ديربي اللغط وتصدير الأزمة

انتهى الديربي الـ133 بفوز فريق الوداد البيضاوي على حساب فريق رجاوي ما يزال يبحث عن نفسه…
انتصر الوداد، ليس لأنه كان الأفضل، بل لأن المنافس لم يكن في المستوى الذي يمكنه من فرض ذاته، والتنافس بدرجة أعلى.
أصبح الوداد ينتصر بتراكم الخبرة، والاستغلال الأمثل لأخطاء خصومه، أضف إلى ذلك خبرة طاقمه التقني، بينما لازال الرجاء تائها، يبحث عن النسق الذي افقده بفعل كثرة التغييرات على مستوى اللاعبين، والطاقم التقني وحتى الإدارة المسيرة.
وعوض مناقشة الأمور في عمقها، والوقوف على الأسباب الحقيقية التي تقود «النسور» إلى التواضع، راح كل طرف يبحث عن رمى المسؤولية نحو الطرف الآخر، والجهة الأسهل، هي التحكيم، وليس لجنة البرمجة وازدواجية المهام كما جرت العادة بذلك…
صحيح أن أخطاء التحكيم واردة، ويمكن مناقشتها بكل تجرد وروح مسؤولية، وليس من باب المؤامرة والاتهام بارتكاب المجزرة، وغيرها من الأحكام المسبقة والتعابير الجاهزة، الغرض منها السعي لامتصاص حالة غضب، تحتاج الأوساط الرجاوية عموما.
عانى الرجاء ورغم التحسن النسبي الذي طرأ على أدائه هذه المرة من عدة أخطاء مؤثرة، سواء فيما يخص التشكيلة التي اعتمدها المدرب منذر الكبير، أو الأخطاء القاتلة التي ارتكبت بعمق الدفاع، والتي سهلت بدرجة كبيرة مهمة الحسوني وزولا، من أجل توقيع هدفين بنفس الطريقة ومن نفس المكان، والسبب سوء التموضع وضعف التغطية.
بكل أسف، لاعبو الفريقين لم يساعدوا طاقم التحكيم على إخراج مباراة في المستوى المطلوب، ضغط وتدخل في كل القرارات، كل طرف يفسر الأمور من زاويته الخاصة، إلى درجة أن كثرة التوقيفات أثرت على أطوار المباراة، وجعلتها رتيبة ومملة وفاقدة للإيقاع المرتفع المفروض أن تعرفه مباراة الديربي بقيمته الدولية…
انتصر الوداد، ليس لأنه كان الأفضل، فمرحلة الفراغ الذي يمر منها الرجاء بفعل كثرة التغييرات هي من سهل المهمة على أصدقاء العميد يحيى جبران…
ضعف الرجاء تكرس منذ بداية الموسم، والدليل رتبته المتأخرة وحصيلته الهزيلة، والسبب يعرفه الخاص والعام، وفي مقدمتهم الرجاويون أنفسهم، أما السعي لإلصاق التهمة بالحكام، وأن هناك توجها محددا، ومن يسعى للإساءة للرجاء، فهذا قمة العبث وغياب كلي لروح المسؤولية، والسعي فقط لتصدير الأزمة…
والأكيد أن كل هذا اللغط السلبي المحيط بمباراة الديربي، وكثرة الاتهامات المجانية ومحاولة إلصاق التهمة بالطرف الآخر، له بطبيعة الحال عواقب سلبية وانعكاسات وخيمة، تظهر نتائجها على مستوى الشارع، والدليل على ذلك الأحداث التي عرفتها مجموعة من مناطق الدار البيضاء، مباشرة بعد انتهاء المباراة، أدت إلى حدوث اصطدامات مؤسفة، كان من الممكن أن تتطور إلى ما هو أفظع، لولا تدخل الحازم لرجال الأمن مما حال دون وقوع الأسوإ.
الأكيد أن مباراة الديربي لم تعرف فقط المهازل والأخطاء والتصريحات المجانبة للصواب، بل تميزت كالعادة بحضور جماهيري رائع، وبتألق الفصائل في تقديم طابق فرجوي يشد الأنظار، إذ عرفت المدرجات تنافسا من نوع آخر افتقده رقعة الملعب.. تيفوهات وصور وشعارات أخاذة، تؤكد أن قيمة جمهور الفريقين تتجاوز بسنوات ضوئية طريقة التسيير التي يعرفها الناديين الكبيرين…
برافو للجمهور، برافو لرجال الأمن، والرسالة التي يمكن أن نوجهها لمسؤولي الأندية: ارفعوا المستوى من فضلكم…

>محمد الروحلي

Related posts

Top