انتقدت خديجة أروهال النائبة البرلمانية عن حزب التقدم والاشتراكية بقوة مشروع القانون 15.23 القاضي بإحداث لجنة مؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر، معتبرة أنه قانون يشكل تراجعا كارثيا في المسار الديمقراطية.
ووصفت أروهال في مداخلة لها باسم فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب خلال الجلسة التشريعية التي عرفت المناقشة والمصادقة بالأغلبية على مشروع قانون 15.23، أول أمس الاثنين، (وصفت) القانون بكونه “فضيحة” ومسا بالديمقراطية، بالإضافة إلى كونه مناف للدستور.
وعبرت النائبة خديجة أروهال عن الرفض المطلق لفريق التقدم والاشتراكية لمشروع القانون المتعلق بإحداث لجنة مؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، حيث قالت في مداخلتها إن فريق التقدم والاشتراكية يعتبر أن مشروع القانون 15.23 يشكل تراجعا خطيرا وغير مسبوق في المجال الإعلامي، وأن نص القانون يجسد “فضيحة وتراجعا كارثيا في المسار الديمقراطي، وتدخلا سافرا من الحكومة في شؤون هيئة مهنية مستقلة، لم يقع ما يماثله أبدا في تاريخ المغرب المستقل”، وفق تعبيرها.
وجددت أروهال التأكيد على رفض فريق التقدم والاشتراكية المطلق شكلا ومضمونا لمشروع القانون 15.23 لتنافيه مع الدستور وروح القانون، ومع المقاربة العامة الأصلية التي أطرت إحداث مجلس وطني للصحافة يعنى، بشكل مستقل ومن خلال الاختيار الحر من قبل الجسم الإعلامي لممثليه، بتدبير شؤون المهنة والحرص على أخلاقيات ممارستها.
وزادت النائبة البرلمانية عن حزب التقدم والاشتراكية التأكيد على أن هذا القانون يشكل تدخلا قسريا من قبل الحكومة “التي أبت إلا أن تفرض هذا المشروع المشؤوم، قسرا، في تعاطيها مع واقع الانسداد بالمجلس الوطني للصحافة واختارتِ اللجوء إلى تشريع متعسف وعلى المقاس”، تقول المتحدثة.
ووصفت أروهال منطق الحكومة من خلال هذا القانون بـ “العبثي”، مجددة التأكيد على أنه مشروع متناف مع توجهات الدستور، وبعيد عن الممارسة الديمقراطية السوية، والتفاف غير مقبول على ما ينبغي أن يكون عليه المجلس الوطني للصحافة.
وترى النائبة البرلمانية عن حزب “الكتاب” أن هذا المشروع يؤكد سعي الحكومة نحو صناعة صحافة على مزاجها، وذلك تقول المتحدثة “في حين أن الاختيار الديمقراطي يقتضي مساعدة المجتمع على إفراز صحافة حرة ومسؤولة ومدعمة وذات جودة، وصحافة تقفُ على خط النقيض مع التبخيس والتمييع والرداءة، ومع الممارسات غير السليمة في المجال الإعلامي النبيل.
واعتبرت المتحدثة أنه من غير المقبول من الحكومة، في ظل الوضع الحالي للمجلس الوطني للصحافة، أن تميل نحو تغيير خريطته، واصطناع واقع لا يعبر عن حقيقة تمثيلية الجسم الصحفي.
وتابعت أروهال “كما ليس مقبولا من الحكومة التدخل لأجل فرض الغلبة لطرف دون آخر، وبالأحرى للطرف المتحمل للقسط الأكبر من المسؤولية في إيصال المجلس الوطني للصحافة إلى وضعه الحالي، وعن الفشل في تنظيم انتخابات تجديده. مشيرة إلى أن هذا المشروع خطوة تنطوي على كثير من الإساءة لتاريخ الصحافة المغربية، ولحاضرها ومستقبلها، وللتعددية وحرية الرأي والتعبير؛ ومسخ حقيقي لهوية وأهداف وفلسفة المجلس الوطني للصحافة.
وخلصت أروهال إلى أن الحكومة “تبرهن عن استهتارها بمسؤولياتها، ولا تدرك حجم الآثار السلبية لما تقدم عليه، من خلال هذه الخطوة التي من المرجح أن تسبب إحراجا لبلادنا أمام الفاعلين الدوليين المهتمين بقضايا حقوق الانسان وحرية الرأي والتعبير والصحافة”، حسب تعبيرها، مجددة التعبير عن رفض فريق التقدم والاشتراكية للمشروع المذكور، جملة وتفصيلا.
من جهتها كانت أحزاب من المعارضة قد انتقدت بشدة مشروع القانون الجديد الذي اعتبروه مسا بالديمقراطية ومسا بالدستور ويشكل تراجعا خطيرا وغير مسبوق في المجال الإعلامي ومسا بحرية الصحافة والنشر.
وعبرت المعارضة عن أسفها الشديد إزاء توجه الحكومة المناف للدستور من خلال هذا القانون الجديد، التي ترى أحزاب المعارضة أنه يشكل مسا بالعملية الديمقراطية ويكشف عن رغبة الحكومة في السيطرة على القطاع وسعيها نحو صناعة صحافة على مزاجها.
بالمقابل كان المهدي بنسعيد وزير الشباب والثقافة والتواصل قد أوضح أن القانون 15.23 يقضي بإحداث لجنة مؤقتة تحل محل أجهزة المجلس الوطني للصحافة، وتحدد مدة انتدابها في سنتين ابتداء من تاريخ تعيين أعضائها ما لم يتم انتخاب أعضاء جدد خلال هذه المدة.
وأضاف بنسعيد خلال استعراضه مضامين هذا القانون الجديد أن إعداده يأتي بعد عدم التمكن من إجراء انتخابات المجلس الوطني للصحافة بالرغم من تمديد مدة انتدابه بكيفية استثنائية، بموجب المرسوم بقانون رقم 2.22.770 الصادر في 6 أكتوبر 2022 بسن أحكام خاصة بالمجلس الوطني للصحافة، والمصادق عليه بمقتضى القانون رقم 53.22 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.23.18 (10 فبراير 2023).
وزاد بنسعيد أن هذا القانون 15.23 ينص على إحداث لجنة مؤقتة، واستمرار المجلس المنتهية مدة انتدابه بموجب المرسوم بقانون المذكور، رقم 2.22.770، في ممارسة المهام المخولة له بمقتضى القانون السالف ذكره رقم 90.13 إلى حين تعيين أعضاء اللجنة.
وحسب الوزير الوصي على القطاع فإن هذه اللجنة يعهد إليها، خلال هذه الفترة، ممارسة المهام المنصوص عليها في المادة الثانية من القانون رقم 90.13، لاسيما العمل على توفير الشروط الملائمة الكفيلة بتطوير قطاع الصحافة والنشر وتنمية قدراته، فضلا عن إسنادها اختصاصات تتعلق بتقييم شامل للوضعية الحالية لقطاع الصحافة والنشر واقتراح الإجراءات الهادفة إلى دعم أسسه التنظيمية، داخل أجل لا يتجاوز تسعة أشهر تبتدئ من تاريخ تعيين أعضائها، وكذا التحضير للانتخابات الخاصة بأعضاء المجلس الوطني الواجب انتخابهم وتنظيمها طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.
إلى ذلك، كانت الجلسة التشريعية للتصويت على مشروع القانون 15.23 قد عرف المصادقة على هذا القانون بالأغلبية، حيث صوت لصالحه 96 نائبا برلمانيا مقابل معارضة 31 نائبا وامتناع 28 آخرين.
وصوت 96 نائبا من أحزاب الأغلبية على مشروع القانون، فيما عارضه كل من فريق التقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية ونائبة فيدرالية اليسار والاشتراكي الموحد والنواب غير المنتسبين، فيما امتنع عن التصويت كل من فريق الحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي.
وبرر الفريق الحركي تصويته بالامتناع انطلاقا من موقفه المحايد، حيث قال إن الحزب ليس مع طرف ضد الآخر، لأن هاجسه هو وحدة الصف الإعلامي الوطني، كما عبر الفريق الحركي عن رفضه للقرار القاضي بتعيين رئيس الحكومة لثلاث أعضاء، انطلاقا من استقلالية المجلس وتنظيمه الذاتي وحياده، وضمان مبدأ التوافق وليس الإقصاء ومع احترام الدستور، فيما جاء امتناع فريق الاحاد الاشتراكي عن التصويت بعدما رفضت الحكومة أغلب التعديلات التي تقدم بها.
يشار إلى أن مشروع القانون المذكور كان قد خلق جدلا واسعا وسط عديد من الهيئات المهنية والسياسية وعدد من الفاعلين الإعلاميين والأكاديميين والسياسيين ووزراء سابقين بقطاع الاتصال، حيث اعتبروه مسا بالديمقراطية والدستور وتراجعا غير مسبوق في تاريخ المغرب منذ استقلاله.
وأورد العديد من الفاعلين على أن مشروع القانون 15.23 قانون رجعي غير مسبوق ولم يشهد المغرب قانونا مثيلا له من قبل حتى في المراحل التي عرفت بالتضييق على الحريات وضرب حقوق الإنسان، فيما يرى البعض أن هذا المشروع مستجد ولم يشهد له المغرب مثيل حتى ايام الاحتلال الفرنسي.
ووصف بعض الفاعلين مشروع القانون الجديد بكونه انقلاب تشريعي ومس بحرية الصحافة والنشر وتهديد للقطاع والحريات، ومن شأنه أن يسيء إلى صورة المغرب في المجالين الإعلامي والحقوقي على الصعيد الدولي.
< محمد توفيق أمزيان