السيادة اللقاحية…

ترأس جلالة الملك منذ أيام ببنسليمان إطلاق أشغال إنجاز مصنع لإنتاج اللقاحات المضادة لكوفيد 19 ولقاحات أخرى، وهو مشروع ضخم ومهيكل يندرج ضمن ذات الرؤية الملكية الإستراتيجية المتصلة بالأمن الصحي لشعبنا.
مصنع بنسليمان، من شأنه تحويل المغرب إلى قطب تكنولوجي وصناعي في المجال الصيدلاني والصحي، كما سيساهم، عند إنجازه، في تأمين السيادة اللقاحية للمملكة ولمجموع القارة الإفريقية.
ما شهده العالم كله بسبب الفيروس، وما نجم عن تفشي هذا الوباء من انهيارات، وأيضا سباق بين الدول لضمان حاجياتها الذاتية، فرض التفكير في الأمن الصحي والسيادة اللقاحية، وذلك ضمن الحرص على مقومات الأمن الإستراتيجي للدول، وهنا كان المغرب رائدا على الصعيدين الإقليمي والقاري في تدبير الجائحة والتصدي لها، ومن ثم، يعتبر مشروع «مصنع بنسليمان» اليوم، خطوة جوهرية لترسيخ هذه الريادة، ومن أجل السعي لتأمين احتياجات بلادنا، وأيضا تلبية الطلب من باقي شعوب القارة.
الرؤية الملكية تعيد مرة أخرى التأكيد على أولوية الصحة بشكل عام، وعلى رهان بلادنا لتأهيل هذا القطاع وتطويره.
وتقتضي هذه المعركة التنموية الأساسية، أولا تأهيل مختلف الخدمات الصحية الداخلية لفائدة شعبنا، وتمتين الولوج اليومي العادل والمنصف إليها من طرف المواطنات والمواطنين، وتبعا لذلك، تأهيل وتطوير البنيات الأساسية وتوسيعها، فضلا عن العناية بالموارد البشرية العاملة في كل مستويات القطاع، وتجويد الحكامة العامة على مستوى المنظومة الصحية برمتها.
وفي نفس الإطار، يجب أيضا إنجاح ورش الحماية الاجتماعية، وتقوية الرعاية الصحية، الاستشفائية والعلاجية، لفائدة المغربيات والمغاربة، وتعزيز الوعي الصحي، وذلك من أجل صحة وسلامة شعبنا وبلادنا.
وفضلا عن هذه الانتظارات الشعبية الداخلية، التي تفرض تفاعلا سريعا وإجراءات عملية ملموسة من لدن الحكومة، فإن بلادنا مطالبة بتعزيز مقومات صناعة طبية وصيدلانية حقيقية، وذلك بما يحقق الأمن والسيادة على هذا المستوى.
إن مصنع بنسليمان يضع أساسا جديا لهذا الورش الإستراتيجي المهيكل، وخصوصا على مستوى إنتاج وتوفير مختلف اللقاحات المطلوبة، كما يجب، في نفس الوقت، العمل على مجالات أخرى ذات صلة، تعنى بالتجهيزات والمنتجات الطبية والبيوطبية، ومختلف اللوازم ذات الأهمية في منظومة الأمن الصحي بشكل عام، إضافة إلى جوانب التكوين والتكوين المستمر، والارتقاء بالبحث العلمي وإشعاع الوعي الصحي، وتعزيز التعليم الجامعي المرتبط بمختلف مهن وتخصصات الشأن الصحي.
لا شك أن هذا الورش كبير جدا، ويشمل انتظارات عديدة، ولكن الإصرار الملكي على النجاح في كسب الرهان، وتقوية السيادة الوطنية، في اللقاح وفي باقي الاحتياجات الأخرى ذات الصلة، يحفز اليوم على المضي إلى الأمام في هذه الدينامية المبتكرة، والحرص على أن تنجح بلادنا في المعركة من أجل الصحة.
يبقى أن الرؤية الملكية الاستشرافية على هذا الصعيد، تفرض أيضا مقاربة حكومية بذات الرؤية ونفس التطلع الإستراتيجي، وبالتالي دور الحكومة اليوم هو أجرأة الرؤية الملكية داخل آجال معقولة، وتوفير شروط التنفيذ والنجاح على أرض الواقع، وعلاوة على ذلك، الانخراط في باقي الجوانب التأهيلية والتعزيزية المرتبطة بهذا الأفق المهيكل لقطاعنا الصحي الوطني، وللصناعة الطبية والصيدلانية، وكسب رهاناتها، وكذلك التواصل المنتظم مع شعبنا وتنويره وتوعيته، وذلك بما يقوي تعبئته الوطنية، ويساهم في إشعاع الوعي والتربية الصحيين، ومحاربة الخرافات والدجل والأخبار الزائفة، وخصوصا المتعلقة منها بتدبير الجائحة والتصدي لتداعياتها، وحفظ صحة وسلامة المواطنات والمواطنين.

محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top