احتفاء بذكرى مرور خمسين سنة على ميلاد مجلة «أنفاس»

> عبد العالي بركات

أعلن الأديب المغربي عبد اللطيف اللعبي عن إنشاء مؤسسة ثقافية تحمل اسمه، مذكرا في اللقاء الذي أقيم ضمن الأنشطة الموازية للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، أن هذه المؤسسة انبثقت من الوعي بعدم مركزية الثقافة في صيرورة البناء الديمقراطي والتحرر لاكتساب شخصية مستقلة للمواطن.   وأوضح اللعبي في هذا اللقاء الذي يروم من خلاله إحياء الذكرى الخمسين لإصدار العدد الأول من مجلة أنفاس التي لعبت إبان السبعينيات من القرن الماضي قبل توقفها، دورا هاما في تحديث الثقافة المغربية، أوضح أن ميلاد مؤسسة اللعبي الثقافية يصب في سياق النداء الذي كان قد أطلقه بمعية نخبة من المثقفين من أجل ميثاق وطني للثقافة، حفاظا على القيم النبيلة التي ناضلوا في سبيلها.  ويتشكل مكتب هذه المؤسسة الفتية من عبد اللطيف اللعبي (رئيسا)، يونس أجراي (نائبا للرئيس)، عبد
الهادي السعيد (كاتبا عاما)، عبد الرحمن طنكول (أمينا للصندوق)، العلوي البلغيتي (مستشارا). مع العلم أنه سيتم بعد ذلك تشكيل هيئات علمية وإدارية لهذه المؤسسة.    وقد تم تسطير برنامج عمل للاحتفاء بذكرى المجلة، يرتكز على ثلاث أوراش: ــ إعادة طبع الأعمال الكاملة لمجلة أنفاس ورقيا، مع العلم أن الصيغة الرقمية كان قد تم إنجازها.ــ عقد ندوة دولية حول المغامرة الثقافية والجمالية للمجلة، ومن المقرر أن يشارك في هذه الندوة أزيد من ثلاثين مشاركا. ــ إقامة معرض كبير للوحات التشكيلية والغرافيكية استحضارا للفنانين الذين كانت لهم مشاركات في المجلة.
     وبالنظر إلى أن هذا اللقاء الذي تولى تسييره يونس أجراي، تم تكريسه بالأساس للاحتفاء بمرور خمسين سنة على إطلاق مجلة أنفاس؛ فقد تميز بحضور مجموعة من الأسماء التي كان لها إسهام أساسي في خروج هذه المجلة إلى حيز الوجود وإغناء محتوياتها، من ضمن هذه الأسماء: الأديب الطاهر بن
جلون والشاعر مصطفى النيسابوري والفنان التشكيلي محمد المليحي. وقد أبرزوا أنه منذ العدد الأول من المجلة، انبنى خطها التحريري على الجمع بين الأدب والتشكيل، حيث تضمنت قراءة في المشهد الثقافي، إلى جانب قصائد شعرية ونماذج من اللوحات التشكيلية. وذكر اللعبي أن تأسيس هذه المجلة تم بسلاسة، بالنظر إلى قيام وعي مشترك بضرورة تفعيل الحركة الثقافية.واعتبر الفنان التشكيلي محمد المليحي أن هذه المجلة شكلت في إبانها ظاهرة فنية في العالم الثالث، باعتبار أنها كانت تجمع بين الكلمة والتشكيل، وقد لعبت بذلك دورا تكوينيا وتوعويا، سواء على المستوى الفني أو السياسي.  واعترف الطاهر بن جلون بأنه بدون أنفاس ما كان ليصير كاتبا، مستحضرا كيف كان لقاؤه بهذه المجلة فور خروج من الأسر، حيث ساعدته على نشر نصوصه الأولى التي كان يكتبها في الخفاء؛ مما أعاد إليه الأمل.  كما أشار إلى أن هذه المجلة أحدثت ثورة على مستوى تحديث الثقافة، وأنه لم يكن لها مثيل في ذلك الإبان، وكيف أنها حافظت على خصوصيتها وأصالتها، بالرغم من أنها لم تحظ بمساندة إعلامية، غير أن ذلك كان مصدر قوتها.  وأكد الشاعر مصطفى النيسابوري أن إخراج مجلة أنفاس إلى الوجود، كان ضرورة ملحة في إبانها، وكان الوعي بأهمية حضور الفن التشكيلي في المجلة، متوافقا حوله منذ البداية، وقد تم تحدي الإمكانيات المحدودة، علما بأن المجلة لم يكن لها مقر خاص، بل كان يتم إنجازها في مسكن مديرها عبد اللطيف اللعبي.
 يذكر أنه منذ تأسيس المجلة في سنة 1966 وإلى حدود تاريخ توقفها عن الصدور في سنة 1973 ، ظلت  تُعتبر واحدة من المجلات المغربية الرائدة، التي راهن طاقمها التحريري، ليس فقط على إثارة الانتباه إلى عدد من الموضوعات الطريفة والقضايا الشائكة، التي كانت تحسب في عداد مهملات الكتابة والبحث، وإنما أيضا على ربط هذا الاختيار الثقافي والأدبي بأفقه النضالي الإنساني. وسواء تعلق الأمر بنسخته الفرنسية أو العربية، بقي هذا المنبر الحر يعتبر بمثابة خلية نشطة، تسعى، عبر نخبة من خيرة المثقفين والفنانين والشعراء المغاربة، إلى إشاعة تفكير تحديثي يراهن على ضخ روح جديدة في حقل الثقافة والفكر المغربيين التقليديين، بما يساهم في ترسيخ فعل ثقافي وطني، ناضج وملتزم.

Related posts

Top