عبر سيمون كريسيي رئيس الجالية اليهودية المغربية في طورنطو وهي أكبر مدن كندا، عن فخر الجالية بالحضور لهذا الاحتفال الذي يتطرق إلى وضعية الجالية اليهودية المغربية بشمال أمريكا، مشيرا إلى أن هذه الجالية موجودة منذ 1956، وأنه لم يحدث أن تخلت عن المغرب أو نسيته، وأضاف في هذا اللقاء الذي نظمته مؤسسة التراث الثقافي اليهودي المغربي ومجلس الجماعات الإسرائيلية بمتحف التراث الثقافي اليهودي بالدار البيضاء : “نحن متعلقون بالمغرب، ونحن وراء جلالة الملك مجندون للدفاع عن وحدة الوطن، المغرب بلد التسامح والتعايش والسلم، نحن في كندا نتتبع الثقافة اليهودية المغربية، فهناك في طورنطو سبعة معابد يهودية مغربية بالكامل، ولدينا مركز يهودي مغربي، كلفنا واحدا وعشرين مليون دولار وهو مزين بالكامل بالطريقة المغربية، وفي سنة 2009 حصلنا على هبة من جلالة الملك، عبارة عن إنشاء نافورة ساهمت في تجميل هذا المركز”.
   واعتبر أنيس بيرو الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين في الخارج، أن هذه اللحظة قوية، سيما وأنها تعبق بالتاريخ البعيد للثقافة اليهودية تعد بآلاف السنوات، في إشارة منه إلى ما يحتويه المتحف الذي عقد به اللقاء من تحف وظيفية وتزيينية، مذكرا بأهمية حضور الجالية اليهودية المغربية في الخارج والتي تناهز حسب قوله خمسا وعشرين مليون نسمة، وما يعكسه ذلك من ثراء ثقافي، ويؤكد الارتباط المتجذر بالمغرب. كما أشار بيرو إلى أن حياة الجالية المغربية اليهودية، حيث ما وجدت، سواء في الشرق أو في الغرب، ظلت دائما منفتحة ومطبوعة بقيم التسامح والتعايش والتعلق بالجذور، وأتى بمثال على هذا التجذر من خلال  حفل “الهيلولة” السنوي الذي يتم فيه الترحّم والتبرّك بأولياء بنزميرو بآسفي، حيث يحضره اليهود المغاربة من مختلف بلدان العالم.
 كما أشار إلى التقارب الذي ظل يجمع بين المغاربة يهودا ومسلمين، حتى في اللحظات الصعبة التي مرت بهم عبر التاريخ الطويل، ولعل الشيء الوحيد الذي يميزهما هو الدين. مذكرا كذلك بمبادرات ملوك المغرب في الحفاظ على هذا التقارب وتمتينه، ومن بين هذه المبادرات ترميم المواقع اليهودية والمقابر.. مؤكدا على ضرورة استمرارية هذا المشترك وهذا الحوار لنبذ التطرف.    
  وأكد وزير السياحة لحسن حداد، على أن المغاربة اليهوديين عبر العالم، يعدون من بين أكبر المدافعين عن الوحدة الترابية، وأنهم مجندون وراء جلالة الملك، للذود عن وحدة الوطن وكذلك للدفاع عن ثوابت الدولة المغربية، ومن بين هذه الثوابت إمارة المؤمنين التي هي حامية للملة والدين. كما أشار إلى أن التعايش والتسامح القائم بين المسلمين واليهود موجود منذ زمن بعيد، لأن المغرب متعدد الروافد منذ زمان، فالتجارب المغربية المتعددة بين الأمازيغ واليهود قبل مجيء الإسلام، بالنسبة للعصور والوسطى شاهدة على ذلك، كما تشهد عليها التجربة التي عاشوها في الأندلس حيث شكلوا مجتمعا متعددا ومتسامحا، والمحنة التي مروا منها خصوصا بعد سقوط الأندلس، كل هذا – يضيف لحسن حداد- أعطى لليهود والمسلمين هذه الإمكانية للتعايش واحترام بعضهم للبعض. هذه الفصول من التعايش موجودة عبر الأزمنة، فالعالم التلمودي ابن ميمون الذي أتى من الأندلس وقطن في مدينة فاس ولا يزال منزله هناك، درس الفتح الإسلامي وهو يهودي وله تأثير كبير على الثقافة اليهودية، وكذلك ما عرف عن الملك الراحل محمد الخامس حين رفض أن تكون هناك أي علامة على اليهود إبان حكم فيشي في سنة 1943 وهو ما حمى اليهود من بطش النازية، هذا يتذكره اليهود بشكل كبير جدا، إنها ذكريات مهمة جدا لمظاهر التعايش والتواصل والاحتفال بالانتماء لهذا الوطن.
 وبمناسبة هذا اللقاء، قدم سيرج بيرديغو أمين عام مجلس الطوائف اليهودية بالمغرب، كتابا بعنوان “منازل الحياة” يوثق لمجموعة من المآثر اليهودية التي جرى ترميمها، وعلى الأخص المقابر والأضرحة بمختلف مدن المملكة، كما تم عرض شريط يوثق للحياة اليومية لليهود المغاربة بمغرب الخمسينات من القرن الماضي.   

عبد العالي بركات