تشكل النساء تقريبا نصف اليد العاملة في القطاع الفلاحي عبر العالم، ومع ذلك فهن يملكن نسبة أقل من 20 في المائة من الأراضي الزراعية. كما تعتبر فئة النساء والفتيات أكبر متضرر من الجوع وسوء التغذية بما أنهن يشكلن نسبة 60 في المائة من الأشخاص الذين يعانون من الجوع المزمن. وفي الدول النامية في أفريقيا وآسيا والمحيط الهادئ تعمل النساء أكثر من الرجال بمعدل من 12 إلى 13 ساعة في الأسبوع، علما أن النساء يعدن استثمار ما يصل إلى 90 في المائة من مكاسبهن في منازلهن، أي أن الأموال تنفق على التغذية والغذاء والرعاية الصحية والمدارس والنشاطات المدرة للدخل.
هذه الأرقام كشفت عنها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) خلال لقاء دولي نظم بإيطاليا، الأسبوع الماضي، تحت شعار “معا لتمكين المرأة الريفية من القضاء على الجوع والفقر”، وهو اللقاء الذي نظمته الفاو بشراكة مع المفوضية الأوربية وبتعاون مع الصندوق الدولي للتنمية الزراعية، وبرنامج الأغذية العالمي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة.
وقال المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة جوزيه غرازيانو دا سيلفا، في كلمة بالمناسبة، إن “المساواة بين الرجل والمرأة وتمكين النساء هو أمر ضروري، ومكون رئيسي في مكافحة الفقر المدقع والجوع وسوء التغذية”. وأضاف أن “النساء يشكلن عصب عملنا المتعلق بالزراعة”، مشيرا إلى أنهن يشكلن 45 في المائة من اليد العاملة في الزراعة في الدول النامية، كما أن هذه النسبة ترتفع إلى 60 في المائة في أجزاء من أفريقيا وآسيا، مما يؤكد على أهمية ضمان تمتع النساء في المناطق الريفية بمجال واسع للعمل.
وشدد دا سيلفا على أن “الأدلة تشير إلى أنه عندما تتاح الفرص للنساء، فإن محاصيل مزارعهن تزداد وبالتالي يزداد دخلن. كما أن الموارد الطبيعية تدار بشكل أفضل، وتتحسن التغذية وتصبح سبل العيش مضمونة”، مما يجعل النساء لاعبات رئيسيات في جهود تحقيق جميع أهداف التنمية المستدامة وخاصة الهدف الثاني الذي ينص على القضاء على الجوع وسوء التغذية في العالم.
وبدورها قالت نيفين ميميكا، المفوضة الأوروبية للتعاون الدولي والتنمية، أمام المشاركين في هذا اللقاء الدولي، “يقال كثيرا أنه إذا تعلمت امرأة فقد علمت جيلا بأكمله. وهذا ينطبق كذلك عندما تمكن النساء في جميع المجالات ليس فقط من خلال تزويدهن بالمعرفة بل كذلك بالمورد الطبيعية والفرص المتساوية ومنحهن صوتا”.
ومع ذلك فإن الإحصاءات الحالية تشير إلى أن العالم مقصر في هذا المجال، بحسب ميميكا التي قالت “نحن نعلم أن المحاصيل الزراعية ستزداد بمقدار الثلث تقريبا لو أتيحت للنساء فرصة الوصول إلى الموارد مثل الرجال. وبالتالي فإن عدد الجوعى في العالم سينخفض بنحو 150 مليون شخص. ونحن نعلم أن الأطفال سيكون أمامهم فرص أفضل للمستقبل عندما تكون امهاتهم يتمتعن بالصحة والثروة والتعليم، خاصة خلال الأيام الألف الأولى من حياة الطفل”.
وأضافت: “إذا كنا فعلا جادين في إنهاء الفقر والجوع، فعلينا جميعا أن نزيد من دعمنا للنساء الريفيات كاستثمار في عائلاتنا ومجتمعاتنا المحلية ومجتمعاتنا الأوسع ومستقبل الكرة الأرضية”.
سد الفجوة بين الجنسين
وفي كلمتها قالت غابرييلا ماتيكنا، وزيرة الزراعة والتنمية الريفية في سلوفاكيا التي تترأس حاليا مجلس الاتحاد الأوروبي، إن “الفجوة بين الجنسين تكلف المجتمع كثيرا من حيث الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي والنمو الاقتصادي”.
وأكدت الوزيرة أنه رغم أن النساء يشكلن نصف القوة العاملة في قطاع الزراعة في العالم تقريبا، إلا أنهن يملكن أقل من 20 في المائة من الأراضي الزراعية. وفي الوقت ذاته فإن النساء والفتيات يشكلن 60 في المائة من الأشخاص الذين يعانون من الجوع المزمن.
وقالت ماتيكنا إنه “عندما تشارك النساء بشكل كامل، فإننا نرى فوائد ذلك على الفور حيث تصبح العائلات أكثر صحة وتغذية، كما أن دخلها ومدخراتها واستثماراتها ترتفع. وما ينطبق على العائلات ينطبق كذلك على المجتمعات وعلى الدول على المدى الطويل”.
معا لتحقيق هدف مشترك
من جانبهم، أكد ممثلون من منظمات الأمم المتحدة، شاركوا كذلك في فعالية اليوم، حيث أكدوا على أهمية القضاء على انعدام المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة من خلال تزويدها بالمعلومات والتدريب وحيازة الأراضي والوصول العادل إلى الموارد ولخدمات الدعم الزراعية والتغذوية والصحية.
وتفيد أرقام المنظمة الأممية، أنه لو كانت النساء المزارعات يملكن نفس القدرة على الحصول على الموارد كأقرانهن من الرجال لكان عدد الجوعى في العالم أقل بما يصل إلى 150 مليون بسبب المكاسب في الإنتاجية.
لكن بالإضافة إلى أن نسبة امتلاك النساء للأراضي أقل من الرجال، فإنهن حتى عندما يصلن إلى الملكية تكون قطع الأراضي التي يملكنها أقل جودة من أراضي الرجال على الأرجح.
وقال كانايو ف. نوانزي رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد): “عندما تستثمر في الرجل فإنك تستثمر في فرد واحد. ولكن عندما تستثمر في المرأة فإنك تستثمر في مجتمع بأكمله”.
وأضاف “نشهد مرة تلو الأخرى أن المساواة بين الجنسين تفتح أبواب مجتمعات بأكملها على تعزيز أمنها الغذائي والتغذوي، وتحسين وضعها الاجتماعي والاقتصادي. ولذلك فإن تمكين المرأة الريفية هو بلا شك تمكين للإنسانية بأكملها”.
بدورها قالت دينيس براون، مديرة الحالات الطارئة في برنامج الأغذية العالمي: “من خلال تمكين المزارعات فقط يمكننا أن نطلق قوة نظم الأغذية العالمية. ولذلك فإن دعم المرأة أساسي لخلق الصمود وبناء شركات وأعمال أقوى ودعم تقدم الأمن الغذائي على المدى الأطول”.
أما ماريا نويل مفازا، مديرة البرامج في هيئة الأمم المتحدة للمرأة، فأكدت أن “سد الفجوات بين الجنسين في الزراعة يمكن أن يعود بمكاسب تنموية متعددة بما فيها المساواة بين الجنسين في المناطق الريفية، والأمن الغذائي وخفض الفقر وتحسين إدارة المناخ وتحقيق مجتمعات سلمية”.
بيان24