في الحاجة إلى سياسة وطنية للصحة والسلامة في العمل

تعالت دعوات من الحقوقيين والنشطاء في مجال حقوق الإنسان لإصلاح منظومة الصحة والسلامة في العمل على خلفية الفاجعة التي شهدتها طنجة بداية الأسبوع الماضي والتي أودت بحياة 28 شخصا «غرقا» بوحدة صناعية للنسيج، جراء تسرب مياه الأمطار.
بينما تتجه أصابع الاتهام إلى انعدام شروط السلامة داخل هذه الورشة، تطفو إلى السطح مسألة الاهتمام بشروط الصحة والسلامة المهنية في العمل سواء في القطاع المهيكل، أو في القطاع غير المهيكل وهو الأكثر تعقيدا.
وفي هذا السياق، استنكر عزيز غالي رئيس الجمعية المغربية لحقوق الانسان، الفاجعة التي شهدتها طنجة، معتبرا أن «العمال في المغرب يعيشون وضعية هشة والحكومة تتحمل المسؤولية الكاملة فيما حدث» ويحدث.
وأكد عزيز غالي في تصريح لجريدة بيان اليوم، على أنه «يجب التأكد أولا من أن شروط الشغل متوفرة قبل أن نبحث عن شروط السلامة في الشغل»، رافضا أن يكون «معمل تحت الأرض هو الفضاء المناسب للعمل».
وتساءل غالي حول عدد العمال الذين يشتغلون خلال 20 سنة من عمر هذا المعمل، والذين كانوا بطريقة أو بأخرى ضحايا عدم توفر شروط العمل الكريم، مشيرا إلى احتمالية وجود معامل أخرى بطنجة ومدن المغرب ككل تشتغل بهذه الشاكلة.
وأوضح رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أنه «ليس هناك تطبيق للقانون فيما يتعلق بالسلامة المهنية، وهذا المعمل لا يستجيب لأي بند من بنود مدونة الشغل التي تتضمن أكثر من 30 فصلا يتعلق بالحماية والسلامة في العمل، إذ أن من أهم الشروط أن تتوفر المقاولة على طبيب شغل، وأن تضمن التغطية الصحية والضمان الاجتماعي للعاملين».
وحمل المتحدث ذاته، مسؤولية الفاجعة إلى «رب العمل بالدرجة الأولى، لتمتد لوزارة الشغل ووصولا لوزارة الداخلية»، واصفا وجود مثل هذه المعامل اليوم في المغرب بالـ «كارثة الحقيقية».
وكان قد دعا رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أحمد رضى شامي، الأسبوع الماضي خلال لقاء تواصلي افتراضي خصص لتقديم رأي المجلس تحت عنوان «الصحة والسلامة في العمل: دعامة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية»، إلى إصلاح منظومة الصحة والسلامة في العمل وفقا لرؤية شاملة.
وقال أحمد رضى شامي، في كلمة له خلال اللقاء إن «إصلاح منظومة الصحة والسلامة في العمل يجب أن يعتمد على رؤية شاملة، وليس على مبادرات أو إجراءات متفرقة».
وارتباطا بهذه الفاجعة، فإن مؤشرات مكتب العمل الدولي بخصوص المغرب، تشير إلى وفاة 2000 عامل سنويا ترتبط بحوادث الشغل، وهو من بين أعلى الأرقام المسجلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
جدير بالذكر أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بلور دراسة، في إطار إحالة ذاتية، حول موضوع الصحة والسلامة في العمل تشمل القطاع العام والقطاع الخاص بمختلف مكوناته، والقطاع غير المنظم، دعا فيها إلى إعداد وتنفيذ سياسة وطنية للصحة والسلامة في العمل.

■ اكرام اقدار (صحافية متدربة)

Related posts

Top