يستمر الإضراب عن الطعام الذي يخوضه مئات الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي تحت شعار: “إضراب الحرية والكرامة”، ويتكثف التنديد عبر العالم بإهمال إسرائيل وتجاهلها للتدهور الصحي الخطير الناجم عن ذلك.
الأسرى الفلسطينيون يخوضون اليوم معركة بطولية من داخل سجون الاحتلال، ويفضحون بذلك كامل الصورة التي تروجها البروباغاندا الصهيونية عن نفسها وعن دولة الاحتلال، وهم أيضا يعززون النضال الوطني العام لشعبهم من أجل الاستقلال والحرية والكرامة.
سلطات الاحتلال، وبدل أن تسارع للإفراج الفوري واللامشروط عن كل الأسرى وفق المواثيق الدولية ذات الصلة، تمعن اليوم في التضييق والضغط عليهم لوقف الإضراب البطولي الذي يتواصل للأسبوع الثاني على التوالي، كما أنها ما زالت تمنع المحامين من الاتصال بهم وزيارتهم، وتحول أيضا دون تسرب المعلومات عن أوضاعهم إلى الإعلام والمنظمات الحقوقية، بالإضافة طبعا إلى ظروف الاعتقال المزرية، والتي كانت أصلا وراء الشروع في الإضراب المفتوح عن الطعام.
إن صمت المجتمع الدولي اليوم والأمم المتحدة عن هذه المأساة التي تندر بعواقب وخيمة، يعتبر وصمة عار تمس العالم برمته.
ألف وخمسمائة أسير فلسطيني في مختلف سجون إسرائيل يخوضون إضرابا مفتوحا عن الطعام نتجت عنه أوضاع صحية متدهورة في صفوفهم، ويوجد كذلك من بينهم قيادي حركة فتح وعضو المجلس التشريعي الأسير مروان البرغوثي، والذي نقلت وسائل الإعلام أن تدهورا خطيرا مَس وضعه الصحي، وأنه يصر على رفض تلقي العلاج…
هي إذن مأساة أخرى تصيب الشعب الفلسطيني جراء استمرار الاحتلال الإسرائيلي وإصرار نظام نتنياهو على التعنت ورفض أي مبادرة سلام.
معاناة الشعب الفلسطيني تسائل اليوم الضمير الكوني برمته، وتطرح مسؤولية الدول الكبرى ومجلس الأمن والأمم المتحدة، وتفرض تسريع المبادرات من أجل الضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي للإفراج الفوري عن كافة الأسرى، وللتنديد بخرقها المستمر لحقوق الإنسان ولمواثيق الأمم المتحدة.
مأساة الأسرى المضربين عن الطعام تكشف بشاعة صورة الاحتلال الإسرائيلي، وتقدم دليلا جديدا على همجية الكيان الصهيوني، وأيضا على ضرورة إنهاء هذا الاحتلال وتمكين الفلسطينيين من الحرية والاستقلال وبناء دولتهم والعيش بكرامة وعزة على أرضهم.
إن ما يجري على الأرض في فلسطين، سواء من خلال مأساة الأسرى والمعتقلين أو الإجراءات الاستيطانية والتهويدية المتتالية التي تقترفها يوميا السلطات الإسرائيلية أو أيضا باقي إجراءات التضييق والخنق المقترفة في حق السكان على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والميدانية، كل هذا عندما نضيف إليه ما يشهده العالم من بؤر اشتعال أخرى وانشغالات وتحولات إستراتيجية وسياسية، يفرض تشديد التأكيد على محورية القضية الفلسطينية وتقوية الترافع الدولي دفاعا عن الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني.
كل الأوساط الديمقراطية عبر العالم مسؤولة إذن اليوم عن التنديد بما يتعرض له الشعب الفلسطيني من طرف الاحتلال الإسرائيلي، ومطالبة بتقوية مبادرات التضامن، والعمل من أجل الضغط على الكيان الصهيوني للإفراج عن الأسرى وللالتزام بالشرعية الدولية.
محتات الرقاص