دورة أبريل البرلمانية

يفتتح البرلمان اليوم الجمعة دورته الربيعية، وذلك طبقا لأحكام الفصل 65 من الدستور، وتتوجه الأنظار إلى المؤسسة التشريعية، ويتطلع المراقبون لكي تلعب دورها الدستوري والمؤسساتي والسياسي، وتتفاعل مكوناتها مع الظرفية العامة التي تحياها البلاد.
دورة أبريل البرلمانية، لا شك ستتأثر بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها البلاد، ومن ثم سيكون غلاء أسعار المحروقات والمواد الأساسية حاضرا بقوة في اهتماماتها، وسيكون مطلوبا من الحكومة تقديم أجوبة وحلول لمعضلة الزيادات المتتالية في الأسعار، ولسبل تحسين القدرة الشرائية لشعبنا.
في الفترة الأخيرة، والتي سبقت هذه الدورة، بقيت الحكومة تمتنع عن الحضور أمام اللجنة البرلمانية المختصة، ولم تتفاعل مع طلبات وأسئلة البرلمانيين بهذا الخصوص، ومن المؤكد أنها ستكون ملزمة الآن بالرد على الأسئلة الكتابية والشفوية، والتجاوب مع طلبات اللجان، وبالتالي التفاعل مع حرص البرلمان على صلاحياته الرقابية.
من جهة ثانية، ستواصل دورة أبريل البرلمانية استكمال دراسة النصوص القانونية ذات الصلة ببرنامج الحماية الاجتماعية، كما أنه من المحتمل أن يشمل جدول أعمال الدورة مشروع القانون المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، ومشروع القانون حول مجلس المنافسة، وهما المشروعان اللذان صادق عليهما مجلس الحكومة مؤخرا، ويرتقب أن يحالا على البرلمان، وهذه النصوص كلها تمثل أيضا مناسبة للحديث عن الغلاء، وعن الأوضاع الاجتماعية لشعبنا، وعن مقتضيات دولة القانون في المجال الاقتصادي.
وإلى جانب القوانين المشار إليها، ستشهد الدورة كذلك مواصلة دراسة مشروع القانون التنظيمي الخاص بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية القانون، وذلك بعد خضوعه للتعديل بناء على ملاحظات المحكمة الدستورية، ودراسة مشروع القانون المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية، الذي يوجد في قراءة ثانية، ثم قوانين أخرى ذات صلة بقطاع الفلاحة، وبإنتاج الكهرباء والانتقال الطاقي…، كما أن المراجعة جارية بشأن النظام الداخلي لمجلس النواب، وستنكب مكونات الغرفتين على إنهاء هذا الورش، وتقوية التنسيق أكثر بين النواب ومجلس المستشارين، وتمتين فاعلية وحرفية الأداء البرلماني بشكل عام.
ويسجل المراقبون لشأننا البرلماني أن عددا من النصوص ذات الطبيعة الإستراتيجية والهيكلية قد يستمر الانتظار بخصوصها، ومن ذلك قانون الإضراب، قانون النقابات والقانون الجنائي وغيرها، حيث أنها تقتضي توافقات سياسية ومهنية ومجتمعية أساسية، قبل أن تدرج في المسطرة البرلمانية العادية.
وعلى ضوء ما سبق، فإن دورة أبريل البرلمانية سيطغى عليها النقاش حول الأوضاع الاجتماعية وتدهور القدرة الشرائية وتوالي ارتفاع الأسعار، وبقدر ما يعتبر البرلمان مسؤولا عن تفعيل هذا الحوار المؤسساتي والتفاعل مع انتظارات شعبنا وانشغالات المجتمع في هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة، فإن الحكومة مدعوة للخروج من صمتها، وعرض حلول وبرامج وسياسات لمواجهة المعضلة الاجتماعية، التي تعتبر اليوم أولوية أولويات فئات واسعة من شعبنا.
ويأمل المتتبعون لعمل مؤسستنا التشريعية أن يرتقي الأداء خلال الدورة الجديدة، وأن لا يبقى ملتصقا بالسجالات الصبيانية العقيمة، وأن تساهم كل المكونات، وخصوصا الحكومة، في احترام رمزية البرلمان، وجعله الفضاء المؤسساتي الرئيسي لاحتضان قضايا المجتمع والبلاد، ولتقوية وتعزيز الحوار السياسي العمومي الرصين والمنتج.

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top