في إطار مخططها التقني للقضاء على المواقع الصفيحية بسلا، لتسريع إعلان سلا مدينة بدون صفيح،وبعد تردد دام عشرات السنين، وما تبعه من بطء وثيرة إعادة إيواء ساكنة الصفيح بالمدينة، سارعت سلطات المدينة السنوات القليلة الأخيرة بتوجيهات من والي الجهة وعامل سلا، إلى استكمال عمليات إعادة الإيواء، والترحيل التي تستهدف ساكنة هذه البراريك.
وفي هذا السياق،ورغم الطقس البارد والممطر، قامت مؤخرا معاول الهدم بمباشرة عملية إزالة براريك متبقية بـ “سهب القايد”، بأشراف من السلطة المحلية والقوة العمومية، وذلك بعدما تم تنظيم عمليات القرعة واستفادة القاطنين من بقع أرضية لأسرتين وبأثمنة تفضيلية بتجزئة المنتزه 1 ببوقنادل، على بعد حوالي 15 كلم من مكان “السهب”.
ولأجرأة العملية،تم تخصيص شباك وحيد بعين المكان يضم مختلف المصالح، من سلطات محلية وجماعية مكلفة بالمصادقة على الوثائق، وأيضا ممثلي وزارة الإسكان ومؤسسة العمران وممثلي المؤسسات البنكية، وذلك لتسريع وتيسير المساطر بالنسبة للمستفيدين، بغرض مساعدتهم على تكوين الملف الإداري والمالي للسكن الجديد، وإجراء القرعة وتسلم البقع بعين المكان.
وفي ذات السياق، تقوم السلطات المختصة بمباشرة عملية ترحيل وإعادة إيواء ساكنة التجمع الصفيحي الضخم “راس الما -الديبو” (بدءا ببلوك 10) ونقط صفيحية متفرقة أخرى،بنفس الطريقة والتقنية التي تم تبنيها لعملية السهب، حيث الوجهة دائما هي المكان المخصص ببوقنادل غير بعيد عن سوق الأحد، على أن يتم تهيئة وعاء عقاري ثاني المنتزه 2 للاستجابة للحالات المتبقية .
سلا بدون صفيح
وسجلت عمالة سلا ممثلة في قسم التهيئة العمرانية والبيئة “أن العمالة والولاية وبتعاون مع كافة الأطراف المعنية من قطاعات حكومية، تسابق الزمن لإنجاح هذا البرنامج الاجتماعي والسعي الحثيث لإعلان المجال الحضري لسلا مدينة بدون صفيح أواخر السنة الجارية”.
أكثر من ذلك أضافت ممثلة القسم “أن عمالة سلا وولاية الجهة وبعد اجتماعات جهوية مركزية، أعدوا اتفاقيات تمويلية للقضاء على مظاهر الصفيح بكافة تراب العمالة تشمل الجماعات الترابية ببوقنادل وعامر بالضواحي إلى غاية نهاية 2022″…
وبلغة الأرقام وحسب ذات المصدر فقد تمت معالجة منذ بداية سنة 2019، 11 حيا صفيحيا من أصل 23، مما مكن من ترحيل 1240 أسرة وإخلاء 20 هكتارا..فيما توجد 5 أحياء في طور المعالجة،تشمل 2921 أسرة، تم إخلاء منها 1820 أسرة.
وبخصوص التجمع الصفيحي”سهب القايد” تم إخلاء 77% ، أما بتجمع “رأس الماء –الديبو” فيتم ترحيل قاطني بلوك 10 بمحاذاة شارع محمد الخامس، حيث تم إخلاء 70% من مجموع 449 أسرة.
وقالت ممثلة القسم أيضا “إن نصف عدد الحالات المشمولة بقرار الترحيل سيحتضنها موقع المنتزه 1، أي حوالي 3500، رحلت منها حاليا 3049، فيما العدد المتبقي من أصل 7012 سيوجه للمنتزه 2”.
وأكدت نفس المتحدثة أن عمالة سلا والولاية، بالتعاون مع قطاعات أخرى، سيوفر عددا من المرافق بمنطقة المنتزه، منها منطقة صناعية، مؤسسات تعليمية، ملحقة إدارية، مركز صحي، مرافق للشباب وملاعب القرب”.
توقيت الترحيل
وفي سياق متصل، أصدر فرع الجمعية المغربية لحقوق الانسان بسلا، بلاغا بخصوص عمليات الهدم والترحيل التي استهدفت ساكنة التجمعات الصفيحية والبناءات العشوائية بضواحي سلا خصوصا بجماعة “عامر” القروية، حيث انتقد البلاغ توقيت عمليات الهدم، لاسيما وأنها تتزامنمع فصل الشتاء حيث برودة الطقس وتهاطل الأمطار، مطالبا البلاغ بمواكبة الساكنة المعنية، وتوفير بدائل سكنية،كما حمل مسؤولية انتشار البناء العشوائي والصفيح للمنتخبين والسلطات فيما مضى من سنوات بالمدينة.
ولم تستطع مدينة سلا أن تكون مع الموعد طلية سنوات عدة ومنذ توقيع عقد “برنامج مدن بدون صفيح” أمامالملك سنة 2004،حيث بقي البرنامج رهين أجندات انتخابوية، وسياسية ضيقة، إضافة لممانعة بعض الساكنة المحلية وبعض ذوي الحقوق.
وهكذا تم تأجيل إعلان سلا بدون صفيح في أكثر من محطة، حيث لم يتم الانتهاء من إعادة إيواء ساكنة كريان “الواد”بالعيايدة، الموزع على ثلاث مواقع، إلا بعد جهد جهيد ومجهودات مضنية وصعبة تطلبت سنين طويلة.
فيما تأخر كثيرا مباشرة عملية كريان “سهب القايد” الذي عرف مشاكل مستعصية واستغلال انتخابي،وممانعة محلية،قبل أن يعرف تسارعا كبيرا في حسم مراحله،خصوصا في الفترة الأخيرة،كما انطلقت السلطات الإقليميةبتنسيق وتعاون مع باقي المصالح الحكومية المعنية والجماعات الترابية،في مباشرة ترحيل باقي النقط الصفيحية،خصوصا منها التجمع الصفيحي الضخم راس الما، والذي يتطلب تعبئة وجهودا مهمة،ومنها ضمان الانخراط السلس للساكنة باعتماد المواكبة الاجتماعية والتواصل، وسرعة التعامل مع المشاكل والمطالب الطارئة.
حلم يتبخر
وكانت الساكنة المتبقية من قاطني براريك السهب المتواجد خلف مقر الجماعة الحضرية، والمقدرة بأقل من 1300 براكة، تراهن على الإيواء بعين المكان في شقق بعمارات كان قد جاء الحديث عنها في اتفاقية لم تر النور، وبقيت حبرا على ورق بعد استحالة ترجمتها على أرض الواقع، وصعوبة تعويض ملاك الأرض التي يجثم عليها التجمع الصفيحي منذ عشرات السنين ..
وكانت الساكنة دخلت في سلسلة من الاحتجاجات على مدى سنوات،وصلت حد احتلال شارع عبد الخالق الطريس لشهور، وتدخل القوة العمومية الذي أسفر عن اعتقال عدد من السكان وإحالتهم على المحاكمة.
وبعد العديد من المشاورات والاجتماعات التنسيقية بين مختلف الأطراف المعنية (عمالة سلا، مؤسسة العمران، الجماعة الحضرية، مندوبية السكنى) التي كان الحديث فيها يدور حول وجود اتفاقية لإعادة ساكنة التجمع الصفيحي”سهب القايد”، لكن فاجأت السلطة الإقليمية السكان بعرض سبق وطرحته مؤسسة العمران منذ سنوات عدة،يتعلق بأرض مجهزة ضواحي الجماعة الحضرية لبوقنادل المنتزه 1.
وكان المشاركون في لقاء تشاوري نظمته سابقا جماعة سلا، تحت موضوع “سلا مدينة بدون صفيح ..بين الطموح والإكراهات”، قد أقروا بصعوبة عيش ساكنة دورالصفيح بسلا ومعاناتهم الكبيرة منذ عشرات السنين على جميع المستويات خصوصا الجانب الاجتماعي والإداري..وتفشي مظاهر الإقصاء والتهميش الصارخة، مما يشكل أرضية ملاءمة لتفشي عدد من الأمراض الصحية والنفسية ومظاهر الانحراف،والجريمة.
< إنجاز: عبدالإله عسول