الشعر الأمازيغي المعاصر بالريف

 واصل فرع اتحاد كتاب المغرب بالناظور تفعيل برنامجه الثقافي لهذا الموسم بتنظيم ندوة أدبية تحت عنوان: “الشعر الأمازيغي المعاصر بالريف” تكريما لروحي الشاعرين الفقيدين: أحمد الزياني ومحمد شاشا، التي شارك فيها الأستاذان الباحثان: عبد الرزاق العمري ومحمد اليوسفي، وتنسيق الأستاذ ميمون حرش. وذلك مساء السبت 10 دجنبر2016 بدار الأم للتربية والتكوين بالناظور.
 استهلت الندوة بقراءة الفاتحة ترحما على روحي الشاعرين الفقيدين. وبعده سيَّر الأستاذ  ميمون حرش الندوة بتقديم كلمة رحب فيها بالحضور وبالأستاذين الباحثين المشاركين، كما  استعرض أنشطة الاتحاد واهتمامه  بالثقافة المغربية بكل روافدها الأمازيغية والعربية. واعتبر هذا التكريم للشاعرين الكبيرين التفاتة رمزية دالة على دورهما في إدخال الفرحة على قلوب الأمازيغ. وتوقف عند الشعر كمكون من مكونات الثقافة الأمازيغية، وأرقى شكل من أشكال اللغة الأمازيغية لتجذره في الكيان الأمازيغي. والشعر أكثر حظوة من الأجناس الأخرى بالريف، ذلك ما نلاحظه من خلال التراكم، إذ صدر أكثر من 42 ديوانا شعريا  لـ  20 شاعرا، وذكَّر بأسمائهم فضلا عن شعراء آخرين لم ينشروا دواوينهم بعد، مع أن لهم مكانة اعتبارية  مهمة.
  وبعده أخذ الكلمة الأستاذ عبد الرزاق العمري الذي قدم قراءة مركزة ومختزلة في شعر الشاعر أحمد الزياني، نظرا لاتساع عالمه الشعري وقضايا دواوينه الثلاثة بثرائها الرمزي واللغوي. ورٍأى أن قصائد الشاعر في بنائها الدلالي والإيقاعي واشتغالها الرمزي تجربة جد متميزة في ما تراكم من الشعر الأمازيغي بالريف، تجربة متميزة في سيرورة أسئلة الشعر الأمازيغي والإبدالات العميقة التي واكبت هذا الشعر من الشفوية إلى الكتابة. وأكد أن تجربة الشاعر تأسست على النشوء خارج القيود والنمطية، وعلى الاختلاف في رؤيتها للإنسان وفي عمق وجودها وبنائها. إننا نقرأ شاعرا بصيغة الجمع. حيث جاءت كل تجربة من تجاربه الثلاثة متفردة. كما تأسست على نشوئه بالبادية التي أكسبته رهافة الأحاسيس إلى أن هاجر إلى أوربا سنة 1979 دون أن يحمل معه أشياءه الصغيرة. لقد خلف ثلاثة دواوين: أذريغ ذكزرو ( سأكتب في الحجر) ـ ثيروريوين إموراي (زغاريد للعريس) ـ إغمباب يرزون خي غمباب نسن ذكوذم ومان ( الوجوه التي تبحث عن وجهها في وجه الماء).  الشاعر مثقف عصامي لأن تعليمه لم يتجاوز الابتدائي ومع ذلك ظل لصيق القراءة لتكوين وتثقيف ذاته. وتوقف الأستاذ عند بعض القصائد، محللا مضامينها وبناءها وخصائصها الفنية التي تتسم بها إلى جانب مميزات الدواوين الثلاثة: الأول مشحون بأسئلة الهوية والهجرة، والثاني عاد فيه إلى القصيدة الوجدانية أما الثالث ففيه مطارحات جديدة ولغة إنسانية سامية ترقى إلى اللغة العالمية، وأكد بأنه أول شاعر مثقف بالريف يطرح في ديوانه إشكالية الانتقال من الشفاهية إلى الكتابة.
 أما المداخلة الثانية فكانت من نصيب الأستاذ محمد اليوسفي، تناول فيها التجربة الشعرية عند محمد شاشا الذي أثرى المكتبة بإنتاجاته الموزعة ما بين الشعر والقصة والرواية. استهل مداخلته بالتعريف بالشاعر الذي ولد برأس الماء بقرية إشبذانن في 15 غشت 1955 حيث تابع دراسته الابتدائية. ثم انتقل إلى الناظور لمتابعة دراسته بإعدادية الشريف محمد أمزيان التي طرد منها.  اشتغل بحارا في قريته، غير أن عدم استقراره وأحلامه الكبيرة دفعته إلى الهجرة نحو أوربا سنة 1973. ونظرا لأنشطته الثقافية والنضالية بأوربا، لم يسمح له بالرجوع إلى الوطن إلا بعد سنوات. أصدر ما يقارب 20 مؤلفا بين الشعر والرواية والقصة، ترجم بعضها إلى الهولندية. عُرِف عنه السفر إلى جنوب إفريقيا وجنوب أمريكا وغيرها من البلدان، ما سينعكس إيجابا على تفكيره وإبداعه. وإلى جانب هذا، فقد تعددت اهتماماته مابين الموسيقى والإعلام. اتسمت إبداعات الشاعر محمد شاشا بالجرأة والصدق والوصف الدقيق. من أعماله بالعربية مثلا المغرب الجديد (1979) ـ قصائد الفقراء (85) أين الأمل ـ قصائد متمردة.
 وبالأمازيغية: أرز الطابو أتفغ تفوشت ( كسِّر الطابو لتشرق الشمس) ـ أبريذ أييزران (الطريق إلى الشعر) وهو مؤلف حول الشعر الأمازيغي القديم ـ ثوف ثقان (انتفخت وأغلقت) ـ شوات ذي ثيبوهريا ..(قليل من الحمق ..)
 ثم انتقل الأستاذ إلى استعراض مجموعة من الخصائص والسمات التي يتميز بها شعره الذي ينطلق من تجربة المعاناة والألم. حرص الشاعر على استحضار القيم الأمازيغية ومناورة المقدس والطابو وإعلان العصيان أكثر من مرة والبوح بإحساس رجولي خشن. كما وظف معجما لغويا استمده من منابع الحياة اليومية رافضا لغة الشعارات، حريصا على لغة جريئة قوية ومؤثرة  وغيرها من السمات. وأكد أن الشاعر لم يكتب من أجل المال والشهرة بل تلبية لحماسه المشتعل.

متابعة: جمال أزراغيد

Related posts

Top