لا شك أن تاريخ مدارس المغرب، خاصة الثانويات، هو جزء من تاريخ البلاد الحافل بالأحداث. كما أن البحث في ذاكرة المدارس القديمة بالمملكة، قد ينبش في المتخيل الجميل لعدد من أفراد الأسرة التعليمية ولدى عدد من الأجيال التي تخرجت على أياديهم.
فالكثير من المغاربة، ستتحرك في دواخلهم ذكريات من زمن قد مضى، سواء تعلق الأمر بالتلاميذ، أو الذين عملوا بهذه المؤسسات.
ثانويات، منها التقنية والعلمية والأدبية وغير ذلك، كل واحدة لها مكانة في قلوب الملايين من المغاربة، ويتقاسمون فيها ذكريات كثيرة.
بيان اليوم، تستعرض تاريخ أهم الثانويات، تدقق في تفاصيلها، وتستعيد أهم الأحداث فيها، وتقف على محطات رئيسية في مسارها، وتذكر بأسماء كثيرة تخرجت منها.

يوسف ابن تاشفين بأكادير..ذاكرة ومنارة لرجال الفكر والثقافة صمدت أمام زلزال 1960

لعبت ثانوية يوسف ابن تاشفين باكادير دورا محوريا ومهما في جهة سوس ماس درعة تخرج منها عديد من الاطر والكفاءات في الحياة الفكرية والعلمية وبفضلها تبوأ عديد من الخريجين مناصب عليا وشكلت لهم الثانوية معبرا حقيقيا نحو المهن.
ويعود تأسيس هذه الثانوية العريقة الى سنة 1951 تحت اسمcollege d’agadir   الاعدادية المختلطة لأكادير وكان في البداية خاصا بأبناء الاوروبيين واليهود واعيان مدينة اكادير. كانت الثانوية تضم 8 اقسام دراسية بمجموع 221 تلميذ، اما مستوياتها التعليمية فكانت 3 اقسام لمستوى السادسة وقسمان لمستوى الخامسة ومثلهما للرابعة وقسم وحيد لمستوى الثالثة.
وفي الموسم الدراسي 1952/1953 اصبحت تحمل اسم الاعدادية الكلاسيكية العصرية والتقنية المختلطة. وقد كان اول مدير للثانوية هو الفرنسي بوشيك كليمان ..
وبعد حصول المغرب على الاستقلال زار الثانوية المرحوم محمد الفاسي الذي كان وزيرا للتعليم آنذاك في عهد حكومة البكاي الاولى والثانية وأطلق عليها بعد ذلك يوسف ابن تاشفين بدل college d’agadir..
وتبلغ مساحة الثانوية حاليا 8 هكتارات وتتوفر على 53 قسم تدرس بها كافة الشعب من الآداب الى العلوم التجريبية الى المستويات التقنية.
وحظيت ثانوية ابن تاشفين بمكانة متميزة بحكم المناهج التعليمية التي كانت تضمها فأصبحت بذلك قبلة لعديد من التلاميذ الراغبين في تحصيل جيد ومتميز.
ورغم قوة الزلزال الذي ضرب اكادير 1960 فقد ظلت الثانوية صامدة ولم تتأثر بناياتها ومختبراتها وفضاءاتها الرياضية.
وفي موضوع الجانب الاداري فقد تعاقب على تسيير الثانوية عديد من المديرين فرنسيين ومغاربة نذكر من بينهم: بوشيك كليمان 1951/1960 –  لمجاهدي 67/71 …
الزيات عبد الرحمان 73/76 .. اذ يحيا حسون 85/2002 وآخرون كما انجبت ثانوية يوسف ابن تاشفين نخبا في مجالات مختلفة نذكر من بينها:
على المستوى الوزاري بيد الله محمد الشيخ ماء العينين وزير الصحة سابق نور الدين الزرهوني وزير الداخلية الجزائري – العربي عجول كاتب دولة مكلف بالبريد والتقنيات الاعلامية في حكومة اليوسفي – محمد بيجعد كاتب الدولة بوزارة الاسكان بحكومة عبد اللطيف الفيلالي …
وفي مجال السلطة نذكر: عمر الحضرمي كان عاملا على قلعة السراغنة والسطات. ماء العينين الطبيب الذي كان عاملا على تارودانت – ازكان  محمد مدير مديرية قسم الحريات العامة وزارة الداخلية.
اما من الجانب الدبلوماسي فنذكر: احمد الزرهوني سفير الجزائر بموريطانيا – زكور عبد الله سفير المغرب بتركيا.
كما انجبت الثانوية اطرا برلمانية نذكر من بينهم سعد الدين العثماني والمرحوم عبد الله باها (حزب العدالة والتنمية) …
وفي مجال الطب نذكر بوعيشي سعاد والزاكي نجيب والدكتور مسير والدكتور بغاض مصطفى
وفي مجال التعليم نذكر على سبيل المثال سعيد بلوش مدير اكاديمية بوجدور الداخلة واحمد صابر عميد جامعة ابن زهر بأكادير وجيدة لبيك نائبة وزارة التربية الوطنية بالسمارة.
وفي ختام هذه الحلقة يمكن القول بان ثانوية يوسف ابن تاشفين باكادير تمثل ذاكرة لإحدى أعرق المؤسسات التعليمية بالجنوب ومعلملة تربوية شامخة انجبت اسماء مرموقة في جميع المجالات.

خليل البخاري

Related posts

Top