يبدو أن عملية تحرير الملك العمومي بمدينة انزكان من الفراشة والباعة المتجولين الذين يحتلون الشوارع والأرصفة وأبواب المحلات التجارية والسكنية ويخنقون الراجلين باستغلال الممرات المخصصة لهم، تحقق تقدما مهما بعد شهر تقريبا من انطلاقتها، حيث تمت ملاحظة إزالة مجموعة من أشكال الاستغلال الجائر للملك العمومي، ولوحظ نوع من الكر والفر بين بعض الباعة المتجولين وعناصر القوات العمومية. غير أن هذه الحملة أثارت ردود فعل متباينة، فإذا كان البعض استحسنها وأكد على استمراريتها لحماية الملك العام، فإن البعض الآخر، يرى انها مجرد حملة لذر الرماد في العيون وأنها جاءت لإرغام الباعة المتجولين على القبول بالاستفادة «المجحفة» من سوق الحرية وتمرير المحلات التجارية بهذا المشروع لاتباع الاغلبية بالمجلس الجماعي.
تتواصل عملية تحرير الملك العمومي بمدينة انزكان لتحقق مجموعة من الأهداف خاصة على مستوى ساحة المسيرة، امام الباب رقم 1 للسوق اليومي، وشارع المختار السوسي بجانبيه الايمن والايسر، حيث تم تسجيل 80 في المائة من الأهداف المسطرة على حد تعبير أحد مسؤولي السلطة المحلية، الذي أضاف أنه ثم تحقيق تقدم مهم في تحرير الملك العمومي دون اللجوء إلى المساطر الزجرية المتعلقة بمصادرة السلع، اللهم في حالات قليلة حسب تصريحه، مضيفا، أن عناصر القوات المساعدة تبقى مرابطة في عين المكان على طول أيام الأسبوع ليلا ونهارا.
وقد عاينت بيان اليوم، لجنة التتبع المشكلة من السلطة المحلية والشرطة الادارية والقوات المساعدة وعناصر الأمن الوطني، ترابط بمجموعة من الجنبات خصوصا بساحة المسيرة.
وحسب مصدر مطلع، فإن هذه اللجنة مطالبة بربح هذه المعركة، ليس فقط استجابة للاحتجاجات والشكايات المتكررة من طرف الفاعليين المدنيين وكل زوار المدينة … ولكن أساسا تنفيذا للإرادة المشتركة المعبر عنها في أكثر من محطة بين كل من احمد ادراق رئيس المجلس الجماعي وحميد الشنوري عامل الإقليم، لتفعيل القوانين ذات الصلة، باعتبار احترام الملك العمومي يعد نوعا من ترسيخ قيم المواطنة المبنية على المساواة في الحقوق والواجبات، وذلك من خلال الحفاظ على جمالية المدينة وتنظيم عملية السير والجولان التي تعرف مجموعة من المشاكل على مدى السنوات الماضية.
وفي جولة لبيان اليوم بالمدينة خصوصا بساحة المسيرة مرورا بشارع المختار السوسي الى المحطة الطرقية، عبر العديد ممن التقتهم الجريدة، من زوار وساكنة المدينة على حد سواء عن استحسانهم للحملة ودعمهم لها.
وفي هذا الصدد صرحت المواطنة (مليكة- ا) وهي من ذوي الحاجيات الخاصة : «هي مبادرة متأخرة ولكنها تستحق التشجيع … فالأرصفة وممرات الراجلين مسالك حضارية خاصة ذات منفعة عامة، ومن واجب الجماعة والسلطات المحلية السهر على حمايتها وحسن تدبيرها وعقلتنها… غير أن الواقع المفروض في مدينتنا مند سنوات حال دون أن تبقى تلك المسالك مصنفة في خدمة المواطنين بل بالأحرى صارت في خدمة البعض الذين لا تهمهم سوى المصلحة الخاصة، حيث دأبوا في كثير من الأحيان واغتنموا الفرص في اغتصاب الأرصفة واستغلالها بشكل عشوائي، دون مراعاة منهم للأشخاص المسنين والأطفال والأمهات الحوامل والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.
وتضيف هذه المواطنة: «التجوال واستعمال الرصيف بكل أمان بعيدا عن أي خطر أضحى من المستحيلات بمدينة انزكان ليس بسبب الباعة المتجولين أو الفراشة فقط، ولكنه حتى بسبب أرباب المقاهي والمطاعم، ثم أصحاب المحلات التجارية الذين يطغى عليهم طابع التنافسية في عرض المنتجات والبضائع على الشوارع والأرصفة وقارعة الطريق … حتى أنه يخيل إليك أنها هي الأخرى أصابتها عدوى الخوصصة «.
واستطردت المتحدثة : « لقد أصبح الحفاظ على رشوة عشرة الى خمسين درهما مقابل السكوت وغض البصر عن احتلال الملك العمومي منذ حراك عشرين فبراير بكل من ساحة محمد الخامس مرورا بشارع المختار السوسي أغلى من حياة (المواطن) الذي يضطر النزول إلى الطريق ومزاحمة السيارات ومختلف وسائل النقل في بحث عن ممر خاص يسلكه، مما ينتج عنه عرقلة لحركة السير ووقوع حوادث خطيرة، وتجاهله المسؤولون لسنوات، أما والحال اليوم، فإن على المسؤولين القيام بواجبهم في تحرير الملك العام ولو أدى الأمر إلى استعمال القوة العمومية في حق الممتنعين والرافضين …».
إلى ذلك لاحظت بيان اليوم تباينا في ردود الأفعال لدى الباعة المتجولين والفراشة والتجار.
فإذا كان البعض ممن يحتلون الملك العمومي يرون بأن ما يقوم به المسؤولون في هذا الجانب يدخل في إطار تطبيق القانون، وأنهم ليسوا ضد أي إجراء تقوم به السلطات في ذلك، فإنه في المقابل وحسبهم، لا ينبغي أن تتم هذه العملية بشكل انتقائي وألا تقتصر على محاربة ظاهرة احتلال الملك العمومي من طرف الباعة المتجولين والفراشة فقط باعتبارهم الحلقة الضعيفة، وإنما ينبغي أن تطال جميع اصناف احتلال الملك العمومي بمختلف مناطق المدينة. بداية بالشارع الرئيسي داخل سوق الثلاثاء، ثم تنقية كل الفضاءات العمومية والشوارع وأماكن مرور الراجلين والسيارات من عدد من الكراسي والطاولات والواقيات التي تستعملها بعض المقاهي والمحلات التجارية على نحو غير قانوني لاستغلال مساحات أمام هذه المحلات، ما يعرقل حركة السير.
وبينما عبر مجموعة من الفاعليين المدنيين بمدينة انزكان عن تخوفهم من أن تكون هذه الحملة مجرد عملية ذر الرماد في العيون ثم تعود حليمة الى عادتها القديمة خاصة وان مفهوم تحرير الملك العمومي، حسب هؤلاء، تشوبه بعض الضبابية خاصة بعد لجوء بعض أرباب المحلات الى تعويض الأعمدة الرافعة «للباشات» المثبت أمام محلاتهم بأشكال نصف دائرية مركزة على الجدران، وهو ما يعني التحايل على العملية برمتها مما يستوجب التدخل الفوري لتوضيح الغاية من تحرير الملك العمومي …
وفي هذا السياق صرح (ا- ع) ان حملة تحرير الملك العمومي هذه نتيجة ايجابية للتقارب الحاصل بين المجلس الجماعي والسلطة الاقليمية بعد اشهر من التباعد، مضيفا، انها محطة أخرى نتمنى ان تنتهي بانتصار القانون وعدم التحايل عليه بترك بعض المعلقات تسيء إلى واجهة المدينة، خاصة ونحن في مرحلة لا يمكن الرجوع فيها إلى نقطة الصفر، وإنما اتخاذ اجراءات جريئة تجعل من ابناء المدينة على حد سواء امام القانون، خاصة في حق كل من حاول اجهاض العملية لحسابات في نفس يعقوب، خصوصا، ان احتلال الملك العمومي، صارت يعتمد على القوة وتواطؤ بعض التجار و بعض المنتخبين، وأمام أنظار السلطات المسؤولة، وبمباركة المجالس المشبوهة والمتعاقبة على مدينة انزكان، التي تستجدي أصوات محتلي الملك العمومي والتجار، الذين صاروا يلعبون دورا كبيرا في تكريس الوضع المزرى للمدينة.
بينما صرح (خ – م) ان هذه الحملة بدعوى تحرير الملك العمومي ليست بالجديدة وليست بالجدية ولا تعبر بصراحة عن نية المسؤولين في معالجة هذه المشكلة بشكل جدي، معتبرا، أن الحملة هذه لا تعدو أن تكون سوى عملية لذر الرماد في العيون ولا ينتظر أن تحقق شيئا في هذا الجانب، مستندا إلى التجارب السابقة التي أثبتت، حسبه، أن المسؤولين لا تتوفر فيهم الشجاعة الكافية للقيام بواجبهم تجاه استرجاع الملك العمومي، إذ سبق لهم أن قاموا بعدة حملات في هذا الجانب لكن كلها باءت بالفشل، ليس بسبب مقاومة الباعة المتجولين او الفراشة او اصحاب المقاهي والمحلات التجارية … وإنما من أجل المحافظة على مصالحهم ومكاسبهم الشخصية وقواعدهم الانتخابية، مضيفا، ان ما يقع هو «حكرة « في حق مجموعة كبيرة من حاملي الشواهد الذين يعيلون اسرهم، ويسعون لتحقيق مدخول يومي يقيهم من الفقر وفخ الاعمال الاجرامية.
وفي اتصال مع خالد المنتاكي رئيس جمعية الكرامة للباعة المتجولين صرح لبيان اليوم:
«أن هذه الحملة جاءت قبل الاستفادة من سوق الحرية بأيام، لكي يجبر الباعة المتجولون على قبولها رغم اجحافها باشراك كل بائعين متجولين إثنين في مربع واحد وتمرير 180 محلا تجاريا لاتباع الاغلبية بالمجلس الجماعي من تجار المتلاشيات».
…وأشار المتحدث إلى ان ما تقوم به السلطات اليوم هو ضد التوجه العام، موضحا، انه في الوقت الذي يخوضون فيه كباعة متجولين مسلسل من المفاوضات مع المسؤولين لإيجاد حلول جدرية واجتماعية لهذا المشكل، يجدونهم اليوم يقومون بهذه الحملة الاستفزازية استعراضا للقوة، واصفا، الحملة بالمنافية للقانون وبالانتقائية والعشوائية، مضيفا ان العديد من التجاوزات حصلت في الحملة حيت يتم حجز سلع الناس بدون محضر يثبت عددها وقيمتها، ويتم اعادتها لأصحابها ناقصة.
واعتبر المتحدث حل المشكل بسيط وسهل وبين يدي المسؤولين ويكمن في الاسراع في فتح ملف الاستفادة من سوق الحرية دون قيد أو شرط.
وفي حديث لأحد المسؤولين بالمجلس الجماعي، صرح ان حملة تحرير الملك العمومي هذه جزء من مهامه القانونية والأخلاقية … وهو يقوم به استجابة لمطالب الساكنة وايمانا منه انه لا يمكن ان تستمر المدينة على هذا الحال المزرى جراء مخلفات التدبير الجماعي على مر كل التجارب السابقة، مضيفا، أنه وضع لا يستفيد منه إلا «اشخاص نافذين»، ومن يعيش على فضلاتها من الانتهازيين والأتباع.
محمد امنون