هل نحن حقا أحرار؟

الحرية.. كلمة تتخللها وتفوح منها رائحة الملاحم، الإبداع والجمال..
كلمة رافقت الكائن البشري على مر التاريخ. رددت في أغاني الثورة الأكثر شعبية، تغنى بها الشعراء في قائمة القصائد الشهيرة على الإطلاق، وكانت مصدر إلهام لفنانين ورسامين يستهويهم الفكر الحر، فأطلقوا العنان لمخيلتهم ليخلفوا لنا روائع خالدة لا تزال إلى يومنا هذا تسحر الناظرين من ذوي الحس الفني..
نخال اليوم وللوهلة الأولى، نحن أبناء هذا العصر، ونحن في القرن الواحد والعشرين، أن الحرية الآن باب مفتوح في وجه الجميع وأن عهود الرق والعبودية قد ولت. نعتقد حقا أننا في زمن احترام الرأي الآخر والحريات الفردية والجماعية.
فإلى أي حد نحن حقا أحرار؟
إلى أي حد نتجرع طعم هاته الحرية؟
ليس من الصعب تعريف الحرية بقدر ما هو صعب الشعور بها.. لأن الحرية لا تقاس أبدا بمدى اتساع حقل اختياراتك، بل بمدى قابليتك على اتخاذ القرار الذي تريده أنت.. الذي يجعل منك المتحكم الوحيد في حياتك..
حرية تعبير/ قمع الرأي الآخر، حرية الاختيار/ قيد مجتمعي…
ازدواجيات قاتلة ما زالت قائمة إلى اليوم في ظل قوالب مجتمعية معدة مسبقا تنتظرنا منذ الولادة لتشكل أنماطا شبيهة بآلة صماء غير شاعرة لا تختلف عن غيرها سوى في الاسم والوظيفة..
تأتي إلى هاته الدنيا لتجد دربا سطر لك من قبل وما عليك سوى اتباعه لتكون في نظر الأغلبية الساحقة: على الطريق الصحيح..
وفي أولى خطواتك الدراسية، تجد نفسك مجبرا على الاقتداء بفئة معينة لكي تسمى: ناجحا، وإن لم تفعل يتم تصنيفك مباشرة في خانة الفاشلين.
كذلك هو الأمر عندما يجدر بك أن تتخذ قرارا مصيريا في حياتك، يتردد صدى مجتمعي إلى أذنيك: فكر بعقلانية، لا تختر فقط ما تحب، اتخذ من فلان نموذجا…
تخوض معارك عميقة وشرسة مع نفسك كل يوم، بل وتتعود عليها إلى أن تصير عادية ويصبح السلام الداخلي غريبا ومرعبا، كل هذا لكي تبدو في الصورة المطلوبة والتي في نظرهم هي اللائقة. تدمر حلما لكي ترضيهم.. وتخضع..
أن تتمكن من رسم طريقك بمخالبك الخاصة ولو على طريق من حجر صلب.. هناك تكمن الحرية يا أيها الناس.. الأحرار..
يقول ألبرت أينشتاين: «كل شيء عظيم خلقه إنسان حر».

بقلم: هاجر أوحسين

الوسوم , , ,

Related posts

Top