لم يكن مفاجئا أن ن أن يتم التحقيق مع الرئيس السابق للاتحاد الدولي لألعاب القوى السنغالي لامين دياك جنائيا في قضايا تتعلق بالرشوة والفساد المالي وتبييض أموال، إذ تتم متابعته حاليا بالعاصمة الفرنسية باريس، بتهم تلقي رشوة مالية بقيمة مائتين وعشرين مليون دولار أمريكي من روسيا مقابل عدم الكشف عن نتائج فحوصات طبية تورط رياضيين روس بتعاطي المنشطات.
وكل من يتابع مستجدات هذا الملف الشائك والضخم، يعرف أن هذه الفضيحة كانت مؤجلة فقط، فقبل انطلاق بطولة العالم الأخيرة التي جرت بالعاصمة الصينية بكين، تحدثت تسريبات صحفية عن تورط لامين دياك والدائرة المحيطة به في قضايا فساد، إلا أن الشروع في نشر الغسيل تأجل لأسباب ترتبط بالتغييرات التي كان مزمعا إدخالها على الاتحاد الدولي، بمجيء رئيس جديد وإحداث تغييرات عميقة على هياكله.
والغريب أن صدور هذه الاتهامات المدينة للرئيس السابق، جاء من خلال تحقيقات طويلة أشرفت عليها لجنة مستقلة شكلتها الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات، وذلك بطلب من “لياف” نفسه، وشملت محاميه الشخصي، ونجله ماصاطا بصفته مديرا تنفيذيا للتسويق في الاتحاد الدولي، بالإضافة إلى طبيب مرتبط بالمنشطات، لتدخل الانتربول على الخط في ملف شبيه بما يحدث بجاهز الفيفا.
شملت التحقيقات فترة تزيد عن 11 عاما الأخيرة، وخصت أكثر من خمسة آلاف رياضي، ووقفت على نتائج 12359 اختبارا للدم، لتفرز أرقاما مخيفة تتحدث عن وجود المئات من العينات المشتبه فيها وبعضها لأبطال أولمبيين وأصحاب ميداليات عالمية، وبعد تحليل المعلومات عن طريق بعض الخبراء أظهرت الفحوص وجود أكثر من 800 رياضي قدموا عينات دم “ترشح بشدة” تعاطي منشطات أو “شيء غير طبيعي”.
ملف كبير وضخم سيقود بدون أدنى شك، إدنى أدإلى الإطاحة برؤوس شخصيات رياضية معروفة ويورط دولا بعينها، حيث أوصت الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات بإيقاف الاتحاد الروسي لألعاب القوى المتهم بتطبيق برنامج يخص التعاطي لمواد محظورة، وهذا يعود بنا إلى سنوات خلت اتهمت فيها دول معروفة بإجبار رياضييها بصفة ممنهجة على تناول مواد محظورة، أي أن الأمر هو مؤسساتي أكثر منه مبادرات فردية لهذا العداء أو ذاك تظهر نتائجه بين الفينة والأخرى كما هو شائع.
وكالعادة، فإن التسريبات جاءت في البداية عن طريق الصحافة البريطانية وتبعتها الألمانية، والأكيد أن الرئيس الحالي سيباستيان كو، يبارك هذه الخطوة بهدف فتح عهد جديد على أسس جديدة وربما “نظيفة”، حتى يجد المجال المناسب لإحداث التغييرات التي يريد تطبيقها على هياكل واحد من أقوى الاتحادات على الصعيد الدولي.
والمخيف أيضا أن قائمة الدول المتورطة تشمل العديد من الدول من بينها المغرب، إلى جانب روسيا وأوكرانيا، وإسبانيا، وكينيا وتركيا وغيرها، وإذا ثبت أن هناك تلاعبا ما من طرف العدائين المتوجين خلال 11 الأخيرة، فسيتم تجريدهم من كل الجوائز التي حصلوا عليها خلال التظاهرات التي شاركوا فيها سواء ببطولات العالم او الدورات الأولمبية.
الملف مرشح للمزيد من المفاجآت غير السارة، والمؤمل أن لا تشمل هذه الفضائح أسماء رياضيين مغاربة كثيرا ما افتخرنا بعطاءاتهم، بل تحولت إنجازاتهم إلى قيمة التاريخ المشترك لشعب بكامله…