تكاد لا سلطة تعلو على سلطة المؤسسات المالية الدولية على البلدان النامية. وإذا كانت تدخلات المنظمات الدولية من قبيل هيئة الأمم المتحدة وما ينبثق عنها من منظمات ذات الصبغة السياسية والأمنية والحقوقية في شؤون الدول النامية، تمارس من وراء حجاب ووسط سحب كثيرة والتباسات متعددة، فإن تدخلات المؤسسات المالية الدولية من قبيل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية وغيرها كثير، في شؤون هذه الدول تكون سافرة وتتخطى الحدود الحمراء لسيادة الدول، تملي عليها ما تشاء من سياسات وبرامج لاشعبية، حيث رغم ما تثيره تلك السياسات والبرامج من مشاكل اجتماعية واقتصادية، وما تخلفه من قلاقل وعدم استقرار فإن حكومات الدول المعنية لا تستطيع رفضها بدعوى “الحفاظ على التوازنات الماكرو-الاقتصادية”. أما وكالات التصنيف الائتماني المخيفة فلها القدرة الكاملة على خلق مناخ إما إيجابي أو سلبي، يشجع أو ينفر المستثمرين من استثمار رؤوس أموالهم في البلد وذلك حسب تنقيط تلك الوكالات.
في الحلقات التالية تعريف بهذه المؤسسات المالية التي تحكم العالم وتتحكم في رقاب البلدان النامية؟
فيتش رايتينغ.. الأكثر قساوة على الاقتصاديات الضعيفة
هي شركة عالمية رائدة في مجال خدمات المعلومات المالية، وثالث أهم وكالة للتصنيف الائتماني في العالم من حيث رقم مبيعاتها وحصتها في السوق، بعد كل من وكالتي موديز لخدمة المستثمرين وستاندارد أند بورز. وتعمل فيتش في أكثر من خمسين بلدا حول العالم تملك فيها مكاتب تمثيلية.
وتعمل وكالة فيتش للتصنيف الأعلى تقييم الجدارة الائتمانية للبلدان والمؤسسات الراغبة في الحصول على التمويل عبر أسواق الأوراق المالية عن طريق إصدار السندات.
ويُقصد بالجدارة الائتمانية مدى قدرة الجهة الراغبة في الاقتراض على الوفاء بالتزاماتها المالية وسداد ديونها لمستحقيها في الآجال المتعاقد عليها.
كما تقوم فيتش، التي يوجد المقر الرسمي للمؤسسة بمدينة نيويورك الأميركية، بتزويد المستثمرين بجملة من المعلومات والتحاليل بخصوص الصحة المالية لبعض المؤسسات المدرجة في سوق الأوراق المالية، وتقدم آرائها بشأن الاستثمار فيها من عدمه.
النشأة والتطور
تأسست وكالة فيتش للتصنيف الائتماني في نيويورك عام 1913 على يد خبير في الإحصائيات المالية يدعى جون نولز فيتش، وشهدت الوكالة تطورا كبيرا على مر السنين تسرعت وتيرته في العقود الأخيرة بعد سلسلة الاندماجات التي عرفتها مع مؤسسات أخرى متخصصة في خدمات المعلومات المالية.
فقد اندمجت فيتش مع شركة إبكا الإنجليزية عام 1997، ثم مع الشركة الأميركية داف أند فيلبس عام 2000، وقامت بالاستحواذ على شركات أخرى مثل سيفن سيتي.
يغطي نشاط وكالة فيتش حاليا تصنيف الديون السيادية لأكثر من 150 دولة، وديون ما يناهز 19 ألفا و500 مؤسسة خاصة (مصارف، ومؤسسات مالية، وشركات تأمين، وشركات).
ويضم سلم فيتش لتصنيف الديون السيادية 11 مستوى، وهي:
– إي إي إي: سندات تتمتع بأعلى قدر من الجودة، وتنطوي على أقل مستوى من المخاطر الائتمانية.
– إي إي: سندات تتمتع بجودة ائتمانية عالية جدا، وتنطوي على مخاطر ائتمانية ضعيفة.
– إي: سندات تتمتع بجودة ائتمانية عالية، وتنطوي على مخاطر ائتمانية ضعيفة.
– بي بي بي: سندات تتمتع بجودة ائتمانية جيدة، وتنطوي على مخاطر ائتمانية ضعيفة.
– بي بي: سندات فيها درجة من المضاربة، مع قابلية مرتفعة للتخلف عن السداد، لا سيما في حال حدوث تغيرات عكسية على مستوى الأعمال أو الظروف الاقتصادية مع مرور الوقت.
– بي: سندات فيها درجة عالية من المضاربة مع وجود خطر التخلف عن السداد، لكن هامشا محدودا من الأمان يظل متاحا.
– سي سي سي: سندات تنطوي على مخاطر ائتمانية كبيرة، وتظل إمكانية التخلف عن السداد احتمالا حقيقيا.
– سي سي: سندات تنطوي على مستويات عالية جدا من المخاطر الائتمانية، وتظل إمكانية التخلف عن السداد احتمالا مرجحا.
– سي: سندات تنطوي على مستويات مرتفعة بشكل استثنائي من المخاطر الائتمانية، ويبقى التخلف عن السداد وشيكا أو لا مفر منه.
– آر دي: عجز محدود عن السداد، حيث سبق لمصدر السند أن واجه مشاكل في السداد، لكنه لا يوجد بعد في حالة إفلاس.
– دي: عجز كامل عن السداد، ومصدر السند في حالة إفلاس.
عبد الحق ديلالي