المغرب الفاسي .. تاريخ عريق وأزمة عميقة

لم يكن يتوقع أحد أن يصل فريق المغرب الفاسي لكرة القدم إلى هذه الحالة المزرية التي بات عليها خلال الموسم الكروي 2015-2016، إذ بدل ضمان لقب أو مقعد مشاركة قارية، دخلت كتيبة «النمور الصفر» في أزمة عميق لا تليق بتاريخ فريق عريق بحجم الماص .. أزمة جعلته يلعب في السنوات الأخيرة الهروب من جحيم القسم الوطني الثاني.
الماص بتاريخه العريق كأحد أقطاب الكرة المغربية إلى جانب فرق الوداد والرجاء البيضاويين والجيش الملكي، في طريقه عمليا إلى القسم الثاني، إذ يحتاج إلى معجزة بالانتصار بنتيجة كبيرة أمام مضيفه حسنية أكادير وخسارة فريقي مولودية وجدة والكوكب المراكشي.
ويحتل الفريق الفاسي المركز الأخير برصيد 26 نقطة على بعد جولة واحدة من إسدال الستار على منافسات البطولة الاحترافية «اتصالات المغرب لكرة القدم، محققا خلال الجولات الـ29 الماضية أرقاما جد سلبية بواقع 4 انتصارات فقط مقابل 14 تعادلا و11 هزيمة، ومسجلا 20 هدفا لا غير.
مصادر من داخل الماص تؤكد أن أبناء الفريق من المسيرين هم من أساؤوا لفريق كبير بحجم المغرب الفاسي الذي أضحى بشهادة الكثيرين كبش فداء لصراعات ونزاعات شخصية ما تزال مستمرة إلى حدود كتابة هاته الأسطر بين حزبين أول مقيم بفاس وآخر مستقر بالدار البيضاء.
والأدهى أن كلا الطرفين يرفض الاعتراف بالخطإ، ودوما ما يتم تبرير ما يحصل على أساس أن هناك مؤامرة واستهدافا للفريق الفاسي، في وقت يؤكد الواقع وأرقام الفريق أن هناك انعداما مخيفا للاستقرار التقني والإداري كمعطيين أساسيين للنجاح، غابا وتسببا في أزمة النتائج منذ بداية الموسم.
بلغة الأرقام، مر على تدريب الماص هذا الموسم 3 مدربين، بداية من رشيد الطاوسي مرورا بالفرنسي دينيس لافاني وانتهاء بالإطفائي محمد الأشهبي، وحتى المكتب المسير شهدت تغيرا عقب انسحاب كريم والي علمي من رئاسة الفريق ليخلفه أحمد المرنيسي بعدما تراجع إسماعيل الجامعي في اللحظات الأخيرة بسبب ضغوطات عائلية.
هذه الفوضى لم تغب بدورها عن اللاعبين الذين تمرد عدد منهم على إدارة فريقهم التي أعطت أوامرها للإدارة التقنية بإجلاس أسماء ترفض تمديد عقودها، أو من طرف لاعبين معروف عنهم عدم الانضباط وكثرة خلافاتهم مع المدربين، ناهيك عن تأخر صرف الأجور والمنح.
ومن تجليات الأزمة قيمة التعاقدات المبرمة ماديا ورياضيا، إذ انتدب الماص لاعبين من المستوى الثاني إلى جانب أسماء أجنبية لا يمنحها مستواه تأشيرة اللعب بفريق كالماص، لتثبت الأيام فشل صفقات المسؤولين الفاسيين في اختياراتهم بعدما رحيل المدافع الإسباني مبكرا، ومؤكد أن البوسني والإنجليزي هما أيضا في الطريق إلى مغادرة فاس.
والغريب أن الصراعات والتطاحنات لم تفارق المغرب الفاسي حتى في أزهى فتراته عندما توج الفريق موسم 2011-2012 بالثلاثية التاريخية (كأس العرش وكأس الاتحاد الإفريقي وكأس السوبر الإفريقي) .. صحيح أن هذا الإنجاز ساهم نسبيا في تقليل بروز المشاكل في عهد الرئيس مروان بناني، لكنها سرعان ما سطعت بقوة لاحقا، خاصة بعد التفريط في نجوم الفريق وبدء ظهور أزمة مالية خانقة.
تحول المغرب الفاسي من فريق مرجعي على صعيد الكرة الوطنية منذ تأسيسه سنة 1946، وحصوله على ألقاب وكؤوس محلية وقارية، إلى فريق هاو تسييريا ومفتقد لشخصية البطل وغير مرغوب فيه من جانب اللاعبين ويلعب فقط من أجل الحفاظ على مكانته بقسم الصفوة، لتبقى الأسئلة المطروحة: كيف سيكون مستقبل الماص؟ وهل سيظل الفريق داخل دوامة صراعات لا تنتهي؟ وهل ناس فاس قادرون على إنقاذ الماص.!!!؟
 صلاح الدين برباش

Related posts

Top