نظم المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، يوم السبت الماضي بالمقر الوطني للحزب بالرباط، حفل تأبين الرفيق الفقيد قاسم الغزوي الذي غادرنا، رحمه الله، إلى دار البقاء يوم 09 أكتوبر الماضي.
وعرف هذا الحفل التأبيني حضور شخصيات من عالم السياسية والفكر والعمل الميداني، يتقدمهم أعضاء قيادة حزب التقدم والاشتراكية بمجلس الرئاسة والديوان السياسي، وأصدقاء الراحل، بالإضافة إلى زوجته وابنه وبناته وأشقائه، وهو ما يؤشر على وزن وحجم مناضل من طينة الراحل قاسم الغزوي الذي نسج، قيد حياته، علاقات متميزة مع مختلف أوساط المجتمع، وساهم في بلورة وإنجاز العديد من الأعمال ذات الطابع التنموي، خاصة في منطقة أحد كورت، وسيدي قاسم بصفة عامة.
خلال هذا الحفل التأبيني الذي امتزجت فيه مشاعر الود والعرفان بمشاعر الحسرة والحزن على فراق رجل مثل الرفيق الراحل قاسم الغزوي، شدد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية محمد نبيل بنعبد الله في كلمة له بالمناسبة، على القيم التي آمن بها الراحل قاسم الغزوي والتي أطرت مختلف مراحل حياته، وظل وفيا لها إلى حين وفاته، مشيرا إلى ذلك الارتباط الوثيق الذي طبع مسار الراحل بالوطن والشعب من زوايا مختلفة ومن وجهات نضالية متعددة، حيث كان، قيد حياته، يضحي بكل ما بوسعه من أجل إسعاد الآخرين.
وأضاف محمد نبيل بنعبد الله، أن الفقيد الذي كان يشغل عضوية مجلس رئاسة الحزب إلى غاية وفاته، كان متشبعا بالأفكار والمرجعيات والثوابت التي تأسس عليها حزب التقدم والاشتراكية، وهو من الرجال الذين يصعب حصر الشهادات في حقهم، لأنه رجل تمكن من التوفيق بين كل الفضاءات التي عاش فيها، رجل القيم والوفاء لعائلته الصغيرة والكبيرة، والوفاء لناس، كما كان صادقا حتى النخاع، يقول الأمين العام الذي بدا متأثرا وهو يلقي هذه الكلمة التأبينية في حق رجل خبره وعايشه، مؤكدا على أن الراحل كان وفيا للبسطاء من الناس.
وأورد محمد نبيل بنعبد الله، في معرض كلمته، مجموعة من الخصال التي لا يمكن أن تجدها مجتمعة في رجل واحد، وكانت مجتمعة في فقيد الحزب والوطن قاسم الغزوي الذي ظل مرتبطا بقيم اليسار والحداثة والتقدم المجتمعي، وبالقيم التي يحملها حزب التقدم والاشتراكية، مبرزا أن الراحل كان يصدح بالحق وهو رجل يتخذ مواقف ويتحمل أعبائها، ويدافع عنها باستماتة، وكانت له قدرة هائلة على الإنصات وعلى قبول الرأي الآخر بأريحية كبيرة جعلته يحظى باحترام مختلف الأوساط السياسية والمجتمعية، وترك آثارا طيبة في قلوب وذاكرة جميع من عرفه.
ووقف نبيل بنعبد الله عند تلك الأعمال الميدانية التي كان يضطلع بها الراحل وهو على رأس مؤسسة أحد كورت للتنمية، وعندما كان يرأس جماعة مولاي عبد القادر لمدة 23 سنة، مشيرا إلى أن الراحل قاسم الغزوي كان يمزج، بشكل خلاق، بين العمل وبين التنظير، وكان يجسد ذلك على أرض الواقع، إذ كان منغمسا في تربته وواقعه وواقع بلاده، يعرف كيف يعيش الناس في القرى والأرياف والحواضر، وكان يندر نفسه لخدمة قضاياهم وقضايا الوطن الكبرى.
ولم تكن المهمة سهلة على ابن أخيه، وخليفته على رأس مؤسسة أحد كورت للتنمية النائب البرلماني أحمد الغزوي، وهو يلقي شهادته في حق رجل امتزجت فيه صلة القرابة والدم وصلة العمل السياسية والميداني، وهي تشبه إلى حد بعيد علاقة الابن بأبيه والأستاذ بتلميذه.
فقد وقف أحمد الغزوي، في كلمته، على خصال الراحل الذي فقد فيه العم والرفيق، مستعرضا ما خلفه من منجزات ومشاريع تنموية بجماعة مولاي عبد القادر التي ترأسها لمدة 23 سنة، ومن إرث لامادي متمثل أساسا في مؤسسة أحد كورت للتنمية والتي كان له الفضل في إخراجها من الحلم إلى الواقع، وهي المؤسسة التي حرص من خلالها الراحل على دعم تمدرس الفتاة القروية.
خلال هذا الحفل التأبيني الذي ربط بين مختلف فقراته كريم تاج عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية والكاتب العام لجمعية المنتخبين التقدميين والتي كان الراحل من مؤسسيها ومن أعمدتها الكبار، أعلنت صديقة الراحل أسماء مهيب رئيسة مؤسسة Le messager عن إحداث جائزة قاسم الغزوي لدعم تمدرس الفتاة بالعالم القروي، تخصص للمتفوقات نزيلات دار الفتاة بأحد كورت، كما أعلنت عن قيمة هذه الجائزة التي حددتها في 100 ألف درهم.
من جهتها، أعلنت المناضلة هنو علالي معمر رئيسة جمعية “إيلي” بولماس، عن رغبتها في بحث كل سبل التعاون والشراكة بين دار الفتاة بولماس ودار الفتاة بأحد كورت. هذه الدار التي حضرت نزيلاتها إلى هذا الحفل التأبيني، واستحضرت التلميذة كوثر الجعفري، باسم زميلاتها، الذكرى الطيبة التي تركها الراحل قاسم الغزوي والتي لا يمكن أن يمحوها الزمن وستظل، على حد تعبير التلميذة كوثر، راسخة في ذهن وذاكرة زميلاتها وأسرهم.
وأكدت كوثر الجعفري أن الراحل قاسم الغزوي كان بمثابة الأب الحنون الذي كان يحرص دائما على تفقد أوضاع بناته المقيمات بدار الفتاة، وكان يحرص على تفقد المأكل والمشرب والمرقد ولم تكن تفته أي صغيرة أو كبيرة تخص هذه الدار التي باتت اليوم من إرثه العظيم.
ولكون الراحل قاسم الغزوي طبع، قيد حياته، على مسار ناجح كمنتخب يحظى بثقة المواطنين، خاصة بجماعة مولاي عبد القادر، أكد رئيس هذه الجماعة فهد الجلايلي، أن الراحل كان يمثل كل صور العطاء، وهو مدرسة متكاملة الأركان والأبعاد والزوايا وهو موسوعة في مختلف المجالات الحياتية.
كما توقف فهد الجلايلي عند تجربة الراحل عندما كان يدبر شؤون الجماعة، مشيرا إلى أن الفضل يعود للفقيد في تعزيز مجموعة من المشاريع التنموية التي رأت النور بجماعة مولاي عبد القادر.
وفي السياق ذاته، وباسم أطر الجماعة، قالت ليلى الزياري مديرة مصالح جماعة مولاي عبد القادر “إن الراحل قاسم الغزوي كان رجل سياسة ورجل دبلوماسية صقلتها التجربة”، مشيرة إلى أن الفقيد ترك إرثا طيبا لدى كل ساكنة مولاي عبد القادر بفعل المشاريع التنموية التي أنجزت في عهده، وفي مقدمتها المركب السوسيو ثقافي.
صديق الراحل إدريس التهامي لم يخرج عن السياق، وأثنى على مختلف الشهادات التي قيلت في حق صديقه الراحل قاسم الغزوي، كما أثنى على المبادرة التي قام بها حزب التقدم والاشتراكية والتي تجسد الوفاء لراحل ظل وفيا لقيمه ومبادئه وللمشروع المجتمعي الذي يناضل من أجله.
الاستثناء في هذا الحفل التأبيني هو الذي جسده محمد الغزوي، ابن الراحل، الذي لم يتمالك نفسه أمام هول الحدث الفاجعة، وأمام حجم اللحظة التي تقضي الحديث، باسم العائلة، عن الأب والصديق والأخ والمستشار الذي كان نبراسا له في حياته وسيظل كذلك بعد مماته.
محمد الغزوي أكد على أن والده الراحل كان وفيا لمبادئه ولأصدقائه ورفاقه وعائلته التي هو اليوم، كما بالأمس، مفخرة لها ومبعث اعتزاز لها.
وفي لحظة مؤثرة، تقدمت إلى المنصة زوجة الراحل ورفيقة دربه، وبناته وأبنائه لتسلم مجسم ذكرى لهذا الحفل التأبيني من يد رئيس مجلس رئاسة حزب التقدم والاشتراكية مولاي إسماعيل العلوي ومن الأمين العام للحزب محمد نبيل بنعبد الله، لتبقى ذكرى الراحل خالدة بين رفاقه وأصدقائه وعائلته، ويبقى الوفاء لإرثه النضالي والجمعوي مستمرا في الزمان والمكان.
< محمد حجيوي
تصوير: رضوان موسى