بيتر ياخمينيف مدير المركز الثقافي الروسي بالمغرب: هناك إقبال على اللغة الروسية وتعزيز التعاون بين البلدين سيعطي إشعاعا أكبر لتوسيع تدريسها

قال بيتر ياخمينيف مدير المركز الثقافي الروسي بالمغرب إن هناك دينامية جديدة لتوسيع تدريس اللغة الروسية بالمغرب، والرفع من عدد الطلبة المغاربة الذين يدرسونها بالجامعات المغربية، وكذا بالنسبة لعدد الطلبة الذين يتابعون دراستهم بالجامعات والمعاهد الروسية.
وأضاف ياخمينيف في حوار مع جريدة بيان اليوم، أن من شأن التعاون بين روسيا والمغرب على المستوى الاقتصادي وعلى المستوى الثنائي في مجالات متعددة أن يعطي دفعة قوية لتوسيع قاعدة تدريس اللغة الروسية في المغرب.
مدير المركز الثقافي الروسي بالمغرب أعطى عددا من الإحصائيات التي تهم تطوير اللغة الروسية، ومن ضمنها الرفع من عدد الطلبة المغاربة والمنح لاستكمال الدراسة بروسيا والتي تم رفعها خلال العام الجاري 2022 بنسبة 100 بالمئة على أن يتم مضاعفة هذا الرقم بشكل أكبر خلال 2023 والسنة التي تليه. فيما يلي نص الحوار:

*  في البداية، كانت هناك ورشات ولقاءات مع أساتذة وطلبة مغاربة نظمتموها مؤخرا حول تطوير اللغة الروسية بالمغرب، كيف تشتغلون على توسيع تدريس اللغة الروسية، وما هو الدور الذي تلعبه “روسوترودنيسيشتفو” في هذا الإطار؟
> أولا، وقبل الإجابة عن السؤال، لا بد من شرح مهمة “روسوترودنيسيشتفو”، وهي الوكالة الفدرالية الذي يأتي ضمنه المركز الثقافي الروسي، وهذه المؤسسة التي نعمل من خلالها إحدى مهمتنا في نشر اللغة الروسية.
كذلك مهمة “روسوترودنيسيشتفو” هي التعاون في المجال الرياضي والثقافي وكذلك التعاون على مستوى التعليم العالي من خلال فتح الأبواب أمام الطلبة من مختلف الدول للدراسة في روسيا، ومن ضمنها المغرب طبعا، إذ نعمل على التعريف بمزايا الدراسة في روسيا لدى المواطنين المغاربة.

< وهل هناك إقبال على التعليم العالي في روسيا من قبل الطلبة المغاربة؟
> بالفعل هناك إقبال كبير، ولعل الأرقام دالة على هذا، فاليوم لدينا أزيد من 7000 طالب يتابعون دراستهم بالجامعات والمعاهد الروسية، وبشكل سنوي يلتحق ما يزيد عن 1500 طالب جديد، وكما هو معلوم فإن الدراسة في روسيا تعد من بين أحسن النماذج التعليمية في العالم، وبالتالي هناك إقبال كبير.
كما أن الدراسة في روسيا بالنسبة للطلبة المغاربة هي في المتناول بالنظر لعدد من الامتيازات، من ضمنها عدم ارتفاع تكاليف الدراسة بالمقارنة مع نماذج أخرى، المعيشة بروسيا في المتناول بالنسبة للمغاربة، كما أن بنية الاستقبال والإمكانيات من أجل العيش والدراسة محترمة.
هذا بالإضافة على كون روسيا دولة ذات تاريخ وزخم ثقافي وعلمي وبه جامعات دولية ذات صيت على المستوى العالمي كجامعة موسكو للدولة، وجامعات سانت بطرسبورغ، وجامعات أخرى تعد من الجامعات الأعظم في العالم، كما أننا نتوفر في روسيا على جامعات في مختلف الجهات والمدن.
ونحن اليوم نعمل جاهدين من أجل تقوية العلاقات الثنائية بين روسيا والمغرب على مستوى التعليم العالي، ونعمل على إعطاء إشعاع أكبر للدراسة في روسيا، ومؤخرا تقدمنا بمشروع وضعناه لدى المسؤولين المغاربة وهو مشروع معادلة الشواهد الجامعية بين المغرب وروسيا لتمكين شرائح أوسع من الطلبة لاستكمال دراستهم في مختلف الشعب التي تتيحها الجامعات والمعاهد الروسية بمختلف الأسلاك الإجازة، الماستر، الدكتوراه.

< ما هي الإمكانيات المتاحة اليوم أمام الطلبة المغاربة لاستكمال دراستهم بروسيا؟
>هناك إمكانيتين للدراسة بروسيا حاليا، الأولى من خلال المنح التي تقدمها الدولة الروسية بشكل سنوي، وهناك إمكانية للدراسة مقابل الدفع.
بالنسبة للنقطة الأولى المتعلقة بالمنح، كنا نقوم بشكل سنوي إلى غاية 2021 بإعطاء 22 منحة للدراسة بالجامعات والمعاهد الروسية، هذه السنة ومع الدخول الجامعي لـ 2022/2023 قمنا برفع هذا العدد بنسبة 100 بالمئة، حيث تم منح 44 منحة لفائدة الطلبة المغاربة.
إلى جانب ذلك، سنرفع هذا العدد بأضعاف خلال السنوات الدراسية المقبلة، حيث من المرتقب أن يتم رفع عدد المنح إلى أزيد ممن 100 في الموسم الجامعي المقبل 2023/2024، وهذا طبعا يعكس مدى الاهتمام المتزايد من قبل المغاربة على دراسة الروسية والدراسة في روسيا أيضا.
وحسب الإحصائيات المتوفرة لدينا، فاليوم أزيد من 80 بالمئة من المغاربة الذين يدرسون بروسيا يتابعون تخصص مهن الطب، فيما تحظى الشعب التقنية بإقبال 15 بالمئة من مجموع الطلبة المغاربة، فيما 5 بالمئة تتابع دراستها في شعب الاقتصاد، وفي نفس السياق، يمكن التأكيد على أن هناك عددا من الشعب الأخرى ذات الأهمية والتي سيتم ابتداء من السنوات المقبلة فتحها في وجه الطلبة المغاربة. والتكوين عموما في روسيا يتطور بشكل سنوي حيث يتم إضافة شعب جديدة وحذف أخرى وذلك في إطار مسايرة التطورات والتغيرات على مستوى مختلف المجالات.

< هل أثرت الحالة بين روسيا وأوكرانيا على الدراسة هناك، وكيف تتابعون الوضع بالنسبة للطلبة المغاربة بالمنطقة؟
> طمأنا الآباء وأولياء الطلبة المغاربة حول أبنائهم ونطمئنهم الآن أن الحالة مؤمنة وأن الجميع بخير والطلبة المغاربة يعيشون في وضع طبيعي جدا ويتابعون دراستهم ويستكملون برنامجهم التعليمي، كما أن أسعار الدراسة في روسيا لم تتغير بالنسبة لمن يدرسون مقابل الدفع.
وبالنسبة لأوضاع الطلبة المغاربة بالمنطقة، نقول إننا نوفر جميع الإمكانيات اللازمة والطلبة المغاربة ما زالوا يقبلون على الدراسة في روسيا، وكل سنة يرتفع العدد أكثر، لأن الأوضاع كما ذكرت سابقا هي آمنة ومستقرة.
بخصوص الأوضاع بالمنطقة وما حدث مع الطلبة المغاربة العائدين من أوكرانيا والذين لم يستكملوا دراستهم، اليوم نحن مستعدون لمد يد المساعدة لهم إن هم أرادوا الدراسة بالجامعات والمعاهد الروسية.
أبواب الجامعات والمعاهد الروسية مفتوحة أمام الطلبة العائدين من أوكرانيا، طبعا وفق شروط محددة تتمثل أساسا في الشعب التي كانوا يدرسون بها ولغة الدراسة والمنهج العلمي، بحيث نضع رهن إشارة هؤلاء الطلبة إمكانية استكمال الدراسة في روسيا، مع ضرورة دراسة وضعية كل ملف على حدة، من أجل أن يكون المنهج التعلمي مطابق لما درسوا فيه ولم يتم تدريسه في روسيا.

< بالحديث عن اللغة الروسية، كيف تستهدفون نشر هذه اللغة في أوساط مختلفة بالمغرب ووسط فئات أكبر؟
اللغة الروسية معروفة بالمغرب منذ ما يزيد عن 100 عام، ووصلنا اليوم لما يزيد عن 18 ألف خريج من الجامعات والمعاهد الروسية والذي يلمون بشكل جيد اللغة الروسية وما زالوا إلى جانب أسرهم على تواصل باللغة الروسية. أيضا اليوم اللغة الروسية تدرس على صعيد واسع بالجامعات المغربية، بجامعة فاس، الرباط، المحمدية.
بالموازاة مع ذلك هناك جمعيات تشرف على تدريس اللغة الروسية لفئات مختلفة، ونحن هنا في المركز الثقافي الروسي بالمغرب ندرس مختلف الفئات العمرية اللغة الروسية، وهناك إقبال على هذا المستوى.
طبعا اليوم من أجل توسيع تدريس اللغة الروسية بالجامعات المغربية واستهداف فئات أكبر يحتاج إلى دفعة، هذه الدفعة مطلوبة من الجانبين الروسي والمغربي، ونحن على استعداد لذلك من خلال التعاون على مستويات مختلفة.

< ألا تراهنون على المجال الثقافي والفني والسينمائي لتعزيز حضور “الروسية” بالمغرب؟
> نعمل على ذلك منذ سنوات، وهناك فرق كبيرة تأتي من موسكو لإقامة عروض فنية وأيام ثقافية هنا بالمغرب، وخلال هذه الأيام الأخيرة فقط توصلت بعشرات الطلبات لفرق ومجموعات فنية روسية تسعى لتنظيم أيام ثقافية وجولات هنا بالمغرب، لكن هناك صعوبات على هذا المستوى، تتعلق بالتنظيم، بالوضع الصحي المرتبط بكورونا، التنسيق مع المسؤولين المغاربة، إذ نطمح أن يكون هناك تعاون أعلى على هذا المستوى.
طبعا كل سنة تكون هناك أنشطة بفضاءات مختلفة، هنا بالمركز الثقافي، مسرح محمد الخامس، وبفضاءات مختلفة، وبالتالي هناك الحاجة فقط لتعزيز حضور هذه الأنشطة في مختلف الأوساط، لكن أيضا هناك مشكل آخر وهو المتعلق ببعد المسافة وعدم وجود رحلات جوية مباشرة بين المغرب وروسية. هذا الأمر له تأثير كبير في توطيد هذه العلاقة الفنية والثقافية.
عموما هناك طموح من أجل تعزيز التعاون في المجال الثقافي والفني عبر إقامة شراكات رسمية على هذا المستوى، والتي نتمنى أن تتبلور قريبا من أجل تعزيز العلاقات الثنائية وتقوية هذا الحضور الثقافي والفني.

< وبخصوص السينما، ألا ترون أن هذا المجال أضحى يلعب دورا كبيرا لاسيما على مستوى المنصات الافتراضية؟
> هذا صحيح، بالنسبة للسينما لدينا أفلام نعرضها في الأيام الثقافية، لكن ربما هناك ضعف في التفاعل على منصات الإنترنيت بخصوص السينما، وهنا أتفق معك، لكن هناك على مستوى منصات الإنترنيت تفاعل أكبر على مستوى البرامج الثقافية، على مستوى ما يقدمه المركز الثقافي الروسي.
على المستوى الثقافي، نحن نضع رهن إشارة جميع الطلبة المغاربة المكتبة الرقمية التابعة للمكتبة الوطنية الكبرى لموسكو، كما نضع رهن إشارتهم عددا من البرامج الثقافية وعروض الدراسة وغيرها، وكذا ما يتعلق بالتاريخ الروسي ودراسة اللغة وغيرها من الأمور.

< ختاما، كيف ترون التبادل الثقافي بين المغرب وروسيا ودوره في توطيد العلاقة بين البلدين وتعزيز الحضور اللغوي المشترك؟
>على المستوى الفني والثقافي، أبوابنا مفتوحة أمام الفرق المغربية وأمام الفنانين المغاربة الذين يطمحون لزيارة روسيا، كما أننا نتواصل بطلبات لذلك ونتعامل معها في الحين، فالإجراءات الخاصة بالفرق الفنية والمسرحية وغيرها، وبالفنانين والصحافيين، والمبدعين تكون سريعة ويتم التجاوب بشأنها، كما أننا أيضا كما ذكرت سابقا نتوصل بطلبات من فرق فنية من روسيا من أجل العرض هنا بالمغرب، إذن يمكن القول إن الأمر قائم بالذات لكنه يحتاج إلى دفعة من الجانبين على مستوى الرسمي من أجل إعطاء إشعاع أكبر لهذه الدينامية.
أيضا، لا بد من الإشارة على أننا وباستمرار في المركز الثقافي الروسي ننظم أيام ثقافية، ندرس اللغة، ننظم معارض لفنانين مغاربة وروس، كما ننظم بالمنسابة مسابقة باللغة الروسية، هذه المسابقة تنظم أيضا على المستوى الوطني بروسيا، والتي تعرف فوز المغاربة باستمرار في دورات مختلفة، إذ منذ 20 سنة ونحن ننظم هذه المسابقة.
عموما يمكن الختم بالقول عن توسيع تدريس اللغة الروسية بالمغرب أمر نعمل عليه، وهناك توجه من أجل إشعاع هذا الأمر وتذليل العقبات أمام الطلبة المغاربة، وستتعزز هذه الدينامية أكبر بفضل توطيد العلاقات اكثر بين روسيا والمغرب والتعاون الثنائي والمشترك بينهما في مجالات مختلفة.

حاوره: محمد توفيق أمزيان

Related posts

Top