أكد الإطار الوطني بادو الزاكي أن الأهداف المعقولة والمقبولة التي حددها الاتحاد السوداني لكرة القدم له عند التفاوض من أجل تدريب منتخب «صقور الجديان»، ساهمت في قبوله هذا العرض.أكد الإطار الوطني بادو الزاكي أن الأهداف المعقولة والمقبولة التي حددها الاتحاد السوداني لكرة القدم له عند التفاوض من أجل تدريب منتخب «صقور الجديان»، ساهمت في قبوله هذا العرض.وأبرز الزاكي في حوار أجراه مع موقع (SNRT) أنه وقف على مجموعة من الإيجابيات في تشكيلة المنتخب السوداني، لكنه سيعمل على تصحيح مجموعة من الأمور المتعلقة بعدن الانضباط. وأشار المدرب السابق للمنتخب المغربي إلى السهولة التي مرت بها المفاوضات مع رئيس الاتحاد المحلي للعبة معتصم جعفر، منوها بالاستقبال الحافل الذي حظي به من طرف السودانيين. وانتقد الزاكي المنظومة الكروية المغربية التي ظلت لسنوات طويلة تتعامل الإطار الوطني كرجل إطفاء أو إنقاذ، ما تسبب في عدم بروز اسم المدربين المغاربة على مستوى الكرة الإفريقية.واعتبر أن أي مواجهة محتملة مع «أسود الأطلس» ستكون مدعاة للفخر أمام منتخب صال وجال بنهائيات كأس العالم الأخيرة، وكان ليحقق إنجازا أفضل لولا بعض الهفوات وأخطاء تحكيمية.
> بداية، نود أن نعرف أسباب نزول التجربة السودانية، وكيف وافقت عليها؟
< حدث، أيام كان المغرب ينظم كأس العالم للأندية، أن اتصل بي معتصم جعفر، وهو رئيس الاتحاد السوداني لكرة القدم، ليطلب اللقاء بي، مشيرا إلى أنه، وزملاءه في الإدارة التقنية للكرة السودانية، اتفقوا على ترشيحي لقيادة منتخب السودان. لا أخفيك أن أشياء كثيرة جالت في رأسي، وبقوة وسرعة، في تلك الأثناء. غير أنني سرعان ما خلصت إلى القبول بالمقترح، بيني وبين نفسي، على اعتبار أنها تجربة مهمة للغاية إن تمت، ستضيف إلي معارف جديدة، رغم الاختلاف الثقافي بين الشعبين المغربي والسوداني، ولاسيما أن هذا العرض يأتي في سياق خاص جدا. فبعد أن توفيت زوجتي، انقلبت حياتي رأسا على عقب، ولم يعد هناك ما يشغلني كثيرا، في وقت لا أملك أن أعيش، بفعل عشقي لكرة القدم، بعيدا عن الضغط، والتداريب، ورائحة الملاعب، والرغبة في تحقيق نتائج جيدة. شيء آخر سرع قبولي بالمقترح، وهو أنني قدرت بأن المنتخب السوداني ستكون أهدافه، في الوقت الراهن، معقولة ومقبولة، بحيث إن التأهل إلى نهائيات كأس إفريقيا للأمم، وتحقيق الصعود إلى الدور الثاني، من شأنه أن يعتبر إنجازا.
> هل يعني هذا أن رئيس الاتحاد السوداني، وهو يلتقي بك، لم يجد أي صعوبة في الاتفاق معك على التفاصيل؟
< تماما. فقد كان اللقاء بالعاصمة الرباط، على هامش كأس العالم للأندية، خفيفا، بحيث اتفقنا على كل شيء في ظرف ساعة ونصف تقريبا. ثم اتصلت بالأخ يوسف فرتوت لأعرض عليك فكرة الاشتغال معي، مساعدا، فقبل مشكورا أن يكون إلى جانبي، مشكلا بذلك أضافة كبيرة.
> فماذا كانت الخطوة التالية؟
< حين عدت إلى البيت، بدأت، من فوري البحث في الكرة السودانية، إذ تعرفت على مسار المنتخب السوداني، ولاعبيه، عبر برنامج رقمي خاص كنا نشتغل به في الإدارة التقنية الوطنية للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم.
> ما هي أول الخلاصات التي وصلت إليها في تلك الأثناء؟
< فهمت من خلال الأبحاث التي أجريتها، عبر التفاصيل الدقيقة عن الأداء الجماعي والفردي، أن منتخب السودان لديه إيجابيات مهمة للغاية، أما السلبيات التي تقف عثرة في وجه تطوره، فهي مرتبطة، عموما، بأشياء تحتاج إلى الانضباط. فالحاجة إلى الانضباط في التداريب، وفي المواعيد، وفي التغذية، وما يدور في فلك التدبير الاحترافي عموما، من شأنه أن يضبط مسار هذا المنتخب، ويجعله يمضي قدما في مسار تحقيق نتائج إيجابية. من بين الأشياء التي توصلت إليها، مثلا، أن منتخب السودان خسر جملة من المباريات بفعل أهداف ساذجة سجلت عليه، أو لأنه ضيع فرصا كان يتعين تسجيلها. وكل هذا، كما سبق أن قلت، سببه واحد لا غير، غياب التركيز. وهو يأتي من طريق واحد فقط، هو الانضباط.
> كيف وجدت الاستقبال بالسودان؟ وهل كانت صورة الزاكي في المستوى المطلوب عند وسائل الإعلام هناك؟
< صدقني، لقد كان الاستقبال على جانب كبير من الحفاوة، أما التقديم لوسائل الإعلام السودانية فكان كبيرا وحضاريا إلى حد لا يمكن وصفه. ومما جعل ذلك اللقاء دافئا، كونه شهد حضور السفير المغربي، السيد ماء العينين، الذي أود أن أتوجه إليه، من خلالكم، بشكري الجزيل على الحفاوة، والترحيب، حتى إنه كان أول متصل بي حين انتصرنا على الغابون. فشكرا له.
> اللقاءات الأولى عادة ما تشكل فرصة للانطباعات. فما هي الانطباعات التي ترسخت لديك عن أهل السودان في لقاءاتك الأولى بهم؟
< إنه شعب طيب جدا، وبأخلاق عالية للغاية. شخصيا لم أشعر بأدنى مشاعر للغربة. أي نعم، نحن نختلف في بعض الأشياء ثقافيا، ولكن عقليتنا واحدة. كما لاحظت أمرا مهما، وهو أن السودانيين متشبثين، مثل المغاربة، بدينهم.
> ترى لماذا تأخر الإطار المغربي، حسب تقديرك، في فرض نفسه في القارة الإفريقية خاصة، وفي الخارج عموما؟
< السبب، في تقديري، في كون المنظومة الكروية المغربية ظلت لسنوات، مع الأسف، تعتبر الإطار الوطني المغربي رجل إطفاء، أو رجل إنقاذ، لا أقل ولا أكثر. فالمدرب المغربي يستنجد به في حالة واحدة فقط، حينما تبدأ النيران في الاشتعال بالفريق، بحيث يطلب منه أن يساعد في إطفائها. وما أن يفعل، وينجح، وتهدأ الأمور، حتى ينطلق المسير في البحث عن بديل أجنبي. في ظل هذه الوضعية، التي بدأت تتغير بالتدريج، منذ سنوات، لم يكن ممكنا للإطار الوطني المغربي أن يفرض نفسه في منظومته. فكيف كان له، والحالة هاته، أن يكون مطلوبا بالقارة الإفريقية، وبالأحرى خارجها؟ لقد كان هذا أمرا مستحيلا. غير أنه بصدد أن يتغير، مع تغير العقليات. في ما يخصني، مثلا، كنت دائما محاطا بإشاعات مغرضة، تدعي أنني دكتاتور، وأفرض صرامة فوق الحدود، وأدخل في صراعات مع المسيرين. مع أنني، وهذا يعرفه كثيرون، لم أكن كذلك يوما، بقدر ما كنت أرغب في تطبيق مبادئ احترافية، بدأت تطبيقها بالفعل على نفسي، وانطلاقا من نفسي، سواء حين كنت لاعبا أو حين ذهبت إلى الاحتراف، ثم حين صرت مدربا للفرق أو في المنتخب الوطني. ولعلك تذكر جيدا أنني كنت من الأوائل، إن لم أكن الأول الذي رفض حضور الجماهير للحصص التدريبية للفريق، مثلما رفضت ركوب أي غريب عن الفريق معنا في الحافلة الخاصة، وألزمت الإعلاميين بأن يقدموا طلبات لعقد لقاءات معي ومع اللاعبين، وغير ذلك. وهذا جعلني محط إشاعات عجيبة، مع أن كل هذا صار يطبق اليوم، ويقبل به الجميع، دون أدنى تشكي. فبالله عليك، هل كان ممكنا لأي فريق إفريقي أو غيره أن يطلب التعامل معي أو مع إطار مغربي على خلفية هذه الصورة؟ بطبيعة الحال لم يكن ممكنا.
> كيف ستتعاطى مع مباراة محتملة تجمع بين المغرب والسودان؟
< سأكون فخورا بذلك. وكيف لي ألا أشعر بالفخر، وأنا أواجه المنتخب الرابع على المستوى العالمي؟ المنتخب الذي صارت له هيبة بعد صولاته وجولاته في كأس العالم بقطر، وكان قاب قوسين أو أدنى من المنافسة على اللقب، لولا بعض الهفوات الصغيرة، وما ارتكبته تقنية (VAR) في حقه أيضا. دعني أقول لك، أولا، إن كرة القدم المغربية صارت الأولى قاريا، وأنا أبصم على هذا بالعشرة. ولم يتسن لها أن تصل إلى هذا المستوى بالصدفة، بل نتيجة عمل كبير في العمق. فالبنيات التحتية تتحدث عن نفسها، وليست بحاجة إلي كي أن أتحدث عنها. والبطولة الوطنية تطورت كثيرا، بحيث صارت تتسيد قاريا. والمنتخبات الوطنية، بفئاتها، ماضية في الطريق الأفضل، حتى إن منتخبات الكرة النسوية، التي لم نكن نسمع عنها، صارت اليوم مؤهلة إلى كأس العالم في فئتين. وهذه إنجازات كبيرة جدا، تجعلني أشعر بالفخر إن كنت سأواجه المنتخب الوطني المغربي، باعتباري مغربيا ومدربا للمنتخب السوداني. فبغض النظر عن النتيجة، سيكون اللقاء بالمنتخب المغربي مفيدا جدا، ومن شأنه أن يسهم في تصحيح جملة من الأشياء. فليس بسيطا مواجهة المنتخب الذي هزم البرازيل عن جدارة، وشهد له الإعلام الدولي بأنه صار مهاب الجانب، ويتعين على أي منتخب يريد مواجهته أن يحسب له ألف حساب.