المتدخلين في اللعبة وليس الحكم فقط. حتى المتفرج محمي بإجراءات من قبيل ضرورة توفير سيارة إسعاف بالملعب رفقة طبيب بكل المنافسات الكروية. صحيح أن نهاية كل مباراة تعرف احتجاجات من الفرق، لكننا نتقبل كل الانتقادات والاحتجاجات التي نحاول من جهتنا البث فيها واستفسار الحكام عن بعض قراراتهم.
< وما هي الإجراءات التي تتخذها المديرية للتصدي لمحاولات التأثير على الحكام؟
> التواصل، لأن التواصل مع الحكام إضافة إلى تجربتهم ستكفل لنا التصدي لهذه الأشياء. المباريات تعرف ضغوطات من الإعلام والجماهير والأندية والالتزامات المهنية للحكام. ومن جانبنا نعمل بمعية الحكام على تحويل الضغط إلى حافز وقوة لمواجهة المباريات.
< هل يمكن معرفة المقاييس التي تعتمد عليها مديرية التحكيم في تعيينات الحكام؟
>الحكم الجاهز لإدارة المباريات هو من يتم تعيينه. هناك أيضا رصيد الحكم من المباريات على مدار السنة، وسجل بأقل عدد ممكن من الأخطاء والقرارات المؤثرة. هذه كلها أمور يتم أخذها بعين الاعتبار عند تعيين الحكام. وأؤكد أنه لا وجود لأي محاباة أو تدخل أو تأثير. وهناك استقلالية وضمير حي.
فعلا هناك بعض المباريات التي تتطلب مواصفات خاصة لحكام معينين. مثلا مباريات الرجاء والوداد البيضاويين مثلا لها حكام محددين، ليس لصعوبة إدارتها، بل بسبب صعوبة امتصاص الحكم للضغط والتواصل والتعامل مع كل الحالات. وهنا أشير إلى أن الحكم كورار يقود المباريات على مدار سنة ونصف. وهذا الموسم قاد العديد من المباريات. أكيد هناك هفوات، لكن يبقى للحكم رصيده التحكيمي ومردوده العام ومكانته.
< كيف تتعاملون مع هجوم الأندية على التحكيم عقب كل دورة، وهل ذلك لا يعدو أن يكون مجرد محاولة منها لتصدير أزمة نتائجها؟
> يجب أن نعي مسألة مهمة، وهي أن الاحتجاجات التي نعترف بها هي التي تطرح على طاولة النقاش. أما الكلام الذي يروج بعد نهاية كل مباراة، فلا نعترف به إلا إذا كان هناك ما يسترعي الالتفات إليه. الاحتجاجات هي الوثائق الموقعة والمسجلة. أما الباقي فليس إلا محاولات لتبرير هزيمة أو انخفاض المستوى أو أشياء أخرى.
< في نظرك كيف بمقدوركم إعادة الثقة لكافة المتدخلين في الساحة الكروية الوطنية اتجاه الحكام؟
> يجب علينا العمل والتصدي بحزم لجميع الأشياء التي تضر باللعبة. يتوجب الاستمرار في العمل على تكوين حكام ومنحهم شخصية جديدة وتوفير الآليات للتصدي لبعض الأشياء. وبالنسبة للثقة في الحكام، فمن يقول إنهم يتعمدون ارتكاب أخطاء، فليقدم أدلة على ذلك. وآنذاك سيرى الكل إذا كنا سنتدخل أم لا.
نشتغل كذلك على خلق تواصل دائم بين الحكام وباقي المتداخلين. وعندما نجح في هذا الرهان فسنكون قد قطعنا شوطا كبيرا في تطوير اللعبة. ومثلا الحكمان بوشعيب لحرش ورضوان جيد لا يمكن الحديث عنهما لأنهما راكما تجربة كبيرة جدا. وبسبب هذه التجربة والاستمرارية في العطاء، نثق فيهما. أما الأشياء الأخرى فمجرد مبررات يراد بها تغطية إخفاق معين.
< أمام هذه المعطيات، كيف تجدون تمثيلية التحكيم المغربي على الصعيدين القاري والدولي؟
> الحكام المغاربة حاضرون بجميع التظاهرات الخارجية. 3 أطقم تحكيمية أي 9 حكام يشاركون بالإقصائيات. لحرش شارك بكأس أمم إفريقيا وجيد ونور الدين الجعفري حكما بكأس أمم إفريقيا للمحليين. لدينا حكام يمثلون المغرب قاريا. ما يلزمنا هو العمل بمعية الاتحاد القاري لإعطاء الفرصة لحكامنا، لأن (الفيفا) تعتمد على مقترحات الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (الكاف).
لنأخذ عشيق فقد تم اختياره للمشاركة في تدريب الحكام المساعدين الدوليين المرشحين للتحكيم بنهائيات كأس العالم 2018 بروسيا، والمقرر بمدينة أكادير نهاية ماي. وفي الإناث شاركت إنصاف الحركاوي بتدريب الحكمات المرشحات لكأس العالم، في قطر. لدينا أيضا الحكمة المساعدة سعاد الحاج مرشحة بقوة للمشاركة بالألعاب الأولمبية ريو دي جانيرو. وعموما نحن نعمل على ضمان تواجد المغرب بالمنافسات القارية والدولية، ولكي يتحقق هذا من الضروري تشبيب قائمة حكامنا.
< ما هو تقييمكم للتحكيم المغربي بصفة عامة؟
> فيما يخص التحكيم، فأعتقد أن ما يجب الاشتغال عليه هو الرفع من عدد الحكام. فـ 545 حكما لن تمنحك حكاما كبارا أو ذوي تجربة أو أصحاب عطاء متواصل. بعض الدول تملك ألوفات الحكام. نعمل بمعية العصب وفق مشروع مشترك من أجل الرفع من عدد الحكام ونهج سياسة التشبيب وتوحيد وسائل العمل وطرق تكوين الحكام والأشخاص المتدخلين في القطاع.
شخصيا أنا مرتاح لمستوى التحكيم في المغرب رغم بعض الهفوات، لأنه لا يوجد في التحكيم المغربي أي تدخل أو أخطاء متعمدة. وأؤكد مرة أخرى أن طبيعة ممارسة مهمة التحكيم، تجعل الحكم معرضا للوقوع في الأخطاء. والحكام في المغرب جاهزون. وأعتقد أننا سنتقدم إلى الأفضل مستقبلا.
حاوره: صلاح الدين برباش
تصوير: عقيل مكاو