بدأت، منذ أمس الاثنين، معركة الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية بين إيمانويل ماكرون المؤيد لأوروبا وزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن المعادية للعولمة، مرشحان على طرفي نقيض لا يجمع بينهما سوى تأكيد كل منهما أنه يجسد القطيعة مع “نظام السلطة”.
ففي ختام حملة انتخابية حافلة بالمفاجآت استمرت عدة أشهر، تصدر الوسطي إيمانويل ماكرون (39 عاما) نتائج الدورة الأولى، أول الأمس الأحد، حاصدا 23.86 % من الأصوات، فيما حلت زعيمة حزب الجبهة الوطنية مارين لوبن (48 عاما) في المرتبة الثانية بحصولها على 21.43 % من الأصوات، محققة نتيجة تاريخية لهذا الحزب وصلت إلى سبعة ملايين صوتا، بحسب نتائج شبه نهائية.
وعكست عناوين الصحف الفرنسية، أمس الاثنين، صدمة هذه الدورة الأولى، راسمة التحديات المقبلة.. فكتبت “لو فيغارو” اليمينية مقالا بارزا موسوم بـ “الضربة القاضية لليمين”، فيما نشرت “ليبيراسيون” اليسارية على صفحتها الأولى صورة ماكرون مع عنوان “على مسافة عتبة”. أما “لومانيتيه” الشيوعية، فاختارت نشر صورة لمارين لوبن تعترضها كلمة “أبدا!”.
ويبدو إيمانويل ماكرون في موقع جيد للفوز في الدورة الثانية بعدما دعا القسم الأكبر من الطبقة السياسية الفرنسية، سواء من اليمين أو من اليسار، إلى “تشكيل سد” في وجه اليمين المتطرف، كما أعلن فرنسوا فيون وبنوا آمون أنهما سيصوتان لصالحه. وهنأ الرئيس المنتهية ولايته فرنسوا هولاند الذي لم يترشح لولاية ثانية، في سابقة أخرى في هذه الانتخابات الخارجة عن الأنماط المعروفة حتى الآن، وزيره السابق للاقتصاد الذي استقال من الحكومة في غشت 2016 لتأسيس حركته “إلى الأمام!” والانطلاق في السباق الرئاسي، محددا موقعه “لا من اليمين ولا من اليسار”.
وطرح المرشحان من الآن القضيتين الجوهريتين في الدورة الثانية من الانتخابات، وهما أوروبا والعولمة.
وشدد ماكرون أمام أنصاره المتجمعين في جنوب باريس على أنه سيحمل “صوت الأمل” لفرنسا و”لأوروبا”، مؤكدا عزمه على أن يكون “رئيس الوطنيين في مواجه خطر القوميين”. وحظي المرشح المؤيد للاتحاد الأوروبي بدعم كبير من رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر وحكومة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل.
من جهتها، قالت مارين لوبن إن “الرهان الكبير في هذه الانتخابات هو العولمة العشوائية التي تشكل خطرا على حضارتنا”. وأضافت متوجهة إلى أنصارها “إما أن نكمل على طريق الإزالة التامة للضوابط، وإما أن تختاروا فرنسا”، طارحة نفسها على أنها “مرشحة الشعب”. وتدعو لوبن إلى الخروج من اليورو وتعتزم في حال فوزها طرح مسألة انتماء فرنسا إلى الاتحاد الأوروبي في استفتاء شعبي.
وبدأت، منذ أمس الاثنين، المعركة بين المرشحين. وسيباشر ماكرون بحسب أوساطه “محادثات سياسية” تشمل مفاوضات مع قسم من اليمين واليسار، لضمان الحصول على دعم واسع والتحضير على الأرجح لحكومة انفتاح.