الدخول المدرسي…

قرار إرجاء الانطلاق الفعلي للموسم الدراسي إلى غاية فاتح أكتوبر، يعتبر خطوة مبررة، بموجب السعي لإنجاح حملة تلقيح التلاميذ المتراوحة أعمارهم بين 12 و17 سنة بالجرعتين المطلوبتين، وذلك قبل التحاقهم بالمؤسسات التعليمية.
النجاح في تنظيم الدخول المدرسي والجامعي، وأيضا النجاح في الإنجاز الفعلي للموسم الدراسي، يمثل بالفعل تحديا حقيقيا أمام بلادنا، وذلك على غرار باقي دول العالم خلال زمن الجائحة. وبشكل عام، لقد نجح المغرب لحد الآن في تدبير هذا الرهان، ومن ثم القرار المعلن عنه بشأن الموسم الدراسي الجديد يؤكد الحرص اللازم لضمان دخول مدرسي وجامعي آمن من الناحية الصحية.
المؤسسات التعليمية تعتبر فضاءات حاضنة لعشرات الآلاف من المتمدرسين والأطقم التربوية والإدارية، ومن ثم تلفها مخاطر عديدة، ويجب تقوية اليقظة والحذر من أن تتحول نفسها إلى بؤر وبائية، أو تؤدي إلى حدوث أي انتكاسة، لا قدر الله، على هذا المستوى.
السلطات التربوية ببلادنا بررت خطوتها الجديدة، والتي أقدمت عليها بتنسيق مع وزارة الصحة وبتوصية من اللجنة العلمية، بتطلعها إلى توفير الظروف المواتية لاعتماد نمط «التعليم الحضوري» بالنسبة لكافة التلاميذ والطلبة ومتدربي التكوين المهني، وهو ما يفرض أيضا انخراط أسر وأولياء التلاميذ والطلبة، وتعبئتهم للعمل من أجل إنجاح حملة تلقيح فلذات أكبادهم، والمساهمة، بذلك، في تحقيق التقدم على مستوى المناعة الجماعية لشعبنا، وتمكين أغلب المواطنات والمواطنين من الاستفادة من التلقيح، وحماية صحة وسلامة شعبنا ومجتمعنا، وتسريع العودة إلى الحياة الطبيعية.
من جهة أخرى، يتيح التأجيل المعلن عنه بعض الوقت للسلطات المسؤولة لكي تحرص على تعزيز التواصل مع شعبنا وأسر التلاميذ والطلبة، وتطوير مبادرات التفاعل والتحفيز والتنوير على هذا الصعيد، كما أن إنجاح هذا القرار الإيجابي يقتضي استحضار مختلف الجوانب والمشكلات الأخرى المرتبطة بالعملية التعليمية والدخول المدرسي لهذه السنة، والإعلان عن حلول وإجراءات تهمها، وتجيب على ما تطرحه الأسر هذه الأيام من أسئلة وانشغالات.
في مدارس التعليم الخصوصي، مثلا، جرى تسديد المستحق المالي المطلوب عن شهر شتنبر، والآن أعلن أن الدراسة لن تبدأ  إلا في فاتح أكتوبر، والعديدون يتساءلون هل سيحتسب لهم ذلك عن شهر أكتوبر أم سيلزمون بالدفع من جديد، وتسديد مقابل شهر تواصلت فيه العطلة بموجب قرار حكومي؟
هناك كذلك مستوى التقيد بالتدابير الاحترازية والشروط الوقائية داخل عدد من المؤسسات التعليمية، العمومية والخصوصية، وتجهيز المدارس والجامعات والمعاهد بلوازم النظافة والتعقيم المطلوبة…
ثم هناك كذلك الجوانب التربوية والتعليمية، وتعبئة الإدارات والأطقم المهنية لإكمال كل المقرر، والحرص على الجودة التعليمية، وتمكين المتعلمين من إنجاز كل التعلمات المقررة واللازمة، وذلك احتراما لحقوقهم بهذا الخصوص، وأيضا حرصا على مصداقية التعليم المغربي والشهادات المسلمة..
التعليم في زمن الجائحة، بقدر ما كرس نجاحا مؤكدا في تدبير المصاعب والمعضلات، فهو أيضا فرض التفكير في عدد من التبدلات والتحديات المطروحة أمامنا، ويدعونا اليوم إلى الانكباب على تأهيل فضاء المدرسة بشكل عام، والعمل على الموارد البشرية، وعلى الإمكانيات المرصودة للقطاع بشكل عام…
وفِي الخلاصة، يعني ما سبق، أن الأمر يتعلق بتحد مجتمعي حقيقي، ويجب تعبئة كل الجهود لكسب رهانه، استحضارا لحقوق التلاميذ والطلبة، وصيانة للصورة العامة لبلادنا ومصداقية منظومتنا التعليمية الوطنية.

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top