عبد العالي بركات
دورة بعد أخرى من دورات المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء الذي تسهر على تنظيمه وزارة الثقافة المغربية والذي اختتمت فعاليات دورته الثانية والعشرين مساء أمس، يتم إحداث إضافات جديدة ونوعية، وهي إضافات لا يمكن إلا أن تمنح نفسا آخر لهذه التظاهرة الثقافية التي باتت موعدا سنويا حاضرا في أجندة دور النشر والأدباء والمفكرين من مختلف القارات.
وكان وزير الثقافة محمد الأمين الصبيحي قد أكد بالمناسبة على أن المتوخى من هذا الحدث الثقافي هو “دعم الإبداع والفكر المغربيين والصناعات الثقافية عموما، ورفع مستويات الحوار الثقافي مع كل البلدان الشقيقة والصديقة المشاركة، وتمتين آليات النشر والخبرات المهنية المرتبطة به، وتوطيد مكانة المعرض الدولية المتميزة ليظل من رموز المغرب الحداثي”.
ومن بين المستجدات التي ميزت هذه الدورة: إحداث منصة لبيع حقوق التأليف التي ضمت ثلاث عشرة ناشرا مغاربيا ومن المشرق ومن أفريقيا جنوب الصحراء وتسعة من ذوي الحقوق ووكلاء أدبيين. وفي هذا السياق أشار عبد القادر الرتناني رئيس اتحاد الناشرين المغاربة إلى أن “فكرة تبادل الحقوق بين الناشرين ومختلف البلدان هي سابقة في المغرب، وأنها تندرج في إطار البرنامج الوطني لتأهيل مبادلات منشورات المؤلفين والكتاب في المغرب وفي العالم”. وكان هناك إجماع من طرف المشاركين على أن مثل هذه اللقاءات، تسمح بنسج روابط مع الناشرين والوكلاء للتمكن من فتح الطريق أمام الآداب الأفريقية والعربية نحو الجمهور في البلدان الغربية.
كما تميزت هذه الدورة باختيار دولة الإمارات العربية المتحدة ضيف الشرف، وقد جاء هذا الاختيار-حسب تأكيد وزير الثقافة الأمين الصبيحي- بالنظر لحضورها الفاعل في المجال الثقافي وانخراطها الدؤوب في حركية النشر والتحفيز على الإبداع من خلال الجوائز العالمية التي ترصدها لهذا الغرض”. كما أن هذا الاختيار -يضيف الصبيحي- هو بمثابة “تكريس وترسيخ للروابط التاريخية والثقافية الممتازة والمتواصلة بين المملكة المغربية وهذا البلد العربي الشقيق..”.
على امتداد عشرة أيام، كان زوار المعرض على موعد مع برنامج حافل بالأنشطة الثقافية، تم تنظيم ما يفوق مائة نشاط أدبي وفكري، ولعل من بين أبرز هذه الأنشطة: حفل تسليم جائزة الأركانة العالمية للشعر التي يرعاها بيت الشعر المغربي، وفقرة أسماء فوق البوديوم، التي يراد بها دعم طموح جيل من الكتاب المغاربة المتوجين خارج المغرب وداخله، والاعتراف بمجهوداتهم الخلاقة. إلى جانب ذلك، تم الوفاء ببرمجة فقرات باتت شبه قارة، من قبيل: الندوات الفكرية وتجارب في الكتابة وساعة مع كاتب، ولحظة شعرية، وتقديم الإصدارات الجديدة، إلى غير ذلك من الأنشطة التي شملت مختلف مجالات الفكر والأدب والفن. ومن بين الأسماء البارزة التي تشرفت هذه الدورة بحضورها: الشاعر الألماني فولكر براون والشاعر العراقي سعدي يوسف والروائي التونسي شكري المبخوت والأديب المغربي عبد اللطيف اللعبي والباحث المغربي عبد الفتاح كيليطو وغيرهم..
وبلغ عدد العارضين المباشرين 276 وغير المباشرين 392 وعدد الدول المشاركة 44 قدمت من مختلف القارات، أما عدد العناوين التي عرضت ففاقت 100 ألف..
ومما يجعلنا نطمئن على مستقبل القراءة ببلدنا، حرص اللجنة المنظمة على تخصيص فضاء للطفل، يشتمل على مختلف الأنشطة التي تهم هذه الفئة العمرية: ورشة القراءة العلمية التي تسعى لتدريب الأطفال على “كيفية التعامل مع القراءة وما تتطلبه من تأني وتركيز، بما يكسبهم مهارات جديدة تساعدهم على الفهم والاستيعاب وتنشيط ملكة الخيال”، وورشة الفنون التشكيلية “لتنمية الذوق والذكاء واستيعاب كل ما يحيط بهم من مظاهر الحياة الملموسة..”، بالإضافة إلى فقرات أخرى متنوعة.
ومما يساهم في إنجاح هذه المبادرة، التزام المؤسسات التعليمية بتنظيم رحلات لأفواج من التلاميذ الصغار إلى فضاء المعرض، من أجل تربيتهم على حب القراءة وتنمية مداركهم المعرفية.