أعلن رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني عن قرار بتأجيل ما سمي بتعويم الدرهم أو تحديدا الانتقال من نظام ثابت لصرف العملة الوطنية إلى نظام مرن، رابطا تنزيل القرار بإجراء المزيد من الدراسات بشأن التأثيرات والتداعيات التي قد يخلفها هذا القرار، والتأكد من عدم تأثيره سلبيا على الاقتصاد الوطني والقدرة الشرائية للمواطنين.
وقال رئيس الحكومة الذي كان يتحدث في اللقاء الصحفي المباشر الأول من نوعه منذ تسلمه مهامه على رأس الجهاز التنفيذي، والذي أجراه ليلة السبت الماضي، مع القناتين الوطنيتين الأولى والثانية، “إن القرار اتخذ على مستوى بنك المغرب بتنسيق مع وزارة الاقتصاد والمالية بالانتقال من سعر صرف ثابت إلى سعر متغير، على اعتبار أن الأمر لا يتعلق بتعويم الدرهم بل يتعلق بمرونة في سعر الصرف، والتي هي معمول بها حاليا ، حيث يتصف سعر الصرف بنوع من المرونة، تتراوح بين 0.3 في المائة وناقص 0.6 في المائة، والمقترح هو الانتقال إلى 5 في المائة، بحيث يمكن للدرهم أن ينتقل نزولا وارتفاع في حدود هذا الهامش، على أن يتدخل بنك المغرب كما هو الأمر حاليا للحفاظ على قيمته وفق النسبة المحددة من خلال شراء الفائض من الدرهم المطروح في السوق.”.
لكن سرعان ما استطرد رئيس الحكومة موضحا وليسحب البساط من تحت أقدام بنك المغرب حينما أكد أن قرار تحرير العملة يتخذ على مستوى الحكومة، وبنك المغرب مهمته تتمحور حصرا في اتخاذ الاحتياطات اللازمة والإجراءات المواكبة الضرورية واليقظة بعد ذلك لتبقى هوامش الصرف محترمة، بالنظر لكون بنك المغرب له الأدوات والآليات للتدخل للحفاظ على هذا الهامش.
وأفاد في هذا الصدد” كان بنك المغرب قد أعلن عن تاريخ معين بشأن مسألة نظام صرف الدرهم، لكن تبين أنه يجب إجراء المزيد من الدراسة للتأثيرات على بعض المستويات، كاشفا عن عقده لقاء مع كل من وزير الاقتصاد والمالية، محمد بوسعيد، ووالي بنك المغرب عبد اللطيف، تم خلاله دراسة الموضوع في عمقه للتدقيق في تداعيات القرار، مشيرا أن مختلف المؤسسات الأخرى تدرس من جانبها هذا الأمر”.
ونفى رئيس الحكومة أن يكون قرار التأجيل مرتبطا بالمضاربات التي وقت مؤخرا في القطاع البنكي، والتي وصل حجمها حسب ما يروج من أخبار، إلى 40 مليار درهم، وفي المقابل أكد أن قرار التعويم التدريجي للدرهم في حال اتخاذه فسيكون نتيجة إرادة المغرب في القيام بذلك وليس نتيجة إملاءات صادرة من مؤسسات دولية كما يروج لذلك، قائلا” المغرب حر في اتخاذ القرار من عدمه، ولن يتخذ القرار إلا إذا كان في مصلحة المغرب ولا يمس الاقتصاد الوطني ولا القدرة الشرائية للمواطنين”.
ووجه في هذا الإطار تطمينات للرأي العام خاصة الشركات التي تعمل في مجال الاستيراد والتصدير، والمواطنين الذين لديهم أبناء يدرسون في الخارج، مبرزا أن القرار لن يتخذ إلا بعد إجراء المزيد من الدراسات العميقة لتداعياته وتأثيراته، منبها في ذات الوقت بالنسبة لبعض التخوفات والتي تضع مقارنات مع ما حدث في مصر عند اتخاذ ذات القرار، “أن السياق المغربي والسياق في دول أخرى مختلف تماما ، من حيث التوازنات الاقتصادية الكبرى، ومن حيث صلابة الاقتصاد الوطني نفسه، ومن حيث سعر الصرف المعمول به حاليا، حيث نجده في القطاع غير المهيكل قريب جدا من سعر الصرف الرسمي، بمعنى ذلك ليس هناك تفاوت، فيما في بعض الدول يوجد فارق كبير لسعر الصرف في السوق السوداء عما هو معمول به في المؤسسات الرسمية، والمغرب لا يعاني من هذا الإشكال “.
وأضاف مشددا أن الحكومة بن تتخذ القرار إلا إذا تحقق التوافق بين جميع المؤسسات المتدخلة، على عدم وجود مخاطر على القدرة الشرائية للمواطنين، ولا على الاقتصاد الوطني، معتبرا أن نسبة 5 المائة، كهامش لتغيير قيمة الدرهم، ليس نسبة كبيرة ولن تؤدي إلى أية نتائج سلبية، حسب قوله، مجددا التذكير أن القرار لم يطبق إلا إذا توفرت ضمانات على أنه لن يكون له أي تأثيرات سلبية على الاقتصاد الوطني والمواطنين”.
وكانت العديد من الأصوات قد ارتفعت مؤخرا منتقدة قرار بنك المغرب تعويم الدرهم، أو التحرير التدريجي للعملة الوطنية، على اعتبار أن الاقتصاد الوطني في وضعه الراهن لا يتحمل ذلك، فضلا عن أن القرار نفسه ليس من اختصاص المؤسسة البنكية بل من اختصاص الحكومة، حيث أن المادة 8 من النظام الأساسي لبنك المغرب والتي هي بمثابة قانون تنص على أن قرار تحرير العملة يتخذ عبر قنوات تنظيمية، رابطين تدخل المؤسسة البنكية في مجال يعد من اختصاص الحكومة جاء بفترة الفراغ الحكومي، حيث كانت هذه الأخيرة قيد التشكيل.
فنن العفاني