صورة الفنان

للأسف تكونت وترسخت عند الجمهور المغربي صورة عن الفنان المغربي تقدمه كشخص بوهيمي يعيش على هامش المجتمع ويعيش في ضائقة مادية أبدية تجعل النظرة إليه تتراوح بين الشفقة أو الاحتقار. بالإضافة إلى الفكرة المسبقة عن هذه الفئة الاجتماعية في كل الثقافات الإنسانية لكون المجال الفني لا يضمن في كل الحالات دخلا قارا، ساهمت كذلك تصريحات جيل من الفنانين يتفننون في استعراض بؤسهم، لا يتأخر الواحد أن يكتشف عند القيام ببحث بسيط يكتشف في بعض الحالات أن فئة من الذين يقدمون أنفسهم في حالة من المظلومية، لديه ما يغنيه عن هذا السلوك الذي يسيء لسمعة الممارسة الفنية، ويلاحظ المتتبع لمواقع التواصل الاجتماعي أن هناك نفسية عامة تجد لذة ما في الترويج لهذا النوع من الفيديوهات أكثر من الأخرى، التي تعبر عن النجاح أو الانتقام من النجاح عندما يتصيد أحد المرضى وضعا يمكن أن يعنون بـ “الشوهة” أو “الفضيحة” ما يمكن أن يجمع به أكبر عدد من “اللايكات” والذي هو مس بالحياة الخاصة للناس وهذه حكاية أخرى.
ساهم في تكوين هذه الصورة كذلك، ارتباط المجال الفني في المغرب، خصوصا السينما والمسرح، بدعم الدولة، دون أي فهم من جزء كبير من المجتمع، لفلسفة دعم الثقافة بشكل عام، مع العلم أن العمل في التلفزيون لا يرتبط بهذا الشكل من التمويل ولكن في إطار عقد عمل، وفي إطار طلب عروض، ومع العلم أن السينما والمسرح ليسا القطاعين الوحيدين في المغرب اللذين يتلقيان دعما من طرف الدولة.
فلسفة سياسة الدعم تخفي وراءها حق المواطن في أن توفر له الدولة التعليم والصحة والأمن والثقافة، وأن دور شركات الإنتاج الفني هو دور وسيط بين هذا الحق أي الخدمة، والمواطن، وبين البلد وذاكرته، وهويته الوطنية أي مستقبله.
ربما ستتغير هذه الصورة  كخطوة أولى لو تغيرت وجهة نظر المهنيين أنفسهم لفكرة الدعم وعدم التعامل معها بمنطق الحق في الكعكة واعتبار أنفسهم بالمقابل حاملين لمشروع ومن حقهم الاستفادة من دعم الدولة إن توفرت شروط الحصول عليه أولا من الناحية الإدارية وثانيا من حيث قدرة المشروع على إقناع اللجنة التي تشتغل بشكل مستقل عن الإدارة، وأنه في حالة رفض المشروع يجب  قبول النتيجة كيفما كانت، كما تقتضي قواعد اللعبة وعدم ربط انتقاد نظام الدعم وتركيبة اللجنة عند صدور قرار سلبي… ربما ءانداك سنساهم بشكل ما في تغيير نظرة المجتمع للقطاع وشخصية الفنان عندما يعي الأخير بتواضع بأنه رغم وضعه الاعتباري، له دور في المجتمع يعادل دو رأي مهنة أخرى.
ربما كخطوة أولى يجب أن نغير الطريقة التي نرى بها صناديق الدعم التي هي في الحقيقة تسبيقا على المداخيل في حالة السينما، وأن نتعامل معها كحق وليس كفرصة عمر لن تتكرر لحل المشاكل الاجتماعية للفنان.
باختصار، للقطاع الفني تعاضدية وللفنان قانون وما زالت المعركة مستمرة، وحبذا لو وجد فنان ما في وضعية صعبة صحية أو مادية، أن يُحل ذلك داخليا بدون “شُوهة”، وأن نعفي الجمهور من بؤسنا، ونتركه يحلم قليلا عندما يرى فنانيه، ليرى فيهم نموذجا للنجاح، أو يرى ببساطة الفنان كشخص عاد في أضعف الحالات. صورة الفنان في بعدها السلبي عند الجمهور المغربي يساهم فيها هذا الجمهور كما يساهم فيها الفنان نفسه ويجب أن نفكر جديا في رسم معالم صورة لفنان فاعل ومسؤول تربطه بجمهوره علاقة “نبغيك وما نتخلا عليك” وليس “ما نبغيك ما نتخلى عليك”.

بقلم: محمد الشريف الطريبق

الوسوم ,

Related posts

Top