منظمة العفو الدولية تنبه إلى “الردة” الحقوقية في المغرب

أبدت منظمة العفو الدولية، قلقا شديدا حيال ما وصفته بـ “الردة الحقوقية الخطيرة” التي بات يشهدها المغرب، وذلك على غرار بلدان عديدة في العالم، حيث بدل أن تبادر الحكومة إلى معالجة أسباب السخط والاحتجاجات السلمية المطالبة بالعدالة الاجتماعية، لجأت إلى استعمال أساليب تمس بشكل كبير بحقوق الإنسان، كالاعتقال والتضييق على حرية التعبير من خلال قيود على الإعلام ومنظمات المجتمع المدني، خاصة في صفوف المدافعين الحقوقيين.

وأكد محمد السكتاوي، مدير منظمة أمنستي بالمغرب، خلال ندوة صحفية عقدتها المنظمة خصصت لتقديم التقرير السنوي حول أوضاع حقوق الإنسان برسم 2017/2018، إن وضعية حقوق الإنسان في المغرب تشهد بدورها ردة، حيث تزايدت الهجمات على الصحافة والمنظمات غير الحكومية واعتقال النشطاء، قائلا: “لا يمكن أن نسمح بغطرسة السلطة.. ذلك أن الحكومة مطالبة بالإنصات للشارع والاستجابة لمطالبه عوض محاولة إسكات المعارضين، بما في ذلك المتظاهرين السلميين”.

 وأشار السكتاوي أن “هذا الأمر بات يفرض مواجهة السلطة بالحقيقة”، وهو الأمر الذي يقوم به المدافعون عن حقوق الإنسان، مضيفا أنه “من المهم جدا أن نحمي الحق في التعبير والاحتجاج، ومن المهم جدا أن نطالب بالعدالة الاجتماعية”.

 وأبرز المتحدث أن ما تضمنه تقرير منظمة العفو الدولية هذه السنة بشأن أوضاع حقوق الإنسان في المغرب، هي دعوة للحكومة من أجل التوقف عن إسكات صوت المعارضة وأن تبادر إلى معالجة الأسباب التي تدفع الناس إلى الاحتجاج، لأنه في حال لم تقم بذلك فإنها ستشعل شرارة الغضب والاحتجاجات الشعبية بشكل أكبر.

وقال في هذا الصدد، إن على  الحكومة أن تعطي لحقوق الإنسان أولوية سواء في الداخل أو على مستوى سياستها الخارجية، معتبرا أن  الهجمات على حرية التعبير وصلت إلى مستويات مذهلة وغير مسبوقة، وأنه من غير المقبول أو المستساغ أن يصبح  التحدث والتعبير عن الرأي والاحتجاج  في المغرب جريمة، مجددا الدعوة إلى الحكومة بأن  تكف عن تقويض الحريات الأساسية ومحاصرة المدافعين عن حقوق الإنسان ومدح الذات وتمجيدها، وتتجه، بدل ذلك، نحو توحيد الصف والتعبئة حول برنامج لقضايا حقيقية مثل الصحة، والسكن، والعمل، والديمقراطية، وإعمال المراقبة والمساءلة في حق من هم في السلطة، وذلك إذا كانت تسعى إلى مواصلة السير على طريق الاستقرار وحماية حق التعبير، ينبه السكتاوي.

وزاد، محذرا، أنه على الحكومة أن تعرف أن “عدم إعطاء المواطنين حقوقهم الإنسانية الأساسية، يولد اليأس والإحباط. وهذا يؤدي إلى السخط الشعبي والاضطرابات الاجتماعية”، معتبرا أنه ليس للحكومة عذر يذكر لعدم القيام بما يلزم للاستجابة لمطالب المواطنين والنهوض بحقوق الإنسان. 

بدوره، سجل صلاح عبد اللاوي، مدير فرع منظمة العفو الدولية بالمغرب،  خلال هذه الندوة، الملاحظات التي تضمنها التقرير حول وضعية حقوق الإنسان الذي دأبت المنظمة على إصداره سنويا، والذي أشار، في الشق الخاص بالمغرب، إلى استهداف الحكومة بالقمع والملاحقة لحرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات، مبرزا، في هذا الصدد، مجموعة من الممارسات التي رصدت خلال الأحداث التي عرفتها منطقة الريف، حيث “قامت قوات الأمن بعمليات قبض جماعية على متظاهرين كانوا في الأغلب سلميين ومن بينهم أطفال، وفي بعض الأحيان استخدمت القوة المفرطة  أو غير الضرورية”.

ودعا عبد اللاوي المغرب، استنادا لمضامين التقرير، إلى محاكمة المتورطين فيما وصفه بانتهاكات حقوق الإنسان سواء في الماضي أو الحاضر، حيث شدد، في هذا الصدد، على أن تقرير أمنستي دعا، وبشكل غير متوقع، إلى محاكمة ليس فقط المتورطين في هذه الانتهاكات داخل المغرب، بل أيضا في مخيمات تندوف حيث يعيث قادة البوليساريو فسادا، ويرتكبون أبشع الجرائم في حق المحتجزين.

وشددت منظمة العفو الدولية في ذات الإطار على مطلب استكمال توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة عبر وضع استراتيجية وطنية للحد من الإفلات من العقاب، والتعجيل بالإفراج عن “الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب” لإنهاء كل نقاش حول ظاهرة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة، وإجلاء الحقيقة، والتحقق من مزاعم بعض المعتقلين الذين ذكروا أنهم تعرضوا للتعذيب في مراكز الشرطة، وكذلك محاسبة المسؤولين عن هذه الممارسات التي كان يجب القطع معها نهائيا بعد التجربة الرائدة للعدالة الانتقالية التي شهدها المغرب.

كما نبهت المنظمة، الحكومة إلى ضرورة رفع التمييز عن المرأة بشكل ملموس، بمقاربة ملف الإرث والزواج المبكر أو ما يسمى بزواج القاصرات، ومحاصرة ظاهرة العنف، خاصة الجنسي، الذي توسع مداه بشكل مقلق، مشيرة إلى أن المرأة، رغم ما شهدته وضعيتها من تطورات إيجابية، لا يزال التمييز ضدها قائما على مستوى النص القانوني وعلى أرض الواقع وخاصة في القضايا السالف ذكرها.

كما طالبت منظمة العفو الدولية، الحكومة بتغيير الفصل 489 من القانون الجنائي الذي يجرم العلاقات الجنسية بالتراضي بين أفراد الجنس الواحد، والتعجيل باعتماد قانون بشأن اللجوء، إذ رغم أن المغرب واصل سياسته المتمثلة في السماح للاجئين بالحصول على بعض الحقوق والخدمات، إلا أن الفراغ القانوني على هذا المستوى لازال قائما.

فنن العفاني

Related posts

Top