فنن العفاني
يحتضن متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، فعاليات معرض النحات والرسام السويسري، ألبرتو جياكوميتي، الذي يوصف بأسطورة القرن العشرين، حيث ستكون للجمهور بمختلف فئاته العمرية، فرصة على مدى ما يقرب من الخمسة أشهر للتعرف على العديد من الجوانب الفنية التي يزخر بها مسار هذا الفنان، والذي عبرت بعض من أعماله عن جوانب الرعب الذي عاشته أروبا في فترة الحرب العالمية الثانية، والتي تحيل على ما بات يعيشه العالم حاليا من أوضاع.
المعرض سيقدم نحو مائة من أعمال وإبداعات الفنان جياكوميتي، إذ يعد أحد أكبر المعارض الاستعادية لأعمال هذا الفنان خارج القارة الأوروبية، وهو بذلك يأتي تكريسا لإعلان التحاق العاصمة الرباط بالعواصم العالمية الكبرى التي خصصت مساحة عريضة للمتاحف ضمن بنياتها العمومية، بل وتكريسها كإحدى المدن الرائدة في هذا المجال على صعيد القارة الإفريقية ومنطقة شمال إفريقيا.
وقال رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف مهدي قطبي، خلال ندوة صحفية لتقديم الخطوط العريضة لهذا الحدث المتميز الذي يشهده متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، “إن هذا المعرض ينظم بتعاون مع مؤسسة ألبرتو وآنيت جياكوميتي التي يوجد مقرها بسويسرا، وبإشراف من مديرة هذه الأخيرة كارتين جرينيي، وهو أول معرض استيعادي رائد يستضيفه بلد على مستوى القارة الإفريقية، بل على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”.
وأضاف مهدي قطبي أن هذا الحدث الذي يحظى بدعم كبير من العديد من الشركاء خاصة على مستوى سفارتي سويسرا وفرنسا، يمثل إشارة قوية على علاقات الصداقة الاستثنائية التي تجمع المغرب بهذه البلدان، مشيرا أن المعرض يمثل درجة الثقة التي يحظى بها المغرب كبلد ينعم بالاستقرار والدور الذي يمكن أن يضطلع به كجسر للمؤسسات الثقافية العالمية نحو إفريقيا.
هذا وأبرز في ذات السياق، أن المعرض يندرج ضمن خارطة الطريق التي يروم المغرب عبرها إلى تكريس مسار دمقرطة الشأن الثقافي، بتمكين عموم الجمهور من زيارة المتحف والاطلاع على ما يحتضنه من معارض تخص أعمالا فنية لمبدعين عالميين، مبرزا أن هذا المعرض الاستعادي سيعرض أعمالا فنية كبرى للفنان جياكوميتي وهي معروفة لدى الجمهور، مثل “الكرة المعلقة” و”القفص”، والرجل الذي يمشي، والتي، حسب رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف، ترمز “لمغرب يتقدم الخطى”، كما سيقدم أعمالا فريدة من نوعها عبارة عن لوحات شخصية لم يسبق عرضها.
ومن جانبها وصفت كارتين جرينيي، المشرفة على هذا المعرض، احتضان مؤسسة محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، المعرض الاستيعادي الخاص بأعمال الفنان الأسطوري ألبرتو جياكوميتي، (وصفته) بالحدث ذي الأهمية القصوى على المستوى المهني والاحترافي، حيث تم الحرص على ملاءمة مشروع العرض مع المكان، بل وتكمن أهميته في أنه يتيح الإمكانية لشبكة مؤسسة ألبرتو وآنيت جياكوميتي، من تطوير انتشارها عالميا، وهذه المرة على مستوى القارة الإفريقية. واعتبرت كارتين جرينيي أن “الفنان الأسطوري ألبرتو جياكوميتي، رغم عبقريته وشهرته، لم يهتم طيلة حياته بالجانب التجاري للفن.”
ومن جهته اعتبر عبد العزيز الإدريسي، مدير متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، أن هذا المعرض الاستيعادي هو استمرارية لبرمجة أطلقها المتحف، والتي بدأت بمعرض تراثي، ثم معرض سيزار، وصولا إلى هذا الحدث، الذي يعد أول تظاهرة من هذا النوع، مشيرا في رد على سؤال لبيان اليوم حول القيمة المضافة لهذا المعرض بالنسبة لمتحف محمد السادس الذي حمل عنوان الفن الحديث والمعاصر، ويستضيف إبداعات فنان يستلهم الكثير من إبداعاته من التراث والتاريخ العميق، أن الأعمال المعروضة تمثل مساراً يتتبع التحولات الأساسية في تجربة الفنان جياكوميتي، مبرزا أن جياكوميتي وظف التراث لكنه تجاوزه، كما أنه اشتغل على الأحداث التي شهدتها مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية لكنه تجاوزها بطريقته الخاصة.
وأضاف، أن معرض استعادة أعمال جياكوميتي سيتتبع التحولات الأساسية في مسار هذا الفنان وأبرزها انتقاله من السوريالية إلى الرمزية، حيث سيتم عرض 46 منحوتة، و19 لوحة، و30 رسما، وأوضح بخصوص القيمة المضافة للمعرض بالنسبة للمتحف أنه يمثل الصيرورة التي نهجها المتحف كمؤسسة عمومية تحرص على أن تتبوأ مكانتها كفاعل ومنعش للفنون والثقافة، في تجاوب مع الدمقرطة الثقافية الهادفة إلى ضمان استفادة الجميع، وإتاحة العروض لجميع فئات المواطنين بمختلف أعمارهم، وتكريس الانفتاح إلى آفاق واسعة والريادة على مستوى العمق الإفريقي.
معرض استيعادي خاص بأعمال الفنان السويسري ألبرتو جياكوميتي
الوسوم