حين تم تسجيلي سنة 1956
بمدرسة التقدم بالقنيطرة، وقد كنت درست بالكتاب القرآني (الجامع أو المسيد)، خضعت لامتحان كتابي وشفوي، برفقة الكثيرين من أترابي حتى نتمكن من تجاوز القسم التحضيري، إلى القسم الابتدائي الأول.
وفي الفقرة الخاصة بحفظ القرآن الكريم، كان الممتحن الذي تلوت عليه ما أحفظه من الذكر الحكيم هو المرحوم (السي محماد) الذي سأعرف في ما بعد أنه أب الصديق المختار آيت عمر.
كنت أسبق المختار بقسم دراسي، لكننا سنلتقي بكلية الآداب بظهر المهراز بفاس في أواخر الستينيات، حيث المد الثوري منتشر في أوساط الطلبة، وحيث عاش العالم أزهى عصوره في الستينيات، فنا وأدبا ونضالا وتحررا..
سيعيش المختار آيت عمر تجربة السجن النضالية، وسيخرج منها ليتم التعرف المباشر بيننا.
إذ كنا نمارس التدريس، كما جمعنا العمل الجمعوي، خصوصا في النادي السينمائي.
المختار آيت عمر رجل ديناميكي، تمرس بالتنظيم والإنجاز المتقن لأي عمل يتكلف به. ينجز أعماله بحرفية يقل نظيرها. سيرأس الجامعة الوطنية للأندية السينمائية في أزهى فترات عطائها، سيصدر مجلة دراسات سينمائية بمستوى مشرف جدا في فترة كانت السينما المغربية في أمس الحاجة إلى منبر إعلامي متخصص جاد، قد لا يعرف الكثيرون أن المختار آيت عمر مارس الكتابة والنشر. وقد تحدث معي المرحوم عبد الرحيم مودن في هذا الأمر، وتمنينا أن ينشر مذكرات تجربة الاعتقال في كتاب.
لا يعلم الكثيرون كذلك أن المختار آيت عمر هو من اكتشف الشاعر محمد الطوبي. فقد كان تلميذا يدرس في ثانوية بن عباد وفي الفصل الذي يدرس به المختار الذي حمل لي في أحد الأيام أشعارا للطوبي بخطه الجميل في دفتر مدرسي. مزايا المختار لا حصر لها ولاعد، لا تكفي هذه الكلمة البسيطة في ايفائه حقه. انه رجل خدوم، يعمل بحرفية يقل نظيرها في أيامنا الخالية.
بقلم: إدريس الصغير