14 مارس

الجو قارس. إنها نهاية الشتاء. السماء بيضاء. السماء زرقاء. الصينيون ينامون باكرا ويستيقظون باكرا.
فندقي يقع في بداية زنقة نان ليو غوكسيانغ، زنقة تجارية، خصوصا بالنسبة للسياح الصينيين الذين يشكلون الأكثرية. هناك العديد من الأزواج الشبان الفرحون بالتسوق، بعض عناوين المحلات مكتوبة بالصينية والانجليزية. نرى الطابع الأمريكي يتغلغل ببطء. الأكل في كل الأوقات. يتم وضع الواقي من غبار التلوث. المشكل الخطير في العاصمة.
أصادف بعض التلاميذ، الذين كانوا قد اشتغلوا على أحد كتبي. إن لهم فضولا لكل شيء.
بعد الغذاء أرد على أسئلة بعض الصحافيين، خصوصا من يومية هانكيو شيباو (يسحب منها 2 مليون نسخة). إنهم معجبون بالجوائز الكبرى، من قبيل نوبل والغونكور. لا يفهمون لماذا تتجاهل أكاديمية ستوكهولم أدبهم. يعتبرون الجائزة التي نالها كسيانغ سنة 2000 تتعلق بكاتب فرنسي وليس صينيا. يفضلون التحدث عن مو يان، الحاصل على نوبل سنة 2012. هو يعد “صينيا حقيقيا”. بضعة أسئلة حول الإسلام كانت قد طرحت علي. الأقلية المسلمة (التي تعيش في غرب البلاد) يتم التعامل معها باحترام من طرف 98 في المائة من الصينيين الذين يحملون الإحساس بأنهم تم انتقاؤهم. لكن أقلية ويغورس الذين يعيشون في إقليم كسانجياز لا يعطى لهم أي اعتبار. يتم الربط بينهم وبين العمل الجهادي الذي وقع في سوق بيورمكي وأسفر عن مقتل 39 شخصا يوم 22 ماي 2014. فضلا عن ذلك، يتم مؤاخذتهم بكونهم جميعا قادمون من خارج الصين هروبا من الحروب والكوارث. يمكن القول إن السلطات تسيء معاملتهم بشكل فاضح.
  في نهاية اليوم، لقاء في مقهى، حانة، مكتبة، حيث تجري وقائع المهرجان الأدبي بوكوورن. حشد من المهتمين يتألف بالخصوص من الغربيين. جو احتفالي وجد لطيف ينشطه بيتر، مبدع هذا الفضاء وهذا الاحتفال.
 عشاء في المساء مع أحد الكتاب الأكثر شهرة حاليا في الصين، كيو هوادونغ، مع هوانغ زينوي الناقد الأديب ومدير المجلة الأدبية التي لا تقل تأثيرا، ومع المترجمين مينغ ماي ولين يوان.
 نحن في الحي الجديد والأنيق والغالي ببكين. مراكز تجارية تحمل علامات دولية كبرى. كل ما له صلة بالموضة يوجد هناك. المنتوجات التي يتم استيرادها برسوم لا تتعدى 30 في المائة. لكن بما أن الصين يتوفر على أعلى نسبة من الميليارديرات، فإن هذا لا يشكل أي إشكال.
لكن ما هو أهم في هذا الحي حيث الأشجار مضاءة باستمرار، كما لو أن الأيام كلها احتفال بنويل، هو الهندسة الجميلة والحديثة جدا. مطعم “جين ياي طانغ” يوجد في أجمل الفنادق بالمدينة، من إنجاز مهندس ياباني. فضاءات كبرى، بنيات مخدومة بدقة، بإيجاز إنها حداثة تضاهي ما هو موجود في نيويورك ودبي.
 عند انصرافنا، وجدنا أنفسنا في خضم سيارات ممتازة. ليس هناك سيارة واحدة متواضعة، من نوع فياط 500 أو كليو. ليس هناك غير المرسديسات والأوديو والبي إم دوبلفي وبعض الليموزينات اليابانية. إنه المنعطف الصيني الجديد: الصخب الباذخ والمال السهل.
 نقاشات مع مثقفين حول الطاولة: الصينيون مقلون في القراءة. معدل سحب كتاب مترجم يتراوح بين 2 و5000 نسخة. يجري الحديث عن الرقمي الذي يشكل رعبا بالنسبة للبعض، لكن بما أن القراء نادرون، فإن هذه القضية تصير ثانوية.       

بقلم: الطاهر بنجلون

ترجمة: عبد العالي بركات   

Related posts

Top