اليوم الوطني للمسرح

      حوار مع مسعود بوحسين وحسن هموش بمناسبة اليوم الوطني للمسرح..

        احتفال باهت بسبب وباء كوفيد –19

  • مسعود بوحسين: الجائحة كانت سببا في فقدان الشغل لمجموعة كبيرة من مهنيي المسرح وأدت إلى تفاقم ظروفهم الاجتماعية
  • حسن هموش: < نحتفي باليوم الوطني للمسرح لهذه السنة ولربما السنة المقبلة بمرارة

خلد المغرب الجمعة الماضي (14 ماي الجاري)، اليوم الوطني للمسرح، وهي مناسبة للمهنيين وعشاق الخشبة لتقييم وضع أبي الفنون، خاصة وأن الاحتفال بهذا الحدث يتأثر للسنة الثانية على التوالي بالوضع الصحي المرتبط بكوفيد – 19.
وفي الواقع، فقد أدى تفشي وباء كوفيد-19 في العالم والتدابير الصحية التي تهدف إلى الحد من انتشاره، إلى القضاء على التفاعل بين الممثل والجمهور الذي يعد المكون الرئيسي لفن المسرح، مما فسح المجال أمام العالم الافتراضي أو حتى لمسرح بدون جمهور.
وقد أثر الوباء بقوة على قطاع المسرح الهش في الأصل، حيث تعرض المهنيون لآثار نفسية واجتماعية خاصة أولئك الذين ليس لديهم دخل آخر غير ما يكسبونه من القطاع الفني بشكل عام والمسرحي بشكل خاص.
وبمناسبة اليوم الوطني للمسرح، الذي يحتفل به في المغرب في 14 ماي من كل سنة، أجرت وكالة المغرب العربي للأنباء ​​حوارا مع شخصيتين بارزتين من عالم المسرح لتقديم تصورات تكميلية حول واقع القطاع والتحديات الناجمة عن استمرار الأزمة الصحية العالمية لوباء كوفيد- 19.
ويتعلق الأمر بمسعود بوحسين، رئيس النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية، وحسن هموش، رئيس الفدرالية المغربية للفرق المسرحية المحترفة. وأجمع هذان الفاعلان في مجال المسرح على ضرورة دعم مهنيي القطاع في هذه الفترة من عدم اليقين والقيام بإصلاحات هيكلية في المجال الثقافي ككل.
واعتبر مسعود بوحسين، رئيس النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية، أن الوباء أدى إلى تفاقم الظروف الاجتماعية لمجموعة كبيرة من مهنيي المسرح، الذين لا يمكن استيعابهم في قطاع السينما والتلفزيون.
وأوضح أنه فيما يتعلق بالجانب الثقافي، أدى الوباء إلى تجميد النشاط الثقافي والفني، وحرم مهنيي الفنون الحية، ولا سيما المسرح، من مهنتهم.

ولاحظ بوحسين، وهو دكتور في الدراما من جامعة بوخارست (رومانيا) بخصوص تأثيرات امتداد الأزمة الصحية على المسرح الوطني، سواء الاحترافي أو مسرح الهواة، أن المسرح الوطني سجل حتى عام 2018 تطورا كبيرا مع ظهور فنانين جدد ومشاريع ثقافية متنوعة، حيث كان يتوقع تحقيق المزيد من التقدم لكن هذه الديناميكية تحولت إلى ركود بسبب الوباء.
وسلط بوحسين الضوء على رمزية اليوم الوطني للمسرح، الذي يحيي ذكرى انعقاد أول مناظرة وطنية للمسرح الاحترافي في 14 ماي 1992، وكذلك الرسالة الملكية التي كان قد وجهها جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني، طيب الله ثراه، بهذه المناسبة.
وبدوره اعتبر المخرج والكاتب المسرحي حسن هموش، أن “الظرفية التي يعيشها العالم جراء جائحة كوفيد 19، أصبحت مقلقة لحد أن الوضع معها بات تراجيديا، بحيث أنها عرت على هشاشة العديد من القطاعات، ومن بينها القطاع الفني، الذي كان يواجه صعوبات حتى قبل تفشي الجائح”.
وأعرب عن أسفه لكون العديد من الفنانين اضطروا إلى اللجوء إلى أنشطة أخرى لتلبية احتياجاتهم، مشيرا إلى أنه “في غياب رؤية استراتيجية لمحاصرة هذا التمزق النفسي والاجتماعي، يزداد الوضع تفاقما يوما بعد يوم”.
وصرح رئيس الفيدرالية المغربية للفرق المسرحية المحترفة بأنه “في شهر مارس الماضي احتفل المسرحيون باليوم العالمي للمسرح، بشكل باهت، وهو الوضع الذي يتكرر اليوم مع تخليد اليوم الوطني للمسرح، جراء استمرار إغلاق المسارح”.


وحسب هموش، وهو أيضا أستاذ التعليم الفني، فإن الاحتفال باليوم الوطني للمسرح هو بالأساس مساءلة عن نتائج مخرجات الرسالة الملكية التي كان قد وجهها جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه للمناظرة الوطنية الأولى للمسرح الاحترافي حيث تقرر الاحتفال باليوم الوطني للمسرح.
فيما يلي نص الحوار:

تقديم وحوار: نادية الهاشمي (و.م.ع)

> يحتفل المسرح بيومه الوطني للعام الثاني على التوالي في سياق تفشي الجائحة. ما هي الانعكاسات الرئيسية لهذا الوضع على القطاع؟

بوحسين:
لقد أدت الجائحة إلى تفاقم الظروف الاجتماعية لمجموعة كبيرة من مهنيي المسرح، الذين لا يمكن استيعابهم في قطاع السينما والتلفزيون، وفيما يتعلق بالجانب الثقافي، أدى الوباء إلى تجميد النشاط الثقافي والفني، وحرم مهنيي الفنون الحية، ولا سيما المسرح، من ممارسة مهنتهم.
وحتى عام 2018 سجل المسرح الوطني تطورا كبيرا مع ظهور فنانين جدد ومشاريع ثقافية متنوعة، حيث كان يتوقع تحقيق المزيد من التقدم لكن هذه الديناميكية تحولت إلى ركود بسبب الوباء.

هموش:
لقد أصبح الوضع الصحي مقلقا وتراجيديا، بحيث أنه عرى على هشاشة عدد من القطاعات، ومن بينها القطاع الثقافي، الذي كان يواجه صعوبات حتى قبل تفشي الجائحة، وبسببها اتجه العديد من صناع الفرجة إلى نشاطات أخرى لتلبية حاجياتهم. وعلى الرغم من بعض المبادرات المتواضعة، إلا أن الوضع يزداد تفاقما يوما بعد يوم.
في شهر مارس الماضي احتفل المسرحيون باليوم العالمي للمسرح، بشكل باهت، وهو الوضع ذاته الذي يتكرر اليوم مع تخليد اليوم الوطني للمسرح، جراء استمرار إغلاق المسارح. وأمام غياب أي رؤية واستراتيجية لمعالجة مشاكل القطاع، نحتفي باليوم الوطني للمسرح لهذه السنة ولربما السنة المقبلة بمرارة.

> ما الذي يمكن القيام به لحماية المسرح ومهنييه من آثار الركود الذي يفرضه تجميد الأنشطة الثقافية داخل المغرب وخارجه؟

بوحسين:
أفضل طريقة لتدبير الأزمات هو التعامل معها بحكمة. يجب أن ينظر إلى الوباء على أنه ميزة وليس عقبة وعاملا للركود. فالمسرح هو أداة للإبداع، ومنه فإن التوقف الذي فرضه الوباء هو فرصة للتركيز على إعداد أعمال مسرحية في انتظار التعافي الثقافي.
فمن جهة، سيمكن هذا التوجه المهنيين من العمل بشكل جماعي والمساهمة في إثراء الريبرتوار الوطني من حيث النوع والكم. ومن جهة أخرى، سيتيح أيضا الانخراط في التفكير حول القوانين والضوابط التي سيتم تنفيذها في مرحلة ما بعد كوفيد لتعزيز قطاع الفنون الحية في مجمله.

هموش:
نؤمن بضرورة وجود إرادة سياسية من أجل إجراء إصلاحات بنيوية في القطاع المسرحي، تقوم أساسا على التقييم والتقويم. يجب تجاوز المفهوم الضيق الذي يعتبر المسرح مجرد فعل للتنشيط، إلى مفهوم أوسع يعده فعلا للإبداع التشاركي يساهم أولا وقبل كل شيء في ترسيخ القيم داخل المجتمع. إنه رأسمال حقيقي ومهم يساهم في تحريك عجلة الإنتاج الاقتصادي.
لا ينبغي النظر إلى الإبداع من محيط السياسة بل من منظور ما يجلبه للأمة.

> هل يمكن الحديث عن شباب قادر على حمل المشعل في فترة ما بعد كوفيد-19؟

بوحسين:
لطالما تميز المسرح الوطني بحقيقة أن غالبية الفنانين يبرزون داخل بنيات صغيرة وبأنه يتم تمويله من طرف القطاع العام أو من خلال رعاية القطاع الخاص. هذا الوضع لا يستبعد تنوع قواته الحية والإبداع القوي الذي يميز هذا القطاع. لا يوجد قلق حول من يحمل مشعل المسرح الوطني، فعلى العكس تماما، هناك أشياء جيدة تلوح في الأفق.

***

“دمى شكسبير” باكورة الفنان سعيد غزالة

عن دار الوطن للنشر والتوزيع، وقبيل اجتياح كورونا العالم، صدر للروائي والفنان المسرحي سعيد غزالة الإصدار المسرحي الأول: “دمى شكسبير”، وهو من صنف المونودراما يضم بين دفتيه نصين مسرحيين: “دمى شكسبير” و”قلنديا”..
ويقول الكاتب عن هذا الإصدار:

“دمى شكسبير”..
الفعل المسكون بالتماهي 
من بين النصوص المسرحية التي واكبت مسيرتي في مغازلة الكتابة المسرحية، كانت مونودراما “دمى شكسبير” التي كانت دعوة من صديق رغب في أن يلعب عملا مسرحيا يضع فيه كل ما اختزنه في حياته من عشقه للدور. الاستجابة كانت أكثر من المتخيل.. فأن تعود إلى الانغماس بجنون في نصوص الكبير “شكسبير” فهذا ضرب من المغامرة إذا كانت الرغبة في أن تحاكي شكسبير عالمه الكبير.. كان النص في الأول بعنوان “ملوك شكسبير” وأنا منغمس في الكتابة وجدتني عبر شخصية الحارس أسائل شكسبير عما اقترفته ملوكه من ذنب حتى تلقى مصيرها المأساوي.. وكيف أن تحريك خيوط أقدار هذه الشخوص بين أصابعه الكاتبة جعلت من هؤلاء الملوك دمى لا تحمل في طياتها إلا قدر كاتب مجنون بالمأساة.. 
الكتابة مغامرة لإعادة بعث شخوص لا تموت في الكوني. فكانت “دمى شكسبير”.
تقديم الأستاذ والدكتور عبد الكريم برشيد لهذا النص ألزمني وكبلني إلى المضي بكل شغف وشغب في اجتراح الكتابة بكل عنفوان. شكرا لهذا الإنسان الجميل.. 

“قلنديا” 
معبر من معابر الذل والعار بالجدار الفاصل بالضفة الغربية فلسطين. حكاية فنان تشكيلي يعلق بالمعبر الذي يغلق في وجه العابرين، ولأنه على موعد مع عشق مستحيل، يفتح حوارا طويلا مع الزمن والناس والجدار وحالة أمة تقتات على ماض، وترزح ذلا في حاضر، وبلا ملامح لمستقبل مظلم، يسائل ويعاود الخطاب.. وفي الأخير ينتصر الحب على الوطن وعلى الدين.. وعلى الخوف. أبدع الصديق والشاعر رشيد الياقوتي في تقديم هذا النص.

***

رحيل الفنان حمادي عمور كبير الكوميديين المغاربة

أعلنت عائلة الفنان المغربي حمادي عمور وفاته، ليلة الجمعة/ السبت (14 – 15 ماي الجاري)، عن سن يناهز 90 عاما. حيث لبى نداء ربه في الساعات الأولى من صباح السبت، بإحدى المصحات بمدينة الدار البيضاء، بعد معاناة مع المرض.
وحمادي عمور، الذي ولد بمدينة فاس سنة  1931من أصول منحدرة من الناضور (منطقة ولاد عمور)، بدأ يتعاطى للفن المسرحي وهو في ريعان شبابه في إطار حركة مسرح الهواة، حيث قام سنة 1948 بدور النادل في مسرحية “أنا القاتل”، قبل أن يراكم مجموعة من التجارب التي أهلته لتأسيس فرقة المنار بمدينة الدار البيضاء سنة 1951.
وساهم الفنان حمادي عمور بعطاء وافر في مجالات التأليف المسرحي والإذاعي والتلفزيوني، وكذا في مجال التشخيص ممثلا بارعا في المسرح والسينما والتلفزيون، وقام بإعداد عدد من البرامج الإذاعية، من بينها برنامج “عالم الفنون” في نهاية الخمسينيات، علاوة على ما خلف من أشعار في ريبرتوار الأغنية المغربية، وهي كلمات قصائد تغنى بها العديد من الفنانين المغاربة من بينهم الفنانان المعطي بنقاسم ومحمد الإدريسي.
ويعد الفنان حمادي عمور من أبرز الفنانين الذين راكموا رصيدا هائلا في مسارهم، حيث بلغت الأعمال الفنية التي شارك فيها من أفلام ومسلسلات ومسرحيات إلى أزيد من 600 عمل فني.. ولعل من أشهر أعماله الكوميدية، سلسلات: “العوني”، “الربيب”، “نسيب الحاج عزوز”.. وفيلم “رحيمو”، وشريط “السمفونية المغربية”، والفيلم القصير “نهار العيد”..
وقد غادر الممثل المغربي المقتدر مصحة خاصة في وقت سابق بعد عملية جراحية دقيقة كللت بالنجاح، بعد وعكة صحية ألمت به وأدت إلى فقدانه للبصر نسبيا بسبب مرض السكري.

من طرائف حمادي عمور
صاحب لازمة “أمبينك” و”طاق طاق طني” عاش حكاية لم يكن يود روايتها للناس قبل أن يدونها الأستاذ عبد الهادي بوطالب الذي كان وزيرا للإعلام ومستشار المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني..
تقول الحكاية الطريفة أن عبد الهادي بوطالب اقترح خلال مجلس وزاري سنة 1987 أن ينوب الملك عن الأمة بذبح كبشين في أداء سنة ذبح أضحية العيد ما دام أن استيراد الأغنام سيلحق ضررا بخزينة المغرب من العملة الصعبة وتمت مناقشة الأمر في مجلس حكومي.
وبعد انتهاء أشغال المجلس الحكومي توجه وزير الإعلام بوطالب رفقة الوزير الأول أحمد عصمان إلى القصر ليخبرا الملك بهذا الاقتراح، وكان الخبر قد وصل إلى علم الحسن الثاني، فتوجه إلي بوطالب متشنجا وقال: “أنا بصفتي أمير المؤمنين أحافظ على إقامة المغرب لجميع السنن والواجبات التي يفرضها الله على المسلمين، وأنا لا أقبل ما اقترحته وأفتيت به في المجلس الحكومي”.
أهمل الحسن الثاني “نصيحة” أستاذه بوطالب وسمح للمغاربة بذبح الأكباش وتزجية تقاليد العيد وفق ما هو متداول في الأعراف الشعبية. ومباشرة بعدما رفض الحسن الثاني فكرة بوطالب التي تدعو أن ينوب الملك عن الشعب في ذبح الأضحية، فتح الملك الراحل التلفزيون على مشهد حمادي عمور يمثل دور رجل متزوج من أربعة نساء، كل واحدة منهن تريد كبشا خاصا بها، فيما حمادي عمور يحاول تقسيم الخروف بينهن.
ثارت ثائرة الحسن الثاني واتصل بعبد الهادي بوطالب هاتفيا وقال له: “مع أنني قلت لك أنني لا أتفق معك بشأن فتواك عن الأضحية، ها أنت تعرض هذه التمثيلية في التلفزيون”.. واعتبر الملك الراحل أن التمثيلية موجهة ضده، فرد بوطالب أن لا علم له بما يبثه التلفزيون، قائلا: “حاشى لله يا جلالة الملك أن تكون موجهة إليكم، وصدقوني أنني لم أطلع على المسرحية”.
فغضب الحسن الثاني وأمر بمعاقبة الممثل حمادي عمور، وكتب بوطالب عن الحادث في مذكراته: “في ثالث أيام عيد الأضحى، رافقت الملك الحسن الثاني في زيارته الرسمية لأمريكا، وأثناء وجودنا بواشنطن، بلغ إلى علم وزارة الدولة في الإعلام أن حمادي عمور قد اعتقل واقتادته الشرطة من منزله بعدما عصبت عينيه، وأنه لم يبلغها خبره منذ ذلك الحين”.
وأضاف مستشار الحسن الثاني قائلا: “مباشرة بعد سماعي الخبر، أبلغت جلالة الملك بما حصل مستنكرا متأثرا، فبادر جلالته إلى إعطاء أمره بإطلاق سراحه واستقبله بالقصر الملكي”.

***

الحق في المسرح.. لحظة الجائحة وبعدها

أي موقع لمهنيي العروض الحية زمن الوباء؟

  • بقلم: رشيد أوترحوت

لاشك أن الموضوع المقترح للتداول النقدي في هذه الفسحة، إذ يصدر عن اهتمام نظري منشغل بأسئلة المهن الفنية وإشكاليات الاعتراف القانوني والثقافي والسوسيولوجي التي ما يزال الحقل الفني بالمغرب المعاصر يستأنف استعادتها الأليمة كلما حلت واقعة من وقائع أزمته البنيوية، هو موضوع بقدرما يشي بالانخراط في شكل من أشكال التقليد الثقافي التي أضحت تدمنها مساحات متنوعة من نقاشاتنا العمومية حول الفنون الحية في لحظة تاريخية مفصلية أصبحت تهدد وجود العروض الحية كلها، فإنه يشكل في تقديرنا المتواضع مدخلا مناسبا لإعادة استشكال ما استقر في الحس الثقافي والسياسي المشترك من مألوفات النظر ومكرور القول في شؤون الفن بالمغرب المعاصر قبل الجائحة وبعدها، وذلك استنادا إلى نزوع نقدي متواصل لا يكف عن الإلحاح بأن الأزمة الكبرى التي ترتبت عن مجمل الآثار المدمرة للمحنة الصحية العالمية (كوفيد 19) لم تعمل سوى على تعرية المشاتل السرية حيث نمت وما تزال تنمو كل بذور أزمة بنيوية مزمنة وهيكلية لا تطال فقط المظاهر التنظيمية والحوامل المؤسساتية للفنون الحية بالمغرب، ولا تمس فقط بنيات العرض ومجمل اللوجستيك العام المؤطر للعرض الفني بمختلف صيغه، بل إنها أزمة تكشف بالملموس هشاشة الشغيلة الفنية وغياب النمط المهيكل للاقتصاد الثقافي والفني واستقالة الدولة عن الاضطلاع بوظائفها التاريخية والدستورية والمؤسساتية في تقدير سياسي عمومي ناجع وفعال لقطاع استراتيجي فائق الأهمية والقيمة من قبيل قطاع الثقافة والفنون والنشر والكتاب.. ولذلك نعتقد في هذه المناسبة أن الجائحة الصحية التي ما يزال العالم المعاصر يجترح تدابيره المختلفة لفهمها ومواجهة عدواها المميتة للجسد الفردي والسياسي العام عرت بما يكفي من نصاعة المأساة وفصاحة الحال كيف لا نشكل – نحن معشر ممتهني الفنون المختلفة بالمغرب – سوى محض “باعة متجولين” و”فراشة” بؤساء نقلتنا “الكورونا” من وضعية البروليتاريا إلى وضعية البريكاريا (Le précariat) بكل ما يكلفه هذا الانتقال من التحول من سؤال “الجمال” و”الإبداع” إلى ذل “المسألة” وتسول “المعونات” هنا أو هناك.
ولعل ما يشكل “مجد” المسرح بالمغرب، بوصفه نموذجا لما ندعوه بالعروض الحية (Les spectacles vivants)، بل و”معجزته” الراسخة، هو إصراره السيزيفي الاستثنائي على “التطبيع” مع الأزمة الشاملة التي تحف بكل حقول عمله المتعددة، وتحويل “عوائق” نموه المختلفة إلى “سماد” غريب يخلق من داخل عدم مهيمن وينتج من الدواخل الغامضة لرحم عقيمة، ويخلق آثارا مسرحية فائقة الجمال وباهرة الألق ضدا على كل مسوغات الإلغاء ومبررات الإعدام الرمزي التي ما فتئت الدولة ومؤسساتها المسؤولة عن القطاع تواصل ما يمكن دعوته بسياسات عمومية تمعن كثيرا في “منع” المسرح والعروض الحية عموما من احتلال موقعها الأساس في مجال عمومي ديمقراطي ومدني ومتعدد. ولذلك سنظل نحن ورثة سيزيف الأبي نحب المسرح ونمارسه وندافع عنه ضد كل صنوف … الآلهة والأصنام وكل المسوخات التي لا تتوانى في الدفع بنا نحو مجاهل “الكفر” و”اللهو” وتبديد “المال العام” لأن بعض فرقنا تتوصل ببضعة ملايين من السنتيمات مقابل مشاريع فنية متنوعة. وهي السياسة العمومية التي تسهم بفعالية في تجريد الفنان من أي مصداقية (Une décrédibilisation) مجتمعية.
ودفاعا عن المسرح، هنا والآن، زمن الجائحة وبعدها، نقترح المحاور / الحاجات المبدئية الآتية أفقا للتفكير الجماعي من طرف محترفي الفنون بالمغرب عبر فرقهم المختلفة وتنظيماتهم النقابية والجمعوية المتنوعة وحساسياتهم الفنية المتباينة:
> الحاجة إلى التأكيد الدائم على المسرح بوصفه “خدمة فنية وثقافية عمومية” ومعاودة التفكير (Repenser) فيما ندعوه بـ “المنافع العامة” (Les biens communs) في علاقتها بمجموع “الخدمات العمومية”، وضرورة الانفتاح على مسارات عرضانية (Transversales) بصدد مفهوم “المشترك” أو “العام” (Le commun) نفسه. ألا يمكن للمسرح أن يفيد المستشفى زمن الأزمة الصحية المهددة؟ ألا يمكن للمستشفى أن يستفيد من أدوات وتقنيات العمل المسرحي ذاته؟ كيف يمكننا أن نعمم (La mise en commun ) جهودنا المشتركة ضد مخاطر تدهور الخدمات العمومية وضد تنامي النزعات النيو- ليبرالية التي تمعن في خوصصة الخدمة العمومية لصالح إيديولوجيا ربحية ونخبوية.

> الحاجة إلى تدبير أفقي للسلطة وسياسات عمومية تنتصر لتوزيع أكثر عدالة للمنافع العمومية ومجمل الثروات المادية والرمزية، مع ما يتطلب ذلك من توزيع القرارات الكبرى واقتسام صناعة التوجهات العمومية الكبرى في قطاعات الفنون والثقافة.

كيف بوسعنا الآن إنتاج وترويج عروض فنية حية في لحظة تحدق بالشروط المادية والسوسيولوجية الأصلية للقاء المسرحي أو الفني عموما؟
> الحاجة إلى رفض مطلق لكل الدعاوى والأطروحات التي ما تزال تنظر إلى الفنان باعتباره “موضوعا لعرض فني جاهز للاستهلاك” (Objet-Spectacle à consommer) والتفكير في استدعاء مراجع نظر أكثر دقة وعمقا بغية تحديد وضع “الفنان” تشريعا ومجتمعا وحظوة رمزية وإلزاما مؤسساتيا للدولة.
وفي سبيل نظر نقدي جديد إلى ما أضحى هذا المسرح مضطرا لمواجهته ، أعزلا ومفردا ودونما دعم مؤسساتي ولا رعاية عمومية في زمن استثنائي من قبيل ما خلقته وما تزال تخلقه محنة (كوفيد 19)، نقترح التفكير في مدخلين أساسيين:

1
الجائحة: من تحولات الجغرافيا السياسية إلى “تفقير” La paupérisation المهن الفنية و”البريكاريا”Le précariat الفنية

بدءا يبدو من اللازم الإشارة إلى أن كل التأملات، العالمة أو العامية، التي أنتجت وما تزال حول ما يمكن دعوته بسوسيولوجيا المعيش المادي والرمزي مع هذه الجائحة الصحية هي كلها تأملات لا يسعها ادعاء الانتساب إلى العلم الرصين والعميق إذ أنها بحاجة إلى شروط منهجية وابستيمولوجية متنوعة لتتحول فيها الكوفيد 19 إلى موضوع للعلم ومجال للمقاربة. ولذلك نعتبر غالبية المؤلفات التي صدرت في “حرارة” هذه المحنة العالمية، وكذا عموم التداولات العمومية حول آثارها المختلفة على صعد متنوعة، محض حدوس عامة وانطباعات عابرة ومعطيات نسبية تظل رهينة متغيرات دائبة وأسيرة بيانات غير مستقرة..
وفي ذات اللحظة المغربية التي لا نتوفر فيها، لا في زمن الجائحة ولا حتى قبلها، على إحصاءات دقيقة ومحينة حول الديموغرافيا الفنية ومعدلات النشاط الفني ضمن الاقتصاد الثقافي العام، أو دراسات رسمية ومستقلة حول المهن الفنية وأنواعها ونسب استقطابها للشغيلة المحترفة وقضاياها ومعضلاتها المختلفة، يوفر لنا النموذج الفرنسي معطيات رقمية وبيانات قياسية ودراسات وصفية مهمة حول أزمة القطاع الفني، في مجال العروض الحية بوجه خاص، في عز الجائحة. (انظر بتفصيل إلى وثيقتين مرجعيتين في هذا السياق :
> وثيقة Conséquences de la crise sanitaire dans le spectacle vivant الصادرة عن (cpnef : sv) اللجنة المختلطة الوطنية: الشغل والتكوين والعرض الحي. وهي وثيقة نقابية وجمعوية تضم مهنيي العروض الحية عبارة عن تقرير بحثي بالأرقام والبيانات والمبيانات الدقيقة والمفصلة عن “نتائج الأزمة الصحة في قطاع العرض الحي”.
> وثيقة رسمية من حوالي 33 صفحة بعنوان Analyse de l’impact de la crise du covid-19 sur les secteurs culturels : Secteur du spectacle vivant صادرة عن وزارة الثقافة الفرنسية من خلال مديرية الدراسات والاستشراف والإحصائيات (DEPS) وتضم دراسة إحصائية ورقمية مدققة حول حجم الآثار السلبية للوباء العالمي على قطاع العروض الحية بفرنسا بين شهر مارس ومايو 2020.
وعطفا على ذلك، لا يمكن لمعاينة عابرة لمختلف المدونات التي تخلقت حول هذه الجائحة أن لا تلتفت إلى جملة من “الانقلابات” الكبرى التي ترتبت عن عدد من التدابير العمومية، الدولية والوطنية، تجاه النتائج المتباينة التي أفضت إليها الامتدادات السياسية والسوسيولوجية والثقافية لهذه المحنة الوبائية العالمية. وإذا كانت التوترات الاجتماعية وألوانا متعددة من الاحتجاج المدني والاجتماعي قد تزايدت وتائرها قبل الجائحة بالعديد من دول الشمال فرنسا وأمريكا مند 2008 (أزمة إصلاح أنظمة التقاعد – الصدريات الصفراء – إضرابات عمال سكك الحديد بفرنسا وما ترتب عن القتل العنصري لشبان ذوي أصول إفريقية بأمريكا من انتفاضات مدنية قوية منذ 2014)، فإن الأزمة الصحية التي ترتبت عن جائحة (كوفيد 19) عرت بالملموس عن التفاوتات الاجتماعية الصارخة، دوليا ووطنيا، في مجال الولوج إلى الخدمات العلاجية، إذ كشفت هذه الأزمة الوبائية العالمية عن “هشاشة” الصحة العمومية الناتجة عن سياسات عمومية لم تعد تخفي نزوعها النيو- ليبرالي حيث أضحت الدولة عاجزة عن الاضطلاع بوظيفتها الأولي والأصلية المتمثلة في حماية “الساكنة” والحفاظ على “ملايينها” المعدودين ضمن مواطنيها أو حتى رعاياها.
وفي هذا السياق الذي أعادت فيه (الكوفيد 19) الاعتبار لأسئلة الصحة العمومية، وجب لمزيد من الفهم أن ندقق في مفهوم “الصحة” عموما و”الصحة الاجتماعية” على وجه الخصوص. فمنذ التحديد ألأممي القديم لمنظمة الصحة العالمية (OMS- 1946)، لم تكن الصحة منفصلة بالمطلق عن محدداتها الاجتماعية حيث تحددت الصحة باعتبارها “حالة من الراحة الجسدية والذهنية ورفاها اجتماعيا تاما” وليست مجرد انتفاء لـ “المرض” أو محض غياب للعجز والضعف (L’infirmité). وإذ يستدعي هذا التعريف الأممي الشامل للصحة تفاعلا إبداليا بين محددات فيزيولوجية ونفسية واجتماعية، يمضي الحد الأممي الذي اقترحته منظمة (UNICEF) خطوات جريئة بغية التأكيد على أن الصحة لا تقف عند حدود غياب المرض العضوي أو النفسي، بل “إنها إحساس أكثر عمقا يتعلق برفاه (Le bien-être) لا يستنفذ أشكاله في خدمات الصحة فقط بقدر ما يستدعي مؤشرات أخرى أكثر أهمية من قبيل الشغل والدخل والتربية وثقافة الحقوق والحريات” (UNICEF- 1984).
وبهذه التحديدات الشمولية، لم تعد “الصحة” شأنا فرديا، بل أضحت “صحة اجتماعية” بكل دلالات الكلمة لأنها انشغال جماعي وتدبير مؤسساتي يستدعي بالضرورة الاجتماعية أسئلة الحكامة والمواطنة وديمقراطية الولوج إلى الخدمات العمومية ومسؤولية الدولة تجاه دعم التماسك الاجتماعي بما يتطلبه ذلك من إدارة سياسية وتدبير اقتصادي وخبرات علمية وتقنية متنوعة. وفي الحالات كلها، ظلت “الصحة”، على الدوام الاجتماعي والتاريخي، إشكالية “عمومية” للمجتمعات الحديثة حيث شكلت “الصحة العمومية” المدخل الأساس لاشتغال سلس ومبدئي لدولة الرعاية والرفاه الاجتماعيين (L’Etat –providence).
وبالرغم من كون “الصحة العامة” طرحت، طيلة القرن 19، بوصفها مطلبا للساكنة الحضرية، فإن سؤال “الصحة” ظل دوما سؤالا حول “المستقبل” وخصوصا حول فرضية “الخطر”، كما توحي به أطوار المرض والشيخوخة، التي انتقلت من محض الاحتمال (La probabilité) إلى ضرورة التوقع والاستشراف (La prévisibilité) التي شكلت، من جهتها، قاعدة للتماسك الاجتماعي عن طريق قانون التعاضد واقتسام كلفة الصحة La mutualisation. وهو ما دفع بعديد الدول إلى ترجمتها في مؤسسات وأجهزة عمومية خاصة بالتضامن (La solidarité) بمختلف أنظمته المتعلقة بالحماية الاجتماعية والتقاعد ومؤسسات التامين والضمان الاجتماعي.
وفي الحالة المغربية نلحظ ذلك التفاوت الاجتماعي الصارخ المميز لطرائق الولوج إلى خدمات الصحة العمومية حيث تبقى العلاقة بـ “الصحة” مشروطة بصيغ انتساب الأفراد، الذين يطلبون العلاجات الطبية، إلى بنيات انتماء عائلية أو جماعاتية (Communautaires) أو مهنية محددة. بل إن الانتماء الحضري والسكن في المدن والحواضر يظل شرطا للاستفادة من بنيات استقبال الصحة العمومية. ولذلك لا غرابة أن تبقى الفئات الميسورة، أو الجماعات المنتسبة إلى نظام تعاضدي مهني، المالكة الأكبر لفرص ولوج الخدمات الصحية مقارنة بذوي الدخول المحدودة ومن لا يملكون حق الاستفادة من نظام تعاضد مهني.
ولا يمكن لذات المعاينة أن تغفل عن التحول العميق الذي أحدثته هذه الجائحة في “تأميم الهشاشة” وتوسيع حدود “الفقر” وتحويل “مقولات سوسبو- مهنية”، من قبيل ممتهني الفنون، إلى “جماهير فقيرة” تعيش في ظل “هشاشة” مزمنة. وقبل أي حديث مفصل ودقيق حول “الفنانين الفقراء” الذين يملأون مساحات شاسعة ضمن المجال الفني الوطني، يبدو من اللزوم المنهجي والنظري على حد سواء اقتراح حدود عامة ومدققة، في ذات الآن، للمفاهيم الواصفة لما ندعوه بـ “الهشاشة” أو “الفقر” في المجال السوسيو- فني بالمغرب المعاصر.
وبالرغم من النظر المشترك للتمثيل الاجتماعي الذي ما يزال يرى في الشروط الاجتماعية والاقتصادية المحيطة بحياة الفنان شروطا “مقبولة” بشكل عام استنادا إلى تراتب الطبقات وانقسام الرأسمال الاقتصادي وتباين الموارد المادية والرمزية، فإن العديد من شغيلة الفن بالمغرب، بل ثمة “جماهير فنية” وافرة العدد ومتنوعة المهن ومتباينة الأنشطة الإنتاجية في القطاعات الثقافية والفنية تعيش مضطرة في وضعية هشاشة اجتماعية صارخة.
وبغية مزيد من الدقة المنهجية، وتوسلا لمطلب السداد النظري، نقر بدءا بأن “الهشاشة المرتبطة بالمهنة الفنية” واقع اجتماعي موضوعي بكل المواصفات السوسيولوجية المحددة له وظاهرة “فنية” مغربية بامتياز، حيث لا يمكن لمن اشتغل لمدة يسيرة في هذا الحقل إلى جانب فرق مسرحية مختلفة وتنظيمات “احترافية” متنوعة أن ينكر المظاهر المتعددة للبؤس الاجتماعي وهشاشة فئات عريضة من ممتهني الفنون ومحترفي إنتاج العروض الحية وحاجاتهم الاجتماعية الأساسية الملحة والمستعجلة بدءا من “الدعم”، العمومي أو الخاص، الهزيل وغير المنتظم والخاضع لشروط “انتقائية” غير “واضحة” بما فيه الكفاية تهدد نجاعته كثيرا، مرورا بمعضلات الإنتاج الفني ومستلزماته التقنية المعروفة وافتقاد بنيات تنظيمية ومؤسساتية أكثر فعالية، وصولا إلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تحول أعدادا كبيرة من “فناني” المغرب إلى “فئات” معوزة وفقيرة.
ورغبة في اقتصاد نظري غير مخل، ننطلق، في مستوى أول من هذه المقاربة، من التحديد العام الذي اقترحه J- Wrenski(1) لظاهرة الهشاشة La précarité باعتبارها وضعية تتسم بالغياب التام أو شبه التام لشروط الأمان الاجتماعي والاقتصادي والافتقاد الكامل أو شبه الكامل لكل أنواع الضمان السوسيو – اقتصادي الذي يحول دون اضطلاع عدد من الأفراد والأسر بمسؤولياتها الأولية والاستفادة، بالتالي، من حقوقها الأساسية. ويؤدي افتقاد هذا الأمان الاقتصادي وامتداده الاجتماعي إلى جملة من النتائج الحاسمة ذات المخاطر الاجتماعية الكبرى حيث يفضي هذا الغياب لكل دعائم الضمان والثقة في المستقبل القريب والبعيد إلى “الفقر المدقع” خصوصا حينما يطال فقدان الثقة هذا مجالات متعددة وممتدة من مجالات الوجود الاجتماعي للأفراد والفئات والطبقات، ويمتد في الزمن إذ يتحول إلى وضع اجتماعي راسخ وثابت يخلق وضعيات فقر مزمن ودائم. ولا شك أن مثل هذه الوضعيات الاجتماعية الهشة والفقيرة تحدق، عميقا، بما يفترض أن يكون حظوظا متكافئة من حيث حيازة الحقوق الأساسية وإعادة تحمل المسؤوليات في علاقتها بمستقبل منظور ومتوقع.
وعطفا على هذا التصور العام، تتأسس “الهشاشة” على فقدان كلي لأدنى تحكم استباقي في المستقبل وغياب أدنى قدرة استشرافية للوقائع القادمة. وإثر ذلك، لا تتحدد الهشاشة بمجرد العجز تجاه الأحداث الحيوية التي تتوقف عليها الحياة الفردية أو الجماعية، من قبيل الشغل وشروط العمل وحجم المداخيل وكلفة الحياة، بل إن الهشاشة تعني كذلك افتقاد كل الوسائل الناجعة للمواجهة الفردية أو الجماعية لصعوبات الحياة ومضايقها. فكل من يعيش وضعية “هشاشة” لا يملك، بالضرورة، مدخرات مالية كافية ولا امتيازات ولا حتى تقدير اجتماعي ورمزي. ولذلك يكون مهددا دوما، وبكيفية منتظمة، بتدهور وضعه المعيشي حيث تصبح شروط حياته أكثر قسوة وشقاء تأتي حوادث أخرى من قبيل “التوقف الاضطراري عن العمل” أو “المرض” أو”الشيخوخة” لتجعل حياته كلها معرضة للانهيار والشلل التامين.
وبصدد مفهوم الفقر ذاته، تلزمنا المعاينة العلمية الدقيقة بضرورة الانتباه لتعدد حدود هذه الظاهرة السوسيو – اقتصادية وتباين صيغ تحديدها ومداخل فهمها ومستويات تحليلها حسب اختلاف المجالات الجغرافية والترابية وتباين الأطوار التاريخية وتعدد الأشكال الواقعية لما ندعوه في التداول المشترك بعنوان “الفقر”. وسواء اتصل الأمر بما دعته سوسيولوجيا الفقر بـ “الفقر المطلق” أو “الفقر النسبي”، فإن الفقر، في جميع مستويات تحققه الاجتماعي، يصف وضعية الأفراد والجماعات المحرومة من مداخيل وموارد ثروة تحدد بوصفها لازمة وضرورية لكل شرط حياة. وجميع المحرومين من هذا الحد الضروري للثروة يضطرون للإقامة الدائمة في وضعية هشاشة أساسية ومزمنة.
وإذا كانت دول عديدة عبر العالم، إضافة إلى مؤسسات أممية متنوعة، قد لجأت إلى تعيين حد أدنى للحياة (Un Minimum vital) مؤسس على قياس القدرة على إشباع الحاجات الفيزيولوجية والعضوية في غالبيتها العامة، فإن الدرس العميق لسوسيولوجيا الفقر في عمومها يستشكل كثيرا كل محاولة “مدرسية” و”اختزالية” تروم تحديد ظاهرة الفقر في إطلاقية متوهمة أو كلية نظرية مجردة وذلك لأن الفقر، بوصفه ظاهرة اجتماعية وصناعة طبقية ونتيجة آلية لتفاوتات قائمة على التوزيع غير العادل للثروة، مفهوم نسبي يرتبط بمقياس معياري للحياة الممكنة متغير باستمرار ومتحول على الدوام تبعا لتغير السياقات الاجتماعية وتباين شروطها التاريخية. ولذلك فأن تكون فقيرا في ولاية نيويورك أو مدينة باريس لا يعادل بالمرة أن تكون فقيرا في حاضرة أكادير أو قرية من قراها الهامشية. بذات الشكل الذي يختلف فيه “فقراء” القرن 19 عن “فقراء” ما بعد الحداثة(2).
وإذا كانت منظمة عالمية كالاتحاد الأوروبي تحدد “الفقراء” بوصفهم الأفراد والأسر التي تكون مداخيلها “المادية والاجتماعية والثقافية” في حالة ضعف شديد يجعلهم مقصيين من الاستفادة من الثروة الدنيا الكافية لحياة مقبولة من طرف الدولة التي ينتمون إليها، فإن مؤسسة أوروبية أخرى من قبيل “المرصد الاقتصادي” بفرنسا ينطلق من ضرورة الاستناد إلى جملة من المؤشرات المرجعية التي بوسعها، نظريا وإجرائيا، أن تقترح حدودا أكثر دقة لظاهرة الفقر حيث لا يكفي المؤشر النقدي (الأجور والمداخيل المالية) بمفرده لحصر امتداد الفقر ورحابة حقله الاجتماعي. وهو ما يدفعنا إلى لزوم استدعاء مؤشرات أخرى (من شاكلة السكن والشغل والصحة).
وعطفا على هذا التصور الشمولي، نعتبر “فناني” المغرب الآن، وحتى قبل الآن، “فقراء” ليس فقط لأنهم من الفئات المحرومة من الموارد الأجرية أو ضعيفة المداخيل النقدية والعينية، بل إنهم “فقراء” لأنهم من صميم كل الفئات الاجتماعية التي تكون محرومة، بدرجات حرمان متفاوتة ونسبية، من (الصحة والسكن والشغل).
وفي هذا الأفق، نستعير من السوسيولوجي وعالم الاقتصاد البريطاني المعاصر (Guy Standing) مفهومه عن “البريكاريا” (Le Précariat) بغية وصف أكثر عمقا لضحايا “العطالة الفنية” وبؤساء “الرأسمال الثقافي” في المغرب الحديث. فكلما تحولت “الهشاشة” (La précarité) من حالة عرضية ومؤقتة إلى انتظام زمني واجتماعي تؤول فيه الهشاشة إلى طبقة اجتماعية، فإننا حتما نكون بصدد “البريكاريا”Le Précariat) ) التي تشكل المجموعات الصغيرة المحترفة للمهن الفنية نموذجا من نماذجها المعاصرة. ومنذ الطور ما بعد الصناعي للمجتمعات الحديثة، تكون التراتب السوسيو – طبقي تأسيسا على تفاوت عمودي قائم بين فئات اجتماعية ومجموعات سوسيو- مهنية خمس تحتل فيها “النخبة” (L’Elite)، وهي أقلية ثرية ثراء غامضا وملتبسا، قمة هذا البنيان الطبقي حيث تليها فئات عريضة من الأجراء (Le Salariat) التي تتضمن مجموعات وفئات متفاوتة العدد تستفيد من وضعية شغل قار وبدوام منتظم وتطمح إلى الارتقاء الاجتماعي نحو مصاف النخبة إذ تكتفي بالاستفادة من امتيازات وضعها الاجتماعي (التقاعد – التغطية الصحية – العطل المؤدى عنها) ومجمل امتيازات المقاولات الكبرى والإدارات العمومية. وبموازاة فئة “الأجراء” هذه يتخلق مجموع اجتماعي صغير مؤلف من تقنيين ومهنيين (Les Proficiens) يتوفرون على كفاءات تقنية ومهارات احترافية تملك مقابلا نقديا مرتفعا. وهي المجموعة التي تتضمن ممتهني المهن الجديدة في الإعلام الرقمي والتواصل الافتراضي والفنون البصرية ذات السند البرمجي والإعلامياتي عموما. وأسفل هذه الفئة التي تتمثل في ممتهني الحرف الفنية وتقنيي العروض الحية، نعثر حتما على “العمال اليدويين” الذين يجسدون التحقق الحديث لـ “البروليتاريا” القديمة المستفيدة من بعض المكتسبات الاجتماعية لدولة الرفاهة الاجتماعية. وفي قاعدة كل هذا البناء الطبقي العمودي، تحتل البريكاريا أسفل كل هذه العمارة لأنها طبقة اجتماعية جديدة متميزة بعبورها الاجتماعي وانتقالاتها العمودية من انتماء طبقي إلى آخر، إذ أن “البريكاريا” في عمومها مشكلة من طالبي الشغل والحق في العلاج وغيره من مكونات اللجوء الاجتماعي لفئة أضحت أعدادها في ازدياد مطرد مع تنامي الآثار الاجتماعية للوباء الذي أجبر المجموعة الصغرى من ممتهني الحرف الفنية إلى نوع من “التقهقر الاجتماعي” (Le Déclassement social ) وجعلها من صميم البريكاريا التي تقتات من “فتات” الدولة والمجتمع معا(3). وذلك لأن (البريكاريا) تتأسس، في حدها السوسيو – اقتصادي العميق، على هشاشة “علاقات الثقة” التي يقيمها الأفراد والجماعات ذوو الهشاشة الدائمة والمزمنة مع كل من “الرأسمال” و”الدولة”. وهو ما يجعل “البريكاريا” مختلفة حتى عن “البروليتاريا” القديمة التي ظلت تستفيد، رغم كل شيء، من مستويات معينة من الاعتراف القانوني والأمن الاجتماعي.
وتأسيسا على المظهرين السالفين، ليس من قبيل الادعاء النظري القول بأن هذه الجائحة قد أنهت، أو تشكل على الأقل تباشير الأفول لنموذج عولمي كان مؤسسا لجغرافيا سياسية كونية مؤسسة على نظام من المعايير المشيدة للسوق الرأسمالية المفتوحة حيث التسليع العابر للحدود وانهيار السيادة الوطنية وتفجير الهويات الوطنية والمحلية وتعميم مثال وحيد للإنتاج والاستهلاك والقيم. وإزاء لجوء الدول كلها إلى النكوص إلى حدودها الداخلية وانكفائها في سياسات حمائية، ذات مقصد وقائي، واستعادتها لهويات “الوطن” و”السيادة” و”الحماية” تحقق ما سماه ميشيل مافيزولي باستعادة ما بعد الحداثة لما قبلها عن طريق “الاحتماء” في هويات محلية وتشييد روابط اجتماعية “تقليدية” تمتح من عصبيات “قومية” ضيقة متعددة التجليات والوسائط والمحتويات.
في هذا السياق الوبائي المعولم، اكتشفت العولمة النيو- ليبرالية المتوحشة “هشاشة” بنيانها الاجتماعي و”فوارقها” المجتمعية والثقافية والاقتصادية الصارخة و”انقسامها” الأفقي والعمودي حيث عرت الأزمة الصحية العالمية الحاجة الملحة إلى استعادة “الاجتماعي” (Le social) المستند إلى “دولة الرفاهة والرعاية” (L’état providence) بوصفه لحمة الانسجام المجتمعي واسمنت الرابط العضوي بين الأفراد والجماعات والدعامة الأولى لسلاسة الإنتاج الرأسمالي ذاته.
وفي ذات الصدد، شهدت الدول كلها، بمختلف مستوياتها الاقتصادية وتباين مقدراتها الرأسمالية وانتماءاتها الثقافية والمجالية، عودة جلية إلى سن سياسات “اجتماعية” تهدف إلى الالتفات إلى بؤساء التوزيع غير العادل للثروات الذي أتى الوباء العالمي ليمنح لنتائجه مظهرها الأكثر مأساوية والأفصح مباشرة وحسية. ولذلك اضطرت الدولة بالمغرب(4) إلى اللجوء إلى بعض “مبادرات” عرضية ومترددة ومرتبكة من قبيل الدعم المباشر لبعض الفئات الهشة أو دعم استثنائي لبعض ممتهني الفنون الذين وجدوا أنفسهم في وضعية “عطالة واضحة” هم الذين كانوا دوما مهددين بـ “عطالة غير واضحة”.

2
الجائحة: أمام “أبوكاليبس” العروض الحية.. من عروض “الحياة” إلى عروض Zoom

بخطورتها غير المسبوقة، وعدواها الاستثنائية العابرة للحدود والجغرافيات والهويات، وسرعة انتشارها القياسية، شكلت جائحة (Le coronavirus)، وما تزال، موضوعا أليفا ومشتركا لخطابات “قيامية” لا تكتفي بمجرد استعادة كل السرديات القيامية الواصفة لنهاية العالم والإنسان، كما حفلت بذلك مدونات دينية عديدة ومرويات أسطورية وثقافية متنوعة التواريخ والمصادر والأشكال، بل إنها خطابات تروم التفكير في سؤال “الأبوكاليبس الوبائي” بوصفه ذلك المآل الذي له شكل “الكارثة العظمى”، بتعبير والتر بينيامينWalter Benjamin ، والذي يقود نحوه التقدم الصناعي والتقني المعاصر حيث تبدو كل الأنطولوجيا الإنسانية مهددة في ديمومتها الطبيعية والتاريخية.
وإثر ذلك، لا تكاد أي قراءة منتبهة لمجمل التأملات “العمومية”، وحتى “العالمة”، التي أنشأتها وسائط ثقافية وتواصلية متنوعة حول هذه الأزمة الصحية العالمية أن تتغافل عن الكيفية “المتميزة” التي ارتبط عبرها وباء (الكوفيد 19)، بكل هالته الإعلامية وجبروته الوبائي ومختلف الاستيهامات الجماعية حول نهاية العالم التي ترتبت عنه، بسؤال “نهاية الكون”. وهو ما يستدعي منا التساؤل الدائم عن طرائق انتقال الخطاب حول ( الوباء) من المرض الكوني كما تعلله علوم الطب والأوبئة عموما إلى خطاب حول “القيامة” ونهاية كل شيء؟ وكيف تحولت “الجائحة” من “أزمة صحية” إلى “كارثة قيامية” (Un fléau apocalyptique)؟ وما الذي يربط، بالتالي، بين “الوباء” و”الأسطورة”؟
ويظهر جليا في سياق هذا الوباء العالمي أن العديد من الخطابات، إذ تعكس جهود الإنسان المختلفة بغية تفسير هذه الأزمة الصحية العابرة للحدود وتأويل مظهرها الكوني، كانت في عمومها خطابات “عاجزة” ومنذورة للفشل لاعتبار “إسطوغرافي” (Histoghraphique) خالص ينفصل فيه “زمن الحدث” عن “زمن التاريخ” كما يقول علماء التاريخ ولعل استدعاء متخيل “الأبوكاليبس” والإحالة إلى نصوص اللاهوت القرآني أو الإنجيلي، على سبيل التمثيل، ما يشكل “أزمة” تأويل “الأزمة” نفسها.
وبغض النظر عن “العقاب الإلهي” الذي ظل أحد “الأماكن المشتركة”Le Topos الأكثر تداولا وشهرة في كل التقاليد القيامية، شرقا وغربا، حيث ليست “الأوبئة” و”الأمراض المعدية” و”المجاعات” و”الهزائم العسكرية” وغيرها سوى “إشارات قدسية” لـ “مخطط إلهي” أكثر استغراقا وإطلاقا وجب دوما تفكيك رموزه وتأويل شفراته، يبقى “الإحساس التراجيدي” بقرب نهاية العالم أكبر تجليات السردية القيامية كلها. ولذلك ظلت كل الكوارث الطبيعية والصحية والسياسية والاجتماعية مندمجة في “سيميائية قيامية” حيث تترجم “علامة” من “علامات الساعة”، بالمنطوق الإسلامي، أو “دلائل قيامية”، بالمعنى المسيحي. وفي هذا السياق، لم تنفصل “الجائحة” المعاصرة عن بلاغة السرد القيامي القائم على مبادئ “العقاب الإلهي” و”تراجيديا” الإحساس بقرب النهاية المطلقة.
وليس من قبيل “الغرابة” في شيء، أن تفتح “القيامة الصحية” الراهنة الأبواب مشرعة” كما في تقاليد اللاهوت القيامي تماما، على “عالم جديد” يتخلق من غبار الخراب وعتمة “الكاوس” (Le Chaos) إذ يصير “عالما” طريا وجديدا و”فردوسيا” حيث يختفي “المرض” وتنتهي كل تهديداته، ويشفى الإنسان والطبيعة والعالم. وعطفا على هذا “التصور”، لا يمل الجميع من تكرار القول بأن “الكورونا فيروس” مفصل تاريخي حاسم في كل الأنطولوجيا الإنسانية وأن ما بعدها لن يشبه بالمطلق ما قبلها على جميع أصعدة وتحققات وتنظيمات الاجتماع الإنساني.
في هذا الأفق:
> هل نحن أمام “أبوكاليبس” فني؟
> هل “انتهى” المسرح الحي؟
> هل “ماتت” كل العروض الحية التي كنا ننتجها ونستهلكها؟
> هل انهارت كل أنظمة التأويل، الانثروبولوجي والسوسيولوجي والتاريخي، التي كنا نؤسس، استنادا إليها، “العرض الفني الحي” على “الاحتفال العمومي الفرح” و”اللقاء المباشر” و”التواصل الحي والملموس”؟
في اقتراب أولي، يجمع كل المتدخلين في شؤون العروض الحية ومجمل الفاعلين في قطاعات الإنتاج الفني والثقافي عموما على أن العديد مما دعي بـ “التدابير الاحترازية” التي عمدت إليها مختلف الدول إثر الجائحة، منذ بدايتها الأولى شهري فبراير ومارس 2020، بغية العزل الاجتماعي والصحي، أثرت عميقا في اشتغال الاقتصاد الفني والثقافي، بل إنها ألغت كل أشكال “الوجود الاجتماعي” للفنون الحية حيث “أعدمت” “العرض المسرحي الحي” الذي تحول إلى “وباء حقيقي” ومصدر مخيف لكل “الشرور” و”العدوى المميتة”. ومنذ ربيع السنة السالفة، انتهى “المسرح الحي” نهاية “سوسيولوجية” لا مراء فيها.
وبعد التدرج من إلغاء التجمعات التي تضم بضعة آلاف من المشاركين إلى التضييق على تجمعات قليلة لا يتجاوز أفرادها بضعة مئات، انتهاء بـ “الإغلاق التام” لكل أماكن العروض وقاعات المسرح والسينما والساحات العامة المقترحة لفنون الشارع وغيرها من تجليات “الاجتماع الفني”، أصبحنا أمام “أبوكاليبس” مسرحي واقعي وفعلي.
ولأن كل “قيامة” ليست غير النظير الآخر لـ “عالم” جديد، كما أن الموت نفسها ليست غير مقدمة ملتبسة لحياة أخرى واعدة وسعيدة، وجد المسرحيون أنفسهم، وعموم ممتهني الفنون الحية، مضطرين للولوج القسري إلى “أنطولوجيا رقمية” جديدة يتحول فيها “النظير الافتراضي” (Le virtuel) إلى “واقعي” (Le réel) جديد يبدع بنياته وأشكاله المتميزة بذات الكيفية التي يشيد بها إنتاجه الفني ويؤسس علاقاته الجديدة بجمهوره الرقمي الجديد.
وبالرغم من غياب دراسات سوسيولوجية دقيقة وعلمية ومتفحصة لطرائق هذا الاستعمال الاضطراري للوسائط الافتراضية في معيش مغاربة متعددين زمن الحجر الصحي والمسافة الاجتماعية والعزل المنزلي، يمكننا أن نعاين، بيسر الملاحظة بالمشاركة، “كثافة” الوجود الرقمي للمغاربة في هذا “الطور الاستثنائي” من وجودهم الجماعي حيث تحولت ذخائر التكنولوجيا التواصلية الجديدة ومنصات وبوابات وشبكات رقمية مختلفة إلى “سيمولاكر” (Un simulacre) اجتماعي جديد تستبدل فيه “النسخة” (La copie) “الأصل” (L’original) ويعوض فيه “الافتراضي” “الواقعي”. وبغض النظر كذلك عن وثيرة ارتفاع معدلات التبادلات التجارية الإلكترونية واللجوء إلى نمط من الحياة (On ligne) عن طريق التعاطي مع ظواهر جديدة من قبيل اللقاء في التباعد والاتصال داخل الانفصال والقرب داخل النأي ذاته من خلال أشكال “العمل عن بعد” أو “التعلم عن بعد” أو “التطبيب عن بعد” أو ما يعرف بعموم “الإدارة الرقمية”، نعاين تخلق ما يمكن دعوته بـ “مسرح افتراضي” أو “مسرح عن بعد” يجتهد لكي يمنح لـ “للحياة الحية” مظهر “الحياة الرقمية” عن طريق استحداث عدد من الوسائط الافتراضية ومنصات العروض الرقمية الكفيلة بجعل الفرجة المسرحية ممكنة ضدا على كل مسوغات “إبادتها” الاجتماعية.
ولا شك أن تخلق هذا “النموذج الافتراضي” من العرض الفني الحي لا يبدو منفصلا عن سياق “الهيمنة الرقمية” التي أضحت تحتل مساحات كبرى من التفاعلات المختلفة في الحقل الاجتماعي العام. فزيادة على التعاطي الفردي الكثيف مع تطبيقات التواصلات الاجتماعية (وأتساب – فيسبوك)، وإضافة إلى لجوء عدد من القطاعات الحكومية إلى رفع مستوى هذا التعامل الرقمي من قبيل الجمارك، ومسطرة المشاركة في الطلبات العمومية، والتصريح بالتوقف عن العمل مؤقتاً لدى الضمان الاجتماعي وغير ذلك من المؤسسات الرسمية تفعيلا للبرنامج الذي كان يحمل، سنة 2013، اسم “الحكومة الالكترونية” المندرج ضمن إستراتيجية “المغرب الرقمي – 2013″، ومع الشيوع التواصلي لوسائط وتقنيات البث المباشر(Audio/Vidéo Conférence) التي يتيحها عدد من التطبيقات المعروفة من قبيل تطبيقات (Zoom) و(Microsoft Teams)، كان من اللازم على محترفي العروض الحية، وعلى المسرحيين بوجه خاص، الانخراط في هذه (الفورة الرقمية) سواء كانت من قبيل “البديل الرقمي” لحالة “الإعدام السوسيولوجي” للقاء المسرحي الحي والملموس، أو اعتبرت مدخلا جديدا لـ “ثورة دراماتورجية وسينوغرافية وإخراجية” مجددة ومبتكرة.
ومع كل ما سلف، وتأسيسا على الإغلاق التام للشرط السوسيولوجي المؤسس لما ندعوه بالعرض الحي، وهو اللقاء الحي والتجمهر الملموس الذي يخلق كل سحر الفن المسرحي من غبار الخشبة وعرق الممثل ورائحة الصباغة والألواح وكل ما يعشقه أهل المسرح بزهد عرفاني وصوفي.. نخلص إلى أسئلة من قبيل:
> هل من سداد الرؤية الميتا-مسرحية الحديث عن “مسرح عن بعد”؟
> هل يمكننا أن نتخيل “زمنا” أو “مكانا” دون مسرح حي ومباشر وتلقائي؟
> هل يفضي إغلاق القاعات وصالات العرض وأماكن التدريب والإقامات الفنية وفرص اللقاء المباشر بجمهور المسرح إلى “نهاية” كل هذه الخرافة العتيقة التي كنا ندعوها “مسرحا”؟
> هل نستسلم، بكسل الخسران، إلى منصة (Zoom) وننسى كل قاعاتنا المسرحية وخشباتنا المفتوحة على الجمال والخلق أمام جمهور عاشق ومحب ومتعطش لسمو الفكرة وألق الحركة وبهاء السينوغرافيا وحذق الإخراج؟
لاشك أن “لعب” عرض مسرحي “عن بعد” حيث يمثل كل ممثل في “غرفته” أو في مكان ضيق من “معزله المنزلي” يبدو “حداثة ممتعة” إلى حد ما حيث لا يستدعي ذلك ما يقدمه المغرب الفني زمن الجائحة من قبيل “تسجيل رقمي” لفرجة مسرحية معدة خارج الزمن الرقمي وإكراهاته وضروراته التقنية والجمالية، بل يتطلب ذلك “اختراع” أساليب مسرحية جديدة وتقنيات مغايرة في التشخيص والإلقاء والسينوغرافيا والاقتراح الإخراجي وكل مكونات العرض المسرحي الرقمي الجديد. وذلك ما تمثله بعض التجارب المسرحية الرقمية التي يمثل فيها الممثلون، كل في غرفته، نصا بذات الكيفية التي يمثلون بها ذات النص فوق خشبة اللقاء المسرحي الحي من زاوية احترام الحوارات والوقفات ومختلف التفاعلات اللغوية والحركية. وذلك كله عبر شاشات متداخلة (Des écrans interposés). ويظهر جليا أنها “تجربة فنية استثنائية” ومغايرة وعابرة للأنواع لأنها ليست “سينما”، رغم وجود الشاشة الرقمية، وليست “تلفزيونا” كذلك، ولكنها أيضا ليست “مسرحا” بمعناه المألوف. ولذلك ما تزال اللغة المعاصرة محتاجة إلى مفردة أفصح تسمي هذا “الاختيار المسرحي الجديد” بوصفه ظاهرة فنية رقمية قائمة على تفاعل “بعيد” و”وسائطي”. ويمكننا أن نذهب بعيدا في هذا التحليل لننظر إلى تطبيق (Zoom) نفسه، باعتباره منصة رقمية أمريكية تشتغل انطلاقا من اتصال مشفر (Une connexion par code d’accès)، نظرنا إلى “قاعة مسرحية افتراضية” حيث نمر عبر الشباك الرقمي “كلمة السر” مرورنا عبر “شباك التذاكر”.
هل نحن أمام “الأبوكاليبس”؟
هل انتهى المسرح الذي نعرف؟
هل أصبحنا مضطرين لقتل فنون “الحياة” باسم “نسخ” (Zoom)؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش
(1) Wresinski, J : Grande pauvreté et précarité économique et social
Journal officiel – Paris – p : 14
(2) Echaudemaison , C.D : Dictionnaire d’économie et des sciences sociales
Ed- Nathan – Paris – 1989- p : 218
(3) Standing , Guy : Le Précariat . Les dangers d’une nouvelle classe
Les Editions de l’Opportun – Paris – 2017 – p :37-39
(4)- انظر التقرير العلمي (في حوالي 31 صفحة) بعنوان (إستراتيجية المغرب في مواجهة كوفيد 19، الصادر عن مؤسسة بحثية (مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد) والذي ساهمت فيه أعلام مغربية مرجعية من علماء الاجتماع والاقتصاد أمثال عبد الله ساعف وأمحمد ضريف والعربي الجعيدي.. وغيرهم. ونحيل بالضبط إلى الفصل الثالث “حفظ النظام الاجتماعي” – ص : 18-24
إستراتيجية المغرب في مواجهة كوفيد 19. مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد. أبريل -2020

***

من وحي اليوم الوطني للمسرح

شذرات من تاريخ المسرح المغربي.. والمناسبة شرط

قراءة في كتاب “المسرح المغربي قبل الاستقلال” للدكتور مصطفى بغداد

جاء التصميم المنهجي لمحتويات كتاب “المسرح المغربي قبل الاستقلال”(1) (400 صفحة من الحجم المتوسط) متناغما مع المنهج التاريخي التحقيبي والتوثيقي الذي توسل به الدكتور مصطفى بغداد(2) لمداهمة ومعاقرة قضايا وإشكالات المسرح المغربي في مرحلة الاستعمار الفرنسي الإسباني للمغرب الأقصى.
وهو تأطير منهجي يروم من خلاله الباحث مقاربة الظاهرة المسرحية في فترة الحجر والحماية واستكناه الوعي الناظم لخصوصية هذه المرحلة في اشتباكها وتفاعلها مع المكونات السياسية والسوسيو – ثقافية لمغرب ما قبل الاستقلال بل ولمراحله الضاربة في القدم، حيث سيؤشر الباحث على الصدام الحضاري والتثاقفي الذي مارسته الدول الوافدة والمحتلة للمغرب القديم وخصوصا القرطاجنيين والرومان الذين شيدوا المسارح في قرطاج ووليلي وغيرهما من حواضر شمال إفريقيا.. ومارسوا الفن المسرحي بمرجعيته الإغريقية حيث إنه “من المؤكد أن الأمازيغ تأثروا بالقرطاجنيين ومن بعدهم الرومان ومارسوا فن التمثيل القائم على الأناشيد والحركات الراقصة التي تؤدى بها الطقوس والشعائر الدينية التي ترمز إلى التوسل بالآلهة”(2).
غير أن هذه التقاليد المسرحية الوافدة تلاشت مع الزمن بفعل اغترابها عن المحيط السوسيو – ثقافي والديني للمغرب القديم والتي لم تتمظهر آثارها سوى في بعض الطقوس والفرجات الشعبية الأمازيغية، كما أنها لم تتبلور ولم ترتق إلى أشكال مسرحية بفعل الخطاب الديني الإسلامي الذي سيصهر بثقافته التوحيدية كل أسباب الصراع بين الإنسان وقدره.. وهو الصراع المأسوي الميثوسي الذي يشكل بنية المسرح الإغريقي الروماني. غير أن المغاربة الذين سيتشبعون بالقيم الثقافية الأمازيغية العربية الإسلامية سيتوسلون في تلك الفترة ببعض الفرجات والطقوس الاحتفالية.. وهي فرجات شعبية حملت داخلها عناصر الحكي والحوار والغناء والرقص والإنشاد والتقليد والأداء والإيقاعات الاحتفالية الجماعية… ويؤديها في الأسواق والساحات العامة والمواسم بعض الرواة والمداحين والقوالين والحكواتيين الجوالين… الأمر الذي دفع ببعض الباحثين المعاصرين إلى استبعاد تصنيفها ضمن خانة الأشكال والظواهر الما قبل مسرحية واعتبروها ظواهر فرجوية مسرحية لا أرسطية غربية تحمل داخلها خصيصة التمسرح théâtralité التي تشكل جوهر كل فرجة مسرحية إنسانية كيف ما كان منبتها.
وقد تعرض الباحث بإسهاب لهذه الظواهر الفرجوية كالحلقة والبساط وسلطان الطلبة وسيدي الكتفي وعبيدات الرمى… إضافة إلى طقوس الطوائف الدينية والاحتفالات والرقصات الشعبية… مشيرا إلى اغتراف بعض الكتاب والمبدعين والمخرجين المسرحيين المغاربة المعاصرين من معين هذه الفرجات التراثية وتوظيفها في أعمالهم المسرحية التأصيلية كما هو الشأن بالنسبة للطيب الصديقي والطيب العلج وعبد الكريم برشيد وغيرهم .

مرحلة التأسيس
عند تناوله بالتحليل لمرحلة الـتأسيس، أثار الباحث إشكالية التوثيق وندرة المخطوطات والمصادر ذات الصلة بالتأريخ والتوثيق لمرحلة دقيقة من تاريخ المسرح المغربي مستعرضا تعدد الآراء وتضاربها بشأن سنة 1923 كانطلاقة محتملة للممارسة الحقيقية للحركة المسرحية بالمغرب؛ مؤكدا بأن زيارة الفرق الأجنبية والمشرقية في بداية القرن العشرين كفرقة محمد عز الدين وفرقة فاطمة رشدي وفرقة نجيب الريحاني وبعض الفرق الإسبانية والفرنسية كان لها دور كبير في انتشار الفن المسرحي في المناخ الثقافي المغربي بشكل عام، سواء لدى المهتمين أو الممارسين أو الجمهور. إضافة إلى إسهام بعض صالات العرض التي كانت تبنى إرضاء للجالية الأجنبية المقيمة بالبلاد في إنعاش الحركة المسرحية كما هو الحال بالنسبة لمسرح سرفانتيس الذي تأسس سنة1913 والمسرح البلدي بالدار البيضاء سنة 1920 والمسرح البلدي بالجديدة سنة 1925 وكذلك بعض القاعات السينمائية والساحات العمومية ومسارح الهواء الطلق التي كانت بدورها تستقبل بعض العروض المسرحية في بعض المدن العتيقة.. هذه المدن ذاتها شهدت ميلاد بعض الفرق المسرحية وخصوصا في صفوف قدماء التلاميذ.. كجمعية قدماء مولاي ادريس بفاس والجوق الطنجي للتمثيل العربي بطنجة والجوق المغربي للتمثيل العربي بالرباط والجوق السلاوي للتمثيل بمدينة سلا وجمعية قدماء التلاميذ بالدار البيضاء وفرقة المغرب التطواني بتطوان وقدماء ثانوية محمد الخامس بمراكش… وغيرها من المدن المغربية التي عرفت دينامية مسرحية بفعل عوامل خارجية وداخلية لعل أهمها توافد الفرق المسرحية الأجنبية والعربية وبناء المسارح ودور العرض وحيوية النسيج الجمعوي المتمثل في نوادي قدماء التلاميذ الذين لعبوا دورا محوريا في تأسيس الفرق والأجواق المسرحية التي كانت تنتج أعمالا مسرحية تستند في معظمها إلى نصوص مترجمة أو مقتبسة من الآثار الدرامية والأدبية الأجنبية والمشرقية على حد سواء.. حيث نهلت موجة الترجمة والاقتباس من أعمال كلاسيكية غربية كأعمال موليير وشكسبير وغيرهما.. كما نهلت من الموروث التاريخي والأدبي العربي الإسلامي حيث تراوحت مساحة الاقتباس ما بين الترجمة الخالصة واستلهام الأحداث الرئيسية ومغربة النصوص بتبيئتها وتوطين قضاياها وأطروحاتها في التربة الثقافية المغربية. كما نشطت في هذه المرحلة بعض محاولات التأليف المسرحي لدى بعض الممارسين كما هو الحال بالنسبة لمحمد القري وعبد الواحد الشاوي ومحمد الحداد وعبد الخالق الطريس وعبد الله الجيراري وغيرهم من الذين حاولوا القبض على أهم القضايا التي يحبل بها الواقع الاجتماعي والسياسي المغربي. غير أن محاولاتهم هاته اتسمت في معظمها بالخطابة والسرد التاريخي والمباشرة وتقليد الأعمال المشرقية إضافة إلى طغيان العنصر السياسي التحريضي على حساب البعد الفني والجمالي .

العوائق السياسية والسوسيو- ثقافية
عرفت الحركة المسرحية المغربية في هذه المرحلة من تاريخها مجموعة من العوائق والمثبطات التي كانت تحد من فعاليتها وحضورها وإشعاعها كالموقف السلبي لبعض الفقهاء والمحافظين من المسرح والفن عموما.. وانعدام الإمكانيات المادية وقلة الخبرات والكفاءات الفنية والتقنية.. وأزمة النصوص المسرحية وضعف البنيات التحتية وإحجام العنصر النسوي عن المشاركة في الأعمال المسرحية.. إضافة إلى كون أغلب الممارسين المسرحيين كانوا من الهواة والطلبة والمثقفين والفقهاء الإصلاحيين والحرفيين الذين كانوا يعتمدون على إمكاناتهم الخاصة.

غير أن أهم العوائق تجسدت بالخصوص في طول يد الرقابة الاستعمارية التي كانت تتفنن في الحذف والبتر والتشويش ومنع بعض العروض المسرحية.. ومحاصرة ونفي المسرحيين الوطنيين واغتيال بعضهم كما هو الشأن بالنسبة للشهيد محمد القري. نفس الدور السلبي لعبته الأحداث السياسية المتعاقبة كإعلان “الظهير البربري” ونشوب الحرب العالمية الثالثة… وغيرها من الأحداث الدولية والإقليمية والمحلية التي انعكست على مغرب الحجر والحماية. الأمر الذي ساهم في التضييق على الممارسة المسرحية من طرف الرقابة الاستعمارية نظرا لالتحام الحركة المسرحية بالحركة الوطنية وبأهدافها النضالية والتحررية والتوعوية الأمر الذي دفع بأغلب الباحثين المعاصرين إلى اعتبار المسرح المغربي في تلك المرحلة أداة لبث الوعي السياسي التحرري واستنهاض الهمم لمواجهة الاستعمار .

التأطير والمأسسة والامتداد
رغم أن الممارسة المسرحية في هذه المرحلة لم تتجاوز الهواية والعشق إلا أنها عرفت بعض المبادرات الجادة من طرف بعض الأسماء الفاعلة كعبد الواحد الشاوي وعبد الخالق الطريس وغيرهم من الذين حاولوا تكريس ممارسة مسرحية احترافية لكنها لم تحقق أهدافها إلا في سنة 1952 حيث تأسست آنذاك فرقة تابعة للإذاعة المغربية، وهي أول فرقة مغربية تعمل بنظام التعاقد، ما مهد لميلاد فرقة التأسيس المغربي التابعة للشبيبة والرياضة سنة 1953 الأمر الذي سيفتح الباب للاهتمام بالأسس والقواعد النظرية والتقنية واستحضار عامل التأطير والتكوين كمحفز إيجابي للنهوض بالحركة المسرحية المغربية ليتم إنشاء ما سمي آنذاك بمراكز التعبير في كل من الدار البيضاء والرباط وفاس والجديدة… كما تأسس المركز المغربي للأبحاث المسرحية التابع لمصلحة الشبيبة والرياضة تحت إشراف أندري فوازان وعبد الله شقرون وعبد الصمد الكنفاوي والطاهر واعزيز وغيرهم.. الأمر الذي انعكس إيجابا على المستوى التقني والجمالي للأعمال المسرحية.. ويكفي أن نذكر مجموعة من الأسماء التي استفادت من هاته الأوراش المسرحية كالطيب الصديقي والطيب لعلج وعبد القادر البدوي وغيرهم من الشباب الواعد آنذاك لندرك تأثيرها الحاسم على صيرورة المسرح المغربي وامتداده إلى مرحلة ما بعد الاستقلال.
ولم يكتف الباحث مصطفى بغداد برصد إرهاصات التأسيس وسيرورة الممارسة المسرحية المغربية في مرحلة ما قبل الاستقلال بل حاول القبض أيضا على آليات النقد المسرحي في تلك المرحلة إضافة إلى شروط التلقي ورهانات المسرح الشعري ودينامية المسرح الإذاعي معززا كتابه القيم بوثائق وصور وشهادات وملصقات وجرائد ومجلات تعكس بجلاء المجهود التوثيقي الشاق والجبار الذي تكبده الراحل مصطفى بغداد لدراسة وتوثيق مرحلة تأسيسية هامة في تاريخنا المسرحي المغربي الحديث.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هامش :
• مصطفى بغداد – المسرح المغربي قبل الاستقلال – منشورات الرهان الآخر – مطبعة دار القرويين الدار البيضاء
• الراحل الدكتور مصطفى بغداد ناقد وباحث في المسرح وشاعر غنائي كبير والأمين العام السابق للنقابة الحرة للموسيقيين المغاربة. أعتز بتدريسه لي لمادة اللغة العربية بثانوية التادلي بالرباط .

بقلم: كريم الفحل الشرقاوي
كاتب ومخرج وباحث مسرحي

**********

الهيئة العربية للمسرح تطلق النسخة 14 من مسابقة تأليف النص المسرحي الموجه للكبار – موسم 2021  

في إطار البرنامج الثقافي والفني الذي وضعته الهيئة العربية للمسرح، وتحفيزاً للكتّاب المسرحيين العرب، تنظم الهيئة العربية للمسرح النسخة الرابعة عشرة من مسابقة تأليف النص المسرحي الموجه للكبار (فوق سن 18) للعام 2021 والتي خصصت لنصوص تندرج ضمن ثيمة (نصوص تشتبك مع التحولات الراهنة ثقافياً وفنياً واجتماعياً)، حيث يتعين أن تحفر هذه النصوص في الحاضر والمُعَاش، مؤكدة على الدور الإيجابي للإنسان في إحداث التقدم والتغيير//

شروط المسابقة

• أن يكون النص المرشح للمسابقة مبنياً على الثيمة التي اعتمدتها الهيئة العربية للمسرح للعام 2021 وهي: (نصوص تشتبك مع التحولات الراهنة ثقافياً وفنياً واجتماعيا).
• أن يكون النص المرشح للمسابقة جديداً ولم يسبق فوزه في مسابقة أخرى، ولم يسبق أن شارك في المسابقة نفسها ولم يسبق نشره أو تقديمه في عرض مسرحي.
• أن لا يكون النص مونودراما.
• أن يكون النص مكتوباً باللغة العربية الفصحى، فيما لا يقل عن (15) صفحة مطبوعة ببنط Arial 14 وبمسافات بينية لا تتجاوز 15.
• أن يقدم النص المسرحي مطبوعاً بصيغة (Word) ويرسل بواسطة البريد الإلكتروني على العنوان المدون أدناه.
• أن يقدم صاحب/ة النص المقدم للمسابقة إقرارا بملكيته للنص والتزامه بالشروط (حسب الصيغة المعدة لهذا الغرض).
• أن يكون عمر الكاتب فوق الثامنة عشرة.
• أن يرسل صاحب/ة النص المرشح/ة بواسطة البريد الإلكتروني صورة شخصية وصورة بطاقة إثبات هوية/ جواز السفر + سيرة ذاتية مختصرة + العنوان كاملاً بما في ذلك الهاتف النقال
• أن يبعث النص والمرفقات إلى البريد الإلكتروني التالي: [email protected]
لعناية منسق مسابقة تأليف النص المسرحي.
برجاء كتابة اسم المؤلف/ة وعنوان النص في خانة (الموضوع) على سطح البريد الإلكتروني، وإرسال النص والوثائق المطلوبة في إرسالية واحدة.

تدابير وإجراءات المشاركة

• يتم الإعلان عن النسخة الرابعة عشرة من المسابقة مطلع أبريل 2021.
• يفتح باب التقديم وقبول النصوص التي يرغب أصحابها بالتنافس من خلالها مطلع شهر مايو 2021 .
• تنتهي مهلة التقديم في نهاية شهر سبتمبر 2021.
• تشكل الهيئة لجنة تحكيم وتكون قراراتها نهائية.
• تعلن النتائج النهائية للمسابقة في اليوم العربي للمسرح الموافق 10 يناير 2022.
• تمنح الهيئة العربية للمسرح ثلاث جوائز على النحو التالي :
• الجائزة الأولى  5000 $
• الجائزة الثانية 4000 $
• الجائزة الثالثة 3000 $
• تمنح الهيئة العربية للمسرح الأيقونة الفضية للفائزين.
• للهيئة حقوق نشر الطبعة الأولى من النصوص الفائزة بالمسابقة ضمن منشوراتها.
• لا يجوز طباعة ونشر النصوص الفائزة من قبل أصحابها أو جهات غير الهيئة العربية للمسرح قبل مرور 3 سنوات على إعلان الفوز.
للمزيد من المعلومات، برجاء الاتصال مع سكرتاريا الأمانة العامة للهيئة العربية للمسرح- الشارقة – الإمارات العربية المتحدة: 0097165240800

****

Related posts

Top